صنعاء 19C امطار خفيفة

بينَ خذلانِ الأرضِ... وشيءٍ لا يعرفُ الانطفاء

وطنٌ يشبه المقابر المفتوحة على امتداد الأفق...
لا يُزرع فيه الأمل،
ولا يُسمع لنداء النجاة سوى صدى الراحلين.
 
كل شيء متروكٌ لرياحٍ لا تعرف الرحمة،
الطرق موصدة بالخذلان،
المدن بلا ملامح،
والمتنزهات أشبه بمصائد للحزن،
كأن الحياة قد مرّت من هنا ذات خيبة،
ولم تترك وراءها سوى أنين الأشياء.
 
تمشي...
وتشعر أنك تسير داخل جسدٍ لفظك،
داخل وطنٍ تحوّل إلى جلدٍ ميتٍ فوق عظامك.
وحدك — كما كنت دائماً —
تحمل صليبك في صمت،
لأن لا شيء ينتظر،
ولا شيء سيحدث
سوى المزيد من وجعٍ يتكاثر فيك كالأورام.
 
تجوب المدن كما تجوب الذاكرة:
بحثًا عن زاوية تنجو بها من كل ما ارتكبته البلاد بحق قلبك،
من كل رصاصة لفظها التاريخ على حين غفلة،
وأصاب بها الحالمين دون أن يرفّ له جفن.
 
قل لي بربّك:
كيف يكون القاتل طبيبًا؟
كيف لمن فجّر في داخلك خلايا لم تنضج بعد،
أن يدّعي الشفاء؟
أن يضع على جرحك لافتة كتب عليها "حب"؟
وهو ذات اليد التي نزعت عنك القدرة على الحُلم؟!
 
هنا لا شفاء،
لأن الوجع أكبر من الجسد،
وأعمق من اللغة،
وأقسى من الذاكرة حين تصير كل ما تملك.
 
ومع ذلك…
ما زلتُ أمشي.
لا لأنني أؤمن بالخلاص،
بل لأن في داخلي شيئًا لا يعرف الانطفاء،
شيئًا يشبه الحنين لمنفى لم أزره بعد،
لأرضٍ لا تقتل من يحبّها،
ولصوتٍ لا يعود صدىً في العدم.
 
ربما لا يكون الأمل نقيضًا للخذلان،
بل أحد أوجُهه حين يُجرَح،
ومع هذا، نحمله معنا
كما يحمل الجرح ظله،
ويمشي…
 

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً