هل وزير الداخلية أعلى من الدستور وأكبر من مجلسي النواب والقضاء ورئيس الوزراء؟

هل وزير الداخلية أعلى من الدستور وأكبر من مجلسي النواب والقضاء ورئيس الوزراء؟

 محمد حسن العتبي
بداية نتساءل: هل الدستور اليمني عقد اجتماعي يلزم على اليمنيين جميعاً احترامه والتمسك به حكاماً ومحكومين، رعاة ورعية؟ وهل للتشريعات والقوانين النافذة في هذا البلد من احترام لدى مسئولي الدولة والحكومة مثل ما لها من احترام لدى الرعايا والمواطنين؟ وهل السلطة القضائية لدينا سلطة مستقلة؟ وهل القضاء لدينا سلطان لا سلطان عليه، كما تقول بذلك النصوص والمواد الدستورية والمواد والنصوص التشريعية والقانونية، وكما تلوك وتردد بذلك ألسنة وأفواه مسؤولينا الكبار في هذا البلد صباحاً ومساءً؟ وهل المواطنون سواسية أمام القانون، أو متساوون في الحقوق والواجبات، كما تنص على ذلك مواد الدستور والقوانين والتشريعات المختلفة؟ وهل... وهل... وهل... أسئلة عديدة تقفز إلى أذهاننا صباحاً ومساءً بل ولا تكاد تبارح نفوسنا وأذهاننا لحظة واحدة، خاصة عندما نرى الواقع المعاش ونرى الكثير والكثير من الشواهد ومن التصرفات والسلوكيات التي تحدث وتنتهجها أو تتبعها بعض الأجهزة الرسمية الحكومية وبالذات تلك الأجهزة التنفيذية التي يحدد الدستور وكذلك القوانين والتشريعات النافذة مهامها واختصاصاتها ومنها على وجه الخصوص وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية المختلفة ابتداءً من قسم الشرطة مروراً بإدارات الأمن في عواصم المديريات ثم بإدارات الأمن في عواصم المحافظات وصولاً إلى وزارة ووزير الداخلية، فقد حدد الدستور وكذلك الأنظمة والقوانين والتشريعات المختلفة مهمة ومهام هذه الأجهزة، ويأتي في مقدمة هذه المهام حماية النظام والقانون، وحماية وصون حقوق الناس وأموالهم ودمائهم وأعراضهم وكرامتهم وممتلكاتهم و... و... و... إلى آخره من تلك الحقوق؟ إننا للأسف الشديد لا نرى على أرض الواقع أي التزام أو تطبيق أو تنفيذ أو احترام لهذه المواد أو لتلك النصوص المكتوبة من قبل هذه الأجهزة في كثير من الأحيان، بل نرى العكس تماماً؛ إذ في كثير من الأحيان أيضاً نرى قيام هذه الأجهزة نفسها بممارسات وسلوكيات لا نقول ممارسات وسلوكيات خاطئة فحسب بل وقاتلة أيضاً، نرى ممارسات لا تقف أو لا تكتفي بانتهاك وتجاوز القوانين والأنظمة والتشريعات والدستور فحسب بل تتعدى في بعضها لتصل إلى التعدي السافر على كافة القيم الأخلاقية والعرفية وللتشريعات الوضعية والسماوية والدينية معاً... لا نقول هذا تجنيا، بل ولا نحمل في قلوبنا ضغينة أو حقداً على هذه الأجهزة أو على هذه الوزارة، ولكننا نقول ذلك ولدينا الكثير من الشواهد ليس أولها تستر وزارة الداخلية على الجنود الذين قاموا بقتل الكثير من المواطنين أمثال السمحي والبحري و... و... وغيرهما أو أولئك الجنود الذين أقدموا على قتل عدد من المواطنين في منصة الاحتفالات بردفان العام الماضي، بل نقول إننا نتحدث عن هذه الوزارة وعن تعمدها وإصرارها الكبير في إهانة الآدمية والإنسانية والكرامة والحرية بل ودورها بالأقدام على انتهاك التشريعات والقوانين المشار إليها سابقاً بل وإهانتها لقداسة ولكرامة الدستور اليمني ولهيبة ومكانة الدولة.
