تكريم الرئيس الأفروآسيوي - حافظ البكاري

تكريم الرئيس الأفروآسيوي - حافظ البكاري

بعد أن أسدل الستار على فصول الفيلم الكوميدي "التنحي" أعتقد أن الفيلم الجديد الذي ستبثه شاشات تلفاز صنعاء هو "تكريم الزعيم الأفرو آسيوي"من قبل منظمة ميتة من بقايا حركة عدم الانحياز و لم يتبق منها الا اسمها ورئيسها الأبدي محمد مجدي مرجان ودفتر رسائل يستجدي بأوراقه الشخصيات العربية لتكريمها مقابل مبلغ من المال يعينه على العيش الكريم في نظره، لكن أغلب الشخصيات التي عرض عليها التكريم فضلت منحه المال مقابل عدم الاساءة إليها بالتكريم.
لم تكن هذه بداية مقالي الذي كتبته على ظهر الطائرة وأنا عائد من تونس عبر القاهرة وذلك عما يسمى منظمة الكتاب الأفروآسيويين وما أعلن من فضيحة اختيارها قبل أشهر الرئيس علي عبد الله صالح شخصية العام 2006 قبل أن يكتمل ربع العام.
لكن ما حصل هو أن حماة أمن البلد في مطار الأمن السياسي والوطني أخذوا مسودة المقال ضمن وثائقي ودفاتري التي لم تعدها التوجيهات التي صادرتها حتى اليوم فقد كتبت المقال مدافعا عن الرئيس ومؤكدا أنه لا يستحق الاساءة من خلال هذه الجائزة الفضيحة. لكني أعتقد أن الوقت مختلف الآن ومناسب جدا لتسليم الرئيس صالح الجائزة التي كان من محاسن الصدف تجديد إعلانها أمس في القاهرة فأعتقد أنه جدير بهذه الجائزة بعد أن ضحى كل هذه التضحية وقبل بالترشح مرة أخرى، فكما يقول العرب: "وافق شن طبقة". أو بالمصري: "التم المتعوس على خايب الرجا".
لا أظن الرئيس علي عبد الله صالح أو مستشاريه المحبين اتصلوا باثنين او ثلاثة من الزملاء الصحفيين المصريين المحترمين، وهم كثر، بدلا من مجاراة محاولة الاسترزاق بهذا التكريم الرخيص حتى ولو ببيع مكانة وشخصية الرئيس كونه لن يدرك ذلك ولا يمكن أن يتنبه للفرق بين أصلي ومزور وبين منظمة حاضرة وفاعلة ومرموقة ومسمى منظمة لم يعد لها حضور يذكر، المهم الفائدة الشخصية وكله أفروآسيوي والمهم يصرف المبلغ من الخزينة العامة وكله يأخذ حقه دون حياء حتى مما يمكن أن يقوله الآخرون عنا.
لا أريد أن أتحامل على الرجل فهو، كما يقول المصريون غلبان وعايز يعيش، لكني أحسست بالإهانة حينما قال لي أحد الزملاء الصحفيين المصريين عندما سألت عن المنظمة: "كتاب أفروآسيويين إيه يا حبيبي؟ دي فضيحة بجلاجل بس ممكن تصلح للريس بتاعكو لانه شكله عنده عقدة تكريم!!!..". أعتقد أنهم لم يدركوا أن هناك من يتبنى مثل هذه التفاهات ويصورها -ربما من أجل مصلحة خاصة- وكأنها انجاز عظيم فيقبل بها كون من الصعب على الرئيس فهم تفاهتها.
ولذلك وصلت التفاهة أن يتم تضخيم الجائزة لتتسابق مؤسسات عامة وخاصة على تهنئة الرئيس وبصفحات كاملة في الصحف، بل والمخزي في الأمر ما نشرته صحيفة «الجمهورية» في فبراير الماضي وجاء فيه" سيتم خلال الاحتفالية التي يتوقع أن يحضرها عدد من الزعماء العرب والأفارقة تقليد فخامة الرئيس علي عبد الله صالح درع المنظمة وتسليمه جائزة العطاء الوطني تقديرا من المنظمة لدور فخامته في دعم الأدباء والكتاب ورعايته الرائدة لحرية الرأي والتعبير وإسهاماته في الدفاع عن القضايا العادلة للأمة وجهوده المؤثرة في دعم استقرار المنطقة ودول القرن الأفريقي وتعزيز التضامن العربي وحل النزاعات الأفريقية" أنا شخصيا أتمنى أشوف الاحتفالية والزعماء العرب والأفارقة الذين سيحضرون الاحتفالية وأتمنى أن يكون في مقدمتهم الرئيسين الصومالي والليبي اللذين تفردا، من بين القادة كلهم، في مناشدة الرئيس الترشح للرئاسة كمان وكمان..
لقد لفت انتباهي الشهر الماضي في القاهرة التحديثات التي تجري على منزل الرئيس صالح الخاص الكائن في حي المهندسين الراقي والمبني على الطراز اليمني وبمواد نقل بعضها بالطائرات من اليمن وقلت في نفسي ربما يكون الرئيس جادا في مسألة التنحي وبالتالي سيعيش بعض ما تبقى من عمره فيه وقلت ربما يكون هذا التكريم فيه وربما كنت سأجد مبررا أكبر في الدفاع عن الرئيس بأن هذا التكريم من هذه المنظمة الميتة لا يليق به ولكن بعد تطورات السبت اعتقد الأمر يختلف.
اعتقد الموضوع لا يحتاج لتفصيل أكثر ولكن هناك عدة اسئلة بديهية وملحة: من هم أعضاء المجلس الأعلى للمنظمة الذي منح الجوائز؟ ومتى اجتمع؟ ومتى قرر وكيف حكموا بأن الرئيس صالح شخصية عام 2006 في بداية مارس؟ وكم ستدفع الخزينة مقابل التكريم العالمي للشخصية العالمية ومتي سيكون التكريم؟ ومتى سيرسلون للجماعة بالتذاكر على الدرجة الأولى ليأتوا لتسلم الجائزة؟ وسؤال آخر: تقولوا هل من الممكن للرئيس هذه المرة أن يتراجع عن قراره ويرفض الجائزة؟ أم أنه سيقبلها على مضض، مثلما قبل الترشح، وإن كان هناك فرق حيث أنه لا أحد من القادة العرب المعاصرين يقبل تكريم هذه المنظمة الميتة مقابل مبلغ من المال.... ليت الزملاء الصحفيين المصريين يشهدون هذا الحدث!!.