مجهولون يتوعدون محرريها بالإخفاء القسري.. «النداء» أمام النيابة بسبب ملف المعسرين
وجه المحامي الأول بمكتب النائب العام رئيس نيابة جنوب غرب الأمانة بالتأكد من شكوى السجين سام «أبو أصبع» الذي يقبع في السجن المركزي منذ سنتين، ولم يفرج عنه رغم اكتفاء حكم المحكمة بالمدة التي أمضاها في سجن «عُلاية» الاحتياطي (9 أشهر).
وتضمن التوجيه -إلى جانب النظر في الشكوى- «التأكد من تصرف النيابة، والتوجيه بما يلزم».
وكان النائب العام تلقى أمس رسالة من «سام» يشكو فيها عضو نيابة جنوب غرب العاصمة الذي رفض خمس ضمانات حضورية، وقال فيها: «ارجو، منكم الإفراج عني، حيث وأنا محكوم بالاكتفاء بالمدة 9 أشهر والإفراج عني بالضمان حسب الحكم».
وأفادت أسرة سام أن عضو نيابة جنوب غرب، علي عبدالجليل، رفض كل الضمانات المقدمة إليه «وشطب على بعضها بقلمه» بزعم أنها غير كافية في تغطيتها مبلغ العجز، رغم أن اثنتين منها لمقاولين معروفين، وأخرى من وكيل إحدى الوزارات (رفضها الأسبوع الماضي).
إلى ذلك شكا عضو نيابة جنوب غرب، علي عبدالجليل، صحيفة «النداء» إلى نيابة الصحافة والمطبوعات. وتلقى الزميل رئيس تحرير تكليفاً بالمثول أمام النيابة لسماع أقواله بشأن شكوى عضو النيابة.
وكانت الصحيفة نشرت الأسبوع الماضي مأساة سام أبو أصبع، وعرضت إلى تعنت عضو النيابة ضده، ورفضه إطلاق سراحه رغم قيام أسرة سام بتوفير ضمانات حضورية عدة.
وقال مصدر قانوني في هيئة الدفاع عن المحتجزين لـ«النداء» إن تعنت عضو النيابة قد يكون مرده عدم قدرته على التمييز بين الضمان الحضوري والضمان الحضوري المسلَّم.
.. ومجهولون يتوعدون محرريها بالإخفاء القسري
أوصت ندوة العدالة الانتقالية والنوع الاجتماعي، التي عقدت في صنعاء الأسبوع الماضي بضرورة تشجيع قيام شبكات نسوية وطنية لأسر المختفين قسرياً في البلدان العربية.
ودعت إلى الضغط على الحكومات العربية من أجل إصدار قوانين تمنع الاختفاء القسري، وتتشدد في العقوبات الصادرة بحق المتورطين في عمليات إخفاء داخل الأجهزة الأمنية وخارجها.
المشاركون في الندوة التي نظمها منتدى الشقائق العربي والمركز الدولي للعدالة الانتقالية، على مدى 3 أيام في صنعاء، حثوا أسر المختفين قسرياً على تبليغ المجتمع والأجهزة القضائية بذويهم المختفين. كما أوصوا بنشر عمليات الخطف والاختفاء القسري في وسائل الاعلام المحلية، ومقاضاة الأشخاص المتورطين في الانتهاكات، ومحاكمتهم علناً، مع طلب التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية الناجمة عن عمليات الاختطاف والإخفاء القسري.
الندوة التي خصصت جلسة كاملة لعرض التجربة المغربية في الإنصاف والمصالحة، أوصت بنشر هذه التجربة في العالم العربي، من خلال الوثائق والدورات التدريبية.
واستمع المشاركون في الندوة إلى مداخلة من رئيس تحرير صحيفة «النداء»، تناولت حجم ظاهرة الإختفاء القسري في اليمن قبل الوحدة وبعدها، والآثار الخطيرة الناجمة عن تجاهل مأساة أسر الضحايا من قبل القوى السياسية في الحكم والمعارضة، وكذا تغييب مطالب أسر المختفين من أجندات المنظمات الحقوقية اليمنية.
على صعيد آخر، تلقت صحيفة «النداء» اتصالات عديدة من مجهولين خلال الأسبوعين الماضيين، تحذر من مغبة الاستمرار في نشر ملف المختفين قسرياً.
أغلب التهديدات تلقاها الزميل فهمي السقاف، الكاتب الصحفي المشارك من عدن في تحرير مواد للملف. واعتمد المهددون، الذين استخدموا مراكز اتصالات في عدن، مفردات بذيئة تنطوي على تحريض مناطقي ضد الصحيفة ومحرريها وكتابها. وتضمن آخر تهديد تلقاه الزميل السقاف مساء الأحد الماضي وعيداً صريحاً بالعقاب، إذ قال المتصل للسقاف: «ما معك أنت وصاحبك(…)!؟ هل انتم وكلاء آدم في ذريته»، قبل أن يضيف: «سترون ما سيحدث لكم!»، وكان متصل آخر توعد رئيس تحرير الصحيفة ومحرريها بالاختفاء القسري في حال استمروا بنشر الملف. وبعد أن أطلق جملة من البذاءات ختم تهديده قائلاً: ستكونون يا أصحاب (…) مختفين قسرياً، وما بتلاقوش من يفتح لكم ملفات للكتابة عنكم».
ووصف متصل ساخط، المختفين قسرياً خلال حرب 1994 بأنهم نكرات. واستنكر أن تنشر «النداء» قصصهم، قائلاً: «ما فعلوا هؤلاء؟ وماذا قدموا للوطن؟»، ثم انهال بالسباب على محرري «النداء» «العملاء الذين يديرهم أسيادهم من الخارج».
صحيفة «النداء» إذ تنشر عبارات التهديد أعلاه، فقد استقطعت من أقوال المتوعدين المجهولين المفردات ذات الدلالات المناطقية، وذلك التزاماً بقواعد النشر فيها التي تحظر على الصحيفة نشر أية مواد تنطوي على تمييز عنصري أو مناطقي أو مذهبي.