بعد 45 سنة على اختفائه القسري: وفاة زوجة على قناف زهرة

الرائد علي قناف زهرة مع الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي
الرائد علي قناف زهرة مع الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي (أرشيف)

قضيت واحدة من أحزن الليالي أمس! قرأت في ساعة متأخرة نبأ وفاة زوجة علي قناف زهرة! كان نجلها عصام قد نشر قبل ساعات في صفحته في "فيسبوك"، يعلم أصدقاءه بمكان الصلاة على والدته، ثم الدفن.

كان علي أن أكتب تعزية.

كانت المهمة عسيرة!

هل أصفها بالأرملة أم هي زوجة؟.
هل أعزي عصام وسلوى وسميرة وبلقيس في وفاة أمهم، أم أعزي اليمنيين، أم أعزي اليمن؟

كتبت تعزية لعصام وشقيقاته، ثم تداعت الصور والوجوه والوعود والخيبات دفعة واحدة. تذكرت الراحل المقيم فهمي السقاف، زميلي في صحيفة "النداء"، وصاحب الإسهام الأبرز في ملف المختفين قسريًا؛ قال لي مرارًا إنه يخشى أن تموت هؤلاء النسوة قبل أن نتمكن من كشف مصير أزواجهن وأولادهن وإخوتهن وآبائهن. كانت أم عصام إحدى هؤلاء اللائي يلازمنه في مناسبات الفرح والحزن. ومع أم عصام، أم فتحي علي عبدالمجيد (منى)، وأم وضاح العبسي، وصالحة البان، وعشرات الأمهات اللائي صرن قريباته.

لازمني فهمي السقاف ليل أمس وصباح اليوم! وقلت في نفسي: أية خسارة منيت بها أسر المختفين قسريًا، برحيل فهمي، في يونيو 2021؟

ماتت زوجة علي قناف زهرة، بعد حوالي 45 عامًا على جريمة الاختفاء القسري لزوجها.

بعد 12 عامًا من تسلم رئيس جديد الرئاسة بعد الرئيس علي عبدالله صالح (الذي كان أبرز رجال عهد ما بعد قتل الرئيس إبراهيم الحمدي، والاختفاء القسري لعلي قناف زهرة (11 أكتوبر 1977).

بعد 9 سنوات من مهزلة الحوار الوطني، التي لم تكشف مصير المختفين قسريًا، منذ نهاية الستينيات، وصولًا إلى حرب الحوثي المقدسة الاستردادية التي بدأت في 2013… وماتزال.

ماتت أم عصام علي قناف زهرة، ولما تتكشف حقيقة مصير زوجها.

هناك أدعياء ينسبون الرجل إليهم، لم يفعلوا من أجله شيئًا. بل هرولوا إلى مكاسب السلطة عند أول "جزرة"!

هناك رابطة لأسر المختفين قسريًا، تأسست في مارس 2012، قامت بجهد مضنٍ لإثارة قضاياهم، لكن في مهرجان "مؤتمر الحوار الوطني" أدار سادة المؤتمر، بدءًا من الرئيس وقادة الأحزاب، وجوههم للضحايا (الضحايا أجمعين)، وباعوا اليمنيين كلامًا ووثائق، ثم احتفظوا بامتيازات المؤتمر في مسيرتهم المهنية الناجحة!

اقتحم الحوثيون صنعاء، في 21 سبتمبر 2014، وكلفوا أحد قيادييهم بالتواصل مع رابطة أسر المختفين قسريًا. وأتذكر أن أحد أعضاء الهيئة الإدارية للرابطة، اتصل بي طالبًا مني حضور اللقاء، فاعتذرت له لعدم ثقتي بهذه الجماعة، وقلت لهذا الصديق إنني لا أرى ضررًا من لقاء الرابطة بالقيادي الحوثي، إذا كان الهدف إظهار الحقيقة! وجرى اللقاء، لكن وعود عبدالملك الحوثي ما لبثت أن تبخرت؛ ذلك أن الرجال الذين تورطوا في جرائم الماضي، صار عدد منهم من رجاله!

في مارس 2015، نشبت هذه الحرب المجنونة في اليمن، ليدخل أعضاء جدد قائمة ممارسي جريمة المختفين قسريًا في اليمن، أبرزهم عبدالملك الحوثي!

في 24 يناير 2023، ماتت زوجة الرائد علي قناف زهرة، قبل أن تعرف مصير زوجها، أو تعرف له قبرًا.

بعد هذا كله يتساءل اليمنيون: ما الذي يجري لهم؟