زنازن معقَّمة للحد من خطر انتشار الإصابة «بعدوى الحوثية»

زنازن معقَّمة للحد من خطر انتشار الإصابة «بعدوى الحوثية»

* هلال الجمرة
طبَّق العزي راجح كل إرشادات السلامة المقررة من جهاز الأمن السياسي والتي استمر في الاستماع اليها طوال 6 اشهر قضاها في الأمن السياسي. لكن الإرشادات لم تعط أى نتائج ملموسة أراد مسؤولو الجهاز إعادة الفحص، ولأنه سليم ومبرأ من أي إصابات، شخص «عتاولة الأمن السياسي». بأن الحالة مهددة بخطر الاصابة بفيروس «الانجرار إلى أحداث صعدة» فقرروا عزله في زنزانة معقَّمة تلتزم بإجراءات لا يفهمها غير الخبراء في ذلك الجهاز.
مطلع ابريل 2005، اعتقد رجال الامن بأن راجح مصاب بعدوى الحوثية والقوا القبض عليه بجوار بيت والده في منطقة السنينه. ظل العزي راجح، إمام الجامع المعروف باعتداله الديني في المذهب الزيدي لدى أهالي حيهم في غرف الفحوصات الأمنية مدة 6 أشهر، وقرروا له جرعة من التعليمات والتحذيرات: لا تخطب في الناس، لا تدرس القرآن، لا تختلط بالناس والتزم البيت، ثم افرجوا عنه.
 أنه فاطمة الفقيه، زوجته التي ارتبطت به بعد سنة من خروجه من المعتقل، تؤكد أنه لم يخل بأي من شروط الافراج والتحذيرات وأنه استخدم كل الارشادات. وأضافت أنه لم يكن يغادر بيته إلا إلى عمله في مكتبة بدر والتي تقع تحت البيت. وواصل تعليمه بعد أن توقف لسنة كاملة قسراً أثناء حبسه في الأمن السياسي.
كان قد بلغ عامه الدراسي الأخير في المعهد العالي للوعظ والإرشاد لكن بناء على مقترح من الشاب وزوجته بمغادرة صنعاء إلى بلاده في مناخة-بحراز اثر ملاحظتها للحملة التي عاودت الاجهزة الامنية فيها باعتقال زملائه مجدداً، انتقل إلى بلاده وأمضى هناك مدة شهرين.
وحين دنا موعد الامتحان النهائي في المعهد جاء إلى صنعاء. «كان يذهب للإمتحان مرعوباً وكان يتخفى لتحاشي إجراءات الأمن»، قالت فاطمة.
استطاع راجح حضور امتحان مادتين، وحال مغادرته البوابة الخلفية لمعهد الوعظ والارشاد عقب انتهائه من الامتحان الثاني فوجئ بسيارة هيلوكس عليها 8 مسلحون بزي مدني، أخذوه في سيارة إلى جهة غير معروفة.
اعتادت الزوجة أن يصل البيت قبل الثانية ظهراً، ولما تأخر اتصلت على تلفونه المحمول، لكنه كان قد نسيه مساء اليوم الفائت في مقر عمله في المكتبة.
تحرى زميله في المكتبة عن سبب تأخر راجح من العودة إلى البيت وأبلغ فاطمة الفقيه بحادثة اعتقال زوجها أمام بوابة المعهد.
حارت في الأمر فهي لا تعرف كيف واين بإمكانها أن تجد زوجها التي تحمل منه طفلاً في الشهر الثامن. استمرت في البحث عنه في مراكز الشرطة والمعتقلات حتى اعترفت قيادة الأمن السياسي بعد 45 يوماً من اعتقاله بأنه محتجز لديها وسمحت لأسرته بزيارته.
 كانت الزوجة تستفسر مسؤولي الأمن السياسي عن سبب اعتقاله كان الرَّد جاهزاً: «حبسه احترازي، مافيش عليه شيء لكننا نحتاط من أن ينخرط في أحداث صعدة».
حالات الاحتراز تزايدت بين أسر المعتقلين على ذمة حرب صعدة الذين تم اعتقالهم من العاصمة.
 كانت فاطمة الفقيه حاملة بإبنها عبدالملك الذي صار عمره الآن سنة ونصف.
وتعيش فاطمة وطفلها عبدالملك ووالدة العزي راجح في بيت إيجار في حي الصافية، في وضع مأساوي. «ليس لدينا دخل ولا معاش لكن صاحب البيت يقدر حالتنا وسمح لنا بالجلوس في المنزل دين حتى خروج زوجي، والآن تراكمت ديون الايجار حتى بلغت 300 الف ريال»، قالت فاطمة.
افادت بأن العزي راجح كان قد بدأ العمل مع مؤسسة اقرأ هو و3 من زملائه يجمعون تفاسير القرآن الكريم من كل المذاهب ويأخذوا الراجح منها ويضعوه في موسوعة. إلا أن العمل توقف أثناء اعتقاله مما جعلهم يكابدون شظف العيش.
إذا كان لدى معتقلي أحداث صعدة كلمة أو عبارة لا يحبون سماعها فإن كلمة «تحفَّظ أو احتراز أو أي كلمة شبهة» ستكون الأقبح إلى مسامعهم مستقبلاً إن كَتَبَ لهم مسؤولو الأمن السياسي الخروج أصلاً.
أسامة أحمد السياني، 26 عاماً، ضحية أخرى لحبس الحرية الاحترازي! قبض عليه جوار مقر عمله بمكتبة مؤسسة الامام زيد في 28 مارس 2007.
وهو شاب توقف عن مواصلة تعليمية الجامعي لأسباب اقتصادية فرضت عليه العمل لتوفير مصدر دخل له ولأسرته (والدته وأخواته).
بعد شهرين فقط من عمله في المكتبة، وفيما هو خارج من صلاة العشاء في طريقه إلى المكتبة التي ينام داخلها لحراستها ليلاً، اعترضه مسلحون وقاموا باعتقاله.
بعد أيام بلغ الخبر إخوته المتواجدين في العاصمة. وتقول اخته لـ«النداء» إنها لم تعلم إلا بعد اخوتها بيومين. أما والدته فقد أخفوا عنها الخبر فترة أسبوع ثم اخبروها بالأمر.
صعقت والدته وبدأت حالتها الصحية تتدهور يوماً بعد آخر ولسانها لا يتوقف عن الدعاء له.
تنحدر أسرة أسامة من طبقة البسطاء. ولهذا لا يجد من يجري خلفه للمتابعة.
وعندما حاول ابن عمه السؤال عنه لدى الأمن السياسي زجره أحد الضباط قائلاً: «رحلك من هانا والاَّ با ندخلك جنبه».
لم تعرف الأسرة مصير ابنها إلا بعد شهر من اعتقاله. وفي الزيارة الاولى التي قامت بها أخته المستقرة في صنعاء مع زوجها وجدته في حالة مزرية، وكانت عيناه مرهقتين. كان ذلك قبل أكثر من عام والمؤكد أن الشاب، ضحية الحبس الاحترازي، في حالة أسوأ الآن.
ويمضي أسامة السياني، عامه الثاني في سجن الامن السياسي، ما يُعد مخالفة صريحة للقانون والدستور وجريمة في حقوق الانسان.