أدباء وكتاب يبتهجون بـ"قدِّيس السلامي"!

قديس خارج اللَّوحة -أحمد السلامي
قديس خارج اللَّوحة -أحمد السلامي

يستوطن الشاعر  أحمد السلامي علاقته بالشعر والقصيدة، ويتماهى مع كل مفردة أنجزها في قصائد ديوانه الأخير "قدِّيس خارج اللّوحة"، الصادر عن دار منشورات مواعيد، بصنعاء.
والسلامي، الشاعر والناقد والأديب، والإنسان، ظل، ومايزال، وسيظل، سلامًا على الحرف، والكلمة الصادقة كاتبًا وشاعرًا وأديبًا متمردًا على الاستبداد، ومناهضًا له بكافة أشكاله.

وفي ديوانه هذا، استطاع أن يمهد الطريق إلى مساحة ألقى فيها جمال قصائده، لامست روح الشاعر المرهف الذي فتح قلبه لكل قضايا الوطن، فأخلص كثيرًا لمشواره الأدبي الذي بدأه شاعرًا فذًا، مترجمًا أواصر الالتزام بكتابة القصيدة النثرية، على نحو أبهجت الكثير من الأدباء والشعراء والنقاد، فنال "قديس خارج اللوحة" اهتمامًا كبيرًا من قبل عدد من الأدباء والكتاب، وفي مقدمتهم الروائي الشهير

علي المقري، والشاعر المعروف علوان مهدي الجيلاني، والروائي لطف الصراري، والقاص سامي الشاطبي، والناقد رقيب الوصابي، والشاعر أحمد العرامي، والكاتب فارس العلي، والناشط السياسي محمد المقبلي، والشاعر محمد اللوزي، والصحافي أحمد الأغبري، والمخرج السينمائي رحمان صالح.
واعتبرت الكثير من المواقع الإلكترونية، فضلًا عن وسائل السوشيال ميديا، أن هذا الإصدار "يشكل إضافة مهمة لقصيدة النثر اليمنية، من شاعر أنيق يمتلك زمام تجربة شعرية تمتد لثلاثة عقود، تتجلى نصوصها في الجملة الشعرية المرهفة وانزياحاتها المرتكزة على خبرة طويلة في كتابة النص الشعري".
وجاءت المجموعة، بحسب تلك المواقع، "بثلاثة أقسام رئيسية تحت عناوين مختلفة وذكية حرص الشاعر من خلالها على لملمة لحظاته الشعرية بتناقضاتها ومفارقاتها الشفيفة. حمل القسم الأول عنوان "الانتِقَامُ للمَوتَى"، فيما حمل القسم الثاني عنوان "احتِفَال"، ثم القسم الثالث بعنوان "أَقربُ إِلَى الجَحِيم".
يذكر أن السلامي الذي يمثل إحدى تجليات تجربة

التسعينيات الشعرية في اليمن، سبق أن أصدر ثلاث مجموعات شعرية، بحسب منصة "خيوط"، وهي: "ارتباك الغريب"، "حياة بلا باب"، و"دون أن ينتبه لذلك أحد"، إضافة إلى كتاب نقدي عن شعراء التسعينيات، بعنوان "هوامش على المشهد الإبداعي التسعيني في اليمن".

"النداء" حرصت على رصد واسع لهذه الانطباعات، التي شملت تناولات نقدية تستحق المواكبة، نرصد مقتطفات منها، هنا:
الناقد الكبير أحمد الفلاحي كتب مادة مطولة في منصة "خيوط"، نورد جزءًا منها، تناول فيها نقدًا "قديس خارج اللوحة" بصورة منفتحة مع نصوص الديوان، فأورد في السياق قصيدة لغلاف الديوان: قديس خارج اللوحة.

ما أعرفه تمامًا
أنك تنتمي لفصيلة البشر
تنجب أطفالًا
وتقف مثل الآخرين أمام الصراف الآلي
تحزن وتفرح
كأي إنسان

تيقن من الأمر بنفسك
انتزع ملامحك بهدوء
من داخل تلك اللوحة
التي تظن أنك بداخلها
وحين تستعيد ظلك
تأمل اللوحة من خارجها
يمكنك الاقتراب أكثر
سترى أنّ الأنبياء والقديسين في اللوحة
لا يفتقدون صورتك
لأنك لست واحدًا منهم.

