وسط تراجع الاحتياطي النقدي إلى 6. 7 مليار دولار عملة جديدة للتداول ومخاوف من عملات قادمة

وسط تراجع الاحتياطي النقدي إلى 6.7 مليار دولار عملة جديدة للتداول ومخاوف من عملات قادمة

* 564 مليون دولار تم ضخها لدعم استقرار الريال منذ مطلع العام الحالي
* تراجع احتياطي اليمن من النقد الأجنبي في 2009 إلى 6.7 مليار دولار
* العملة الجديدة فئة 250 ريالاً لا تحمل أي معنى لأن هناك فئات تغني عنها أهمها فئة 200
* البنك المركزي سرد المواصفات الفنية دون بيان الهدف من إنزال العملة
 
 - ياسر المياسي
قبل أيام انتهت شركة "جوزناكـ" الروسية من تصميم وطباعة الورقة النقدية الجديدة فئة 250 ريالاً. ويوم 14 نوفمبر الحالي سيتم بدء التداول بها حسب إعلان البنك المركزي اليمني الذي اكتفى بسرد المواصفات الفنية دون بيان الغرض من طباعتها!
مراقبون اقتصاديون اعتبروا أن طباعة فئة نقدية جديدة مؤشر على تراجع قيمة العملة اليمنية أمام بقية العملات، وخصوصاً في ظل استمرار ارتفاع سعر الدولار، وتوقعات في أن يصل إلى 210 ريالات للدولار الواحد.
ما يخشاه الاقتصاديون هو إطلاق فئات نقدية كبيرة، حيث يدور الحديث عن احتمال طباعة ورقة نقدية فئة 5000 ريال. أما إنزال العملة الجديدة فئة 250 ريالاً للتداول فإنه لا يحمل أي معنى، لأن هناك فئات تغني عنها أهمها فئة 200 ريال، وهو ما يطرح السؤال عن الغرض من إصدارها؟
مصادر خاصة أكدت لـ"النداء" أن الإعداد لتحويل فئة 50 ريالاً الورقية إلى عملة معدنية واختفاء الفئات الصغيرة، أصبحت مسألة وقت.
اليوم تتضح جملة من التناقضات الحكومية في التعامل مع الشأن الاقتصادي. في يناير الماضي نفت الحكومة كعادتها، وبشدة، ما طرحه الدكتور سيف العسلي وزير المالية السابق، عندما قال إن السياسة المالية القائمة على الاعتماد الإضافي في موازنة 2008، ستدفع نحو اللجوء إلى طباعة أوراق مالية جديدة!
 
البداية من صحيفة "ريا أوريندا" الروسية ما يجب معرفته أن الأحداث الاقتصادية في اليمن تعيش حالة من الغموض والتكتم الذي لا مبرر له سوى الخوف من الإخفاق بسبب غياب الرؤى، فلم تأتِ اليوم أنباء طباعة العملة الجديدة من البنك المركزي إلا بعد أن جاءت من صحيفة "ريا أوريندا" الروسية التي قالت في أبريل الماضي، إن البنك المركزي اليمني اختار شركة "جوزناكـ" الروسية لتصميم وطباعة ورقة نقدية يمنية جديدة فئة 250 ريالاً.
الصحيفة كشفت أن شركة "جوزناكـ" فازت في مناقصة تصميم الفئة النقدية الجديدة التي أعلنها البنك المركزي اليمني منتصف يناير الماضي، بعد أن قدمت أفضل الشروط التجارية، غير أن البنك المركزي اليمني نفى حينها الخبر!
وكان مختصون استغربوا تكتم البنك المركزي حيال الموضوع رغم أنه أصبح أمراً واقعاً، خصوصاًُ بعد تجاوز سعر صرف الدولار ال200 ريال يمني منذ مطلع العام الحالي. ويؤكدون أن انعكاس ذلك على القيمة الشرائية للريال اليمني ستكون أكثر سوءاً من تجاوز سعر الصرف لل200 حالياً، حيث سيكون التعامل الدولي مع العملة اليمنية على أساس أن الفئة الجديدة هي أصغر عملة!
