قلًّل من قدرة المحافظين المنتخبين على حل المشاكل القائمة.. النائب سعيد دومان: الحكم المحلي سيتعزز إذا أعلن عن محافظ لحضرموت الداخل

قلًّل من قدرة المحافظين المنتخبين على حل المشاكل القائمة.. النائب سعيد دومان: الحكم المحلي سيتعزز إذا أعلن عن محافظ لحضرموت الداخل

علي الضبيبي
حمل النائب الحضرمي سعيد مبارك دومان على السلطة بشدة واتهمها بمحاولة إسكات الحراك الشعبي والمطالب الجماهيرية في البلاد. وقال إنها، وباجرائها تعديلات على قانون الحكم المحلي (انتخاب المحافظين) في هذا الظرف بالذات وبهذه السرعة، إنما أرادت إسكات ذلك الحراك.
وأضاف: «لقد جاءت هذه التعديلات لتجعل الحاكم يستعيد بالانتخابات ما تنازل عنه من حق التعيين». و تعجب من التناقض والتراجع في مواقف كثير من نواب الحزب الحاكم أثناء مناقشة مشروع التعديلات قبل أسبوعين.
 «كانوا متحمسين لانتخاب المحافظين على أن يكون من نفس أبناء المحافظة المسجلين في السجل الانتخابي فيها، وطلبوا مننا نحن نواب المعارصة أن ندعمهم بالتصويت مع هذا المقترح»، يقول دومان: «فلما صوتنا معهم وأقر هذا المقترح إذا بالأوامر العليا تصدر وما جاء اليوم الثاني إلا وقد تحول الموقف إلى 180 درجة في الإتجاه المعاكس».
سخر من الذي حدث لهم بعد كل تلك الإعتراضات والملاحظات: «لقد طرح المقترح مرة ثانية للتصويت فصوتت الأغلبية نفسها بصورة أوتوماتيكية ضده، فسقط المقترح وسقطت الذمم التي تحمست له وصوتت له بالأمس، ثم صوتت ضده في اليوم التالي».
وقلل دومان من قدرة المحافظين المنتخبين على حل المشاكل القائمة والاحتقانات، مؤكداً أن من سبقهم من المحافظين المعينين: «لن يكونوا بأسوأ منهم لأنهم سيكونون مستنسخين من السلطة نفسها»، وأطلق عليهم مصطلح « الإستنساخ بالانتخابات».
وفي إجابات مقتضبة على تساؤات طرحتها عليه «النداء»، سخر النائب الاصلاحي من هذه الانتخابات وقال: «أنا أتساءل عن أي انتخابات يتحدثون وأي ديمقراطية يريدون إذا كانوا يرفضون أن يكون المرشح لمنصب المحافظة مسجلاً في السجل الانتخابي التابع لها، وإذا كان هذا المرشح لا يصبح محافظاً إذا فاز بالانتخابات إلا بعد صدور قرار جمهوري، وأنه لا يمكن للمجلس المحلي إعفاءه أو إقصاءه إلا بقرار جمهوري!».
 وكما يبدو له فإن الخلاصة تكون في «أن الحاكم يريد محافظين على مزاجه 100٪_ والانتخابات الحرة والمباشرة من قبل المواطنين لن تحقق له ذلك 100٪_ فعمد على تفصيل قانون على مقاس أشخاص محددين سلفاً ولاعزاء للديمقراطية».
وبشأن الحراك الجنوبي وما يجري هناك من غليان، قال: «إن الحكومة بدلاً من أن تصغي إلى صوت العقل والحكمة ومعالجة مسببات هذا الحراك التي أوجدته أخطاؤها، بدلاً من ذلك، لجأت إلى سوط البطش والجبروت وعسكرة المدن وأوجدت حالة طوارئ غير معلنة، وأخذت تعتقل الناس وتطاردهم، وذلك لن يزيد الأمور إلا تعقيداً». وسألته «النداء» عن دورهم هم كبرلمانيين، وما الذي عمله مجلس النواب إزاء هذه القضايا، وما رافق الحراك الجنوبي من أحداث دامية، قال إن المجلس لم يلتفت إلى تقارير وتوصيات اللجان التي كلفها بالنزول الميداني لتقصي الحقائق. مؤكداً على أنه إذا كان لمجلس النواب أي دور فهو يمثل دور «شاهد ما شاف شي حاجة». وزاد وأكد أن دور البرلمان محجَّم وأنه تحول كأهم سلطة تشريعية ورقابية في البلاد إلى «مجلس يصوت فقط للقروض وللميزانيات العامة وليمرر الاعتمادات الاضافية فقط». وقد أسف سعيد دومان لواقع الحال الذي وصل إليه المجلس بسبب وجود الأغلبية «التي أصابته بالكساح»، كما قال.
