من جنوب القمر: «نجاح»

من جنوب القمر: «نجاح» - منصور هائل

ينبغي أن تتوفر مراكز صناعة القرار بصنعاء على جرأة إسعافية تكفيها لتدراك نفسها عبر الانقلاب على نفسها، وعلى عاداتها الراسخة في القراءة الخاطئة لمجرى الأحداث والتطورات التي أخذت تنحو إلى الرسو على حافة حادة، قاطعة، لا تقبل بأنصاف الحلول، ولا بمنطق المساومة والتسويف والاستهانة والحقن والهزل.
وفي هذا المنحى يتوجب على مراجع صنعاء أن تنقلب على طريقها المعتادة في قراءة الأمور.ولن تلام إن هي وصلت متأخرة إلى عتبة الرشد، فالمهم أن تصل وأن تدشن نقطة انطلاقها بقراءة جادة ومسؤولة ومتبصرة لبيان حركة «نجاح» وبالأحرى حركة النضال السلمي في الجنوب.
وللإفادة لا بأس من الإشارة إلى أنه جرى اقرار تسمية «نجاح» في المؤتمر الاول لهيئات حركة النضال السلمي في الجنوب الذي اختتم أعماله يوم الاثنين الماضي في منطقة السيلة (الردوع) بمحافظة الضالع، بعد أن عقد دورته الاولى خلال الفترة 23-24 مارس بالتزامن مع الذكرى الثالثة لأول اعتصام جماهيري أقامته جمعية المتقاعدين في محافظة الضالع.
وفيما خص المؤتمر الاول لـ«نجاح» تستلفت النظر جملة من الإشارات الواضحة والبليغة التي تقول بنقلة هامة على طريق تبلور التعبير السياسي، التنظيمي، القيادي لحركات التصالح والتسامح، والمتقاعدين العسكريين والمدنيين، والشباب العاطلين عن العمل، وكافة المكونات السياسية والمدنية لـ«الحراك الجنوبي».
وقد كان واضحاً أن تلك الحركات نشأت، في البدء، كحركات شعبية اجتماعية تلقائية، ثم توسعت وتعمقت إلى أن أرهصت بتعبيرات سياسية جلية المعالم.
وكان حرياً بالسلطة وكافة الفعاليات السياسية أن تسارع إلى الاحتفاء بإيجابية هذه الحركة المدنية السلمية الناهضة على أساس المطالبة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والمهنية، والواعدة بتحقيق وعود الاصلاح والديمقراطية، إلا أنها ذهبت في الاتجاه المعاكس تماماً. والحاصل أن القبضة الامنية لم تجد نفعاً، كما لم تُجْدِ أساليب التهوية والاستخفاف والانتقاص من حجم المعطى الذي أخذ يتسع ويتطور ويتعمق ويتبلور حتى اختصر بـ«نجاح».
وانعقد مؤتمر «نجاح» بحضور 400 مندوباً ومندوبة، وتشكلت له رئاسة دورية ولجنة تنفيذية ونقاط ارتكاز مهمة تمثلت بحزمة من الوثائق والعناوين التي تعكس توقاً عارماً للمؤسسة ولإنشاء مرجعية سيادية وطنية عليا تُمثل فيها محافظات الجنوب بالتساوي، وتستوعب كافة مكونات الحراك، وتنهض بمهمة تحريك ملف الجنوب في المحافل الاقليمية والدولية على قاعدة قراري الشرعية الدولية (924، و931) اللذين لا يجيزان «الوحدة المفروضة بالقوة وتلزم طرفيها بالعودة إلى طاولة الحوار».
وهنالك الكثير من الاشارات التي تلزم صنعاء باعتماد قراءة جديدة لبيان «نجاح»، فهل هي مستعدة  للمغامرة في كتابة أول بيان نجاح في حياتها...
mansoorhaelMail