باعوم لـ«النداء»: لن نلتقي بالرئيس إلاّ بعد تنفيذ مطالبنا

«النداء» – عبد الحكيم هلال

بداية سهلة مع رجل صعب

- نهاية الأسبوع الماضي، والذي صادف أيضاً أن يكون نهاية الشهر الماضي (نوفمبر).. وصلنا المكلا – عاصمة حضرموت- صباح الجمعة. ومن هناك سمعنا أن رئيس الجمهورية وجه اليوم بإطلاق سراح المعتقلين على ذمة أحداث الأشهر الثلاثة الماضية. كان على رأس اؤلئك حسن باعوم، الذي اشتهر بقيادة ما سمي بتيار تصحيح مسار الوحدة في الجنوب منذ حبس أول مرة عام 1997م.
كنت وزميلي رشاد الشرعبي في مهمة تدريبية. وحين سمعنا الخبر اتفقنا على أن هناك خبطة صحفية يجب أن تتم مع الرجل الذي يعتبره معظم أبناء المحافظات الجنوبية مناضلاً شرساً.
- استقللنا باصاً بمشوار خاص الى سوق قات "الغليلة". وأثناء الطريق سمعنا السائق ونحن نتحدث عن باعوم وكيف سنبحث عن منزله ورقمه عبر بعض الزملاء هنا. لكن السائق "السيئوني" (نسبة الى "سيؤون") عرض تقديم خدماته. يبدو أن كل أبناء المكلا يعرفون منزل الرجل. حدثت نفسي بذلك.
بعد سوق القات توجه بنا السائق إلى منزل حسن باعوم الذي كان في نفس مديرية"الغليلة" وبمسافة لا بأس بها من سوق القات. وفي حارته تحدانا السائق أن نعرف أي من المنازل هو منزل هدفنا الذي نبحث عنه. بالنسبة إلي توقعت أن يكون منزله أرضياً بسيطاً على خلفية نظرية خاطئة سكنت رأسي بسبب قصص وروايات "ديستوفسكي"، و"شيخوف:" إن المناضلون غالباً ما تصنعهم المعاناة وهم يتوالدون من الأحياء البسيطة والألم والعذابات..". أوقفنا السائق أمام منزل أبيض كبير أخذ مساحة أرضية لا بأس بها من الحارة. اعتقدت أن هذه العمارة كانت الأكبر في الحارة. أشار السائق إليها وقال: "هذا هو منزله". مرة أخرى اعتقدت أنه يسكن أحد أدواره. غير أني اكتشفت أن طوابق العمارة الأربعة ملكه. ومع أن الأمر لا يستحق كل علامات الاستفهام التي تسكنني، غير أنها ظلت – بفضول الصحفي- تراودني حتى بعد انتهاء المقابلة. وهناك بعد ساعات أكد لي أحد العارفين المقربين له، أنها أهديت إليه من قبل الرفيق علي سالم البيض – نائب رئيس الجمهورية السابق.
- في بادئ الأمر نزلنا وتأكدنا من مصدر آخر عن المنزل، فأكد لنا "البقالـ" المجاور الأمر، وقال إنه شاهده أمس الجمعة في جامع الحارة. كنا ننوي أن نحجز موعداً مناسباً معه، لكن الأمر كان أكثر يسراً حين أدخلنا أحد أولاده إلى المجلس في الطابق الرابع من العمارة التي كان أثاثها الداخلي منسقاً ومذهلا. وبعد أن تعرف علينا وماذا نريد، دخل الى الداخل وبعد لحظات قليلة ظهر علينا رجل عملاق أسمر البشرة. وفيما كان يحمل وقاره معه بسهولة،كان أعجز أن يحمل معه جسده بالسهولة نفسها. تصافحنا معه بحرارة متبادلة، تعرف علينا وهدفنا من الحضور، وافق أن يجري المقابلة مباشرة. وبدأنا الحديث.
 
 
***
 
 