وفيما يتعلق بالقضايا المحلية في حضرموت (الوادي والصحراء)، والكلام الرائج بشأن تقسيمها إدارياً إلى محافظون، قال إنه يدعم فكرة التقسيم «لأن إعلان محافظ لحضرموت الداخل سيعزز تجربة الحكم المحلي».
ولفت إلى أن حضرموت مقسمة جغرافياً إلى قسمين منذ وجدت «مقسمة إلى ساحل وداخل أو الوادي والساحل». و ذكرَّ المتخوفين بالشكل الطبيعي الذي كانت عليه قبل الإستقلال: «كانت هناك سلطتان: القعيطية وعاصمتها المكلا، والكثيرية وعاصمتها سيئون. وقد ذهبت السلطتان وبقيت حضرموت». وقال وهو النائب عن دائرة سيئون: إن حضرموت اليوم تعامل رسمياً على أنها محافظتان: الساحل والداخل. ولم يبق للداخل إلاَّ أن ينتخب محافظاً له».
تلك وجهة نظره. ولم يغفل سعيد دومان وجهة النظر الأخرى من التقسيم إلى محافظتين. وقال إنه لا يمكن إغفال وجهة نظر المتخوفين من ذلك «لأنهم يتوجسون من أن يكون محافظ الداخل ومن تحته من أرباب المصالح والإنتهازيين».
«النداء» سألته ما إذا كانوا يخشون على التركيبة الديموغرافية للحضارم في ظل الهجرة والحضور اللافت من مختلف المحافظات. فقال إن الخشية الحقيقية تكمن عندما يكون هذا الحضور «مخططاً له ولا يخضع لمبدأ المواطنة المتساوية أما اذا كان عفوياً فلا خشية منه».
وهو يتحدث عن النفط في حضرموت، حزن سعيد دومان لحال المواطنين في تلك المناطق المحيطة بالحقول النفطية. وأفاد أنهم من أفقر الناس في اليمن، في الوقت الذي تشكل فيه عائدات نفط حضرموت «70٪_ من موارد الدولة». وقال إنه طالب عدة مرات في مجلس النواب، ولا يزال، بأن تخصص نسبة من عائدات نفط هذه المحافظة، ولتكن مثلاً 5٪_، لتنمية تلك المناطق التي يعيش سكانها في مستوى معيشي لا يحسدون عليه».
«وإذا كان وجود هؤلاء الفقراء الذين يشاهدون المنشآت النفطية على مرمى البصر منهم مثيراً للعجب»، يقول سعيد دومان فإن الأعجب من ذلك «أن يتهم رئيس مجلس النواب مقترحي بالمناطقية».
وحول ما قاله الرئيس عن حضرموت عشية إعلانه عن انتخاب المحافظين، من أنها استفادت تنموياً خلال الفترة الماضية على خلاف غيرها، قال دومان: «نعم استفادت تنموياً وهذا من واجبات الحكومة. ولكن الأهم من كتل الإسمنت والحجر تحسين أحوال الناس». واسترسل: «المواطنون في حضرموت يعانون من الغلاء الفاحش الذي التهم دخولهم ومدخراتهم فقد زادت نسبة الفقراء وارتفعت نسبة البطالة بين شبابهم رغم النفط وحقول النفط». ومع ذلك يؤكد سعيد دومان: «فإن حضرموت لم تستكن ولن تستسلم لهذا الواقع المؤلم». منوهاً إلى أنها عبَّرت عن الحال من خلال «الفعاليات الاحتجاجية والمسيرات في معظم المدن، وأن أبناء حضرموت يشهد لهم القاصي والداني باحترام القانون والنظام والهدوء». وحذر من أن السلطة اذا لم تقم بحل مشاكل أبناء حضرموت، فإن هذا الهدوء «له ما بعده وعندئذٍ سوف ينطبق عليها قول المتنبي:
يا أعدل الناس إلا في معاملتي
 فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
أعيذها نظرات منك صادقة
 أن تحسب الشحم في من شحمة ورمُ
وبنه إلى أن هناك عشرات المشاريع المتعثرة في حضرموت لم تستكمل ولم تلتفت، وضرب مثالاً بمشروع مجاري سيئون/ تريم المتعثر منذ ثمانينات القرن الماضي بسبب الخلافات والفساد. وقال إنه لا يزال متعثراً رغم موافقة مجلس النواب على القرض المقدم من الصندوق العربي لتمويله قبل أكثر من عام. وأسف أن يتوقف هذا المشروع الهام بسبب الخلافات الدائرة بين الحكومة والصندوق الممول. وكشف دومان عن أن الصندوق كان قد وافق على شركة معينة، إلاَّ أن مجلس الوزراء رفض هذه الشركة». وزاد بيَّن أن خلافاً آخر يعرقل هذا المشروع «الخلاف بين وزير المياه والمحافظ على تعيين مدير عام لفرع المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي بالوادي والصحراء».
 
