في زمن الخيبات، حين يبدو أن كل شيء ينكسر، يأتي الأدب والصحافة ليقولا لنا من جديد: مازال هناك ما يستحق أن يُكتب… وما يستحق أن يُحتفى به، وأن كل شيء قابل للزوال باستثناء الإنجاز وتقديمه بالشكل المطلوب.
من أجمل أخبار هذا العام، خبران ثقافيان أعادا إلى قلوبنا بعض الضوء وسط هذا الركام:
أولًا: كتاب جديد للكاتب والصحفي مصطفى راجح
صدور كتاب "دليل السُّراة في الفن والأدب اليمني" عن دار أروقة للنشر والتوزيع -القاهرة، للأستاذ مصطفى راجح، أحد أبرز الكتّاب الصحفيين اليمنيين، والناشط الحقوقي الذي راكم تجربة طويلة وثريّة في الصحافة والعمل الثقافي.
كتابٌ شيق، يحمل طابعًا فنيًا خالصًا، ويأتي كهدية باذخة للصحافة، وللقارئ، وللأديب اليمني، ليقول لنا جميعًا: رغم الحرب والنار والسجون التي تطال الكلمة، يبقى الإبداع حيًا، والإنجاز هو ما يبقى بحوزة الكاتب، في حياته وبعد رحيله.
لقد سبق للكاتب مصطفى راجح أن تناول في مقالاته، المنشورة بشكل مستمر على موقع قناة بلقيس، العديد من القضايا والموضوعات الفنية المتعلّقة بالغناء اليمني، وها هو اليوم يُتوّج هذا الاشتغال بكتاب يُضاف إلى المكتبة الفنية والأدبية في اليمن، تلك المكتبة التي تعاني من فقر واضح في الإصدارات المعنية بالفن وقضاياه.
إنه كتاب لا يخص مصطفى وحده، بل يخصنا جميعًا كقراء ومحبين ومؤمنين بأن الفن هو الذاكرة الحيّة، وبأن الكلمة الحُرّة يمكنها أن تظل تصدح، مهما اشتد القمع.
هنيئًا للصديق مصطفى راجح،
وهنيئًا للمكتبة الفنية والأدبية ولنا جميعاً أصدقاء ومحبي الكاتب مصطفى بهذا المنجز الفني الرفيع.
ثانيًا: إصدار إلكتروني لصحيفة "النداء" يجمع مقالات الكاتب الصحفي الكبير الأستاذ عبدالباري طاهر
في إنجاز ثقافي وإنساني كبير، أهدتنا صحيفة "النداء" كتابًا إلكترونيًا بعنوان: "عبدالباري طاهر -الأخضر الشغوف".
صحيفة "النداء"، هذا الصوت الحر والعميق، أهدتنا اليوم واحدًا من أجمل مشاريعها وأكثرها وفاءً لذاكرة اليمن الثقافية والسياسية، بإصدارها كتابًا إلكترونيًا يضم مجموعة من مقالات الكاتب والصحفي الكبير الأستاذ عبدالباري طاهر، تحت عنوان: "عبدالباري طاهر -الأخضر الشغوف"، الذي يحوي مقالات الكاتب من عام 2004 حتى العام 2011، المنشورة في صحيفة "النداء"، والتي تناول فيها قضايا الديمقراطية، الثورة، والجمهورية اليمنية وغيرها من القضايا والموضوعات المتعلقة بالمجتمع اليمني.
هذا العمل الجبار جاء بجهود ذاتية من صحيفة "النداء"، وبدفء الوفاء الذي يحمله الأستاذ القدير سامي غالب، الذي كان حاضرًا دائمًا في الدفاع عن الكلمة لأجل قضايا إنسانية ووطنية عبر صحيفة "النداء"، منذ زمن طويل ما قبل الحرب وما بعدها، واليوم لايزال حاضرًا بيننا بموافقه، وهذا الإصدار ما هو إلا القليل من جهوده الكبيرة والمتعددة، والتي قدم هنا واحدًا منها بهذا الشكل الراقي.
شكرًا "النداء"...
شكرًا سامي غالب أستاذنا وصديقنا..
وشكرًا لكل من يؤمن أن الذاكرة لا تُدفن، وأن ما نكتبه من أجل اليمن سيبقى حاضرًا، ومضيئًا، ومتجددًا في وجدان الأجيال.