في الذكرى الاولى لرحيل عادل الاعسم

في الذكرى الاولى لرحيل عادل الاعسم

• في مثل هذا اليوم من العام الفارط غيب الموت واحداً من الرجال الأوفياء، إنه صاحب العمود الشهير "صماصيم" وفارس "الفرسان" المغفور له بإذن الله تعالى عادل الأعسم.
• عام مضى على "الفاجعة" التي ألمت بأهله وذويه ومحبيه. وبعد مرور عام على وفاته بالتمام والكمال، فإنه لزاماً علينا أن نفتش في مواقفنا تجاه فقيد الصحافة وأسرته، وأين نحن من دائرة "الوفاء"!
• ووفاءً من أسرة "النداء" تجاه زميل لهم نفرد "الملعبـ" هذا الأسبوع لإحياء الذكرى الأولى لوفاته، مع أمنيات قلبية صادقة بأن تأتي الذكرى الثانية وقد تحولت "الوعود" التي قطعها البعض على أنفسهم، إلى واقع تعيشه أسرته ويلمسه المجتمع المحيط!
 
عندما تختنق العبرات!
علي سالم بن يحيى
"الموت نقاد في كفه جواهر يختار منها الجياد"
في غمرة انشغالي وخوفي على كريمتي من مرض السرطان، الذي اخترق دماغها فجأة ولم يستطع العلاج الكيماوي إيقاف مده القاتل، يأتيني الخبر المؤلم أن الأستاذ عادل الأعسم دخل في غيبوبة، نتيجة لخطأ طبي فادح في العاصمة المصرية القاهرة، ومرت اللحظات عصيبة حتى وصلنا الخبر الفاجعة بموته وانتقاله إلى جوار ربه.
ياااااااه عام مر على فراق "أبو محمد"، صاحب القلب الكبير والموقف النبيل والكلمة الشريفة، في زمن قل فيه الأوفياء والتهم أكسجين النبلاء وحوله إلى غاز سام يقذف مخلفاته في مرمى نكران الجميل وخنق ما تبقى من مواقف الرجال إن كان هنالك رجاااااال!
كنت حاضرا في عدن لوداع الغالي النبيل كأقل واجب أقدمه، لأستاذ فاضل بمعنى الكلمة، ولا أنسى الدموع المتقاطرة التي انهالت من المآقي، وما أقسى بكاء الرجال.. كل من كان حاضرا بكى وانهالت دموعه، ومن حاول التماسك والتعلق بقشة رباطة الجأش كانت الدموع تخنقه ويحاول الهرب إلى بعيد ليذرف الدموع في بحر الأحزان.
أبو محمد.. لا أدري أأبكيك أم أحسدك على رحيلك المبكر من دنيا فانية كل ما فيها محزن.. ويقتلك يوميا كمدا وغما..؟! وآه ما أقسى رؤية الأحباب وهم يتوارون بلا حياء ويتخلون عن أعز الأصدقاء ويتركونهم يصارعون آلامهم فرادى.. دنيا حقيرة يا أستاذي الفاضل رحمك الله وأسكنك فسيح جناته.
في غمرة التأبين والحزن يهزم الجميع، اقترب أحدهم من المسؤول الكبير وأبلغه بأن يهتم بأسرة الفقيد الغالي الذي وهب حياته فداءً لوطنه ولجموع البسطاء فيه.. وحدثه أن يحاول بنفوذه تحسين وضع أسرته واعتماد راتبه الجديد كدبلوماسي (مدير المركز الإعلامي بسفارتنا في القاهرة). انتفض ذلك المسؤول من مجلسه وظهرت علامات الغضب على وجهه، وأكد أن ذلك عمله من غير توصية لمكانة الفقيد في نفسه، وأقسم بذلك.
مرت الأيام والأشهر ولا زال الوضع كما هو عليه، لا راتب وصل ولا منزل امتلكته أسرته، وطلع الكلام (فشنك) وكتعبير لحظي انفعالي مع دقيقة الحزن التي عاشها الجميع وبكل أسف تناساه الجميع!
ماذا سيقول هؤلاء للأعسم وهو من أوقف صحيفته "الفرسان"، احتراما لهم ومنع زناد قلمه من تصويب طلقاته المدوية في برواز الأخطاء..، لمكانتهم في نفسه، وترك الساحة لمن لا يفقهون في الصحافة شيئا سوى مزيد من الابتذال. وأعتقد أنه كان يموت يوميا جراء ذلك، لكنه من نوعية الرجال إذا ما قالوا كلمة يموتون عندها!
هي فرصة نذكِّر من طبع صورة عادل الأعسم في قلبه، عندما كان على ظهر الدنيا جوادا لا يقهر ومحبوبا غالياً على النفس، أما وقد انتقل إلى جوار ربه انتزعوا تلك الصورة وحولوها إلى شيء من الذكريات. وهذا الكلام نسوقه لأصحاب السمو والمعالي والشيوخ والبشوات.. أما نحن البسطاء فسيظل (عادل) حيا في نفوسنا، وستظل الأكف تنادي رب السماء أن يرحمه ويسكنه فسيح جناته.. ولن ننسااااااااه أبدا.
 
حالة استثنائية في حياتي
عبدالله مهيم
لاشك أن أصعب شيء على الإنسان عندما يطلب منه الكتابة عن نفسه، فكيف سيكون الحال عندما يطلب منه أن يرثي نفسه أو الكتابة عن ذكرى رحيله عن هذه الدنيا الزائفة؟ بالتأكيد الأمر سيتجاوز مرحله الصعوبة إلى أكبر من ذلك بكثير.
أصدقكم القول إنه رغم إيماني بالقضاء والقدر وأن الموت حق علينا جميعا ونهاية حتمية لكل من على المعمورة، إلا أنني حتى اللحظة والتي تصادف رحيل نصفي الآخر وأخي الذي لم تلده أمي وصديقي وأستاذي وقدوتي، لم أستوعب أن المغفور له بإذن الله عادل الأعسم (أبو محمد) قد رحل ولن ألتقيه مرة أخرى في هذه الدنيا، وظل الأمر بالنسبة لي على مدى العام الماضي وكأن غيابه مؤقت ومعتاد.
كما أصدقكم القول إنني كلما حاولت أن أكتب عن الرحيل الفاجعة أو الذكرى الأليمة ارتعشت يدي ولم أستطع أن أمسك القلم أو أن أستجمع قواي العقلية وأفكاري، فالكلمات مالحة في فمي والأفكار تتزاحم حتى أصبحت غير قادر على ترتيبها بسبب أن عقلي لم يستوعب الفراق حتى اللحظة، لذلك كان من الطبيعي عدم قدرتي من تلبية طلبات زملائي الأعزاء مسؤولي الصفحات الرياضية والصحف في أن أكتب معهم في ذكرى الفقيد الغالي. كما أن السبب ذاته جعل قلمي يغيب عن الكتابة عندما نزل خبر الرحيل علينا كالزلزال المدمر. ولولا إصرار الزميل العزيز شفيع العبد ووجوب تلبية الدعوة بعد الوعود العرقوبية مني في المساهمة معه في هذه الصفحة الرائعة، لما شاركت بهذه الكلمات التي أرى أنها لا تلبي الذكرى، ولكن على طريقة مكره أخاك لا بطل.
لن أتحدث عن الفقيد الغالي والأخ والقدوة، فهو صفحة بيضاء يعرفه الجميع، وحظي حبه وفقدانه بإجماع لم يسبق له مثيل في التاريخ. وأكتفي بالقول إن "أبو محمد" -يرحمه الله رحمة الأبرار- كان وسيظل حالة استثنائية في حياتي، وليعذرني القراء على هذه المادة التي لا تليق أبدا بهذه الذكرى، فهذه الكلمات امتزجت فيها دموعي مع حبر قلمي، فمن مصابه كبير وأكبر من كل الناس في وجدانه وحواسه وجوارحه وأحاسيسه، لا يستطيع التعامل مع المصائب كسائر الناس أو كبقية البشر. أستسمح القراء الأعزاء على عدم القدرة بالاستمرار في الكتابة، فالحدث أكبر من قدراتي ومشاعري، لكنني أختتم كلماتي المتواضعة بعبارة كتبها الأستاذ الكبير مطهر الأشموري في ذكرى تأبين المرحوم، فقال فيها: "من عرف الأعسم أعمق وأدق وتعامل معه بالمودة، فهو لا يقابل ذلك بالمودة، بل بمزيد من مودة لا تفنى وطاقة لا تنضب، ولذلك فالأعسم الذي ميزني في مودته زاد تمييزي في حبي ومحبتي، فأثقلني بدين فوق قدراتي ومسؤولية فوق كاهلي، وسأظل ما حييت حتى ألتقيه في الدار الآخرة –إن شاء الله– أرد ما استطعت من الدين وأؤدي ما تمكنت من المسؤولية".
أخيرا.. رحم الله الحبيب الغالي الذي لا يزال يمنحنا دروساً مجانية حتى بعد رحيله، ولعل آخر وأهم درس تعلمناه منه: أن هذه الدنيا لا تساوي شيئا أبدا.. وكفى..
 

عام على رحيلك... وما زالوا بعيدين عن الوفاء!
شفيع العبد
لم يكن الشاعر الجاهلي "امرؤ القيس" وهو يكتب مطلع معلقته الشهيرة، يعلم أن هناك من سيأتي من بعده لاستعمالها في أكثر من زمان ومكان.
"قفا نبكـ".. كل يردده للتعبير عن وجع أصابه، أو عن مصاب حل به!
أدرك جيداً أن البكاء لا يحتاج إلى إذن كما هو الوفاء.. بقدر ما يحتاج إلى قلوب صادقة وضمائر حية.. ومشاعر إنسانية.
ونحن نطوي العام الأول على رحيل فقيد الصحافة اليمنية المغفور له بإذن الله تعالى عادل الأعسم، يتوجب علينا التوقف للبكاء.. البكاء على رحيله في وقت نحن بأمس الحاجة إليه.. لنصائحه.. لمواقفه!
البكاء على الطريقة التي تعاملنا بها مع حقوقه علينا.. وواجباتنا تجاهه، على أن الأمر لا يتوقف هنا على أصحاب القرار.. بل ينطلق ابتداءً من زملاء الحرف والمهنة، الذين كان لهم بمثابة السند والمعين في مواقف كثيرة.
البكاء على الطريقة التي تعاملنا بها مع أربعينيته التي مرت من أمام الجميع مرور الكرام دون أن تهز شعرة ألم وحسرة في قلوب أصحاب القرار الذين ذرفت دموعهم مدراراً وتباكوا عند وفاته وتشييع جثمانه.
أدرك أيضاً أن التأبين لن يضيف للأمر شيئاً بقدر ما هو تذكار جميل يكشف عن معادن الرجال ومدى صدقيتها تجاه المصاب!
جامعة عدن، نقابة الصحفيين، الاتحاد العام لكرة القدم، وزارة الخارجية... جهات عمل معها "عادلـ" وانتمى إليها.. لكنها كشرت عن وجهها "المتخاذلـ" وكشفت عن عشقها اللامتناهي لـ"النسيان" وارتدائها ثوب الجحود والنكران!
إنه وطن الجحود صديقي أبا محمد.. لم يذكرك حتى بكلمة.. أو قصيدة.. أو بحث في سيرة.. هكذا كل من مات يقع مصيره عدا من يتبوؤون المناصب ويعملون على قتل الوطن وأهله.. هم فقط دون غيرهم يحظون بكل شيء أحياء وأمواتاً!
بالتأكيد ستظل جامعة عدن ورئيسها يمنون عليك بتأبين مئوي "بعد مرور مائة يوم على وفاتكـ"، وزعوا فيه كتاباً لم يرتقِ إلى حجم الحدث وصاحبه، ليس للجامعة ككيان ذنب في ذلك، وأنت الذي خبرتها داراً للوفاء كما هي عدن، لكنهم صناع القرار بداخلها الذين تفرقوا لأمور بعيدة عن أهدافها وقيمها!
