أحمد جابر عفيف - مشعل ضوء لاحق الظلام

أحمد جابر عفيف - مشعل ضوء لاحق الظلام

*هدى العطاس
مثلت تجربة الأستاذ أحمد جابر عفيف أستاذ الثقافة و"أبو المثقفين" مشروعا تنويريا، مغايرا ومفارقا للسائد والمعتاد على المستويين الشخصي والمؤسسي.
كان فقيدنا الجليل مسكونا بالتحديث والتمدين. استقرت في بؤبؤي عينيه النافذتين صورة محلومة ليمن عصري حديث ومتطور، فأوقف لها عمره وجهده وما أمكن له من مقدرات.
كان يصدر صلابة ثقته بما يفعل، وإيمانه بأن على الحاضر أن يجب الماضي، ويعلن من خلال مواقفه الشخصية والمؤسسية تمسكه بالثقافة والتحديث كركيزة رئيسية لانتشال اليمن من بؤسه وتخلفه، وأن المشاريع الكبرى والغايات السامية تترعرع وتزدهر في محاميل العلم والوعي والتحضر، وأن لا سبيل لتقدم اليمن وتحضره إلا عبر محاربة الجهل بكل أشكاله، وسد أنفاق التخلف وذرائعه، وكان فقيدنا الجليل سباقا إلى ضرب المثال من تجربته الشخصية الحياتية والعملية، متسقا مع نفسه ومواقفه.
عرف أن الجهل هو العدو الأول لليمن، فحاربه بالعلم من خلال موقعه كوزير للتربية والتعليم مطلع السبعينيات، وتيقن أن القات هو الآفة الأخرى والكبرى للتخلف، فسكنه حلم طوباوي بالقضاء عليه حاول تجسيده بمشروع بذل فيه ما استطاع، مغردا خارج سرب "الموالعة" المثلومين بعادة التخزين السيئة. وحينما آمن أن للمرأة حقوقا تساوي الرجل، رأينا رفيقة دربه، زوجته أم خالد، إلى جواره في المنصة، في حفل تكريمهما لمسيرة حياتهما، ورأيناها تجسيدا ماديا على صفحات مذكراته. لم يخش لغط التقليديين، ولم يستح كغيره من المثقفين المرائين في مواقفهم.
كان مشروع العفيف الإنساني والمؤسسي تجربة مغايرة، وحالة فريدة تشبه مذنب هالي يمر في سماء الدنيا مرة في كل قرن.
hudaalattasMail