التعريفات.. السلطة

التعريفات.. السلطة - أبو بكر السقاف

 ظاهرة سياسية واقتصادية تصف نسق علاقات بين الحكم والمحكومين، وتفرض حضور ذات تناط بها السلطة، وتقوم القوانين بصوغ علاقتها وهي في أساسها ومحورها. وكانت فكرة الفضيلة تقوم بتأسيس نظري لها في القرنين السادس عشر والسابع عشر (ماكيافيللي، وهوبس، وهارنغتون). أما في القرن الثامن عشر والتاسع عشر فقد ظهرت النظرية التي تتحدث عن تفاعل الأشكال الاجتماعية والاقتصادية، في إطار السلطة، وتفرض أن بنية توزيع السلطة مرتبط ببنية الملكية (بونيل) وأدت هذه الفكرة إلى قول ماركس إن الأساس في السلطة هو الاقتصاد. ويدرس ماكس فيبر سوسيولوجيا السلطة، وهو يفسرها على أنها علاقة حكم وطاعة. مؤسس على الاعتقاد بشرعية السلطة وهي أنماط ثلاثة: السلطة التقليدية، والسلطة العقلانية، والسلطة اللدنية (الخاريزماتية) والأصل في معنى الكلمة الأخيرة في لاهوت الكنيسة الأرثو ذكسية اليونانية البركة.(اقترح الزميل تيسيرشيخ الأرض كلمة اللدنية).
ينقل فردريش نيتشه مسألة السلطة الى المستوى الوجودي (الانطولوجي)، إذ يفصلها عن أهلها والفاعلين فيها فتصبح ماهية، وينظر نيتشه إلى تنوع تجلياتها في التاريخ، وفلسفة التاريخ نفسها على أنها صور لتمظهر السلطة، وهي قبلية (ابريورية) أي بالنسبة الى أهلها والقائمين عليها. والعالم صراع إرادات ونضال من أجل السلطة. وحتى أشجار الغابة تتصارع/ في أحد نصوصه.
أصبحت فكرتا الحقيقية والعقل تجلياً وصورة للسلطة، وهذا التصور غدا من المفهومات المفاتيح في الفلسفة الغربية في النصف الثاني من القرن العشرين. وقد نظر أدورنو، وهوركهايمر في كتابهما: «ديالكتيك التنوير» إلى العقلانية الاوروبية باعتبارها سلطة اضطهاد تتم بوساطة السيادة على الطبيعة، وتؤدي إلى قمع الطبيعة الانسانية جوانياً. ولعل الدمار الذي سببته الحرب العالمية (الأوروبية) الثانية، وفظائع المحرقة كان من الأسباب التي جعلت المؤلفين يصوغان هذا اللوح القاتم لمسيرة العقلانية الغربية منذ اليونان القديم. ومحطاته مرعبة فعلاً حتى أيامنا هذه.
ينظر فوكو ميشيل إلى السلطة على أنها غير شخصية ولا علاقة لها بالأفراد والعلاقات بينهم، وما يكوِّن الأناء إنما هو مجموعة خطابات القوة التي تتداخل وتفرض على الأنا خطاباً نظرياً وعملياً (ممارسة). ويرى فوكو أن أنموذجات السلطة متغيرة، ففي الأزمنة الغابرة كانت سلطة الملك/ السلطان تستند الى شخصيته، وهي سلطة مطلقة على حياة وموت رعاياه. وأما في الأزمنة الحديثة فقد لحق التعبير بنسق وظيفة السلطة، فأصبحت تتطلب ضبطاً وتحكماً دائماً، وزاد دور المعايير القانونية، وأصبح أهم ما يميز تحقق السلطة أنها غير شخصية، وتتحقق السلطة في داخل المجتمع وليس عليه (من فوق). وترتبط هذه السلطة برباط وثيق بالمعرفة. المعرفة- السلطة، وهي تشكل أفراداً بعينهم وأنماطاً معينة من الفاعلية والنشاط التي يصممها ويقوم بها الأفراد. إن ما يتم صياغته وتصميمه ليس الذاتية (الفردانية)، بل إن حقيقة الذات تصبح موضوعاً للبحث العلمي والادارة والتوجيه، وكذلك تكنولوجيا إنتاج الأفراد.
إن السلطة وكذلك المعرفة تشكل موضوعاتها. وتقوم بوظيفتها بوساطة دراسة موضوعاتها، وتصنيفها وبالمعايير المناسبة والمؤسسات التي تناط بها هذه المهمات. وتصبح الحقيقة والعقل والذاتية لحظات في استراتيجية بسط ونشر السلطة في كل الجسد الاجتماعي.
- من المراجع:
- هوركهايمر، أدورنو، ديالكتيك التنوير، بطرسبرغ 1997.
- فوكوم، إرادة الحقيقة، موسكو 1996. والرقابة والعقاب، ميلاد السجن، نيويورك 1979. والسلطة المعرفة، أحاديث مختارة وكتابات أخرى 1972-1977بانثون، تاريخ الجناية م1/المقدمة نيويورك. فينتاج بوك1980، نيتشه في إرادة القوة، ترجمة كاوفمان، فينتاج بوك، 1968.