السعودية تحرر طفلتين ألمانيتين في مديرية شذى الحدودية

السعودية تحرر طفلتين ألمانيتين في مديرية شذى الحدودية

* مصادر أكدت  قيام مسؤولين بتسليم بقية الرهائن الأربعة للسعودية وأخرى رجحت مقتلهم
*  مخاوف من أن تكون محاولة للتستر على الخاطفين واليمن تلزم الصمت
لم يصدر أي تعليق رسمي من السلطات اليمنية رغم مضي أسبوع على قيام وحدة من الاستخبارات العسكرية السعودية بتنفيذ مهمة على الأراضي اليمنية وتحرير طفلتين من أفراد أسرة ألمانية مكونة من 5 أشخاص اختطفوا قبل أكثر من 11 شهرا في صعدة.
وقال منصور التركي المتحدث الأمني بوزارة الداخلية السعودية "إن الأجهزة الأمنية السعودية المختصة وبعد التواصل مع الأجهزة الأمنية اليمنية تمكنت الاثنين الماضي من استعادة طفلتين ألمانيتين في المنطقة الحدودية بين البلدين"، وهما ليديا (6 سنوات) وآنا (4 سنوات).
وأثارت عملية إيكال تحرير الطفلتين للأمن السعودي الذي لم يذكر أي تفاصيل عن العملية، شكوكاً في أن تكون محاولة من السلطات اليمنية لإخفاء هوية الخاطفين.
وحول ضبط أحد خاطفي الرهائن عند تحرير الطفلتين، أشار التركي إلى أن عملية التحرير كانت عملية أمنية خاصة استهدفت إنقاذ الطفلتين. وقال: لا أعتقد أنه تم القبض على أحد الخاطفين، فالجهات الأمنية تعاملت من خلال خطة أمنية خاصة كان هدفها إنقاذ الطفلتين بعدما توفرت معلومات عن رصدهما في منطقة على الشريط الحدودي بين المملكة واليمن.
واستبعد التركي وجود رهائن آخرين مع الطفلتين، وقال: نحن تعاملنا مع معلومات توفرت لدينا عن رصد الطفلتين في منطقة حدودية قريبة من الأراضي السعودية، وبمهنية الأجهزة الأمنية المختصة وضعت خطة تم من خلالها إنقاذ الطفلتين، ولم نتعامل مع معلومات لها علاقة بقضية الاختطاف التي تمت في اليمن، حيث تعاملت الجهات الأمنية باليمن معها.
وأكدت مصادر خاصة لـ"النداء" أن الأمن السعودي لم يقم بأية عملية تحرير كما أعلن، بل قام باستلام الطفلتين في جسر نجران بمديرية شذى بصعدة، وخلافاً لتصريحات الداخلية السعودية حول زمن العملية التي حددت الاثنين الماضي، قالت المصادر إن الأمن السعودي استلم الطفلتين الاثنين قبل الماضي، أي قبل أسبوع من الإعلان عن العملية.
ونُقلت الطفلتان الأربعاء الماضي إلى ألمانيا بعد أن تلقتا العلاج في أحد المستشفيات السعودية، وفق منصور التركي.
وفي حين أكد وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله نبأ إطلاق سراح ليديا وآنا، يظل مصير بقية الرهائن الأربعة الأخ الأصغر للطفلتين ووالداهما ومرافقهما البريطاني مجهولا، وسط أنباء غير مؤكدة تقول إنه تم العثور على جثمان "سيمون" الطفل الأصغر.
وقالت مصادر خاصة لـ"النداء" إن اجتماعاً سرياً انعقد الأربعاء الماضي في منفذ البقع الحدودي بين مسؤولين يمنيين وسعوديين، تم خلاله تسليم بقية المختطفين الألمان إلى المسؤولين السعوديين.
وألمح المصدر إلى أن هذه العملية تؤكد تورط مسؤولين يمنيين في عملية الاختطاف، وأن من شأن هذه العملية إعفاء الجانب اليمني من الكشف عن هوية الخاطفين. كما أن وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله قام بزيارة إلى صنعاء، وأكد أن السلطات اليمنية تعرف مكان احتجاز الرهائن الستة.
وذكّر المصدر بتصريحات أدلى بها رشاد العليمي نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن، تفيد بمعرفة الأمن اليمني بمكان تواجد الرهائن، أعقبه تصريح لوزير الخارجية أبو بكر القربي، أعلن فيها تفاوض السلطات مع الخاطفين.
إلا أن مصادر أخرى رجحت أن يكون بقية الرهائن قد قتلوا.
