عندما تغدو أميركياً

عندما تغدو أميركياً - لمياء قاسم

عندما تحمل الجنسية الأميركية. تستطيع الدخول والخروج من سفارة بلدك في صنعاء متى أردت.
تتغير الفصول، ترتيب الشعور، حتى إحساسك بالموجودين حولك!!
عندما تغدو أميركياً.
لن تهمك الحرب الدائرة في صعدة، وأن كانت نصف قبيلتك مشاركة فيها، الأمركة تعني -أنا أولاً- لا تحتاج المكوث في أميريكا سنوات لتتربى على ذلك، يكفي أن تحمل الجنسية، لن تكترث بأعيادك الوطنية كونها ستصبح. «أعياد الشعب اليمني الصديق» وستنام كما لم تفعل منذ قرون صباح الاحتفال بعيدك السابع عشر لوحدتك المجيدة. لن يعنيك مراقبة جوعى يترنحون ليصنعو لك لوحة جمالية تعبر عن ابتهاجهم كما نحن، عفواً كما أنتم! بعيد الأعياد.
لن يسعك التأكد من لون بذلة فخامته، التدقيق في خطوط ربطة عنقه وإن كان يحتفل في مسقط رأسك التي لا شأن لها بالأعياد الوطنية، وهي الخالية على عروشها.
مسقط رأسي التي تحدث عنها فخامته كونها مهيئة للاستثمار، زيارة واحدة لمديريتي تكفي لإدراك فداحة المصاب ونحن نهب قصورنا للأشباح، خوفنا أن نعود إليها مجدداً «أبقو سلِّموا لي على الاستثمار».
عندما تغدو أميركياً..
تصبح ضليعاً في اللغة العربية وأنت الفاشل فيها دوماً!! تجيد استخدام الضمائر، تشطب نحن وتتلذذ بإطلاق، أنتم.. هؤلاء.. أولئك.. اللاتي؟
تخرج عن نطاق المفعول به وتصبح بقدرة قادر فاعلاً مرفوعاً غير قابل للجر والسحب والشد!! تكون مشغولاً أخيراً عن البصق في وجوه ومؤخرات أناس تعتقد أنهم سرقوا إنسانيتك، عبثوا بالكينونة خاصتك وشوهو مستقبل أطفال لم تعد قادراً على إنجابهم، للاعتقاد الذي تحمل، لارتفاع ضغطك، نسبة السكر في دم لم تعد تملك منه الكثير وبالطبع «لعدم قدرتك مجدداً على الانتصاب».
عندما تغدو أميركياً
سيبدو المحيطون بك بعيدين عنك ثلاثة آلاف سنة ضوئية وإن كنتم في نفس المنزل!! تشعر أنك أغلى، أكثر أهمية، للعقد المكاشفة، البوح، التحديق بحقد، قادر على الاحتقار «التبول إن لزم الأمر» على، وضع نظام، مواطنة، بدائية، غوغائية وإلى حد بعيد تهوى البكاء كون لا أحد يمتلك حق سؤالك!!
يتسنى لك فقد الآخرين بوقاحة لم تدرجها في شخصك مسبقاً. لن يكون بمقدورك تحمل رقيب السلطة، القبيلة، العادات، الدين، أكثر مما فعلت، ستهددهم كل صباح ان اعتراض طريقك، محاربة العبث معك، و ضع أسلاك شائكة أمام طموحك، لم يعد يجدي، ستتكفل سفارتك بترحيلك، حمايتك من نفسك، تستطيع هي قطع علاقتك بهم، غسل دماغك، تصفية مشاعرك، واقناعك أنك قادر على العيش كما تخطط ان تكون عليه حياتك.
أنت في الأساس حاد الطباع، عندما تغدو أميركياً تزداد تلك الحدة بشكل جنوني، لم تعد تملك في صدرك «فساح» لأحد ولا لأمك التي بسببها حملت الجنسية؟ تملك الجرأة لإنشاء نص ترسله إلى الجمال «جبران» ليعلق عليه لاحقاً وبذوقه الذي أعتدت عليه: «غير قابل للنشر، أكتبي حاجة ثانية!».
كأني جارية أنا لدى سمَّوه دون علمي لأفصل نصوصاً تناسب مقاساته، التي لا يهمني معرفتها!!