امرأة ضمن العشرة الأوائل.. عن جلسة سجال بين شيخين وثلاث نساء

امرأة ضمن العشرة الأوائل.. عن جلسة سجال بين شيخين وثلاث نساء

- علي الضبيبي
قبل قليل من اشتباك ثلاث إصلاحيات من المؤتمرين، بالشيخ الصادق، كان ياسين عبدالعزيز قد خصص عشرين دقيقة للحديث عن الاخوة باعتبارها «أحد الإشعاعات الإيمانية».
الجلسة كانت ساخنة قبل أن يأتي دور الصادق. لكن اليدومي كان يديرها، وياسين بجواره.
بدأ أربعة أعضاء ملاحظاتهم اللاذعة على تقرير رئيس الهيئة العليا. حتى جاء دور محمد الصادق في الكلام، أخذت المناقشات اتجاهاً آخر. وقبل أن يتوجه الأخير لاستلام «الميكرفون» نبه اليدومي مخاطباً الجميع: «نرجو من الاخوان الإختصار في ملاحظاتهم».
بدا الصادق متماسكاً وواثقاً من نفسه وفيها شيء على التقرير. «من قراءتي لهذا التقرير اجد أنه لا يعبر عنَّا تعبيراً كاملاً كحركة اسلامية»؛ معتبراً خلوه من الآيات القرآنية والأحاديث إحدى أهم مآخذه عليه. وأيضاً: «المرأة مهمتها في البيت». وتساءل -وعن شماله ما يقرب من 700 عضوة اصلاحية تشرئب أعناقهن للترشح الساعات القادمة، وعلى المنصة واحد نادراً ما تراه مبتسماً: «إذا خرج الرجل والمرأة إلى السياسة فمن للبيت؟!» متعجباً. وأنهى كلامه تجاه المرأة بنقد الموسيقى التي حضرت بالأمس في جلسة الإفتتاح، مع الأناشيد.
اروى، هند، ونجاة، كُن في منتصف خط الدفاع، وعلى أهبة الاستعداد لصد الهجمات، معززات بعديد تصفيقات حارة هزت أرجاء «أبولّو»، وبعض تكبيرات أيضاً.
أولاهن: «نريد مشاركة سياسية أكبر عن طريق منحنا فرصة الترشح...». والثانية (هند العبيدي) في ذات الموضوع رداً على الصادق: «المنظمات ستأتي بنفسها وتجتمع إذا لم ندخل نحن ونقتحم». لكن لم تحظ بتصفيقات كأروى، وإن انتزعت ثلاث تكبيرات عالية بعد أن طلب اليدومي من المؤتمرين وهو يشاهد الحماس يزداد: «أرجوكم استبدلوا التصفيق بالتكبير» وقاد موجة تكبير هو بنفسه، الأمر الذي أعاد لبعض المشائخ الثقة بإسلاموية الهتاف.
لكن الميكرفون ما يزال في حوزة النساء غير أنه هذه المرة في يد قيادية مخضرمة (نجاة البنا) حاولت اقتباس شيء من برنامج الحزب: «نحن نقرأ في البرنامج السياسي ان التجمع لن يسير إلا بالرجل والمرأة على السواء...» وفقط مكتفية، وبذكاء، عادت، بصورة غير مباشرة، للانتباه إلى قضايا هي اكثر أهمية عند الأعضاء، كمن يحاول الخروج من دوامة جدل قد يفضي إلى ما لا تحمد عقباه. «أين الدائرة الاقتصادية في التقرير؟!»، تساءلت، ودحرجتهم إلى التفكير في مشروعات صغيرة «نستثمر فيها تتبناها الدائرة»، مطالبة الاصلاحيين وقيادتهم بضرورة المواكبة الحقيقية لمستجدات العصر.
انتهت المداخلات النسائية الثلاث، وعاد النقاش إلى التقرير. لكن الدكتور عبدالرحمن الخميسي الذي لم يعد قادراً على امتصاص حنقه، طلب التعقيب، ومباشرةً صوْب احداهن والقاعة: «ما رأيت عالماً من علماء الأمة يقول كلمة حق ويصفق هكذا ضده فرحاً». واسترسل في لومه الجميع وبالذات المتحدثات: «نحن تربينا على احترام العلماء»، قاصداً الصادق، ومؤيداً له في فتواه، «نعم المرأة محلها البيت. مكانها البيت». وفي هذه الاثناء أُطلقت تكبيرة (واحدة) من وسط القاعة لكن خانها المدد.
وكما انتقد الشيخ الصادق الموسيقى والدف، بدا الخميس أيضاً في غرابة؛ «لا أرى شعاراً اسلامياً في هذه القاعة». وزاد عليها في استياء ملفوظ: «الشيخ الأحمر كلنا نحبه ونحترمه لكن لا يصل حبه إلى درجة التعظيم (أن محاسنه لا تُعد!)».
هذه الجلسة السجالية والأكثر شفافية والتي كان الحاضر الأبرز فيها موضوع المرأة حُسمت في نهايتها بتأصيل شرعي لياسين عبدالعزيز نائب رئيس الهيئة العليا رئيس الجلسة؛ إذ أفصح بوضوح عن موقفه في المرأة كناخبة ومنتخبة في جو غاية في الهدوء والإنضباط ل(4296) مندوباً. وقال بعد مداخلتين للديلمي وحسن الأهدل، وكلتاهما مرنتان إلا أن مداخلة الأخير أكثر، قال ياسين في تعقيبه الذي اسماه بـ«الملاحظة الخفيفة» أن الذكور والإناث مشتركون في الحقوق والواجبات. وأضاف متعمقاً في ثبوتيات اصولية: «هذه الواجبات حددها الكتاب والسنة». مضيفاً: «هناك خصوصيات للذكور والإناث محددة ايضاً، وفي خصوصيات وبعض المشتركات هي محل إختلاف العلماء». وفيما يتعلق بالجوانب السياسية والاقتصادية، أكد: «ليس مندوباً على الإناث ولكن واجب».
بالطبع، كانت القاعة تبتسم، وكان اليدومي سبق بعبارة: «أيها الاخوة بالنسبة لقضية المرأة هي حسمت منذ سنوات ولكن الاخوة لهم اجتهادهم».
وبالفعل فليس ما يشير إلىاحتمالية بقاء هذه القضية مطروحة في أي مؤتمر قادم.
ففي صبيحة اليوم التالي (الإثنين) أعلنت لجنة الانتخابات فوز (13) امرأة اصلاحية بعضوية مجلس الشورى، وحازت أولاهن على الترتيب العاشر كما ومتقدمات على شخصيات قيادية ومشايخية معروفة.
إذ ترشحت للعضوية (27) امرأة، حالف الحظ النصف منهن، والبعض فزن بالاحتياط. في حين سقطت قيادات ذكورية كبيرة، بعضهم كان عضواً في المجلس السابق، وآخرون في مجلس النواب، وأمناء أو رؤساء دوائر في المكاتب التنفيذية بالمحافظات.