.. وسامي غالب يتساءل: عدالة أم انتقام!

.. وسامي غالب يتساءل: عدالة أم انتقام!

ليس من اللائق أن يعتمد رجال الجهاز القضائي سلوكاً انتقامياً حيال أحد المواطنين.
منذ 8 أيام يقبع الزميل محمد المقالح، الصحفي والكاتب المعروف، في غيابة السجن في ظروف مشددة جراء تعليق صدر منه خلال جلسة قضائية.
في الجلسة التي حضرها المقالح متضامناً مع الزميل عبدالكريم الخيواني، صدر عنه تعبير عفوي حيال إخفاق وكيل النيابة الجزائية المتخصصة في نطق كلمة وردت في مرافعة الدفاع. وقد قرر فضيلة القاضي محسن علوان حجز المقالح لمدة 24 ساعة عقاباً له على إخلاله بنظام المحكمة. وفي اليوم التالي تم تمديد الحجز لمدة أسبوع، ثم تم تمديده مجدداً لمدة 35 يوماً، مع منع الزيارة عنه، وتشديد ظروف حبسه.
ولئن كان التعبير العفوي، وما لحق به من ردود فعل من قبل المقالح، مسوِّغاً لحبسه مدة 24 ساعة، فإن الإصرار على إطالة حبسه من قبل النيابة وقضاة المحكمة الجزائية المتخصصة لا يعني شيئاً سوى أن رجال العدالة لا يستهدفون الانتصار لهيبة القضاء بقدر مايتوسلون إذلال مواطن أعزل وأخذ حقهم بأيديهم، تماماً كما يفعل أي طالب ثأر.
على مدى العقدين الماضيين شهدت ساحات العدالة (المشنوقة) اعتداءات جسيمة ضد قضاة وأعضاء نيابة ومحامين، وأقدم نافذون كبار في السلطة والمجتمع على إهدار كرامات قضاة ورجال نيابة في العاصمة وخارجها. وفي كل مرة كان المعتدون يفلتون من العقاب، وأحياناً يتم استرضاؤهم. ولأن المقالح ليس من فئة النافذين، وكل ما يملكه هو قلم حر كان مصيره السجن.
 الانتصار لهيبة القضاء وسمعته لا يتحقق بسجن صحفي أخل بنظام جلسة من جلساته، وإنما بإعمال روح العدالة وتحرير ضميرها من نزعات الثأر وآفة الانتقام.
القضاء في اليمن موضع تعريض كبار المسؤولين في السلطة التنفيذية، ومصب انتقادات (وأحياناً لعنات) شرائح واسعة في المجتمعين السياسي والمدني. والقضاة في اليمن معرضون دوماً لأخطار شتى من مراكز قوى ورجال نافذين في المجتمع، وساحات العدالة شهدت، قبل تعليق المقالح، اعتداءات على رجال عدالة يندى لها الجبين.
وطريق إعادة الاعتبار للقضاء لا يمر عبر الحبس الاحتياطي في غرب العاصمة، وإنما بالانتصار للأبرياء الذين يسوقهم «الكبار» إلى ساحات المحاكم لتأديبهم جراء آرائهم.
Hide Mail