شعفل عمر والحوار الرائع

يستحق الصديق سامي غالب، والصحفي مروان الغفوري، تحية وتقدير، للأداء الصحفي المتميز من خلال إجراء المقابلة مع القيادي الاشتراكي شعفل عمر، الذي يعيش النفي القسري في مصر منذ انتهاء حرب صيف 1994.
ويستحق شعفل عمر التحية والتقدير على الصراحة والقوة التي تميز بها حديثه. ومعرفتي بالأستاذ شعفل عمر بدأت أثناء الانتخابات النيابة في 1993 عندما كنت ضمن الحملة الانتخابية لمنافسه الأبرز حينها الأستاذ علي سيف حسن، المرشح عن التنظيم الناصري. واستمر التواصل مع انقطاع خلال الزيارات التي أذهب فيها إلى القاهرة حيث يقيم، وكانت لا تخلو من جرعات من الأفكار المتناسقة والرؤية الموضوعية للأحداث في الوطن.
وأرغب في مناقشة بعض ما أورده شعفل عمر في الحوار، حيث قدم وجهاً آخر من الرجل الهادئ قليل الكلام، وجه يمثل الصلابة والإدراك لكل ما يجري، وجه يقدم الرأي بقوة ويتسامى على ألم الذات ليرفض ألم الوطن، ويدين مسببي هذا الألم.
يقدم شعفل عمر في الحوار مجموعة من الأسرار التي تكشف لأول مرة، كالتهديد الذي تلقاه الشهيد جار الله عمر من مسؤول كبير، والثقافة المسيطرة على النظام في تعامله مع الجنوب، قضية وشعب، وأدوار بعض الأشخاص في الحزب ممن لعبوا أدوارا سيئة ولم يتوانوا عن الارتماء في أحضان النظام.
قدم شعفل عمر صورة واضحة لما جرى في دهاليز قصور قادة الوحدة وسبب إشعال الحرب والانفصال، وأثار قضية كانت محل تساؤل الكثيرين، وهي: لماذا لم يتعامل الحزب الاشتراكي بالمثل في مواجهة سياسة الاغتيالات التي طالت كوادره وتركهم دون حماية أو خلق توازن رعب بدل البكاء عليهم في المناسبات؟ حيث كشف عن رؤية كانت مطروحة ويبدو أنها لم تلق البحث الكافي داخل الحزب.
بالإضافة إلى ما جرى في الماضي القريب، تحدث شعفل عمر بمسؤولية عن الدور الحالي الذي يقوم به د/ ياسين سعيد نعمان في قيادة الحزب، ولم يتجن أو يظلم قيادة الحزب مثل آخرين سارعوا للتعسف في قراءة أداء الحزب علي الصعيد الداخلي أو على صعيد اللقاء المشترك.
أما النقطة التي أجدني اختلف فيها مع الأستاذ شعفل عمر فهي الدور الذي يلعب هو وأمثاله من المعارضين في الخارج، حيث أن الدور الذي يقومون به لا ينبغي له أن يكون مقصورا على التأثير النفسي، وإنما عليهم أن ينشطوا ويؤدوا دورا ماديا وحيويا يساند المطالب في الشراكة السياسية القائمة على أساس اتفاقية الوحدة التي قامت في 22مايو 1990، وهذا يجعل دور شعفل عمر وغيره من القيادات التي كان لها فضل قيام الوحدة، ممارسة ضغط يمتلكون مفاتيحه بما لهم من تاريخ ووزن سياسي لإعادة تصحيح الأوضاع التي نتجت عن حرب صيف 1994، من خلال التأثير الإعلامي والمساهمة في صياغة الخطاب السياسي في المنفى وبين الأوساط السياسية للنخب العربية والإقليمية والدولية، لشرح الأوضاع بصورة صحيحة، وكذا عليهم أن يستجيبوا لصدى الحراك في الداخل وفتح قنوات التواصل معه من خلال الحزب الذي ينتسبون إليه وبقية شركائه من أحزاب اللقاء المشترك، بالإضافة إلى التواصل مع جمعيات المتقاعدين ومجالس التنسيق في الميدان. وهذا الدور معروف ومشروع وتم ممارسته من العديد من القيادات بدءاً من شارل ديجول في فرنسا وحتى النعمان والزبيري في شمال الوطن قبل الثورة.
إن الدور السياسي ليس مقصوراً على الداخل، ولكنه ممكن ومتاح في الخارج، وليس هناك ما يمنعه.