عندما يفقد المرء نصفه الغالي.. !

عندما يفقد المرء نصفه الغالي..!

نعمان الحكيم
< لا يسهر الليل إلا من به ألم
والنار ما تحرق إلا رجل واطيها
هي إشارة إلى البدء، لنقدم فيها مواساتنا، ليس إلا، لرجل خلوق وشاب أنيق، رزء بوفاة النصف الأعز من حياته، شريك العمر الذي كان يؤمل أن يكون مديداً، ولكن الله يسترد أماناته في أجل محدد وفي لوح محفوظ!
< لك الله يا زكريا.. وأنت تفقد العزيزة الغالية، بعد رحلة عشق وحب ونجاح علمي منقطع النظير.. لك الله وأنت تقاسي الآلام، وتعيش المرارة والغصة التي تكاد تكون صخرة ضخمة في الحلق وثقلها يكون على الصدر.. ولكنك في محك ولا راد لك من أن تجتازه شئت أم أبيت.. ولله في خلقه شؤون!
< تألمنا لك أيها الزميل الكمالي، وبالأخص عند مطالعتنا «النداء» الأسبوع الفائت، ورؤيتنا لصورة جامعة لك وللغالية (الفقيدة)، ما زاد من الألم والحسرة على شباب في عمر الزهور يفقد هكذا وكأنه الكابوس الذي لا يصدق.. لكن الحق أراد، وهي مشيئته تعالى، وتبقى الذكرى العطرة والسيرة المحمودة لفقيدتكم رحمة الله عليها، حرمكم التي حرمتم منها.. وقلوبنا معك أيها العزيز.
< «إن حزناً في ساعة الموت
أضعاف سرور في ساعة الميلاد
صاح هذه قبورنا تملأ الرحب
فأين القبور من عهد عاد؟»
صدق المعري، رهين المحبسين، عندما سطر في لزومياته الأثيرة قصة الموت والحياة، وما بينهما كفلسفة تترجم سفر الحياة من الميلاد إلى الوفاة التي هي الرحلة الأبدية إلى جنان الخلد، وإن شاء الله تكون فقيدتكم أيها العزيز زكريا من الفائزين بالجنة والرحمة والغفران، آمين اللهم آمين.
< إن ديناً عليك أيها الزميل يجب سداده، وهو القيام بنشر رسالة الماجستير للفقيدة إما ملخصاً أو كاملة على حلقات، أو على الأقل إصدارها في كتيب مزين بصور تخللت البحث والدفاع، مع الزملاء والزميلات الذين آزروها، وأساتذتها الذين أسندوها، ولجنة الدفاع.. وغيرهم لتكون الذكرى الخالدة حقيقة، وليس أدل على ذلك إلا إخلاصكم ووفاؤكم. ولا نطالب أسرة الفقيدة بأكثر من مشاركة بسيطة في التخليد، والجهة التي كانت تعمل لديها، فكادر شاب يتوهج عطاء ويذوي فجأة إلى الموت وهو في أوج تطلعاته ورؤاه المستقبلية، جدير به أن يخلد بنفس العنفوان والإرادة والتوجه الذي كان.. ولم يطل أمده!
< أيها الكمالي المحب، تصبّر، وعسى الله أن يعصم عليك بالطمأنينة والوئام لتستمر حياتك على ذكراها، وتخيلاتها، وحنانها الذي لا يمكن تصويره هنا لأنك أنت الذي لديه السر والحزن.. والتعويض من الله سبحانه، فلا تبتئس، وقلوبنا معك.. فلا تبخل علينا بالسؤال إن كان ذلك يجدي، فنحن زملاؤك وعلينا واجب الإسناد والمؤازرة، والله يجعلكم من المعصومين الذين يؤمنون بالقضاء والقدر.. سائلين الله أن يتغمد الفقيدة بواسع الرحمة والغفران. "إنا لله وإنا إليه راجعون".