 
***
 
 
 
انتخابات المحافظين.. المؤتمر ينافس ظله
 
 أحمد الزرقة
خمسة عشر مدنيا مرشحاً لمنصب المحافظ في خمس عشرة محافظة من إجمالي 21 محافظة يمنية، وهي خطوة تعتبر متقدمة في ظل هيمنة واضحة للعسكريين على منصب المحافظ استمرت ما يقارب نصف قرن. ولأول مرة ستكون هناك قيادات مدنية لمحافظات كانت مغلقة في وجه المدنيين، وتبقى هناك ست محافظات ستظل تحت هيمنة العسكريين، والسبب قد يكون عدم وجود بدائل مدنية في تلك المحافظات، الدستور يحرم الحزبية داخل المؤسسة العسكرية، ومع ذلك لم تجد الأمانة العامة للمؤتمر بداً من ترشيح ستة عسكريين لمنصب المحافظ في ست محافظات. اللافت في الأمر أن المحافظات الست ربما باستثناء الضالع، هي من أهدأ المحافظات وأكثرها ولاء للمؤتمر؛ فمحافظات: حجة، المحويت، ريمة، ذمار، والجوف، من محافظات المؤتمر الذهبية، وأربعة من العسكريين هم محافظون سابقون، حيث كان يحيى العمري محافظا للبيضاء قبل ترشيحه لذمار، بينما يستقر الثلاثة الآخرين: مجور، الاحول، والقوسي، في محافظاتهم التي ترشحوا فيها مع أنهم من خارج تلك المحافظات، بينما تم ترشيح قاسم بن طالب الذي عين قبل فترة وجيزة نائبا لرئيس هيئة الأركان وهو من القيادات العسكرية العائدة من الخارج في 2003 كمحافظ للضالع، التي تسيطر المعارضة فيها على أغلبية الهيئة الانتخابية، لكن المعارضة التي قاطعت الانتخابات ستجعل وصوله إلى منصب المحافظ عبر بوابة التعيين. آخر المحافظين العسكر كان هذه المرة من نصيب محافظة ريمة التي تعد من أحدث المحافظات تأسيساً.
تمدين منصب المحافظ يعد واحدا من أهم ايجابيات قرار انتخاب المحافظين. هناك أيضا مسألة أخرى لا يمكن أن تخطئها العين، وهي أن سبعة من القادمين لمنصب المحافظ تقل أعمارهم عن الخمسين عاما بكثير، اثنان منهم بالكاد سيبلغون الأربعين عاما، ما يعني أن هناك حراكا على مستوى النخبة التقليدية للمحافظين. كما أن هناك تمثيلا على مستوى المحافظين ل18 محافظة مما يعني أن هناك اتجاها نحو الشراكة الأفقية وهروبا من السيطرة العمودية في قضية التمثيل الجهوي والفئوي.
على المستوى التعليمي هناك محافظان يحملان شهادة دكتوراه، وواحد ماجستير، و16 يحملون شهادات بكالوريوس وليسانس.
ولغالبيتهم ارتباط سابق بالعمل مع منظمات المجتمع المدني، مما يعني أن هناك أجندة مدنية في جعبة الكثير منهم. كما أن هناك عددا منهم سبق لهم العمل كمحاضرين في الجامعة ولهم إسهامات أدبية وثقافية.
 
