التعليم في سقطرى: آمال وآلام

التعليم في سقطرى: آمال وآلام

* فهد كفاين
 المتأمل لواقع التعليم في بلادنا يجده رديئا قياسا بالعالم العربي أو العالم أجمع، فهو يفتقد أدنى المقومات المؤهلة لصناعة جيل متسلح بالمعرفة المطلوبة لمسايرة ركب الحضارة ومتطلبات العصر.
هذا في البلاد ككل، أما في جزيرة سقطرى فهو في الحضيض بكل معاني الكلمة. وقياسا بمستوى التعليم ببقية المحافظات والمناطق اليمنية، فتعليم سقطرى اسم على غير مسمى، فهناك 69 مدرسة أساسية وابتدائية، وثانوية واحدة، وما يقارب 400 معلم ومعلمة، و13000 طالب. هذه الأرقام كلها تبقى تقدم لنا. كما يفتقد أدنى مقومات التعليم، فالمعلم لا يلبي احتياج المدارس، والتخصصات العلمية ناقصة بشدة، والكتاب المدرسي غير متوفر، والفتاة الريفية مجبرة على الانقطاع عن التعليم بعد الصف الرابع الابتدائي لعدم قدرتها على مواصلته في المدينة!!
 لكن كل ذلك شيء وما تعانيه ثانوية خالد بن الوليد شيء آخر تماما، فالثانوية الوحيدة في سقطرى والتي يؤمها كل يوم 2000 طالب وطالبة تقريبا تعاني من اضطراب في العملية التعليمية سببه نقص حاد في معلمي المواد العلمية (الرياضيات والفيزياء والأحياء والكيمياء وبعض المواد الأخرى كالجغرافيا) وطوال الفصل الأول ظلت بعض تلك المواد معلقة لم يتلق الطلاب فيها درسا واحدا، في حين تأخر التعليم في بقية المواد.
ثانوية خالد بن الوليد بوابة أبناء سقطرى إلى المستقبل، وفي حال كهذه تعانيه مدرستهم، فإن مستقبلهم أصبح مجهولا تتقاذفه أمواج الإهمال واللامبالاة. وفي حين نسمع الكثير من الشعارات الرنانة لإصلاح التعليم ككل وفي سقطرى خاصة فإنها جعجعة دون طحين.
منظمات مثل اليونيسيف والـ"جي.تي. زد" تعملان في الجزيرة منذ سنوات على إصلاح التعليم، وهناك جهد ملحوظ في التدريب، إلا أن ثانوية خالد بن الوليد لم تجد لها مكانا بين تلك المنظمات وطلت في معاناتها.
ولذلك فالتعليم هناك في احتضار يلفظ أنفاسه الأخيرة، ومعه2000 طالب وطالبة من طليعة جيل سقطرى أضحى مهددا بالجهل وضياع المستقبل.
هي جريمة بادية للعيان وتثير تساؤلا مهما عمن هو المتسبب فيها. وفي حين تظل المسؤولية ملقاة على عاتق الجهات المختصة: وزارة التربية والتعليم، ومكتبي حضرموت وسقطرى، إلا أن السقطريين وقد أملوا ذات يوم أن يقللوا من نسبة الأمية المرتفعة في مجتمعهم، خاصة عند النساء، ويتعلمون كبقية عباد الله، يبدو أن عليهم الانتظار وقتا أطول مما توقعوه حتى يحققوا آمالهم تلك، وأن الغد المنتظر مازال في الأفق النائي ومازال التعليم عقدة السقطريين دون أن تجد تلك العقدة من يحلها في الماضي والحاضر وربما في المستقبل أيضا.