مؤتمر لندن: إعلان انتهاء السيادة اليمنية

مؤتمر لندن: إعلان انتهاء السيادة اليمنية

*منى صفوان
زيادة جرعة المعونات، لا يعني.. أن الاقتصاد سيتحسن. هذه الجملة تلخص لحالة اليمن الحالية، وتلخص ما يحدث قبل انعقاد "مؤتمر لندن".
فهناك التزامات مالية من قبل دول مختلفة، قائمة بالفعل تجاه اليمن، الذي يعمل للتأكيد على سيادته، التي تعني أيضا، استقلالية قراره.
وهنا، ترسم ملامح العلاقة، التي من المفترض أن تكون بين حجم المساعدات، وحقيقة استقلالية سيادة البلد، الذي يعتمد أمنه القومي على أرقام تصل الى مئات ملايين الدولارات، التي تقدم بشكل رسمي، ويجري ضخ أضعافها بشكل غير رسمي. فالرئيس علي عبدالله صالح يعتمد بشدة على المساعدات المالية. ويقول محللون إن هناك اعتقادا بأن السعودية تنفق أكثر من مليار دولار من المساعدات الرسمية السنوية لحكومته، كما أن أجهزة غير حكومية وأفرادا سعوديين يساهمون بمئات الملايين من الدولارات الإضافية لجهات خاصة.
فمنذ أن أصبح أمن اليمن ذا أولوية دولية، وهناك أرقام فلكية تضخ في ميزانية الدولة، من قبل الدول المتضررة بشكل مباشر، من تردي الأوضاع الأمنية، التي تسمح لعناصر مسلحة بزيادة نشاطها في اليمن، لتؤثر على الأمن القومي، لدول الجوار والدول الكبرى.
وهنا أيضا، يقدر ما تضخه السعودية (الدولة الأقرب) بأضعاف مما يصل لليمن من مساعدات من قبل الدول الأخرى مجتمعة.
فهناك أرقام لا يتم الإعلان عنها، بينما الأرقام السعودية التي يتم تداولها رسميا، هي أرقام كبيرة تصل الى 300 مليون دولار بحسب ما يقدره محللون. وهذا يعد جائزاً بحسب سياسة المملكة التي تريد الحفاظ على أمنها القومي وحماية حديقتها الخلفية، والتي تهدد بضربها من الخلف، إن هي أهملت اليمن، فعناصر القاعدة التي هاجمت مكتب وزير الداخلية السعودي جرى التأكيد أنها تلقت تدريباتها في اليمن التي تعتبر منذ مدة نقطة انطلاق للقاعدة لتنفيذ هجمات على الأراضي السعودية التي صارت تحاصر وجود أعضاء التنظيم.
رغم ذلك ما يزال اليمن يحتاج لمساعدات دولية تصل الى ملياري دولار سنويا ليستطيع الوفاء بالتزاماته تجاه المانحين، ويحتاج لضعف هذا المبلغ لتحسين الاقتصاد، بحسب تصريح وزير الخارجية أبو بكر القربي في 14 يناير.
إن تحسين الاقتصاد، هو الفريضة الغائبة في الحياة السياسية اليمنية، وإليه يعزى سبب التدهور الأمني السريع، ويأتي الفساد المالي متراسا للعوائق التي تحد من إيفاء اليمن بالتزامه جاه الدول المانحة، ومنها المملكة السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا.
فاليمن الذي التزم في مؤتمر المانحين في لندن 2006 بعدد من الالتزامات الاقتصادية والتنموية، ومن ضمنها مكافحة الفساد، أثبت فشله الذريع قبل نهاية العام 2009 بعد تزايد هجمات "الإرهابـ" الذي يستهدف أمريكا وبريطانيا، والتي أعلنت انطلاقها من اليمن.
ومع بداية العام 2010، وقبل مؤتمر لندن، الذي سيعمل على مراجعة التزامات اليمن وتعهداته تجاه الماحين، يكون اليمن واستقلال قراره وسيادته على أراضيه، على المحك.
فبرغم زيادة حجم المساعدات سنويا، وكان آخرها ما أعلنته الولايات المتحدة لزيادة حجم المعونات التنموية والأمنية، إلى 140 مليون دولار، والمعنونات البريطانية بحسب ما قاله الجنرال ديفيد بتريوس رئيس القيادة المركزية الأمريكية، في الأول من يناير، إن الولايات المتحدة ستزيد في 2010 من برنامج المساعدات الأمنية لليمن الذي بلغ حجمه نحو 70 مليون دولار في 2009، لأكثر من الضعف، في خطوة تعني أن يصل مجموع المساعدات الى حوالي 140 مليون دولار.