وكانت مجلة "شبيغلـ" الألمانية قالت مطلع العام إن خاطفي الرهائن الستة طالبوا بفدية قيمتها مليونا دولار للإفراج عنهم، وإن أحد عناصر التمرد يقوم بدور الوسيط.
وكانت الطفلتان من بين 9 أشخاص هم 7 ألمان وبريطاني وكورية جنوبية، خُطفوا في يونيو من العام الماضي في محافظة صعدة، إلا أن صنعاء أكدت بعد أيام من خطفهم مقتل اثنين من الرهائن الألمان والرهينة الكورية الجنوبية. وبقي مصير الألمان الخمسة والبريطاني المتبقين مجهولا منذ ذلك الحين.
وينتمي الرهائن إلى الهيئة العالمية للخدمات الطبية التي تعمل في صعدة منذ 35 عاما، وهي جمعية مسيحية تابعة للكنيسة المعمدانية، اتهمتها الصحافة الألمانية بتعريض مواطنيها للخطر، عبر إرسالهم للتبشير بغطاء إغاثي، وهو تبشير انتقده عدد من هيئات الإغاثة كالصليب الأحمر الألماني وغيره.
وفيما اتهم مسؤولون يمنيون المتمردين الشيعة بخطف المجموعة، وهو ما نفاه الحوثيون، تنتقل الاتهامات نحو تنظيم القاعدة، وهو ما لم يؤكده أو ينفه التنظيم حتى اللحظة.
*********

مصير غامض لبقية الرهائن المختطفين
مضى 11 شهراً والمعلومات تتضارب حول مصير 5 ألمان وبريطاني واحد من أصل 9 أشخاص اختطفوا في محافظة صعدة.
فبعد يومين من عملية الخطف التي تمت في ال13 من يونيو 2009، عُثر على 3 جثث لنساء من المخطوفين جميعهن قتلن برصاص في الرأس، وهن الممرضتان الألمانيتان ريتا استوجب، 25 عاماً، وأميتا جولي، 27 عاماً، والمدرسة الكورية بوفت سنغيوم 22 عاماً.
من يومها ظل مصير بقية المختطفين الستة الآخرين مجهولاً. أسرة ألمانية: الأب وهو طبيب، وزوجته وأطفالهما الثلاثة، الذين تتراوح أعمارهم بين عام واحد و5 أعوام، إضافة إلى مهندس بريطاني. وجميعهم كانوا يعملون في المستشفى الجمهوري بصعدة ضمن بعثة للخدمات الطبية تابعة للكنيسة المعمدانية، التي تقدم خدمات خيرية في اليمن منذ 35 عاماً. أما القتيلات الثلاث فكن مبعوثات إلى المستشفى من قبل الوكالة الإنسانية للخدمات الطبية في هولندا.
عقب عملية الاختطاف وصل فريق من مكتب التحقيقات الجنائية الفيدرالي الألماني إلى صنعاء للمشاركة في التحقيقات حول الحادث. ومنذ البدء أبانت جريمة قتل الألمانيتين والكورية، أن عملية الاختطاف هذه تختلف عن العمليات التي تحدث في اليمن ضد الأجانب، وتهدف جميعها للضغط على السلطات من أجل تنفيذ مطالب محددة. وجميعها أيضاً لم يتعرض فيها الرهائن للعنف أثناء فترة اختطافهم، وانتهت بإطلاق سراحهم سالمين.
حين وصل فريق التحقيقات الألماني إلى صنعاء، كان وزير الداخلية مطهر رشاد المصري قد اتهم جماعة الحوثي بتنفيذ عملية الاختطاف، مساء اليوم الثالث، أي بعد العثور على جثث الثلاث النساء، وأعلن عن جائزة قدرها 50 مليون ريال يمني، لمن يدلي بمعلومات تقود إلى بقية المخطوفين وخاطفيهم.
لم يتعاطَ الفريق الألماني بجدية مع التهم الموجهة إلى الحوثي. وكان مصدر دبلوماسي ألماني قال لـ"النداء" في الأسبوع الثاني لعملية الاختطاف، إن الفريق الألماني يستبعد أن يكون الحوثيون وراء عملية الاختطاف.
في الأثناء كانت جماعة الحوثي تنفي علاقتها بعملية الاختطاف، وقالت إن مسارعة السلطة في اتهام الحوثيين قبل أن تجري أي تحقيق يفصح عن تسترها على الخاطفين. وأكدت استعدادها للتعاون للكشف عن مكان المختطفين وخاطفيهم. آنذاك كانت صعدة تشهد توتراً نسبياً بعد توقف الحرب الخامسة واشتباكات متقطعة بالأسلحة في مناطق متفرقة بين أتباع الحوثي وقبائل محسوبة على السلطة، واعتبر يحيى الحوثي المقيم في ألمانيا، أن الحادث مدبر، ومخطط له بهدف شن حرب جديدة ضد الحوثيين تحت تأييد دولي.
تشبثت السلطة بموقفها وظلت تكرر على مدى عدة أشهر، اتهامها للحوثيين بارتكاب عملية الاختطاف والقتل. ومطلع نوفمبر المنصرم، أي بعد 4 أشهر من بدء الحرب السادسة في صعدة التي اندلعت في أغسطس الماضي، وضعت اللجنة الأمنية اليمنية العليا 6 شروط للحوثيين لوقف العمليات العسكرية ضدهم، جاء من بينها "الكشف عن مصير المختطفين الأجانب الستة". وقالت إن "المعلومات تؤكد أن عناصر التمرد وراء عملية الاختطاف".
بعد أسبوعين من طرح هذا الشرط، جدد الرئيس علي عبدالله صالح العرض على الحوثيين لوقف إطلاق النار، لكن العرض حمل 5 شروط فقط، إذ سقط الشرط السادس المتعلق بـ"الكشف عن مصير المختطفين الأجانب الستة".
عرض الرئيس أكد أن هناك طرفاً آخر غير جماعة الحوثي تقف خلف عملية الاختطاف.
وكان مراقبون رأوا منذ وقت مبكر أن هذه الحادثة، وما صاحبها من عملية قتل، تشبه أساليب عمل تنظيم القاعدة. واستبعدوا أن يكون للحوثيين صلة بها، على اعتبار الحوثيين لم يُعرفوا كجماعة جهادية إرهابية، وليس لهم سوابق في استعداء الأجانب وغير المسلمين أو إلحاق الأذى بهم.
اتهام القاعدة
في ديسمبر الماضي، أي بعد 6 أشهر من عملية الاختطاف، ورد أول اتهام رسمي لتنظيم القاعدة في تقرير قدمه رشاد العليمي نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن، اتهم فيه تنظيم القاعدة بتنفيذ العملية، لكنه لم يبرئ الحوثيين تماماً، وقال إن الاختطاف جرى بالتنسيق معهم. وهذا الربط أيضاً تم استبعاده بسبب عدم وجود رابط أيديولوجي بين الحوثيين (الشيعة) وتنظيم القاعدة الذي ينطلق من عقائد سلفية سنية. لكن العليمي عاد وأكد الاتهام نفسه عندما قال في ال7 من يناير الماضي، أن الحوثيين يستفيدون من الأطباء المختطفين في علاج جرحاهم.
مع انتهاء حرب صعدة في فبراير الماضي، وتبادل الأسرى بين طرفيها، نال الحوثيون شهادة براءتهم في هذه القضية.
أواخر ديسمبر الماضي، حصلت بعض الصحف الألمانية على شريط مصور يظهر فيه الأطفال الثلاثة المختطفون وهم أحياء، وبدا الهزال على ملامحهم، لكن تلك الصحف لم توضح كيف حصلت ألمانيا على الشريط وممن. ثم أعلن العليمي في 7 يناير الماضي، أن المعلومات المتوفرة لدى الحكومة تفيد بأن المختطفين الستة لازالوا على قيد الحياة وموجودين في محافظات صعدة والجوف ومأرب، وكشف أن السلطات كانت تؤيد تنفيذ عملية أمنية لتخليصهم، لكن الجانب الألماني تحفظ على ذلك.
وفي 11 يناير الماضي، أعلن وزير الخارجية الألمانية جيدو فيسترفيله أثناء زيارة له إلى صنعاء، أن الرئيس علي عبدالله صالح أبلغه معرفة الأجهزة الأمنية بمكان احتجاز المختطفين.
وتأكيداً لذلك قال أبو بكر القربي وزير الخارجية، في اليوم التالي، إن المختطفين الألمان موجودون في مكان ما بمحافظة صنعاء، وكشف أنه يجري التفاوض مع الخاطفين من أجل الإفراج عنهم.