الرجل الذي ذكر الرئيس بوحدويته
 

في أبريل من العام 90م كانت محادثات الوحدة بين شمال الوطن وجنوبه تقترب من نهايتها. وكان على الرئيس علي عبد الله صالح أن يتخذ قراره النهائي بشأنها. ولأن الرئيس كان يحتضن لديه تياراً مناهضاً للجنوب هم "الزمرة" بقيادة الرئيس المنقلب عليه علي ناصر محمد، فقد رأى أن يجتمع بقيادات هذا التيار على اعتبار أن الحرب بين هذا التيار والنظام الجنوبي كانت ما تزال قائمة، وإن في طورها البارد وقتئذ.
استدعى الرئيس إلى قصره قيادات "الزمرة". وكان الى جوار الرئيس صالح كل من: عبد العزيز عبد الغني، د/ عبد الكريم الأرياني، علي محسن الأحمر، ومحمد إسماعيل..، وفي الطرف الآخر كان الى جوار الرئيس علي ناصر محمد، كل من: علي صالح عباد مقبل، علي عبد الرزاق باذيب، أحمد مساعد حسين، محمد علي أحمد.. وكان هناك حسن باعوم إلى جوارهم. يتذكر باعوم ذلك اليوم ويقول إنه حينها لم يكن يتبوأ أي منصب قيادي.
كان هذا اليوم مصدر فخر ل "باعوم" يستدل به بوحدويته ويذكر به الرئيس بين الحين والآخر.
يقول: " طرح الرئيس آخر ما توصل إليه مع قيادات نظام عدن، وطلب من الحاضرين آرائهم. تحدث الجميع. وبينما كنت ساكتاً.. التفت إليََّ الرئيس وقال: ما رأيك يا باعوم؟. فتحدثت وقلت: إن هذه الوحدة يجب أن نضحي من أجلها بالغالي والنفيس، وإنه يجب أن يقوم على أنقاض النظامين، نظام مؤسسي واحد. وإلا ستتحول اليمن إلى صومال آخر". يقول باعوم: "وبعد ذلك انفض الاجتماع ليعلن عن قيام الوحدة بعد شهر تقريباً".
باعوم النازح
بعد قيام الوحدة بأربع سنوات صدقت نبوءات باعوم ودخلت اليمن في حرب صيف 94م بسبب الخلافات بين شركاء الوحدة، لكن الحرب انتهت بعد (70) يوما ولم تتحول اليمن الى صومال جديدة، غير أنها مهدت لاحتقانات ظلت تحت السطح على مدى سنوات عشر، لتظهر بشكل واضح خلال هذا العام.
يقول باعوم:" أثناء حرب صيف 94م نزحت وحوالي (8) آلاف مدني وعسكري إلى سلطنة عمان. وهناك استقرينا في منطقة "شحن" العمانية ونصبت لنا السلطنة الخيام. وهيأت لنا الظروف المنسبة للإقامة هناك. وبعد فترة وجيزة كانت وفود صنعاء تأتينا للحوار من آن إلى آخر، لكني رفضت مقابلتهم أو الحديث معهم".
مرت الأيام وبدأ النازحون يشعرون بأن سلطنة عمان بدأت تشعر بثقلهم عليها – ربما – بسبب ضغط نظام صنعاء نتيجة لرفض النازحين اللقاء بوفودها المبعوثة إليهم.
يواصل باعوم:" كان معنا ضمن النازحين قيادات عسكرية هامة فخشيت عليهم حين شعرت بأن الأخوة العمانيين قد ضاقوا ذرعاً بنا. ولهذا أخذت أسماء تلك القيادات العسكرية خصوصاً الذين شعرت أن عليهم خطورة كبيرة. وعلى طائرة عمودية عمانية انتقلت الى العاصمة العمانية مسقط، وهناك التقيت بنائب الرئيس/ علي سالم البيض". كان ذلك ما يزال عام 1994م. ومن البيض عرف باعوم أنه يريد الانتقال الى الأمارات العربية المتحدة. يقول: فسلمته قائمة الأسماء، ثم قررت العودة الى حضرموت بعد أن سلمت المسؤولية إلى البيض".
وينفي الرجل أنه التقى بالبيض بعد ذلك، غير أن هناك معلومات مؤكدة تقول إنه على تواصل دائم معه عبر تلفون "الثريا".
 بداية نضال التصحيح
بعد أن عاد الى حضرموت بدأ باعوم بممارسة مهامه كمسؤول حزبي جديد في ظروف أخرى استثنائية دخل بها للحزب الذي كان شريكاً للوحدة،لكنه أقصي منها ليصبح الحزب الأكثر خطراً على الوحدة، بحسب ما تعتقد بعض قيادات السلطة حتى اللحظة.
يقول باعوم:" في حضرموت اجتمعت لجنة المحافظة للحزب الاشتراكي، وقررت انتخابي سكرتيراً للحزب في حضرموت. بعدها استدعتني اللجنة المركزية وعينت عضواً في المكتب السياسي عام 94م".
وخلال الفترة بين 94 – 97م لم يتحدث لنا باعوم عن تفاصيلها. غير أن المعلوم أن العام 1997م كان البداية للرجل ليصبح الأكثر شهرة وجراءة بالمناداة بما عرف لاحقاً بـ"تصحيح مسار الوحدة". ففي حضرموت نظم باعوم مسيرات وتظاهرات في إطار ذلك الهدف ليعتقل على إثرها ومجموعة من أتباعه من قبل السلطات.
وأثناء اعتقاله اتصل به الرئيس وحدثه فذكره باعوم بوحدويته في اجتماع ما قبل إعلان الوحدة.
يقول:" حينما اعتقلت في 97م كان الرئيس في دول الخليج، وهناك ضغط عليه وطلب منه إطلاق سراح المعتقلين. وحينما عاد الرئيس مباشرة الى اليمن أمر "الأخشع" بإطلاق سراحي، فقلت له:لا يمكنني أن أخرج حتى يتم إطلاق سراح جميع المعتقلين الذين معي. وبعد قليل خرج "الأخشع" وعاد وبيده التلفون وكان يتحدث مع آخر لا أعرف من هو.. فمد لي التلفون وقال لي: تحدث. فأخذت التلفون وفوجئت بالرئيس على الطرف الآخر. قال لي الرئيس:" يا باعوم أنت عميل للمملكة السعودية..!!". فرددت عليه: "أنا لست عميل لأحد. ثم مع الحديث ذكرته بموقفي أثناء الاجتماع معه قبل الوحدة وماذا قلت له حينها لأثبت له أنني وحدوي ولست عميل لأحد".
ويضيف باعوم جازماً: ".. وفي الحقيقة أن الرئيس كان يتحدث معي من تلفون وهو فاتح "الإسبيكر" (أي الصوت المسموع لكل الموجودين إلى جواره) والغرفة من حوله مليئة بالناس وكان يعتقد أني سأخاف وسأعتذر، لكني كما قلت قمت بتذكيره بوحدويتي".
 في أول سبتمبر الماضي حشر باعوم مع أنصاره في السجن من جديد بنفس التهمة، لكنه هذه المرة لم يستطع تذكير الرئيس بوحدويته مرة أخرى. لكن أمراضه التي استطاعت أن تغزو جسده القوي ما بين القلب والكلى والسكري والضغط، هي من ذكرت المنظمات الدولية والأحزاب المحلية والفعاليات الشعبية لتنادي بإخراجه من معتقله. ففي المهرجان الذي نظمته أحزاب اللقاء المشترك في المكلا الأربعاء الماضي كان فيصل بن شملان – المرشح المستقل للرئاسة – يوجه خطابه للرئيس قائلاً: " على الرئيس أن يطلق سراح المعتقلين وإن لم يفعل فلا يلومنَّ إلا نفسه".
وصباح الجمعة الماضية وجه الرئيس بإطلاق سراح المعتقلين وعلى رأسهم باعوم والنوبة. لكن الرجل رفض أن يدين لأحد بإطلاق سراحه. وقال إنه لا يعترف سوى بشيء واحد " أن اعتقاله وإطلاق سراحه عبارة عن مسرحية"، وفقط.
 