وزادت واشنطن بشدة من التدريبات والمعلومات والمعدات العسكرية التي تزود بها القوات اليمنية، وساعدتها على تنفيذ غارات جوية تستهدف المخابئ المشتبه بها للقاعدة في ديسمبر 2009.
وزاد البرنامج الرئيسي لمكافحة الإرهاب التابع لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) المعلن عنه رسميا لليمن من 4.6 مليون دولار في السنة المالية 2006 الى 67 مليون دولار في السنة المالية 2009. ولا يشمل هذا المبلغ مساعدات سرية قدمتها الولايات المتحدة.
وفي يونيو 2009 أخطرت وزارة الدفاع الكونجرس بوجود التزام ضخم منها لأجهزة أمنية يمنية مختلفة في السنة المالية 2009 بالولايات المتحدة بموجب الحساب رقم 1206 لوزارة الدفاع. وهذا الحساب يهدف إلى تزويد قوات عسكرية أجنبية تقوم بعمليات مكافحة الإرهاب بالمعدات أو الإمدادات أو التدريبات.
ومن الالتزامات الجديدة للولايات المتحدة في إطار الحساب 1206 تقديم مبلغ: 5.9 مليون دولار لمبادرة مراقبة جوية في إطار مكافحة الإرهاب (طائرات هليكوبتر مزودة بكاميرات للرؤية الليلية)، مليون دولار لدوريات خفر السواحل والأمن البحري لمحاربة القرصنة، مليون دولار للأمن الحدودي (360 شاحنة مدرعة رباعية الدفع)، و5.8 مليون دولار لتحسين جهود الحد من مخاطر العبوات الناسفة البدائية.
بين السنة المالية 2006 والسنة المالية 2007، حصل اليمن على نحو 30.3 مليون دولار من الحساب 1206 لوزارة الدفاع.
مؤتمر لندن القادم من المنتظر أن يبدأ في مباشرة مساءلة اليمن، بشأن هذه الأرقام، ويبدأ في تقدير حجم المعونات التي قدمت له من قبل المانحين، بحسب التزاماتها المالية، وبالمقابل يبحث في التزامات اليمن السياسية والاقتصادية التي وعد بها في 2006.
 المانحون (دول الخليج، الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية) سيجتمعون بعد أيام ليسألوا شريكهم الرسمي "اليمن" وليثبتوا له.. أنه لم يكن جديرا بثقتهم.
فاليمن، لم يُصلح نظامه القضائي الذي يعاني فسادا إداريا وماليا، إلى جانب عدم فصله واستقلاليته. كما أن مشاريعه التنموية متعثرة، والفساد المالي تغلغل في مؤسساته، ومؤشر الفقر يرتفع، فالفقر هو حالة اليمن المتهالكة، تجعل موقفه ضعيفا في مؤتمر لندن، وسيادته الشكلية تكاد تسقط، فاليمن يبدو دولة منهارة دون مساعدات، فكونه الأفقر عربيا، واعتماد خزينته على المعونات، لم يعنه على إعادة بناء اقتصاده. الذي لم يشفع له زيادة إنتاجه النفطي، فمؤخرا أعلن وزير النفط أن اليمن سيرفع إنتاجه اليومي الى 300 ألف برميل يوميا، وهو إجراء يهدف الى طمأنة المانحين أن اليمن ما زال قادرا على رفع معدل إنتاجه، وأن موجات العنف لم تؤثر عليه، فاليمن الذي يكافح لمواجهة التراجع في أسعار النفط عالميا، يكافح أيضا لإقناع المانحين باستمرار الالتزام بتقديم معوناتهم، خاصة بعد تهديدهم له بقطع هذه المعونات إن لم يسيطر على الفساد والفقر. هنا يحمل الرئيس مسؤولية مباشرة، بصفته المكلف بسن إصلاحات تضمن محاربة البيئة التي يتغذى عليها الإرهاب. وبرغم أن "صالح" أدان الفساد في السابق، ولكنه سيواجه حقيقة أنه قاد على مدى 3 عقود نظاما يقوم على المحسوبية لتحقيق توازن في القوى بين العشائر والفصائل داخل الصفوة من الجيش وأجهزة الأمن، أدى إلى غرق البلد في حالة من التردي أوصلته الى ما هو فيه الآن.
monasafwanMail