لكن ثارت مخاوف كبيرة في شهر مارس المنصرم، عندما عُثر على 5 جثث مطموسة الملامح لأشخاص مجهولي الهوية في منطقة صحراوية بين محافظتي صعدة والجوف، اعتقد البعض أنها تعود للمختطفين الأوروبيين. لكن آخر التطمينات على حياة الرهائن الستة جاءت في الأيام القليلة الماضية على لسان العليمي، عندما أكد أنهم ما زالوا على قيد الحياة. وقال إنهم يتمتعون بصحة جيدة، وإن المساعي مستمرة للإفراج عنهم بالتنسيق مع الحكومتين الألمانية والبريطانية، وإنهم موجودون بالقرب من المنطقة التي عُثر فيها على الجثث.
وكانت وسائل إعلامية نسبت لمصدر أمني قوله إن الخاطفين هم بالفعل من تنظيم القاعدة، ويطالبون بفدية قدرها مليونا دولار للإفراج عن الرهائن المحتجزين لديهم، كما اشترطوا ضمان سلامتهم وعدم ملاحقتهم أو مساءلتهم عن عملية الاختطاف والقتل. كما أعلن أبو بكر القربي، في يناير الماضي، أن السلطات تتفاوض مع خاطفي الرهائن الألمان الخمسة والبريطاني من أجل التوصل إلى إطلاق سراحهم.
وأفادت معلومات أخرى بأن الخاطفين أضافوا إلى مطالبهم مطلباً بالإفراج عن عناصر قيادية معتقلة من تنظيم القاعدة. وأشار المصدر المسؤول إلى أن السلطات الألمانية أبدت استعدادها لدفع المبلغ المذكور، ولكنه عبّر عن مخاوف كبيرة من تسليم مثل هذا المبلغ الكبير لتنظيم إرهابي خطير مثل "القاعدة".
وكانت مجلة "شبيغلـ" الألمانية أفادت أيضا مطلع العام بأن خاطفي الرهائن الستة طالبوا بفدية قيمتها مليونا دولار للإفراج عنهم، وأن أحد عناصر التمرد يقوم بدور الوسيط.
**********

بعد 10 أشهر من العيش في مأوى الخاطفين:
سارة وفاطمة أدمنتا الخبز بالسمن وتلعبان بأواني المطبخ
عصر الأربعاء الماضي، وصلت الشقيقتان الرهينتان إلى ديارهما في ولاية سكسونيا الألمانية، حيث كان في استقبالهما جدهما وجدتهما وعمتهما وعدد من الضباط.
كانت الطفلتان في صحة جيدة خلافاً لشريط الفيديو الذي بث عنهما وشقيقهما الأصغر سيمون بعد 3 أشهر من عملية الاختطاف حيث بدا عليهم الهزال والتعب.
إلى الصحة الجيدة حملت الشقيقتان عادات يمنية واسمين عربيين، ليديا صارت سارة، وآنا صارت فاطمة، كذلك كانتا تناديان على بعضهما في منزل عمتهما، حيث استقرتا منذ الأربعاء الماضي.
ونقلت صحيفة ألمانية أن ليديا وآنا اكتسبتا عادات من المحيط الذي ظلتا فيه خلال مدة الاختطاف، إذ لوحظ عليهما اللعب بأواني المطبخ وعلى السفرة، إلا أنهما بدأتا تتكيفان مع حياتهما الجديدة.
وإلى اسميهما العربيين، تتحدث ليديا (6 سنوات)، وهي تكبر شقيقتها بسنتين، بلغة خاطفيها «العربية»، وتشترك مع آنا في حب تناول الخبز مع السمن، ولون شعرها المصبوغ بالحناء اليمني. ولقد طلبتا أقاربهما إذا كان بإمكانهم الطبخ على نار مفتوحة، كما تعودتا خلال الشهور ال11 فترة اختطافهم.
وطبقا للصحف الألمانية فإن الأمن السعودي حين عثر على الشقيقتين كانتا ترتديان ملابس احتفالية شعبية من الموروث اليمني.
ورجت أخصائية نفسية أن تكون الشقيقتان انفصلتا بعد وقت قصير من عملية الاختطاف ووضعهما بين فتيات القرية. وإذ نوهت أنهما حظيتا بمعاملة جيدة، تساءلت عن مدى آثار الصدمة النفسية التي تعرضتا لها.
ونقلت الصحف الألمانية على لسان رئيس بلدية نوربرت وولف في ولاية سكسونيا: من الصعب أن نسألهما عن والديهما خوفا من أن يؤدي هذا السؤال إلى إصابتهما باضطراب ما بعد الصدمة.
وتم لم شمل الطفلتين مع عمتهما وغيرها من أفراد الأسرة في وقت متأخر يوم الأربعاء، بعد نقلهما جوا إلى ألمانيا على متن طائرة ألمانية.