***
 
 

مترافقات الصراع
 
 

هناك من يعتقد أن النظام استغل بروز شخصيات من الحزب الاشتراكي تختلف مع غالبية قيادات الحزب حول آلية العمل والأولويات للمرحلة القادمة، وأن النظام عمل على تغذية تلك الصراعات بدعم ما يسمى بـ"تيار تصحيح مسار الوحدة" خصوصاً بعد المؤتمر العام الخامس للحزب أواخر يوليو 2005م. الذي أعلن فيه الحزب صراحة في بيانه الختامي عن وجود خلافات داخلية حول قضية جوهرية هي المطالبة بـ"تصحيح مسار الوحدة". تلك القضية التي كسبت لها أنصاراً إضافيين في الحزب أثناء هذا المؤتمر بعد أن كان أنصارها لا يتعدون أصابع اليد من القيادات في المؤتمر العام الرابع بدورتيه، الأولى والثانية(98م،99م). وللحفاظ على وحدة الصف، أدخل المؤتمر العام الخامس هذه القضية ضمن تعديلات البرنامج السياسي للحزب وتم الإشارة إليها كنقطة في بيانه الختامي حين اعتبر أن قضية إصلاح مسار الوحدة وإزالة آثار الحرب مدخلاً مهماً لإصلاح النظام السياسي المتضمن جملة من المفردات والمطالب الواردة في برنامج الحزب السياسي. ذلك بعد أن كانت المؤتمرات السابقة تتحدث فقط عن إزالة آثار حرب 94م. بينما أن هناك من كان يرى أن النقطة الأساسية هي "إصلاح مسار الوحدة" كمدخل لإزالة آثار الحرب.
وبعد هذا المؤتمر اتضحت معالم التيار المعارض داخل إطار الحزب تحت ما يسمى بمنبر أو تيار "إصلاح مسار الوحدة"، والذي كان على رأسهم "مسدودس" و"باعوم". وقد ذهبت قيادات في الحزب الاشتراكي، إن بطرق مباشرة أو غير مباشرة، للإشارة أكثر من مرة، إلى أن هذا التيار بدأ بتلقى دعمه من قبل النظام بغرض شق الحزب وإضعافه. الأمر الذي خرج بعد ذلك عن سيطرة النظام ليصبح هذا التيار واقعاً أمام عجز النظام عن فرملته كما لم يكن يعتقد. وكان الدكتور ياسين سعيد نعمان قد حذر السلطة من أسلوبها هذا في صناعة "أصحاب المشاريع الصغيرة"،الذي كان يرمي بوضوح الى قيادات هذا التيار المعارض داخل الحزب.
ويكشف لنا باعوم بعض التفاصيل عن تلك الخلافات إذ يقول: "بعد المؤتمر العام الخامس للحزب الاشتراكي، وجهت رسالة الى الدكتور ياسين سعيد نعمان، أمين عام الحزب، حول أولويات العمل بعد المؤتمر، وناقشنا الموضوع في المكتب السياسي وقدمت حينها ورقة عبارة عن مداخلة للمكتب السياسي غير أنهم لم يعيروها أي اهتمام". ربما سندرك جيداً الأسباب التي جعلت هذا الرجل –الذي لم يكمل دراسته المتوسطة– يهاجم شخصاً مثل الدكتور ياسين سعيد نعمان –في تصريحات سابقة- ويعتبره مختطفاً للحزب، نافياً عنه شرعية القيادة مثبتاً إياها لمن اعتبرهم القادة الشرعيين في الخارج. وقد تفضي مثل تلك التصريحات وربطها إلى ما جد منها، إلى احتمالية استغلال النظام لقيادات هذا التيار –حتى وإن لم يكن ذلك بطرق مباشرة- بهدف شق الحزب أو على الأقل إضعاف شعبيته الجنوبية التي يرتكز عليها.
لكن باعوم يرفض تهمة وقوعه وأنصاره تحت الاستغلال من قبل النظام لشق صف الحزب الاشتراكي.. يقول:"نحن لا نعمل على شق الحزب الاشتراكي، وإنما نعمل على تنفيذ برنامجه السياسي بعد أن استطعنا تعديله في المؤتمر الخامس لمصلحة إصلاح مسار الوحدة...".
تصحيح الوحدة ليس انفصالا
ذلك ما يعتقده باعوم: أنه وحدوي يناضل لتصحيح مسار الوحدة التي انحرف مسارها بسبب حرب صيف 94م. ولذلك فهو ما برح يؤكد خلال اللقاء بين الحين والآخر" أن الجنوب الآن واقع تحت الاحتلال منذ 7/7/94م". تلك هي المشكلة بنظره، وليست كما يتصور النظام أنه يسعى لفصل الجنوب عن الشمال.. فمن هذه الناحية فهو يطمئن الجميع إذ يؤكد: "نحن متمسكون بقضية الوحدة، لكننا نناضل لتصحيح مسارها فقط".
