صنعاء 19C امطار خفيفة

اليمنيون والرهان الخاسر على الأدوات والمشاريع دون الوطنية!

في ظل هذه الأزمة الإنسانية الحرجة التي تطحن الشعب اليمني وتستنزف قواه وطاقاته، حيث يتعدى معدل الفقر عتبة 84٪، وتتصاعد وتيرة تدهور الاقتصاد، ويشتد أوار التضخم وتآكل القدرة الشرائية، وتجفيف فرص الدخل، وقطع وتدني الأجور والمرتبات، وإهدار وتبديد الموارد والثروات، وتغييب الخدمات الأساسية..

 
ومع استمرار تفاقم الأوضاع الشاملة دون حلول ومعالجات جدية وملموسة، وغياب أي دور فعال ومسؤول للحكومة وسلطات الواقع المختلفة، التي لا هي تمتلك الإرادة والقرار السياسي، ولا تتحلى بشجاعة ومسؤولية التخلي والاعتزال عن مواقعها..
فإن الرهان على الحكومة ومجلس القيادة، وسلطات الواقع المختلفة، يظل رهانًا خاسرًا وعبثيًا، فهذه القوى الفاسدة والعملية لا تمثل الشعب اليمني، ولا تخدم مصالحه، بل تمثل وتخدم القوى الإقليمية، ممثلة بإيران والسعودية والإمارات، ولديها مشاريع ومآرب تخريبية واستنزافية وعبثية متكاملة ومتخادمة تستهدف سلب وتفتيت الهوية وسيادة واستقلال القرار والوحدة الترابية والجيوسياسية والتاريخ، وتدمير حاضر ومستقبل الدولة والبلد والأجيال، وإفقار وتجويع وتجهيل سكانه وإجبارهم على العبودية القهرية، وسرقة مواردهم وخيراتهم، وتقاسم البلد كغنيمة حرب بين الأدوات والمشغلين الإقليميين..!
 
إذ تكرس هذه الأدوات التابعة لدول الإقليم مشاريع دون وطنية، تفاقم الانقسام والصراع العنيف وتعمق الكارثة والانهيار، وتختلق هويات ملفقة: فمن ادعاء "الهوية الإيمانية والمسيرة القرآنية والسيد العلم القائمة على الولاية"، إلى ادعاء "الهوية الجنوبية" (غير اليمنية) لـ"دولة الجنوب العربي"، إلى ادعاء "الهوية الحضرمية" (غير الجنوبية وغير اليمنية) لـ"دولة شعب حضرموت"، في مساع لطمس الهوية اليمنية الجامعة ومحو الذاكرة الجمعية!
 
وعليه، فالشعب اليمني اليوم ليس بحاجة للحروب والصراعات المسلحة والعداء والكراهية والعنف! وليس بحاجة لدولة، أو دويلات داخل الدولة، تدار من إيران والسعودية والإمارات! وليس بحاجة للهويات المختلقة والملفقة! وليس بحاجة لحكم قائم على "الولاية" و"الإمامة" و"العصمة" و"الحق الإلهي"، أو على "الخلافة" و"الحاكمية" و"التمكين"، أو على "الولاء والبراء" و"المفاصلة" و"البيعة والإمارة"!
 
بل بحاجة لقيادة وطنية مسؤولة ومخلصة، ودولة نظام وقانون حديثة قائمة على المواطنة والحكم الرشيد والاتحاد، تكفل التنمية والحرية، وتصون حقوق الإنسان وكرامته، وتضمن العدالة والمساواة أمام القانون وعدم التمييز والعنصرية والوصول المتكافئ للفرص، وتوفر الخدمات الأساسية الشاملة، وتطور الاقتصاد والإنتاج والبنى التحتية، وتدير الموارد بكفاءة وفعالية وتنميها، وعلى رأسها المورد البشري، وتنتهج المساءلة والمحاسبة ومكافحة الفساد.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً