خبراء الألعاب النارية

خبراء الألعاب النارية

*الانفجار الدامي في تعز يقود إلى منع تهريب الألعاب النارية وأبناء المحافظة يعولون على فريق صنعاء لتسمية متهم آخر
* الهيصمي ينفي العثور على أحواض تجميعية للمتفجرات وقال: المؤشرات الأولية تؤكد أن الانفجار لم يكن بسبب ديناميت
* صنعاء - «النداء»:
من المتوقع أن تعلن قيادة أمن محافظة تعز اليوم نتائج تقرير اللجان الأمنية المكلفة بالتحقيق في أسباب انفجار الثلاثاء الدامي في بدروم إحدى العمارات بحي المسبح بمدينة تعز.
الراجح أن التقرير لن يفاجئ أحداً، فالمؤشرات الأولية تفصح أن المتهم الوحيد الذي يقف وراء عملية التفجير هي الألعاب النارية(!).
فبعد أقل من 5 ساعات من الانفجار الذي أسفر عن انهيار 3 منازل وقتل 11 أشخاص وإصابة 13 آخرين، قال مدير أمن محافظة تعز العميد يحيى الهيصمي إن انفجار المخزن –البدروم في عمارة يستخدم كمخزن- ناجم عن سوء التخزين للمواد والمنتجات الكيماوية التي تفاعلت محدثة حريقاً امتد إلى الألعاب النارية في المخزن محدثة الانفجار.
في اليوم الثاني للحادثة عقد محافظ تعز حمود الصوفي مؤتمراً صحفي، وقال: نستبعد أي عمل جنائي أو إرهابي وراء الانفجار، وكل المؤشرات التي كشفتها التحقيقات الأولية لأجهزة الأمن ترجح أن يكون نتيجة تخزين خاطئ وعشوائي لمفرقعات الألعاب النارية والكربون وعلب مضغوطة بالفقاقيع تستخدم في الأعراس.
وعلى ما يبدو أننا كنا بحاجة لمثل هذه الحادثة لنقتنع أن مسؤولي محافظة تعز يمتلكون مهارات خارقة في عالم المتفجرات، لكن على هؤلاء المسؤولين أن يطلعوا الرأي العام أياً من الألعاب النارية التي باستطاعتها إسقاط 3 مبانٍ.
معلوم أن الحادثة كانت عبارة عن انفجارين متتاليين وفق رواية الحاج عبدالجبار أحمد الأديمي أحد القاطنين في منزل مجاور للمنازل المنهارة، والذي قال في تصريحات صحفية "كنت أتأهب لصلاة الفجر فسمعت انفجاراً شديداً وشعرت بارتجاج المنازل، وبعدها بثوانٍ سمعت انفجاراً ثانياً".
الحادثة لم تكن سوى انفجارين. والراجح أن مسؤولي المحافظة يعرفون ألعاباً نارية من النوع الذي يقتل ويدمر ويُحدث كل هذا الخراب الذي حل بحي المسبح.
غير أن بعض أبناء تعز يستبشرون خيراً عقب بث خبر نزول فريق من المعمل الجنائي بالعاصمة إلى تعز للمشاركة في التحقيق حول أسباب الانفجار، خصوصاً أنها وصلت بعد يوم من توجيه أصابع الاتهام إلى الألعاب النارية. غير أن المؤشرات لم تتغير حتى مساء أمس الأحد، إذ أكد مدير أمن تعز الهيصمي أن التحقيقات الأولية جميعها تؤكد أن الانفجار ناجم عن سوء تخزين الألعاب النارية والمواد الكربونية.
وقال لـ"النداء" عبر الهاتف: ما من مؤشرات تفيد بأن الانفجار ناجم عن ديناميت كما أشيع.
وبخصوص ما يتردد حول العثور في بدروم العمارة على أحواض تجميعية يعتقد أنها تستخدم في إعداد المتفجرات الصغيرة، نفى الهيصمي صحة هذه الأنباء، وقال: غداً سنطلعكم على نتائج أعمال اللجان الأمنية.
وعلمت "النداء" أنه إلى جانب فريق الأدلة الجنائية الذي قدم من صنعاء للاشتراك في التحقيق حول أسباب الحاثة، هناك أيضاً لجنة من قوات مكافحة الإرهاب وحدة المتفجرات ولجنة أمنية من محافظة تعز يشترك فيها بحث المحافظة والأمن السياسي والاستخبارات العسكرية، فضلاً عن مندوب من قيادة أمن المحافظة.
وفي سياق ذلك، استنكر محامي ضحايا الانفجار علي سعيد الصديق التصريحات الصادرة عن المحافظ والقيادات الأمنية بالمحافظة، التي اعتبرت الحادث ناجماً عن ألعاب نارية، مؤكدا أن تلك التصريحات تحمل دلالات "مثيرة للريبة والشكـ"، كونها أدليت بعد ساعة من الانفجار دون استناد إلى تقارير فنية مخصصة من خبراء المتفجرات لمعرفة ماهية المواد المتسببة بالانفجار باعتبار أشلاء الانفجار امتدت إلى 500 متر من الموقع، حد تعبيره. مشيرا إلى أن ما تناقلته وسائل الإعلام المحلية والدولية تعد "كارثة بحق الإنسانية" باعتبار الحادث أودى بحياة 10 أشخاص معظمهم من الأطفال والنساء.
وطالب محامي الضحايا، النائب العام، بسرعة التوجيه بتكليف لجنة فنية متخصصة بالمتفجرات والاستعانة بخبراء أجانب من ذوي الخبرات، وعدم الاكتفاء بالتقارير المرفوعة من قبل السلطة المحلية بالمحافظة كون تصريحاتهم جاءت بعد ساعة من الانفجار، منوها إلى أن تلك التصريحات غير ملزمة لأسر الضحايا وليس لها أي أثر قانوني.
يقول نجل المتوفى عبدالقادر عوض مالك إحدى العمارات المتضررة، إن عمارتهم المكونة من 3 طوابق سقطت نتيجة الانفجار الشديد من مخازن العمارة المجاورة لهم.
ويضيف في تصريحه لـ"نيوزيمن" أن الانفجار قد يكون سببه ديناميت أو بارود –الله يعلم– يواصل بنوع من الأسى: نحن نشوفهم في الليل ينزلوا بضاعة لا نعلم على ماذا تحتوي..
ويقول إن الذين سقطوا في الحادثة من أسرتين، الأولى أسرة أمين عبدالقادر الأديمي الذي أصيب في الحادث وتوفي 4 من أبنائه، وهم: سمية أمين عبدالقادر (19 عاما)، دولة أمين عبدالقادر (25 عاماً)، هبة أمين عبدالقادر (17 عاما)، وجلال أمين عبدالقادر (35 عاما).
أما الأسرة الثانية فقد أودى الانفجار بحياة أفرادها جميعا وهم محمد فهمي طاهر (9 سنوات)، كفاح أحمد مقبل (8 سنوات)، أيمن فهمي طاهر (11 سنة)، عفاف فهمي طاهر (19 سنة)، أروى عبدالله سعيد (42 سنة)، وعلي أحمد عبدالله (70 سنة).
ويوضح الشاب أن بنات إخيه المتوفيات أكملن دراستهن الثانوية فيما سمية ما تزال في الصف السابع.. وهناك من تم إسعافهن إلى مستشفيات الثورة والجمهوري.
أما المصابون هم منية فهد علوان السقاف، عماد سعيد عارف، عبدالعزيز عبدالقادر، تميم عبدالجبار حيدر، وفاء عبدالقادر، فهمي طاهر مقبل، محمد عبدالكريم قاسم، رضوان راجح محمد، بسام عبدالله، عفيف فهمي طاهر، عبدالقادر عوض الأديمي، وليد عبدالقادر الأديمي، إيناس عبدالقادر، وعصام سلطان علي.
عمليات الإنقاذ بدأت صعبة خاصة وأن المنزل المنهار يتكون من الحديد المسلح، مما حدا ببعض الجيران إلى المطالبة بآلات كثيرة حتى يتسنى إخراج المتبقين تحت الأنقاض.
فيصل مشعل مدير مكتب الأشغال بالمحافظة، يوضح بدوره أن جميع الجهات المسؤولة في تعز هرعت إلى المكان بما فيها مكتب الأشغال العامة الذي عزز وجوده بآلات الشيول والبكلين والغرفات، وعند وصول تلك الآلات لم تبدأ بالعمل مباشرة نظراً لوجود كثافة سكانية في المكان، وبعدما تم إخلاء المنطقة من السكان بدأت عملية الإنقاذ.
وفيما لا تزال أعمال الإنقاذ وانتشال الأجزاء المنهارة من المنازل المدمرة مستمرة حتى ساعة كتابة الخبر، حمل الأهالي الحكومة والجهات المختصة بالمحافظة مسؤولية ما حدث لتهاونها في عدم تفتيش المخازن ومساءلة التجار عما بحوزتهم من تحزين.
من جانبه، أكد شوقي أحمد هائل عضو المجلس المحلي بالمحافظة، أنه تم تسكين المواطنين المتضررين من الكارثة.
وقال لـ"حديث المدينة": إن البدء بإعادة بناء منزل الأديمي الذي تهدم سيكون خلال الأيام الثلاثة القادمة، مشيرا إلى أن تكلفة بناء المنازل المهدمة وتعويض المتضررين ستكون على نفقة مشتركة بين السلطة المحلية ورجال الأعمال والخيرين.
وفي المؤتمر الصحفي لم يغفل الصوفي التعريج على فضائل رئيس الجمهورية في متابعته لسير عمليات الإنقاذ، وقال "ظل الرئيس في تواصل مستمر لمتابعة سير عملية الإنقاذ وإسعاف الجرحى". لافتاً إلى توجيهات الرئيس بترحيل من إصابته خطرة للعلاج في الخارج وتسكين الأسر المتضررة.
وأكد على اتخاذ إجراءات حاسمة لمنع نشاط التهريب بكل أشكاله وصوره، ومنها الألعاب النارية.