وفي حقيقة الأمر قد يبدو الاختلاف بين تياري الحزب الاشتراكي غير مبرر؛ إذا ما أدركنا أن الحزب يسعى من خلال أطروحاته وأدبياته وبرامجه، الى تصحيح ذلك المسار عبر مطالبته المتكررة بإزالة آثار الحرب التي حتماً إن أزيلت كما يجب، فإن مسار الوحدة سيُصحح ولكن بعيداً عن تلك الشطحات التعقيدية البعيدة عن الواقع. فمن وجهت نظر باعوم أن إصلاح المسار لن يتم إلا عبر أربع نقاط هي: " العمل باتفاقية الوحدة الموقع عليها بين الحزبين: المؤتمر والاشتراكي، العمل بالدستور المستفتى عليه من الشعب (بمعنى أن الدستور المعدل تعديلين زمنيين، غير معترف به)، العمل بوثيقة العهد والاتفاق(بمعنى إعادة الزمن الى ما قبل 94م حيث الشراكة والتقاسم بين الحزبين)، والعمل بقراري الشرعية الدولية رقم "921" و "931" (وهما القراران اللذان أصدرهما مجلس الأمن أثناء الحرب).
الطريق الى الثورة
 فيما عدا النقطة الأولى، قد تبدو بقية النقاط تعجيزية من حيث الزمن والواقع والنتائج، أما ما تطرحه قيادات الحزب الاشتراكي بخصوص إزالة آثار الحرب، فإنها الأنسب للتطبيق كونها تتعلق بالحقوق السياسية والمدنية.. وهي تلك الحقوق التي انتفض المواطن الجنوبي لأجلها اليوم. غير أن السلطة التي تماطل بتنفيذ تلك الإصلاحات فتحت مجالا لظهور المطالب الأخرى لتسعى بعد ذلك الى اتهام الحزب الاشتراكي بأنه انفصالي. كون بعض قياداته تتقدم الصفوف المنادية بإصلاح مسار الوحدة!! والذي تفسره، بمعنى آخر أنه المناداة بـ"الانفصالـ".
ومع المدى تحققت النتيجة التي حذر منها قائد الحزب الاشتراكي الدكتور ياسين (الذي لم يعد حتى الآن بعد الإعلان عن خروجه خارج اليمن لعلاج والدته). لقد تحولت المطالب الحقوقية الحقيقية، الى صورة أخرى من صور التعبير الشعبي الغاضب لتصبح وكأنها "استفتاء شعبي" على البقاء تحت نير الحكم الشمالي أو الانفصال. حتى وإن كانت هذه الدعوات لا ترتقي لتصبح فعلاً حقيقياً، غير أنها يجب أن تصبح هماً للسلطة لتجاوزه قبل أن يتحول إلى فعل. ومن المهم معرفة أن تجاوزه لا يمكن أن يكون بالقوة التي حسمت حرب 94م، لأن مثل تلك الحروب الميدانية تعجز دائماً عن حسم المعركة بشكل كلي إن لم ترافقها ترميمات في النفس المجروحة وإصلاحات سريعة تشمل أدق تفاصيل الحياة المعيشية. غير أن السلطة ما زالت تصر على المضي في اتجاه مغاير لما يجب أن تقوم به. الأمر الذي يساعد على ظهور رموز وأبطال جنوبيين مثل النوبة وبامطرف وغيرهم ممن استغلوا سير السلطة في الاتجاه الخاطئ ليحققوا ما عجزت عن تحقيقه الحرب.
ومؤخراً قرأت "مانشيت" لصحيفة مستقلة تصدر في حضرموت يقول فيها شخص يدعى بامطرف ما معناه:" أنهم عملاء للخارج وإنهم سيستلمون المبالغ من الخارج ليناضلوا في الداخل من أجل الاستقلالـ".
- ربما تكون السلطة فعلا قد دعمت بعض القيادات الجنوبية من أجل حرف عجلة الصراع ضدها بالطرق القانونية المميتة، إلى ما يمكن اعتباره محرماً في الدستور، من أجل أن تصبح قادرة على قمعه في أي لحظة بالقوة. وبالتالي القضاء على الطرق القانونية للمواجهة مع نفس الموجة وفي نفس الاتجاه... غير أن النظام إن كان فعلا يقوم بذلك، فإنه لن يستطيع السيطرة على نتائجه على الدوام لأن القيادات تصنع من القواعد التي تُظهر كل يوم قائداً جديداً خارج حلبة الارتهان والاستغلال، قائداً يناضل بصدق في سبيل ما يعتبره ظلماً واحتلالا فعلياً لا تمثيل..!! وتلك الصناعة تتكون من تصريحات نارية مثل تلك التي يطلقها باعوم الذي يعتبر أن الجنوب "ما يزال يعيش حتى الآن احتلالا مكشوفاً من قبل الجمهورية اليمنية"، ويساندها واقع استفزازي فاسد يعمل كمحفز للغضب الكامن في الأعماق. الغضب الذي يستجر الماضي والحرب وصورة احتفالات المنتصرين على جراحات الهزيمة التي لم تطل صناع قرار الانفصال فحسب، لكنها تعدتهم اليوم لتطال كل جنوبي سُرقت أرضه، وكل جنوبي لا يجد ما يأكله أو مسكناً مناسباً يحميه من العراء أو باحثاً عن وظيفة قلما يجدها بينما ينفح الواقع بفساد إداري ومالي صارخ!!
 