***
ضخ العملات الصعبة وسط تدهور مخيف للريال
لم يتحسن سعر صرف العملة اليمنية، بحسب صيارفة ومتعاملين، رغم استمرار البنك المركزي في ضخ العملات الصعبة في السوق اليمنية. الثلاثاء الماضي تم ضخ مبلغ 216 مليون دولار لسوق الصرافة في أكبر عملية تدخل منذ مطلع العام الحالي لدعم سعر صرف العملة المحلية (الريال) مقابل الدولار وسائر العملات الأجنبية الأخرى. ووسط هذا الضخ من العملات مازال التدهور المخيف للريال هو المتربع على السوق، وسجل سعر الصرف في تعاملات السبت 205.94 ريال مقابل الدولار للشراء، و206.22 للبيع.
اليوم تشير الأرقام إلى أن حوالي 564 مليون دولار هو ما تم ضخه منذ مطلع العام الحالي، وهو رقم كبير.
البنك المركزي لم يستطع الحفاظ على استقرار سعر الصرف
الأستاذ علي الوافي، الخبير الاقتصادي، يرى أن البنك المركزي اليمني لم يستطع الحفاظ على استقرار سعر الصرف رغم أنه يملك المليارات من الدولار متوفرة كاحتياطي تمكنه من التدخل في سوق النقد المحلي، وتمكنه من تحقيق أثر إيجابيا مباشر في الحفاظ على استقرار سعر الصرف.
وقال في تصريح صحفي سابق: إنه في ظل سياسة التعويم التي يتبعها البنك المركزي ينبغي أن يكون التدخل فيه محدودا عندما يكون هناك تذبذب في أسعار الصرف نتيجة أسباب اقتصادية. أما اذا لم تكن أسباب التذبذب اقتصادية ومعبرة عن قوى العرض والطلب، فالأصل أن يترك الأمر لتفاعل قوى العرض والطلب حتى يتحقق التوازن والاستقرار.
غير أن الدكتور ياسين الحمادي، أستاذ المالية بجامعة صنعاء، يرى أن قيمة العملة اليمنية غير مغطاة ولا تحميها قوانين اقتصادية وتكفلها الدولة بسندات مالية فقط. مشيرا إلى أن الفساد هو العامل الرئيسي في تدهور العملة.
وقال إن طباعة فئة كبيرة هي المؤشر الخطير على تدهور العملة أمام العملات الأخرى. وانتقد إنزال العملة الجديدة فئة 250 ريالا للتداول، حيث قال إنها لا تحمل أي معنى، لأن هناك فئات تغني عنها أهمها فئة 200 ريال، وتمنى ألا تكون الفئة الجديدة مقدمة لطبع فئات كبيرة خلال الفترة القادمة.
السياسة النقدية في اليمن سياسة عاجزة
أستاذ الاقتصاد الدكتور محمد الميتمي يرى أن السياسة النقدية، والتي هي إحدى أهم أدوات السياسة الاقتصادية، إلى جانب السياسة المالية في اليمن، سياسة عاجزة، لا ترقى إلى المستوى الذي ينبغي.
وقال الميتمي إن البنك المركزي يواجه اليوم تحديا كبيراً وخطيرا يتمثل في كيفية التعامل مع الاحتياطيات التي تراكمت لديه، والتي هي في حدود 8.5 مليار دولار، من أجل الحفاظ على استقرار قيمة العملة اليمنية، حيث سينضب هذا الاحتياطي النقدي بسبب فشل التعامل معه، وسيجد رصيد ميزان المدفوعات نفسه مكشوفا، ويمكن أن تتعرض العملة اليمنية إلى هزات عنيفة.
وأكد أنه اذا لم يوقف التدهور الاقتصادي اليوم بصورة سريعة ستكون هناك مشكلة اقتصادية يصعب مواجهتها في المستقبل، حيث سيزداد عدد الفقراء والعاطلين عن العمل، وسترتفع الأسعار بشكل كبير، وانهيار احتياطيات اليمن من النقد الأجنبي، وتصبح الدولة عاجزة عن تأمين الوسادة الاحتياطية من النقد الأجنبي لتغطية الواردات، وبالتالي سترتفع الأسعار وستجري مضاربة على الهروب من العملة اليمنية إلى العملات الأجنبية، كما سيتسع التضخم، الذي يتوقف عنده النمو الاقتصادي، والذي ينتج عنه ما يمكن الإطلاق عليه "بالإفلاس الاقتصادي".
