على الرصيف

على الرصيف - محمد الغباري

على رصيف شارع الزبيري توفي مواطن اثيوبي بسبب رفض القائمين على قسم الايدز في المستشفى الجمهوري إعطاءه الجرعة اللازمة للمصابين بهذا الداء القاتل وطرده خارج المستشفى.. هذا ما نقلته صحيفة «الغد» في عددها الأخير، والتي اوردت أيضاً أن بعض المارة تبرعوا بمبلغ مالي لمن يقوم بتغطية الشاب وهو يصارع الموت على الرصيف مجرداً من الثياب مثلما تجرد القائمون على أمر المركز والبرنامج الوطني لمكافحة الإيدز من الإنسانية.
مازلت في انتظار قرار وزير الصحة بإحالة القائمين على أمر هاتين الجهتين إلى التحقيق ونوعية العقوبة التي يفترض أن تنزل بحقهم اذا ما ثبت فعلاً قيامهم بذلك السلوك المشين والمسيء لمهنة الطب وللقيم الإنسانية في المقام الأول.
ليست المرة الأولى التي يقف فيها ملائكة الرحمة بدون قلوب ومشاعر امام انسان يصارع الموت ويحتاج لمساعدتهم، وبالتأكيد أنها لن تكون الأخيرة والوحيدة، لكن السلوك الاستعلائي تجاه الوافدين من القرن الافريقي يحتاج إلى مواجهة ونقد عنيف، لا لأن مثل هذه السلوكيات تصدر في أحيان كثيرة من مواطنين عاديين ولكن لأن مصدر هذه الممارسات في غالب الأحيان منتسبون لجهات الرسمية تبدأ بالأجهزة الأمنية وتنتهي في المستشفيات.
اليوم وقد ساءت الأوضاع الاقتصادية والسياسية في دول الجوار الافريقي التي كانت طوال التاريخ بوابة اليمن إلى العالم يندر أن تجد شرطياً يتعامل باحترام مع أي مواطن من تلك البلدان حتى وان كان احد ابويه يمنياً.
أن يعتبر المسؤولون عن مكافحة الإيدز «التخزينة» أهم من القيام بواجبهم في إنقاذ حياة إنسان إما لأنه إثيوبي أو لغيره من الأسباب، فإن ذلك تعبير صارخ على رخص حياة البشر في اليمن وعلى يقينهم بأن أحداً لن يعاقبهم اذا ما فعلوا ذلك، والأمر ذاته لدى القائمين على مركز علاج الايدز في المستشفى الجمهوري.
الاخطاء الطبية في تزايد الضحايا موزعون بين المستشفيات العامة والخاصة على السواء إلا أن الباب المخلوع الذي دخلت منه الكثير من المستشفيات والعيادات الخاصة قد جعل الناس حقل تجارب لمن يجيد مهنة الطب ومن لا صلة له بهذه المهنة.
التعامل العنيف والنظرة الدونية لليمنيين من أمهات افريقية أو للإخوة القادمين من اثيوبيا أو ارتيريا أو الصومال أو جيبوتي بقدر ما أنه يمثل سلوك عنصرياً يسيء لليمنيين الذين عاشوا وهاجروا بعشرات الآلاف إلى هذه البلدان، قوبلوا بترحاب واحترام وتقدير فإنه في المقدمة تعبير عن غياب القيم الإنسانية تجاه الآخر ودليل قاطع على الحاجة الماسة لاعادة تأهيل المنتسبين لمؤسسات الدولة بمختلف تخصصاتها. وهي دعوة لمكافحة الثقافة العنصرية المتجذرة لدى الكثيرين نحو الاخوة في الضفة الأخرى للبحر الأحمر.
على مدى عقود من الزمن وقبلها قرون طويلة هاجر الآلاف من اليمنيين إلى بقاع العالم بحثاً عن فرصة مواتية للعيش بعد أن ضاقت بهم السبل في وطنهم، وهناك اندمج غالبية هؤلاء بتلك المجتمعات بل وبرزوا في أكثر من مجال أكان سياسياً أو اقتصادياً، بل إن اليمنيين في اثيوبيا والصومال وجيبوتي وأرتيريا كونوا ثروات وتبوأوا مواقع سياسية هامة.
malghobariMail