صنعاء 19C امطار خفيفة

هل تتخلى إيران عن التخصيب أم تتجه نحو القنبلة؟

اختراق أمني إسرائيلي يقلب الموازين في طهران، في الوقت الذي كانت فيه تجلس على طاولة المفاوضات مع الإدارة الأمريكية، محاولة إيجاد تسوية بشأن برنامجها النووي، وهو الملف الذي سعى الرئيس دونالد ترامب لاستثماره كإنجاز سياسي بارز من خلال الضغط على طهران لوقف التخصيب والامتثال لشروطه، فجاءت الضربة الإسرائيلية لتشكّل إحدى أقوى الهجمات التي تعرضت لها إيران في تاريخها.

لقد نجحت إسرائيل، عبر هذه الضربة، في تحقيق أهداف عسكرية واستراتيجية عالية الدقة، موجهة بذلك رسالة صلبة لإيران في لحظة كانت تظن فيها أن الدبلوماسية قد تمنحها هامش مناورة أوسع.

في سابقة نوعية قاصمة ومباغتة، تلقت إيران ضربات موجعة وعنيفة خلال ساعات قليلة، شكّلت اختراقًا أمنيًا هو الأضخم منذ سنوات، وحققت لإسرائيل انتصارات استراتيجية سريعة ومباشرة، دفعت تل أبيب للتفاخر بها علنًا، مؤكدة أنها أعادت رسم قواعد الاشتباك في الشرق الأوسط.

العملية الإسرائيلية لم تكن عادية، لقد تم تنفيذ جزء منها من داخل العمق الإيراني، في وقت كان يُفترض أن تكون طهران على أهبة الاستعداد، بخاصة بعد التهديدات المتكررة والتوتر المتصاعد في الأسابيع الأخيرة. ومع ذلك، استطاعت إسرائيل تنفيذ عمليات دقيقة استهدفت شخصيات رفيعة المستوى من العلماء النوويين وقادة الصف الأول في الحرس الثوري، وفي منازلهم وبين عائلاتهم، ما يُعد اختراقًا أمنيًا غير مسبوق.

ويعود نجاح العملية ليس فقط إلى القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية العالية، بل أيضًا للاختراق الكبير في منظومة الأمن الداخلي الإيرانية، بالإضافة إلى عنصر المباغتة. فالحديث يدور عن تعاون داخلي، خلايا نائمة، وربما ثغرات حقيقية في أنظمة المراقبة والردع، مكن إسرائيل من الوصول إلى أهدافها بدقة وسرعة، ثم الخروج دون دفع أدنى خسارة.

وعلى الرغم من أن إيران سارعت بالرد من خلال إطلاق طائرات مسيرة وصواريخ على أهداف إسرائيلية، إلا أن تأثير هذا الرد لم يكن على نفس مستوى الصفعة التي تلقتها.

والآن، وفي الوقت الذي لاتزال فيه الضربات متبادلة بين الطرفين إيران وإسرائيل، يبقى السؤال المركزي مطروحًا الآن: هل تدفع هذه الضربات إيران إلى إعادة النظر والتخلي عن برنامج تخصيب اليورانيوم؟ أم تتجه بدافع اقوى لتصنيع القنبلة النووية؟

في رأيي، فإن القيادة الإيرانية لن تتراجع عن برنامجها النووي وحلمها بتخصيب اليورانيوم والوصول لامتلاك القنبلة النووية بل على الأرجح، أن تزيد هذه الضربة من قناعتها بأن امتلاك سلاح نووي أو على الأقل القدرة على إنتاجه بوتيرة أسرع، أصبح ضرورة استراتيجية لا مفر منها.

وبالعودة للواقع الموجود على الأرض في الوقت الراهن، فقد حققت إسرائيل مكاسب عسكرية ومعنوية ضخمة في ميزان القوى، وهزّت صورة إيران كدولة قادرة على حماية منظومتها الداخلية. أما طهران، ورغم محاولات الرد، فهي تدرك أن خسائرها فادحة، ليس فقط على المستوى العملياتي، بل على صعيد الهيبة الأمنية والسياسية التي تحاول إيران استعادتها بضرباتها الحالية على إسرائيل.

وإذا كان الهدف من الضربة هو وقف تخصيب اليورانيوم، فالنتيجة ستكون معاكسة على الأرجح. إيران، في عقلها الاستراتيجي، لن تتراجع، بل ستندفع، والشرق الأوسط سيكون أمام فصل جديد من التصعيد المفتوح.

 

 

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً