مجور يغادر صنعاء بجعبة خاوية وكامبل يمدِّد زيارته

مجور يغادر صنعاء بجعبة خاوية وكامبل يمدِّد زيارته

                                       الضباب يلف «مؤتمر لندن»
* «النداء»
الضباب يلف لندن حيث ينعقد بعد غدٍ مؤتمر دولي عن اليمن دعت إليه الحكومة البريطانية على هامش مؤتمر عن أفغانستان، سيخصص «اللاعبون الكبار» في المسرح الدولي ساعتين لبحث «المسألة اليمنية»، التي تتصدر منذ أسابيع جدول أعمالهم.
ساعتان لاغير! ترى هل تكفيان لبحث التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تواجه اليمن؟
في البدء رحبت الحكومة اليمنية بحرارة بدعوة جوردن براون. ثم راحت تجتهد في تحديد مهام المؤتمر، قبل أن تصحو على تصريحات لمسؤولين غربيين تفيد بأن ساعتي المؤتمر مخصصتان لامتحان الطالب اليمني المهدد بالرسوب في «قاع الفشل».
وحسب السفير البريطاني في صنعاء تيم نولوت، الذي عقد مؤتمراً صحفياً الأربعاء، فإن الوفد اليمني الذي سيترأسه علي مجور، سيقدم إلى المشاركين في
المؤتمر أوراق عمل عن أبرز التحديات في المجالات الاقتصادية والسياسية والتنموية والأمنية.
ومن النقاش يتوخى المشاركون التوصل إلى تحليل مشترك لهذه التحديات وسبل مواجهتها.
وبعيداً عن اللغة الديبلوماسية للسفير البريطاني، فإن الامتحان سيتركز حول القضايا السياسية والأمنية. وفي هذا السياق يمكن قراءة الكثير مما تنشره وسائل إعلامية غربية مؤثرة مثل النيويورك تايمز والنيوزويك والواشنطن بوست وغيرها، عن الفساد السياسي والمالي في اليمن، والنقد القاسي للرئيس علي عبدالله صالح بسبب تجاهله التحديات التي تواجه بلده، والانغماس، بدلاً من ذلك، في لعبة توريث الحكم لنجله.
لكن الحكومة اليمنية تريد مساعدات مالية فقط، تريد نسخة ثانية من مؤتمر نوفمبر 2006. لكن هذا الأخير لن يحضر إلا باعتباره مؤشراً صريحاً على فشل الحكومة اليمنية في استيعاب أية مساعدات أو منح اقتصادية.
علاوة على انعدام الكفاءة في استيعاب المساعدات، سيكون ملف الأمن حاضراً بقوة، بل إن ما كان للمؤتمر بساعتيه القياسيتين أن ينعقد لولا «القاعدة» التي احتلت واجهة المشهد اليمني محلياً ودولياً. وسيتعين على الوفد اليمني أن يبرهن في لندن جدية صنعاء في محاربة «القاعدة» باعتبارها التحدي الأبرز للحكومة اليمنية في الوقت الراهن.
والبرهنة تقتضي بالضرورة إسقاط الاتهامات التي توزعها الحكومة هنا على خصومها الطارئين في الجنوب وصعدة عن تورطهم في دعم «الإرهاب». فخلال الشهرين الماضيين لم تستمزج واشنطن ولندن وغيرهما لعبة خلط الأوراق التي تمارسها صنعاء في حروبها الداخلية.
سيتوجب على الوفد اليمني، في المقابل، أن يوضح للشركاء المفترضين في عاصمة الضباب، ما الذي تنوي السلطة في اليمن فعله من أجل استيعاب مطالب الجنوبيين ووقف الحرب في صعدة. ليس في حوزة مجور والقربي الكثير مما يستحق القول، خصوصاً وأن المئات من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية، مهاجرين ونازحين، يخططون من وقت مبكر لفعالية احتجاجية خارج قاعة المؤتمر، تدلَّل على أن المسألة الجنوبية لا يتم تجاوزها بلجان رئاسية جديدة تم تشكيلها على عجل قبل أيام من المؤتمر.
كذلك هو الحال في ما يخص الحرب في صعدة. وبعد نحو شهرين من احتفال الإعلام الرسمي والإعلام الموالي للسلطة بمقتل زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي في غارة جوية، بث المكتب الإعلامي للقتيل المفترض، تسجيلاً مصوراً يظهر فيه الحوثي بكامل أطرافه، وفي حالة ذهنية جيدة، محققاً انتصاراً جديداً في حربه النفسية والإعلامية مع السلطة.
وفي ما يخص المسار الديمقراطي الذي كان محط إشادة وتقدير في مؤتمر لندن السابق، فإن الوفد اليمني سيغادر صنعاء قبل أن تحقق السلطة اختراقاً حقيقياً يكسر الجمود في علاقتها بأحزاب اللقاء المشترك.
وعلى الأرجح فإن جهود المعهد الديمقراطي الأميركي لن يكتب لها النجاح قبل انعقاد المؤتمر. ومعلوم أن ليزلي كامبل مسؤول الشرق الأوسط في صنعاء يجري منذ الأربعاء الماضي اتصالات مكثفة مع مختلف أطراف «اللعبة الانتخابية» وفي مقدمتهم الرئيس علي عبدالله صالح. وقد اضطر إلى تأجيل مغادرته المقررة صباح أمس الأحد، أملاً بإقناع السلطة والمشترك بالتوافق على آلية للحوار تسمح باستئناف المسار الانتخابي المعطل منذ أبريل 2009.
مساء السبت نسبت وسائل إعلام حكومية تصريحاً لكامبل يؤكد فيه على أهمية انعقاد مؤتمر الحوار الوطني «الذي دعا إليه فخامة رئيس الجمهورية في إطار مجلس الشورى». وحسب هذه الوسائل الإعلامية الحكومية، فإن كامبل استمع من رئيس مجلس الشورى (ورئيس اللجنة التحضيرية للحوار) عبدالعزيز عبدلغني، إلى ملخص للتحضيرات الجارية من أجل انعقاد المؤتمر، وكان من ضمن ما سمعه أن التمثيل في الحوار داخل مجلس الشورى سيشمل السياسيين والبرلمانيين ومناضلي الثورة اليمنية وممثلي السلطة المحلية والأطر المهنية والنقابية والإبداعية والشبابية والمرأة. أي أن الحوار الوطني (الحكومي) سيكون بمثابة مهرجان احتفالي شبيه بتلك المهرجانات التي تنظمها السلطة في المناسبات الوطنية. وهذا، بالتحديد، ما لا يروق كامبل الذي يعرف جيداً أن أي حوار لن يكتب له النجاح دون مشاركة اللقاء المشترك، وأن مشاركة هذا الأخير ليست مرجحة من دون الوفاء ببعض الالتزامات، وخاصة إطلاق سراح المعتقلين على ذمة قضايا مطلبية أو قضايا رأي.
وطبق مصدر رفيع في المعارضة فإن اللقاء المشترك وضع كامبل في صورة ما يجري في صعدة والجنوب. وأن المشترك شدَّد على أن أي حوار لن يُكتب له النجاح إذا لم يخصص حيزاً في قاعته لممثلي الحراك الجنوبي والحوثيين.
ومهما يكن الأمر في صنعاء، فإن المرجح أن رئيس الوزراء علي مجور سيغادر إلى لندن بالقليل من الزاد، ما يعني أن جعبته قد تمتلئ بالإملاءات في رحلة العودة!