هل فعلاً أخذته «القاعدة» أم لا يزال في حوزة القبائل؟

هل فعلاً أخذته «القاعدة» أم لا يزال في حوزة القبائل؟

                     تضارب المعلومات حول مصير المهندس الياباني المخطوف
> علي الضبيبي
طمأن «تاك يوشميمو»، الخميس الفائت، أسرته عبر التليفون إلى اليابان، بأن صحته جيدة، وأن لحظة إطلاق سراحه توشك أن تحل.
كان «تاك يوشميمو» يتحدث لعائلته بصوت «مكلوم»، وهو محاط بكتلة بشرية من قبائل أرحب «الأجلاف» و«المبندقين». وبحسب شاهد عيان من نفس القبيلة، التي ينتمي إليها خاطفو المهندس الياباني العجوز (63 عاماً)، فإن «تاك» كان يحاول ألا يبكي حتى لا تتضاعف مأساة عائلته المفجوعة بنبأ اختطافه الأحد قبل الفائت.
«كانت لحظة بالغة المرارة» يقول الشاهد، وكان «تاك» في تلك اللحظة يهاتف العائلة ومن حوله أناس «غُبر» لا يفهمون ما يقول. وفي تلك الأثناء كانت لجنة الوساطة تصرح لوسائل الإعلام بأن مساعي الوساطة نجحت في تحرير المخطوف لقاء السعي الحثيث عند الجهات الأمنية للإفراج عن حسين عبدالله قوب (المعتقل لدى الأمن السياسي منذ 2005 بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة). وإذ أكد الشيخ عبدالجليل سنان رئيس لجنة الوساطة، الخميس الماضي، نجاح المهمة، انقلب الأمر وغيَّر الخاطفون رأيهم واستعادوا «تاك» من أيدي الوسطاء فجأة في نفس اللحظة.
لم تنجح المهمة أبداً، والخبر الأسوأ جاء في اليوم التالي؛ عندما تناقلت المواقع الالكترونية نبأ انتزاع تنظيم القاعدة لـ«تاك» من قبضة القبائل، والهروب به إلى جبل غير معلوم.. هذا هو الخبر الصادم وغير المؤكد. لكن قد يكون صحيحاً، لاسيما والشخص المسجون الذي يريد الخاطفون مقايضته بالمهندس الياباني، على علاقة بتنظيم القاعدة، حسب مصادر أمنية في وزارة الداخلية.
محافظ صنعاء نعمان دويد، نفى وبصورة قاطعة أن يكون «تاك» في حوزة القاعدة، وأكد أن المهندس لا يزال في بيت «قوب» شمال مديرية أرحب، لدى القبائل، وقال إن جهوداً مكثفة لا تزال تُبذل لتخليص «تاك يوشميمو».
وأفاد مصدر حسن الاطلاع بأن الخاطف عبدالعزيز قوب -عم حسين قوب المعتقل في الأمن السياسي- كان أبدى موافقة نهائية، مساء الخميس الفائت، لإطلاق «تاك» إثر تعهد مشائخ كبار في لجنة الوساطة بالإفراج عن ابن أخيه، إلا أن عناصر ينتمون إلى تنظيم القاعدة أقنعته برفض ذلك التعهد، ونصحته أن يهرب بالرهينة، وقيل أخذوا منه «تاك» واقتادوه إلى منطقة جبلية بعيدة تقع ما بين الجوف ومديرية أرحب.
حتى مساء أمس لا تزال الأنباء متضاربة، وظهر الجمعة، الذي قيل إن القاعدة هربت بـ«تاك» فيه، كاد عبدالعزيز الجُندبي أن يلقى مصرعه وهو يثقِّف المصلين من خلال خطبة الجمعة عن مساوئ الخطف. كان ذلك في مسجد الجمعة الكبير بمنطقة «زندان» التي ينتمي إليها الخاطفون ويحتمون بها.
انتقد خطيب الجمعة، وهو شقيق أحد قيادات الإصلاح الكبار في أرحب، ظاهرة الخطف، وحمل على الفكر المتطرف «فكر القاعدة» بشدة، مشيراً إلى حادثة اختطاف «المهندس الياباني» وغيره من السواح والأجانب. وفي تلك اللحظة لم يتحمل أحد المصلين وانتزع مسدسه ونهض على الفور متخطياً صفوف المصلين، وموجهاً مسدسه صوب الخطيب، لكنه لم يتمكن!
لم يتمكن بعدما تقافز الناس عليه وأحبطوا هذه المحاولة. مصادر قبلية لم تستطع أن تؤكد ما إذا كان «صاحب المسدس» ينتمي إلى تنظيم القاعدة أم لا. لكن مصدراً قريباً من المنطقة، قال أمس إنه تبين أن المسلح الذي حاول اغتيال الجندبي ينتمي بالفعل إلى تنظيم القاعدة «وعلى علاقة وطيدة بحسين قوب المسجون لدى الأمن السياسي بصنعاء».
وقيل أيضاً إن محاولة الاغتيال كانت مدبرة، وإن مسلحين لحظتها كانوا منتظرين خارج المسجد، وأطلقوا لحظة ما كان المصلون ينهالون بالضرب على صاحب المسدس، النار في الهواء بكثافة، إلا أن القبائل طوقوهم من كل جهة بالأسلحة، وأرغموهم على الفرار قبل أن يتدخل وجهاء المنطقة لاحتواء الموقف.
الجدير بالذكر أن الشيخ منصور الحنق عضو مجلس النواب عن مديرية أرحب (إصلاح)، وجه سؤالاً في يونيو الفائت إلى وزير الداخلية ورئيس جهاز الأمن السياسي عن مبررات اعتقال حسين عبدالله حسين قوب منذ 2005، «دون محاكمة ودون تهمة واضحة». لكن أحداً من المسؤولين الأمنيين لم يحضر للإجابة على هذا السؤال الذي لا يزال مدرجاً على جدول أعمال المجلس.
وكانت مجموعة مسلحة من عزلة «زندان» بمديرية أرحب، اختطفت «تاك يوشميمو» وهو في طريقه للإشراف على بناء مدرسة بتمويل حكومة اليابان في أرحب. ومنذ يوم الأحد قبل الفائت و«تاك» مخطوف، ولم تفلح الوساطات القبلية والرسمية في استعادته، حيث يدعي خاطفوه بأن لديهم قريباً يدعى حسين عبدالله قوب معتقل لدى الأمن السياسي منذ 2005 بدون محاكمة، وتدعي الجهات الأمنية بأنه مسجون على ذمة الانتماء لتنظيم القاعدة.