أحمد السلامي
أحمد السلامي

يقول الفلاحي: "في نص "قديس خارج اللوحة"، وهو -بالمناسبة- عنوان مجموعة الشاعر أحمد السلامي، يكشف عن الجوانب الإنسانية المشتركة بين الجميع، فتراه يشدد على القدرة الإنسانية على التعاطف والتجربة المشتركة. يخاطب الشاعر ذاته ويراها من خلال مرآة الذات المغايرة من خلال الأنا والآخر، مخاطبًا إياها بأنها شخص يعيش حياة عادية، يحزن ويفرح، ويقف أمام الصراف الآلي كأي إنسان آخر".
ويضيف أن السلامي "لغويًّا، ينحاز كعادته إلى اللغة

البسيطة، فيعبر عن الأفكار والتجارب الإنسانية العادية بطريقة مباشرة ومفهومة. يستخدم ألفاظًا يومية، مثل "صراف آلي" و"تحزن وتفرح"، لتوضيح الروتين الحياتي للمخاطب كذات أو آخر. يتقن اللغة السهلة لإبراز التناقض بين الحالة العادية للذات، والعالم الفني والروحي الذي يشعر به بداخله".
ويتابع: "فلسفيًّا، في النص، يرتبط الجانب الفلسفي بفكرة الإنسانية والوجود البشري، فنجد الشاعر يستعرض الشخص العادي، وكيف أنه يشعر ويجرب مختلف المشاعر والأحاسيس، ويعيش حياة طبيعية. ثم إنّ النص يعزز فكرة التأمل والتواصل مع الفن والجمال، مما يعكس القدرة الفلسفية للفرد على استيعاب العالم وتحقيق الانسجام بين الذات والمحيط. نص "قديس خارج اللوحة" يعبر عن فكرة هوية الإنسان والتحرر من الصور المثالية المفروضة عليه".

ويستطرد الفلاحي: "يشكّل هذا الإصدار حالة تجاوز واضحة لتقنية الكتابة داخل تجربته التي تمتد لثلاثة عقود، ليس فقط على مستوى العنونة وتكثيفها، وإنما في بناء الجملة الشعرية الطرية وشديدة الوصول، والمتعينة على متكآت الخبرة الطويلة في كتابة النص الجديد.

في المجموعة التي تتكون من ثلاثة أقسام رئيسية، حاول الشاعر في أغلب النصوص أن تتكثف عناوينها في كلمة واحدة في حالة هروب واعٍ من تراكيب المضافات، والتي إن حضرت باستحياء فيكون النص قد بدّد تماثلاتها إمّا بالمفارقة، أو بالتكثيف الشفيف، غير أنّ العناوين الجديدة المنحوتة بذكاء، واحدة من سمات المجموعة، التي تشكّل إضافة لتجربة التسعينيات الشعرية في اليمن، التي ينتمي إليها الشاعر جيليًّا وجماليًّا لجهة الكتابة الجديدة تحديدًا".
القاص سامي الشاطبي، يقول إن ديوان "قديس خارج اللوحة"، "تركز على التناقضات والمفارقات/ الموت الغربة، الشك من اليقين واليقين من الشك.. المعرفة الفردية التي يقابلها الجهل الجماعي.. ديوان متشكك من أرقى صنف يحتوي على 83 قصيدة تتناول كل ما تجاهلناه في حياتنا".
ويشير الشاطبي إلى أن "الديوان يعد الرابع للشاعر يختزل عوالم مغمسة بالملح والسكر برمزيتها التفاؤل والتشاؤم.. عوالم يطير إليها الشاعر من الشيء ليصل إلى ما هو أكثر من شيء ومعنى وحكمة..
وأمضِي إِلى عالمِي المُتشائِلِ/ أُهدهِدُ أيّامِي بِرِفقٍ/ وأحرُسُ فِي رأسِي مصنع نبِيذٍ/ مُغلقٍ لِلتّوبةِ'!
الحياة مثل مطعم مجبر أنت على استذواق ما ينتجه من أطعمة.. إنه مذاق الحياة.. فعل إجباري لا اختياري، والأمر في سعيه للبحث عن مذاق آخر يمنحه حرية اختيار الاستذواق من عدمه أوصله إلى هذه النتيجة..
حتى الحياة لها مذاق آخر.. حياةٌ.. ظننتُنِي حُرًّا فِيْ أن أُبدِّدها على طرِيقتِي بدُون أنْ يتسلّقنِي شُعُورٌ بِالذّنب/ تِجاه دقِيقةٍ عرت بِصمتٍ.
إن ذلك لا يشير إلى دفع الشاعر بالقارئ إلى التشاؤم، وبالمقدار لا يعني سحبه للتفاؤل.. إنه كما الواقف في منتصف الطريق (عِندما يصِلُ إِلى هُنا/ يسقط الفرقُ بين الوُضُوحِ والغُمُوض/أقِفُ الآن فِيْ المُنتصفِ!).
ويمضي صاعدًا: من أقصى اليمين ينتقل بالقارئ إلى أقصى اليسار.. في اليمين ثمة حقائق موضوعية عن حياة روتينية عادية لا تتعمد زيادة مساحة الضوء، وفي اليسار ثمة حقيقة واحدة عن حياة رمزية