 
 
***
 
 

من ينقش صورة البطل
 
 
لقد تحول باعوم الى صورة ذهنية كزعيم كبير في عقلية أبناء الجنوب. أولئك الذين ظلت ممارسات النظام تصيبهم بالإحباط والشعور بالغبن على مدى سنوات بعد الحرب (94م). ظل أبناء الجنوب ينتظرون البطل المخلِص مما ارتسم في أذهانهم أنه "احتلالـ". لم يكن أحد منهم باستطاعته أن يواجه تلك الممارسات المختلة، المختلفة، باعتباره "احتلالا" بشكل صريح. على الرغم أن الزائر العادي من المحافظات الشمالية إلى"حضرموت" أو "عدن" أو "الضالع" لم يكن من الصعب أن يلحظ أو يسمع توجيه التهم إليه علناً بأنه "دحابشي محتلـ" وظل ذلك يختلج بشكل نكات ثم تحول - على مدى العشر السنوات الماضية - الى صراع حقيقي على الأرض، لتتصاعد حدته خلال الثلاث السنوات الأخيرة بشكل أكبر..!!.

- خلال فترة ما بعد الحرب بدأت حقبة السلب والاستيلاء على الأراضي في المناطق الجنوبية من قبل متنفذين في النظام والسلطة. رافق ذلك ظهور معظم الاكتشافات النفطية في المناطق الجنوبية (80 % من النفط من هناك، بينما 90% من عائداته لا تصل الى هناك). وخلال تلك الفترة أيضا تم إحالة ضباط الجنوب والصف والجنود إلى التقاعد، لاسيما أولئك الذين اعتقدت السلطة أنهم يتبعون الحزب الإشتراكي (الطرف المهزوم في الحرب)، ومع تلك العملية تم الإستعاضة عنهم بضباط وصف وجنود شماليين. كما تم زيادة عدد المعسكرات ونقاط التفتيش بين المدن...الخ. ووجد المواطن نفسه هناك، محاطاً من كافة الاتجاهات برئيس منطقة عسكرية من خارج أبناء منطقته(شمالي في الغالب، والأغلب من صنعاء وما حولها)، كما وجد كل المفاصل المهمة يتحكم بها أشخاص آخرون من غير أولئك الذين كان يعرفهم – على الأقل إلى ما بعد الوحدة بأربع سنوات – ووجد أن من يدير الأمن في محافظته، ومن يأمر بصرف أراضيها، ومن يمنحه الوظيفة العامة ويتحكم بأكله وشربه.. كلهم من غير أبناء منطقته..!! بعيداً عن تهمة المناطقية، فإن طبيعة الإنسان أنه يشعر بذاته وأمنه وحرية تحركاته أو قدرته على التكيف والقبول أكثر، حينما يتحكم بكل ذلك شخص من أبناء منطقته. بل إن عدم وجود ذلك من شأنه أن يستحث لدى الإنسان عصبيته لأبناء منطقته. وتزداد تلك الحالة مع انتشار الظلم والفساد أو مع وجود أشخاص غير أكفاء لإدارة شؤون حياته، لم تكن لتأتي بهم غير القرابة أو العصبية.
- في حضرموت – مثلاً- آتتني الشكوى في ذلك، ممن لم أكن أتوقع أنه سيتحدث بهذا الأمر. قال: إن حضرموت يتسيد على مفاصلها من هم خارج أبنائها: المحافظ، مدير الأمن،قائد المنطقة، مدير الضرائب، مدير الجمارك، مدير مصلحة الأراضي... الخ. كلهم من غير أبناء حضرموت.!!
 بل إن بعضهم أصبح يشك بنوايا السلطة السلمية حينما عمدت الى تغيير أحسن محافظين عرفتهما حضرموت: صالح عباد الخولاني، وعبد القادر هلال. قال لي الرجل: حينما عين الخولاني، استطاع أن يكسب حب وتعاطف أبناء حضرموت لسلوكه أولاً، ولما قدمه من إنجازات ثانياً. وحين جاء هلال استطاع أن يغير من فكرة الناس هنا من "أن القادم لن يكون أفضل من الراحلـ" وطغت حسنات هلال على الخولاني. غير أن التغيير الأخير أحبط الناس وجعلهم يشكون بنوايا السلطة أنها ربما تريد معاقبة حضرموت.."