***
التحذير من طباعة فئات جديدة من العملة اليمنية
مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي كان حذر من ضخ البنك المركزي لكميات كبيرة من النقود المخزنة لديه، وطباعة فئات جديدة من العملة اليمنية "الريالـ" لما سيترتب على ذلك من تضخم وارتفاع في أسعار السلع والمنتجات في الأسواق.
وأوضح المركز في بيان صحفي أنه تابع بقلق ضخ كميات كبيرة من فئة 100 ريال، و50 ريالا للسوق في الفترة الأخيرة، دون أن يواكبه نمو اقتصادي وإنتاجي في الاقتصاد الوطني، الأمر الذي يضعف قيمة العملة، ويزيد من حدة الأسعار.
وأشار البيان إلى الاختلالات التي يعانيها الاقتصاد اليمني جراء تراجع الصادرات اليمنية مقابل الواردات، وهو ما يضع العملة اليمنية "الريالـ" أمام تحد صعب، لاسيما مع تراجع احتياطي اليمن من النقد الأجنبي إلى 6.7 مليار دولار مقارنة ب8.4 مليار دولار عام 2008، وهذا لا يغطي سوى 8 أشهر من الواردات فقط.
وطالب المركز، البنك المركزي اليمني بإعادة النظر في إدارته للسياسة النقدية، بما يوقف تآكل الاحتياطي النقدي لليمن، من خلال تنشيط حركة الصادرات للمنتجات والسلع اليمنية، وإعادة النظر في نفقات الموازنة، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتنشيط القطاعات الحيوية كالسياحة والأسماك.
***
البنك المركزي.. الاكتفاء بسرد المواصفات الفنية!
بعد تصريحات متعددة لمسؤولين في البنك المركزي بعدم طباعة العملة الجديدة، أعلن مؤخراً البنك المركزي عن إصدار عملة جديدة من فئة 250 ريالا يعتزم بدء التعامل بها في ال14 من نوفمبر الحالي.
إعلان البنك سرد المواصفات الفنية دون بيان الهدف من عملية الطباعة. وقد تركزت المميزات -حسب بيان البنك- في أن الورقة النقدية الجديدة تتميز بمواصفات عالية ودقيقة، حيث يتصدر واجهتها الأمامية منظر عام لجامع الصالح في صنعاء، بينما الوجه الخلفي منظر عام لخور المكلا. ولم تغفل المواصفات ذكر أن الورقة مذيلة بتوقيع محافظ البنك.
***
مجلس النواب.. لا أحد مهتم بالأمر
لم يولِ معظم أعضاء مجلس النواب أي اهتمام لطباعة العملة الجديدة، غير أن القليل منهم طرح القضية بشكل بسيط، ففي جلسة البرلمان السبت 17 أكتوبر الماضي، تقدم النائب عبدالباري دغيش بطرح سؤال لوزير المالية، يستوضح فيه عن صحة ما تناقلته وسائل الإعلام عن طباعة نقود جديدة دون أن يواكب ذلك أي نمو اقتصادي أو ارتفاع في الأسعار.

***

عملات اليمن عبر المراحل التاريخية
- بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962، قامت وزارة الخزانة آنذاك بسك الريال الفضي الجمهوري في مصر، كأول عملة وطنية أصدرت أواخر عام 1963. كما أصدرت وزارة الخزانة أواخر عام 1963 مجموعة من المسكوكات المعدنية سميت بالبقشة، مع العلم أن الريال يساوي 40 بقشة.
- بعد قيام ثورة 14 أكتوبر 1963، قررت سلطات اتحاد الجنوب العربي إقامة مؤسسة النقد للجنوب العربي. وفي الأول من نيسان 1965، وضع الدينار اليمني في التداول كأول عملة وطنية خاصة بالشطر الجنوبي من اليمن، لتحل محل العملة القديمة، وهي شلن شرق أفريقيا. وظهرت من الدينار عملات معدنية مختلفة.