تناصب العداء للروتينية المفرطة.. الفرق بينها وبين الأولى أنها تشير تلقائيًا للمكان الذي يكمن فيه المزيد من الضوء.
"أكتُبُ رِسالةً إِلى نفسِي/ نوعٌ من التّذكِيرِ بِأكاذِيبَ عِشتُها/ وأنتظِرُ رِسالةً مِنْ مجهُولٍ وإِشارةً فِيْ مخطُوطٍ منسِي/ تكشِفُ لي حجم الخدِيعةِ/ وما يقترفه الأمل/ ذلك الشُّعُورُ الفاسِدُ الّذِي بِأوهامِهِ المُطمئِنّةِ/ يتفشّى مِثل فِطرٍ سامٍّ!"
طمع:
في أقصودة طَمَعٌ يجاري باولو كويلهو في مقولته الشهيرة في روايته الخيميائي: "نبحث عن الكنز في أراضي الآخرين، فيما الكنز الحقيقي تحت أقدامنا". "أَحيَانًا تُعجِبُنَا العَصَافِيرُ الَّتِي على الشَّجَرَةِ".
لكنه كعادته في المغايرة يتجاوز هذه المجاراة؛ مجاراة الخيميائي، ليسبقه في نقطة فارقة حقًا: "لِهَذَا السَّبَبِ/ لا يُغرّدُ العَصفُورُ الَّذِي بَينَ أَيدِينَا".
فِيْ انتِظَارِ مَوسِمٍ آخرَ للنَّجَاةِ:
من يدع البهجة تأتي من تلقاء نفسها ليس كمن يبتكرها.. فالبهجة ليست إنتاجًا مسلعًا مكونًا من حديد وأسلاك، بل هي منتج مكون من روح

وإحساس.. وهنا قد يتساءل المرء ما الجدوى من ابتكار البهجة ونسجها في تفاؤلات الصباح طالما هي تُبتكر كسلعة أو تُقدم كخدمة محسنة مصبوغة بالألوان؟".
ويقول الشاطبي: "إن قصيدة "ليل" تحكي تفاصيل القصة المروعة عن الآلام التي أوقعت البشرية نفسها فيها بسبب إقدامها على ابتكار البهجة كأنها منتج من حديد وأسلاك لا منتج من روح وإحساس".
"كُنتُ أبتَكِرُ البَهجَةَ/ أَنسِجُهَا مِن تَفَاؤُلي بِالصَّبَاحِ/ لأَحلُمَ أَنَّ المَدِينَةَ سَتَبقَى صَدِيقَةً لِخَطَوَاتِي/ وَلَمْ أَتَخَيَّلْ أَنَّ الشَّوَارِعَ سَتُسرَقُ مِن تَحتِ أَقدَامِي/ وَأَنَّ الجُدرَانَ العَتِيقَةَ كَانَت حُبلىَ بمِاِضٍ على هَيئَةِ بشر/ جَاؤُوا بِلَيلٍ طَوِيلٍ".
لقد أدان الإقدام الجماعي على ابتكار البهجة بمفرداتها السعادة الفرح.. بصوته الفردي.. "صرت أجمع فيهِ القَلقَ/ وَكُلّمَا فَكَّرتُ بِالغَدِ/ تعثرت بِالأمسِ الَّذِي لَمْ يَنتَهِ"!
ومن دون أن يجيب على الإشكالية التاريخية في قدرة القطرة على تغيير طعم البحر، انطلق ليغرد خارج السرب، مدركًا الفرق بين الإبداع والابتكار..