 ما أريد الوصول اليه هنا:إن أبناء المناطق الجنوبية أمام كل تلك الاختلالات – بقصد أو بدونه - باتوا يحلمون بالبطل المخلِص، حتى استطاعت السلطة أن تهديهم إليه. لقد كان "حسن باعوم" شجاعاً ليقوم بالدور، ومحظوظاً حين اعتبرته السلطة خطيراً عليها وعاقبته بالحبس في سبيل أنه سعى لإبراز القضية الجنوبية واعتبر أن كل ما ترتب عن حرب 94م باطلاً وبحاجة الى تصحيح. ووصف الوضع الحالي أنه عبارة عن احتلال للجنوب. وحين يتحدث شخص حول تلك القضايا علناً دون أن يخشى الاعتقال، فإنه يكون قد لامس جراحا كثيرة ما تزال مفتوحة ولما تندمل بعد. فيتعلق به المجروحون كـ"بطلـ" مخلِِِِِِص. وبالفعل كان باعوم هو المناضل الذي غضب في وجه النظام السيئ وصارحه في وجهه دون خوف، وعزز من تلك الجماهيرية أن قاده النظام – الذي ارتسم في أذهانهم أنه "محتل وظالم" – الى السجن بسبب دفاعه عن قضيتهم.!!
وحين زرنا الرجل بعد إطلاق سراحه الأخير عرفنا أن منزله تحول الى مزار من قبل صغار وشباب حضرموت قبل مشائخهم وكبرائهم. ويقول ابنه "فادي" إن التلفونات لا تتوقف وكلهم يريدون التحدث إليه.
وقبل يوم من الزيارة يقول باعوم:" كنت على موعد للحديث تلفونياً أمس الجمعة مع اعتصام جماهيري لمعارضين يمنيين في أمريكا، غير أن تلفونات المنزل والنقال تعطلت فجأة حتى صباح اليوم السبت".
- كرجل شجاع بدأ الخطوة الأولى فوجد تفاعلا من المحيط حوله، فاستمر متقدما.. لا يخشى باعوم تهديدات الرئيس التي رافقت إعلانه إطلاق سراحه تحت شرط "التخلي عن أنشطته الانفصالية"، وحين ذكرته بالشرط قال:" سنواصل النضال من أجل تصحيح مسار الوحدة، دون أن يخيفنا الرئيس بكلماته".
 وأثناء ما كنت أحاوره، أنا أيضاً - وبشكل ساذج - بدت لي صورة باعوم، وكأنه المخلص الذي ستنتشر بطولاته في أنحاء الجمهورية لتصل إلينا. لقد أكد لي ذلك بنفسه حين تحدث عن ثورة أكتوبر التي أراد النظام أن يطمس هويتها حين سعى لمنع الجنوبيين من الاحتفال بها في ردفان والضالع ولحج وعدن وقتل في سبيلها أربعة شهداء في 13 أكتوبر الماضي قال لي:" إنهم يحاولون طمس ثورة 14 أكتوبر بتلك التصرفات. مع أنها كانت ثورة ولم تكن انقلاباً". لم أكن لأستطع التوقف عند هذه الكلمات للتفكير فيما كان يرمي إليه من خلالها بوصفها ثورة وليست انقلاباً. ذلك أن ما بعد ذلك الوصف هو ما شكل الأمل لدي.. حين واصل الرجل حدثه قائلاً: ".. إن روح ثورة 14 أكتوبر ما زالت "تجوس" في الجنوب وإن شاء الله ستصل الى كافة أنحاء الجمهورية...".
بدا لي الرجل أكثر قوة بخلاف جسده المنهار الذي خذله حينما حاول أن يقف عليه لتوديعنا فكاد يسقط. إنه لا يستطيع تحريك جسده أو الوقوف عليه إلا بصعوبة، لكنه كان في حديثه أكثر مقاومة للضعف الذي يعتلل جسده. وليس هناك أقوى من إجابته حين سألته عن إمكانية مقابلته الرئيس إذا استدعاه في إطار التفاهم والحلول.. بكلمات قوية وحاسمة رد: " ليس بيني وبين النظام أي لقاء قبل أن يتم تنفيذ كافة مطالبنا". توقف وكأنه انتهى من الإجابة..و بينما لم استطع أنا توجيه سؤالي اللاحق بسبب غياب تركيزي أسعفني هو باستدراكه: " أما ألآن في الوقت الحالي، فلا يمكننا أن نلتقي. وليحدث ما يحدث"!!
 
 
 
***
 
 
 
حوار مع رجل لا يخفي شيئاً..!!
 
 