 وبين أيدينا الآن ملف فيه أكثر من خمسة عشر أمراً وتوجيهاً ومذكرة رسمية تخاطب معالي وزير الداخلية اللواء مطهر رشاد المصري بتسليم وإحالة الجنود الذين أقدموا على ضرب المواطن صالح محمد محمد مرشد سليمان ضرباً مبرحاً ثم قاموا بإطلاق الرصاص عليه بعد ضربه ليردوه جثة هامدة في تاريخ 8/7/2008 في مديرية وصاب العالي محافظة ذمار عندما كان أولئك الجنود (سبعة بينهم ضابط) مرسلين على المواطن المذكور من إدارة أمن مديرية وصاب العالي بسبب خلاف بينه وبين أحد أفراد أسرته، وهو خلاف لا يتطلب إرسال ذلكم العدد من الجنود على مواطن أو على قضية يستوجب في مثلها توجيه إحضار كما ينص القانون. نعود ونقول: إن هذه المذكرات والأوامر والتوجيهات من جهات مختلفة في الحكومة وكلها تطالب بإرسال الجناة إلى النيابة ليتم التحقيق معهم وإحالتهم للقضاء، وعلى النحو التالي: مذكرتان من رئيس نيابة استئناف محافظة ذمار إلى مدير عام أمن المحافظة. ثم مذكرة من رئيس استئناف المحافظة إلى معالي النائب العام بعد أن ثبت للنيابة بمحافظة ذمار عدم تجاوب مدير أمن المحافظة معها. ثم أن النائب العام بعد ذلك وجه عدداً من المذكرات إلى معالي وزير الداخلية منها مذكرة بتاريخ 11/8/2008 ثم بتاريخ 9/9/2008 ثم بتاريخ 13/9/2008 ثم بتاريخ 22/9/2008 ثم بتاريخ 19/10/2008، ومذكرتان من منظمة "هود" إلى النائب العام الأولى بتاريخ 16/7/2008 والثانية بتاريخ 17/11/2008، ثم مذكرتان من وزارة حقوق الإنسان الأولى بتاريخ 27/8/2008 والثانية بتاريخ 5/11/2008، ثم مذكرة من رئيس مجلس النواب إلى وزير الداخلية أيضا بتاريخ 11/8/2008 وكل هذه المذكرات والأوامر والتوجيهات تطالب وزير الداخلية بتسليم الجنود المتهمين بقتل المواطن صالح محمد سليمان إلى النيابة العامة ولكن دون جدوى. لجأ أولياء دم القتيل إلى مخاطبة رئيس المحكمة العليا رئيس مجلس القضاء الأعلى كونه يمثل السلطة القضائية العليا لعل وزير الداخلية يحترم توجيهاته ويعمل على تنفيذها ورغم مذكرة رئيس القضاء الأعلى لوزير الداخلية بتاريخ 20/11/2008 إلا أن وزير الداخلية لم يستجب، فتقدم أولياء الدم إلى رئيس مجلس الوزراء يتظلمون ويعرضون قضيتهم وتعنت وزير الداخلية، فوجه بدوره مذكرتين الأولى لوزير الداخلية والأخرى للنائب العام بتاريخ 30/8/2008. ولكن دون جدوى...
فإلى من يتوجه هؤلاء؟ وإلى أين يذهبون بشكواهم يا ترى طالما وزير الداخلية أعلى من الدستور وأكبر من مجلس النواب والقضاء الأعلى، وأكبر من النائب العام ومن رئيس الوزراء؟ إلى أي جهة يتوجه أولياء دم هذا القتيل ليطالبوها بتطبيق شرع الله وشريعة محمد بن عبد الله وتنفيذ المواد الدستورية والقانونية؟! وما مصلحة الدولة ووزارة الداخلية بالذات في انتهاك وتجاوز الدستور وانتهاك وتجاوز الشريعة المحمدية؟ لماذا الدولة لدينا تقر وتسن القوانين والأنظمة ثم تعمل على تجاوزها وانتهاكها؟ ألا يعتبر هذا السلوك عملا مشينا يستهدف السلطة ويسيء إلى سمعتها ومكانتها ومصداقيتها؟ ألا يدفع انتهاج مثل هذا السلوك إلى انتشار وتعميم الفوضى؟ ألا يخلق مثل هذا السلوك أعمال التمرد والعصيان ويشجع على استمرار أعمال الثأر؟