- في مايو 1990، تقرر أن يعتبر الريال والدينار وحدة العملة الرسمية لليمن وأن يعتبر كل منهما قابلا للتداول ووسيلة دفع قانونية بقيمة تبادلية 26 ريالا للدينار. واستمر الدينار والريال يتداولان معاً حتى عام 1996، حين سُحب الدينار من التداول خلال فترة 3 أشهر في أعقاب صدور ورقة ال200 ريال في مارس 1996، ومنذ 11 يونيو 1996 أصبح الريال هو العملة الوحيدة لليمن.
تصل عائداته خلال ال20 سنة القادمة ما بين 30 و50 مليار دولار
البنك الدولي: مشروع الغاز سيعزز نمو الناتج الإجمالي المحلي بنسبة 7.7 %
دشن، السبت الماضي، تصدير أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال عبر ميناء بلحاف في محافظة شبوة إلى كوريا الجنوبية على متن الناقلة الكورية التي تحمل نحو 149 ألف متر مكعب من الغاز.
المشروع الذي تم تدشينه بحضور علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، وعدد كبير من أعضاء الحكومة، يتوقع أن تكون العائدات المتوقعة منه ما بين 30 و50 مليارا دولار خلال ال20 إلى ال25 عاما القادمة، حيث سيتم تصدير الغاز المسال منه إلى كوريا وشرق آسيا ومن ثم الأمريكيتين.
المشروع البالغة تكلفته ما يقارب 5 مليارات دولار، يعتبر الثاني على مستوى الشرق الأوسط، ويعد من ضمن أكبر 20 مشروعا مماثلا على مستوى العالم، حيث يتوقع منه توفير أكثر من 10 آلاف فرصة عمل بعد أن عمل فيه منذ بداية تنفيذه حوالي 11 ألف عامل.
وتوقّع البنك الدولي أن يعزّز مشروع الغاز الطبيعي المسال نمو قطاع النفط "الهيدروكربونات" عام 2009 بما يصل إلى 45%، الأمر الذي سينتج عنه نمو عام لإجمالي الناتج المحلي بنسبة 7.7%.
وقال البنك الدولي في "إستراتيجية المساعدة القطرية بشأن الجمهورية اليمنية لفترة السنوات المالية 2010- 2013" إن بدء تشغيل هذا المشروع الكبير سوف يخفّف أثر الأزمة المالية العالمية على النمو الاقتصادي في اليمن في الأجل القصير تخفيفاً جزئياً "أو إخفاؤه".
وأوضحت إستراتيجية المساعدة القطرية لليمن أن نمو قطاع الغاز الطبيعي هو أكبر المصادر الجديدة الواعدة للنمو الاقتصادي "والعائدات المالية" متفوقاً على غيره بفارق كبير. ومن المتوقع أيضاً أن يسهم التوسع في استخدام الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء للاحتياجات المحلية في نمو القطاعات غير النفطية في الفترة المقبلة التي تتراوح من عامين إلى 5 أعوام.
ووفقاً للإستراتيجية فإن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية تهدف إلى تحقيق نمو كبير في قطاع الصناعات التحويلية، لكن هذا يعوقه نقص البنية التحتية، وعلى الأخص عدم كفاية إمدادات الطاقة المتاحة، فضلاً عن القضايا التنظيمية.
ويعتبر قطاع الثروة السمكية من القطاعات الواعدة، ويتمتع بإمكانيات لتوليد فرص عمل، من خلال طائفة متنوّعة من الفرص الاستثمارية في مجالات صيد الأسماك وتصنيعها وتصديرها، لكن تحقيق نمو كبير ومستدام في هذا القطاع سيتطلب إدارة واعية للثروة السمكية للحيلولة دون استنزافها، وكذلك توفّر إمدادات الكهرباء، ومرافق البنية التحتية للتصنيع والنقل.
وأفادت الإستراتيجية القطرية بأن "خطة التنمية تحدد قطاعين واعدين آخرين هما التعدين والسياحة، لكن استغلال إمكانياتهما استغلالاً كاملاً سيتطلب وقتاً، فتنمية قطاع التعدين على نطاق واسع يعوقها ضعف مرافق البنية التحتية وتصوّرات عن ارتفاع مستوى المخاطر وغياب المعلومات الجيولوجية المتاحة وتنمية قطاع السياحة يعوقها قلة مرافق البنية التحتية وغياب الأمن".