"حسن باعوم" الذي أطلق سراحه الجمعة الماضية بعفو رئاسي "مشروط"، لم يكن حريصاً على نفسه من تصريحاته التي قد تكسر شرط بقائه خارج السجن. لم يكن خائفا من أحد.. وفيما يبدو، كان كمن يقترب من نهايته ليس بتصفيته من خارج جسده، إنما من جسده الذي لن يقدر على حمله طويلاً. كان متعباً وعاجزاً عن حمل نفسه بشكل مناسب.. لكنه كان قوياً في داخله. فهل هناك علاقة ما، بين ضعف الجسد وقوة النفس.
 زرته في منزله في المكلا السبت الماضي وأجريت معه حواراً مطولا لصحيفة"النداء"حول كل ما أزعم أنه يمكن أن يعتبر مهماً في الوقت الراهن.
 على أني كنت سأكتفي بتفصيل هذا الحوار الى مقاطع صغيرة بعناوين جانبية، أتطرق فيها بالتحليل إلى بعض تفاصيله والاستدلال بين سطور التحليل بالتصريحات التي أدلى بها في محاولة للمزج بين التقرير والقصة الخبرية والتحليل – كما قد فعلت ذلك في بقية أجزاء هذه المادة الموزعة على الصفحات – لكني عجزت عن الاكتفاء بذلك، حين قررت هنا نشر هذه المقتطفات والأجزاء الهامة من الحوار بصورته المعتادة بالإضافة الى المادة المستقاة منه. وذلك لكون نشر الحوار بهذه الصورة قد يكون الخلاصة الأفضل بالنسبة لرجل مثل "باعوم"، لم يكن لديه ما يخفيه، وهذا ما ستعرفونه هنا:
> استجاب الرئيس للدعوات المتكررة في العفو عنكم واشترط عدم العودة لنداء الانفصال،ما تعليقكم؟
– أنا أعتبر أن دخولي السجن وخروجي منه عبارة عن مسرحية.
> سمعنا أنك تعاني من أمراض كثيرة، وأن السجن يؤثر عليك..؟
– نعم لدي أمراض متعددة مثل:القلب المفتوح، ضغط الدم، السكري،وقصور في وظائف الكلى.
> هل تعرضت للأذى أثناء فترة اعتقالك؟
– لدي تحفظ على الأسلوب والطريقة التي تم بها اعتقالي. فهي طريقة تعكس عدم ثقة النظام بنفسه، وتكشف أنه نظام خائف من كل شيء. اعتقلنا في أول سبتمبر وحشرونا بطريقة مسرحية في السجن دون اتخاذ أية إجراءات قانونية. حتى مدير السجن لا توجد لديه أية أوراق تأمر بوضعنا في السجن..!! وحين أضربت عن الطعام زارنا نائب النائب العام (البدري) وكان يتكلم معي بأسلوب غير لائق بشخص بهذا المنصب. تحدث معي وهو واقف فوقي، وحتى لم يخلع حذائه فوق الفراش. لم يحترم الموقف الذي هو فيه.
> بعد إطلاق سراحكم، هل ترى أن شيئاً تغير؟
- المشكلة ما زالت قائمة، فالبلد ما يزال معتقلاً منذ 7/7/1994م، الذي حدث فقط أننا خرجنا من سجن صغير إلى سجن كبير.
> كيف؟
- النظام مازال يعربد في كل مكان، ويتصرف كيفما يشاء، ولاشيء تم الاستجابة له أبداً من مطالبنا.
> ما هي مطالبكم؟
- هي ما زالت نفسها مطالبنا السابقة.
> و ماهي بالضبط؟
- بعد حرب 94م عاش الجنوب في وضع احتلال مكشوف من قبل الجمهورية اليمنية ومن حينها ونحن نطالب بتصحيح مسار الوحدة من خلال أربع نقاط هي: إعادة العمل باتفاقية الوحدة، العمل بالدستور المستفتى عليه شعبياً، إحياء وثيقة العهد والاتفاق، والعمل بقرارات الشرعية الدولية (921، 931).
> لكن هذه المطالب جعلت السلطة تتهمك بالإنفصال.
- نحن مطالبنا واضحة كما ذكرتها، وسنظل نناضل لأجلها حتى تتحقق.
> كان قرار العفو الرئاسي مشروطاً بالتوقف عما تسميه أنت بالنضال، بينما تسميه السلطة "دعوة إلى الانفصالـ".
- نحن سنمارس نضالنا وسنمضي فيه بحسب قناعاتنا ولن تخيفنا خطابات الرئيس أو غيره، لأننا مقتنعين أننا نناضل من أجل تحقيق قضايا مشروعة.
> حتى في الدعوة للانفصال كما حدث في بعض المحافظات هنا في الجنوب!
- أبناء ردفان احتفلوا بثورة أكتوبر فتصدى لهم النظام بالسلاح واستشهد منهم أربعة، وقبلها استشهد 2 في الضالع وواحد في حضرموت.
ونحن نعتبر الجنوب محتلاً وما حدث في ردفان في 13 أكتوبر الماضي هو محاولة لطمس هوية ثورة أكتوبر التي لم تكن انقلابا وإنما ثورة. لكنا نؤمن أن تلك المحاولات لن تنجح لأن الشعب سيفشلها. فروح ثورة 14 أكتوبر ما تزال تجوس في الجنوب، وإن شاء الله ستستمر هذه الثورة لتصل كافة أنحاء الجمهورية.
> ما زلنا نريد منك توضيحاً أكثر لموقفك من الوحدة، خصوصاً أنك متهم بأنشطة انفصالية.
- نحن متمسكون بقضية الوحدة.. لكننا نطالب بتصحيح مسارها بعد الذي طالها من انحرافات بسبب حرب 94م. ولن يتم ذلك إلا عبر تنفيذ مطالبنا السابقة. والتي يجب أن نتوصل إليها عبر حوار صادق ومخلص.