مخاضات عسيرة
 لكن كيف وصل هؤلاء للترشح لمنصب المحافظ؟ هناك مخاضات عسيرة شهدتها المراحل المتعددة التي أعقبت إعلان الرئيس علي عبدالله صالح قراره بإجراء تعديلات على قانون السلطة المحلية لإجراء انتخابات أمين العاصمة ومحافظي المحافظات، وهو القرار الذي اعترضت عليه أحزاب اللقاء المشترك ووصفته بالمتسرع، والذي لا يخدم العملية الديمقراطية، نظرا لأن هذه الانتخابات لن يشارك فيها الناخب اليمني، بل ستقتصر المشاركة فيها على الهيئة الناخبة التي تمثل قوام المجالس المحلية. ولم يلتفت المؤتمر الحاكم لاحتجاجات المعارضة واستطاع عبر كتلته البرلمانية المريحة أن يصادق على مشروع التعديل بعد يوم من تقديم الحكومة لمشروعها.
وزير الإدارة المحلية عبدالقادر هلال الذي هاجم قرار المقاطعة قائلا إن تلك المقاطعة لن تؤثر سلبا على العملية الانتخابية لعدم امتلاك أحزاب المشترك مقاعد في الهيئة الانتخابية تمكنها من تعطيل الانتخابات، حيث لا تتجاوز نسبة 10% من إجمالي الهيئة الناخبة التي يصل عددها إلى 7482 على مستوى الجمهورية، كان قد تمنى مشاركة المشترك في هذا الحدث من أجل إعطاء زخم شعبي للانتخابات ليس إلا.
وهلال الذي كان يتحدث للصحفيين نهاية ابريل الفائت قال إن نسبة التغيير في مناصب المحافظين التي يتوقعها تزيد عن 70% في المائة، ربما كان حينها متكئا على معلومات عن شراسة الصراع الدائر في دهاليز الحزب الحاكم، التي خضعت فيها القوائم الانتخابية للتمحيص والتدقيق وحسابات مراكز صنع القرار. بالتأكيد ليست القوائم الأخيرة المعلنة هي القوائم التي تم تسريبها خلال الأيام الأولى لذلك التنافس الأحادي. وبالتأكيد أن غياب شخصية بحجم أمين عام المؤتمر عبدالقادر باجمال بسبب مرضه قد أدى لضم أسماء لم تكن لتوضع ضمن القوائم النهائية.
شهدت الفترة القليلة الماضية ترتيبات على أعلى المستويات وتمت المفاضلة والمراضاة لعشرات الشخصيات القيادية داخل المؤتمر الذي بدا عليه الارتباك أمام نفسه دون منافسة من خارجه. واتضح جليا أن حزب الدولة يفتقد للكنترول، وأنه يدار في كثير من الأوقات من خارج أسواره، لذا لم يكن غريبا على الطامحين في الترشح لمنصب المحافظ الذي بدا مغريا وأشبه بمغنم منه مغرم التجول يوميا في عدد من المقايل الخاصة وتحولوا لمراجعين سواء لدى وزير الإدارة المحلية أو لدى الرئيس ونائب الرئيس والدكتور الإرياني، وغيرهم من قائمة النافذين الطويلة.
ووصل عدد المتنافسين على منصب المحافظين وأمين العاصمة 193 مرشحا غالبيتهم من المؤتمر الشعبي العام، لكن ملفات 37 شخصا هي التي قبلت طلبات ترشيحهم، إجمالي 193 طلبا، حيث قام 53 منهم بسحب طلبات ترشحهم، واستبعدت اللجان الإشرافية 98 طلبا لعدم اكتمال ملفات أصحابها من حيث الوثائق الأساسية والتزكيات المطلوبة، فيما خضع 42 طلبا للفحص النهائي ليستبعد منهم خمسة لم تستوف ملفاتهم الشروط المحددة في القانون، ليبقى هناك 37 مرشحا في 21 محافظة.
وحتى اللحظة فإن مرشحي المؤتمر العام في تسع محافظات (الأمانة، تعز، إب، حضرموت، المهرة، الحديدة، المحويت، عمران، الضالع، وعدن) سينافسون أنفسهم حيث انسحب كل المرشحين من أمامهم سواء لعدم حصولهم على التزكيات اللازمة، وهي المعضلة التي واجهت النساء السبع اللائي تقدمن، أو بسبب عدم اكتمال ملفاتهم؛ لكن السبب الأبرز هي التوجيهات الحزبية التي قضت بانسحاب كل المرشحين من أمام مرشحي الأمانة العامة كما حدث في الأمانة وعدن وتعز، وبالنسبة للمحافظات ال11 المتبقية يتفاوت عدد المتنافسين من محافظة لأخرى بنسبة 2- 4 مرشحين.
وما زال كلا من فهد الدهشوش في محافظة حجة التي يشغل فيها منصب رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام، وحسن الهيج أمين عام المجلس المحلي في الحديدة، صامدين في وجه طلبات الانسحاب من أمام مرشحي الأمانة العامة للمؤتمر، وحكم القضاء اليوم لصالح فهد الدهشوش الذي كانت وزارة الإدارة المحلية قد وكلت محاميا للطعن في صحة وثائقه، مما يعني أنه ستكون هناك منافسة شرسة بين الدهشوش وبين محافظة حجة وشقيق رئيس الوزراء مرشح اللجنة العامة المحافظ الحالي لمحافظة حجة فريد احمد مجور.