لعبة

لعبة

*نعمان قائد سيف
في مرد تمسكه ودفاعه عن حق ابنه "المواطن" في حكم البلاد من بعده، عبر صناديق الانتخابات السحرية المعروفة للجميع، استشهد علي عبدالله صالح، ذات مرة، بوصول الرئيس الأمريكي السابق "جورج دبليو بوش" إلى البيت الأبيض بدلا عن أبيه، فجاءه الرد وقتها، بأن الولد لم يخلف أباه بعد انتهاء ولايته الشرعية مباشرة، وإنما وصل بعد بيل كلينتون، وقد تم له ذلك عبر انتخابات حرة، حيث اختاره الشعب، فضحك المشير، وقال بأن كلينتون قام بدور المحلل، فما كان من إحدى الصحف الأمريكية إلا أن تعلق على كلام الرئيس، مفسرة وموضحة لقرائها (الفرنجة) بأن مفردة "محللـ" تعني قواد شرعي!
أقصد من وراء استحضار الواقعة الظريفة، تذكير الرئيس بها، وليس لمناقشة ما إذا كان صائبا في إسقاط "التحليلـ" على الواقع السياسي الأمريكي أم لا (مع العلم أن "البوشين" ينتميان إلى الحزب الجمهوري، فيما كلينتون عضو في الحزب الديمقراطي)، وإنما لأبدي استغرابي لعدم أخذه هو بفكرة "المحللـ"، والبناء عليها في واقع اليمن المتخلف، خلال ما فات من ولايته الأخيرة الحالية، ولا زال أمامه وقت كافٍ، ولن يعدم الممثل المقاول، طالما أن الفكرة ستوصل نجله إلى كرسي الحكم في نهاية المطاف، وبنفس الطريقة الديمقراطية التي أوصلت الابن بوش إلى سدة الحكم، وبدون وجع رأس، ولن تستطيع المعارضة حينها مهما تكاتفت وادعت، أن تقنع أغلبية الشعب بأن ما جرى مخالف لقواعد اللعبة السياسية وتشريعاتها، وسألتزم أنا شخصيا -إذا لم أبرر وطنيا الفكرة التكتيكية- موقف الحياد الإيجابي، ولن يتطلب التوريث الالتوائي غير قليل من الصبر، وبرنامج إعداد سياسي، ودروس في العلاقات العامة لولي العرش (أحمد)، المشتاق للرقص –كأبيه- على رؤوس الثعابين، ويمكن اختصار مدة الانتظار الممل بدورة واحدة فقط!
ما إن يحل موعد فسخ عقد المحلل الإمعة، الذي سيجري اختياره بعناية فائقة، وضمانات تجبره على التسريح بإحسان في الوقت المحدد، إلا ويكون الإخراج المسرحي محل قبول الرأي العام المحلي، وإشادة المجتمع الدولي، وكم سيكون التكتيك موفقا لو تشهد البلاد خلال فترة حكم المحلل -وفقا لمخطط مدروس- انفلاتا أمنيا وتدهورا اقتصاديا أكثر مما كان في عهد الولاية الأخيرة للرئيس القائد، حيث سيترحم الشعب مجبرا على عهد النباش الأول (إذا لم يطالب بضرورة عودته)، وسيصوت آملا وتجملا بالإجماع للخلف الصالح ابن (الصالح)، وبذلك يتم عمليا التداول السلمي للسلطة، بطريقة سلسة و(شفافة) جدا، ووفقا للدستور، دون حاجة لمواصلة الاعتداء عليه، ويبقى الحكم بيد الأسرة المحظوظة و(المحبوبة) على طول، ولكن عبر الفترة الانتقالية، حيث سيتشرعن التوريث ديمقراطيا، ويتجنب الوطن بفضل "الحكمة اليمانية" خضات مؤكدة، في حالة أصر حاكم اليوم على التمديد لنفسه، أو التوريث المباشر لابنه، وبذلك ستنتهي المشكلة المؤرقة للجميع، ويتوج ولي العهد (أحمد) رئيسا للعرش الجمهوري، وقد يجدها فرصة لتصحيح أخطاء وخطايا حكم أبيه، أو يواصل استكمال البناء العشوائي لدولة الوهم ال(ص ا ل ح ي ة) المفككة الأوصال، ويثني عليها الفاسدون وشهود الزور فقط!