الفرق بين الحديد والروح.. الأسلاك والإحساس..
إن القطرة تليها قطرة.. والقطرات تتجمع وتتشكل لتغير طعم البحر من الملوحة إلى الحلاوة.. ووحده إدراك الفرق بين إبداع البهجة وابتكارها كفيل بتحقيق تلك الحلاوة في بحار الأرض قاطبة".
وجه الغريب:
الغربة رفيق اليمني، والسلامي في غربته لم يتجاهل مفاعيل الغربة.. لقد سمح لها بالمرور في شرايين قصائده لتنتج إحدى القصائد الجدير بنا قراءتها بتأنٍّ وتمعن:
"لا قَصِيدةَ تُعيدُ إِلَى أَنفِكَ الإِحسَاسَ بِرَائِحَةِ الفَجرِ/ ولا سِيمفُونِيَّةً بِنَكهةِ الهيل/ الرصيف يَقتنِي ملامح مُلَثَّمةً/ وَأَنتَ مِن دُونِ وُجُوهٍ حَولَكَ عَاطِلٌ وَوَحِيدٌ".
السعداء لا يحتاجون إلى الغربة، فالغربة اكتواء، ومصدر عدم حاجتهم أنهم نجحوا في الإبقاء على ابتساماتهم، ولعله اكتشف تلك النقطة التي تبدو مظلمة.
إن تلك القصيدة مثل التمكن من الإمساك بقطة سوداء في غرفة مظلمة من أوّل محاولة!
ويمضي السلامي، وفقًا للشاطبي: "صاعدًا متحديًا

تلك العناكب التي تتحرك لابتلاع الحكمة الواردة في الغلاف الداخلي، متوصلًا إلى الخلاصة المتولّدة من التجربة الممتدة لثلاثة عقود، والمراس المبني على القراءة والتأمل والمعايشة "المَرِحُونَ وَقَدْ نَجَحُوا في الإبقاء على طُفُولَتِهِم في ابتِسَاماتِ الصباح/ نفتقدها في الملامح الَّتِي اختَفَتْ وَرَاءَ الأقنعة/ حتى صَارَ الجَمِيعُ وَاحِدًا".
العلة التي تزيد من علل المرء، إلى جانب علة الحب، علة الغربة، ولكن لا يدرك علة الغربة إلا من اكتوى بنارها".
الصحافي والروائي لطف الصراري، الذي عنون مادته بـ"تلويحة"؛ "تحية متأخرة لصديقي القديس"، يقول :"مر وقت طويل منذ أصدر الصديق العزيز أحمد السلامي مجموعة شعرية، وها هو يعود بمجموعة تنضح بالأصالة والتجدي".
ويضيف الصراري أن "أحمد شاعر كبير ومثقف مهموم بأحمال لا يستطيع مثقف أصيل إلا أن يحملها. وبين الشعر والهم الثقافي الذي كان له فيه جولة طويلة، لم يخفت صوت الشاعر بداخله. عندما كان في اليمن، لملم أصواتًا شعرية وسردية متناثرة

عبر موقع "عناوين ثقافية"، وفي غربته ظل ومازال متابعًا لإيقاع المشهد الأدبي والفني، دون أن ينفصل عن الجحيم الذي سجّره السياسيون وقادة الحرب في البلاد".
ويواصل: "يطل علينا أحمد السلامي بمجموعته الشعرية الجديدة "قديس خارج اللوحة"، وفيها عبارة شعرية راسخة النضج وقلقة وحزينة وصفات أخرى تتخلق مع كل إمعان في التواصل مع الحالة الشعرية..
تشدك كل قصيدة في المجموعة إلى أشواق ومباهج وأحزان مبعثرة، كلوحة القديس التي لم تستوعبه، وكـ"الطفل المحايد في شجار عائلي"، والبهجة التي يحاول ابتكارها في "ليل" لا ينتهي.