> لكن هناك من تجاوز تلك المطالب التي حددتها للمطالبة بالانفصال أو لنقل إن تلك المطالب أصبحت حجة لدعوات مثل هذه!
- لا.. نحن نعتبر أن ما يحصل الآن في بقية المحافظات هو استجابة للقضايا المطلبية التي ينادي بها أبناء الجنوب. وهي مطالب محددة وواضحة.
> أنت متهم بالعمالة للخارج واستلام أموال مقابل ما تقوم به.
- لم استلم دعماً من الخارج إطلاقاً. وهذه التهم لن تثنيني عن مواقفي من أجل إصلاح مسار الوحدة.
> ما سبب تلك التهم إذن؟
- طبيعة النظام لأنه متخلف، ولا ينظر إلى الأمور بمنظار صحيح، فهو يعتقد أن هناك جهات خارجية تحركنا، فيما كان الواجب عليه أن ينظر إلى الحقيقة التي تقول إن الشعب لديه قضية حقيقية يجب حلها، وأن عقلية "جوع كلبك يتبعكـ" قد أكل عليها الدهر وشرب.
> كيف وصلت الأمور إلى هذا المستوى من تبادل الاتهامات وإلباس الآخر لباس الانفصال؟
- عندما قامت الوحدة.. الشعب كله "هللـ" لها، لكن الغدر والإهانة أوصل الأمور إلى ماهي عليه اليوم.
> في حالة أن دعاكم الرئيس للجلوس في طاولة الحوار للوصول إلى حلول مشتركة حول تلك القضايا، هل ستستجيب؟
- لن نلتقي معه إلا بعد تنفيذ مطالبنا المحددة أولاً.
> هذا يفاقم الأزمة ولا يحلها.
- مطالبنا محددة وواضحة ولن نلتقي مع النظام الحالي إلا بعد تحقيقها.. وليحدث ما يحدث. ونحن نعتبر كل الذين خرجوا مظاهرات ومسيرات واعتصامات من أجل تلك المطالب، وسقطوا برصاص النظام أنهم في عداد الشهداء.
> أنت قيادي في الحزب الاشتراكي، وهناك خلاف بينك وبين الحزب حول هذه المطالب، ماهو بالضبط وجه الخلاف؟
– بعد المؤتمر العام الخامس للحزب وجهت رسالة إلى د. ياسين سعيد نعمان حول أولويات العمل بعد المؤتمر. وناقشنا الموضوع في المكتب السياسي وقدمت لهم ورقة عمل ومقترحات لدراستها، لكنهم لم يعيروها أي أهتمام!
> هناك من يقول إن النظام يستغلك و" تيار إصلاح مسار الوحدة" لشق الحزب الاشتراكي، ما تعليقك؟
– نحن لا نعمل من أجل شق الحزب، وإنما نعمل لتنفيذ برامج الحزب. والمشكلة أننا استطعنا أن نعدل في البرنامج السياسي للحزب من أجل إصلاح مسار الوحدة. ونحن الآن نناضل داخل الحزب لتنفيذ ذلك.
> أحزاب المشترك تقوم بأنشطه وفعاليات في مختلف محافظات الجمهورية... وضمنها تطالب بإزالة آثار حرب 94، ما العلاقة بينكم وبين أحزاب اللقاء المشترك؟
- نحن نرحب بكل نشاط ينطلق من نفس منطلقاتنا شريطة أن يكون مبني على الأسس التي نحن سايرون عليها.
> المشترك يطالب بمواجهة النظام الفاسد، لكنه يرفض دعوات الانفصال.
- نحن لسنا ضد الوحدة، لكننا نناضل لتصحيح مسارها وأسسها.
> عند تشكل اللقاء المشترك كنتم ضمن المعارضين له، هل يعود هذا إلى وجود حزب الإصلاح الذي كان شريكاً للنظام أثناء الحرب؟
– الإصلاح كحزب ليس لدي عليه أي شيء، ولدي علاقة جيدة مع قياداته.
> وبقية الأحزاب.
– أتعامل مع الأحزاب الأخرى بشكل طبيعي كأي حزب سياسي في الساحة ونرحب بأي دعم لقضيتنا سواء من ألأحزاب أو من الأفراد كأفراد. مثلاً نحن في حضرموت شكلنا لجنة للتسامح والتصالح ودعونا كافة الأحزاب للانخراط فيها. وفيها قيادات من الإصلاح.
> إذن لماذا تبدو كمتهم رئيسي في الصراع بين السلطة والمعارضة؟
– أعتقد أن هناك من يحاول أن يلبس مواقفي ظلالا حتى لا تكون واضحة.
> هل ما زلت على تواصل مع الخارج؟
– كنت في السابق، أما الآن فلا يوجد.
 

***
 
 

باعوم يحكي
 
 
من هو باعوم في فترة طفولته؟ ومراحل النضال؟
أردنا أن نعرف من باعوم بعض تفاصيل حياته.. فتحدث إلينا الرجل بكل شفافية، لكن باختصار شديد. وهنا سنورد ما قاله عن نفسه كما ورد على لسانه.
مرحلة الدراسة
- بينما كان والدي مغترباً في الحبشة، كنت أنا أدرس في المرحلة الوسطى بمدينة عدن. حضر والدي لأخذ العائلة معه والعودة إلى الحبشة. حينها فكرت في السفر معه، كي أكون عوناً له وأواصل دراستي هناك، لكن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن؛لم أتمكن من السفر معه، وظللت منذ تلك الفترة في مدينة عدن مند العام 1960م.
مرحلة النضال
- بدأت في عدن بالمشاركة في عملية الزحف المقدس التي قادها الأصنج الى المجلس التشريعي.
- انضممت إلى ثورة (14) أكتوبر بعد قيامها.
- كونا الخلايا وكانت خليتنا في مدينة كريتر من أنشط الخلايا.
- استقرت تجربتي النضالية في كريتر حتى جلاء أخر جندي مستعمر..