قد تنزعج أستاذي وصديقي حين تعلم أن "راتبكـ" الشهري مازال كما هو.. كما استلمته آخر مرة قبل رحيلك دون زيادة تذكر، أو تسوية حقيقية، وأنت الدبلوماسي والأكاديمي، حتى اللقب العلمي الذي منحتك إياه جامعة عدن كجزء من حقك، لم يشفع لتسوية معاشك!
قيل -وما أكثر ما قيل ويقال- يا صديقي إن أحمد العيسي وعد بشراء منزل لأولادك، وذاك عمل إنساني يُحسب له، لكن وبعد مرور عام على رحيلك لم يتحقق شيء من الوعد!
بشأن "قطعة الأرض" الخاصة بصحيفة "الفرسان" الواقعة في منطقة العريش بخور مكسر بعدن، والتي حاول بعض النافذين البسط عليها تماشياً مع "ثورة" البسط والفيد التي اجتاحت عدن بعد 94، فقد قطع عدد من أبناء محافظتك "شبوه" وعداً على أنفسهم وهم يتبوؤون مواقع قيادية في السلطة وحزبها الحاكم، وباتوا مقربين من الأسرة الحاكمة، وعداً بأن يزيلوا العراقيل ويمكنوا أولادك وأسرتك من الأرضية، وما زالت إلى اللحظة وبعد مرور عام كما تركتها يا صديقي.
يااااه... لست مصدقاً أن عاماً قد انطوى على رحيلك أيها الصديق الوفي.. والأستاذ النبيل.
عام مضى منذ أن وافته المنية عصر يوم الأحد الموافق 26 أبريل 2009، بمستشفى القوات المسلحة بالعاصمة المصرية القاهرة، والذي نُقل إليه بعد تعرضه لخطأ طبي إثر إجراء عملية جراحية لإزالة زوائد لحمية في الجيوب الأنفية في مستشفى "أنت كلينكـ" بمدينة نصر.
عام مضى منذ أن ووري جثمانه الطاهر إلى مثواه الأخير في مقبرة الرحمن بمديرية المنصورة، بعد الصلاة عليه في مسجد الرحمن ظهر يوم الاثنين الموافق 27 أبريل 2009.
عام مضى ومازال أولئك يحومون حول حمى الوفاء ولم يرتعوا فيه بعد، وأظنهم سيبقون كذلك -وليس كل الظن إثماً-!
جعل الله قبرك روضة من رياض الجنة، وأسكنك فسيح جناته.

SMS لرئيس جامعة عدن
"... وعسى أن تجد زوجته وبناته الصغار الرعاية والاهتمام المستحق من الوطن ومن جامعة عدن".
سطر مما كتبه المغفور له بإذن الله تعالى عادل الأعسم، وهو يرثي صديق طفولته وحياته صالح الصائلي، الذي وافته المنية صباح الأربعاء الموافق 28 أغسطس 2002!
هل سيجد (محمد، حسن، عائدة، أدهم) أبناء عادل الأعسم وزوجته الاهتمام المستحق من جامعة عدن؟!
تساؤل مشروع نضعه على طاولة رئيس الجامعة الدكتور عبدالعزيز بن حبتور!
مدرسة.. ملعب.. شارع!
تعددت الوعود.. كما هي الوجوه.. وتلونت.. وتغيرت.. ومر عام.. وتبخرت الوعود ومعها الوجوه..
قالوا وما صدقوا: سنطلق اسمه على أحد "الملاعب.. الشوارع.. المدارس".. لكنها تقف شاهداً على كذبهم من خلال احتفاظها بأسمائها، ومنها أسماء غريبة على المدينة وأهلها وناسها، لا يربط بينهما شيء سوى مجيئهم بعد "ألف ساعة حربـ" كما أسموها.
نسي هؤلاء.. أنك أسست مدرسة "الفرسان".. الشهيرة في "شارع" الصحافة.. وأن اسمك يتردد في "ملعبـ" الرياضة.. وهذا أسمى من مدارسهم ذات المخرجات المتدنية.. وشوارعهم المليئة بالقاذورات.. وملاعبهم التي تفتقر إلى أبسط المقومات.
يكفيك أن اسمك منقوش على جدران قلوب محبيك، ومحفور في وجدانهم.. وستبقى حياً..