مجموعة من ثلاثة أقسام وقصائد قصيرة تقارب أحيانًا حجم ومضة الهايكو الكاشفة، وفي جميعها خلاصة تجربة متلاطمة كموج، ظلت حبيسة لسنوات في صدر صديقي الشاعر".
الكاتب والناشط السياسي محمد المقبلي يعبر عن ابتهاجه بصدور الديوان، ويقول: "ابتهجت بصدور ديوان أحمد الجديد بشاعرية عنوان غلافه، وبشاعرية أحمد الذي يغمرنا فنه، ولم يجرحنا موقفه.. فشاعر الحداثة القادم من جبال اللوز الحيمة التي زرتها ووصلت لقرية أحمد في عرس كمال السلامي، وسألت عن أحمد.. الذي أعرف أنه ترعرع بصنعاء، وبات الواجهة الثقافية لصحيفة التجمع التي ارتبطت بالجاوي كحزب ومنتدى.. الديوان يحمل فلسفة أحمد الشعرية، وربما الحياتية.. لديه نفور من البراويز، ويبتهج بمغادرة الأطر المكبلة والإطارات. وأذكر مقابلة أجراها معي في عددين بصحيفة التجمع قبل 10 سنوات.. كان يضع حديثي عن الأيديولوجيا السالبة للوطنية اليمنية عناوين فرعية، واليوم أبتهج بلوحته التي غادرت إطارها... وأحتفي بفنه الشعري ومنجزه الشخصي كصديق".
الصحافي أحمد الأغبري، يقول إن "الشاعر والكاتب المتوثب على اللغة الفارقة، صديقي أحمد السلامي... يقدّم في ديوانه الجديد، الصادر عن منشورات مواعيد، بعنوان "قديس خارج اللوحة"، ما صارت إليه تجربته الشعرية بعد عقود راكم خلالها تطورًا وتمردًا في علاقته بالجملة والصورة الشعريتين.. كأني أجده في هذا الديوان ممسكًا بصولجان الشعر

الجديد بين شعراء جيله، مكرسًا قصيدته كإحدى أهم منصات شعر النثر في اليمن".

صوَتٌ
لم أَعرِفْ بَعدَ البَيَاضِ الَّذِي يَغزُو فَروَةَ الرَّأسِ
شَعرَةً بَيضَاءَ وَحِيدَةً في شَارِبِي
وَالقَلبُ أَخضَرٌ
لَكِنَّ صَوتِي يَشِيخُ
أَمسَيتُ أَسمَعُ رَعشَةَ نِدَاءِ الجَدِّ في حُنجُرَتِي
نَهَضَتْ حِبَالُهُ الصَّوتِيَّةُ بِكَامِلِ جَلالِهَا
تَتَعَثَّرُ بها أُغنِيةٌ فِي فَمِي
وَمِن شُرفَةِ الحِكمَةِ
أُلَوّحُ مَسَاءً لِليَومِ الَّذِي مَرَّ
أُدَوّنُهُ فِي خَانَةِ مُنتَصَفِ العُمْرِ
وَفِي الصَّبَاحِ
أُخرُجُ -لِلزَّمَنِ- لِسَانِي
وَأَرَى العُمرَ أُرجُوحَةً
نَستَبدِلُ حِبَالَهَا كُلَّما تَقَادَمَت
وَبِضَحكَةٍ مُجَلجِلَةٍ
أَمحُو كُلَّ الأيامِ الَّتِي مَرَّتْ

لَكِنَّ صَوتِي يَشِيخُ!
أما الناقد رقيب الوصابي فيقول إن "قديس خارج اللوحة" "مجموعة شعرية تستفز أعماقنا، وتجعلنا في المنتصف لمواجهة ذواتنا بكل شجاعة ووعي".
ويخاطب الوصابي السلامي: "سلام عليك أيها الشاعر البديع، سلام على وعيك الناضج ومعناك المتفرد.. سلام عليك وأنت ترقى باللغة الشعرية صوب معراج التجريد.. في قصيدتك "تأطير" قلت ما لم يُقل قرابة 10سنوات".