اليوم في عدن.. قادة الاشتراكي سيمرضون بالحنين !

اليوم في عدن.. قادة الاشتراكي سيمرضون بالحنين ! - فتحي أبو النصر

 تبدو عدن اليوم بيئة مناسبة للاشتراكيين؛ كحاضنة روحيةٍ لاجتماع لجنتهم المركزية: عدن بما هي أس الحزب ولب وجدانه الوحدوي.
وبالتأكيد، سيتذكر هؤلاء دولتهم التي قامت هناك، كأنما سيمرضون بالحنين.
فيما ستعلو التعليقات بشأن الأمس والحاضر وقادم الأيام وتقلباتها. بمقابل العتاب الرفاقي الحار، وكذا تدعيم المحاولات الجادة بتفعيل -وعدم تعطيل- الذات الاشتراكية العقلانية التي انحازت إلى زهو النضال السلمي ونزاهته. فمع استمرار التنكيل الضار الذي يطال الاشتراكيين منذ تسعة عشر عاماً، إلا أنهم لا ينقطعون عن التشبث الرائع بلم الشمل، ملتزمين بخياراتهم، ومواجهين للتحديات، كما ومدافعين عن الحلم الذي دائماً يتعرض للهتك.
 وإذ صاروا يعلمون أكثر من أي وقت مضى، أنهم المستهدفون الأبرز من قبل عديد جهات (الأصدقاء أولاً)؛ فان الوقوف بحزمٍ هو ما سينبغي القيام به أمام ما يوصف بالسلوك الفاسد الذي يحاول أن يشق وحدة الحزب؛دونما بلسم ٍ حقيقي للشفاء.
والثابت أن ضلال القضية الجنوبية هو ما سيقع بلا استثناء على رؤوس المجتمعين في الدورة الاعتيادية السادسة لقادة الاشتراكي؛ وسط توقعات كبيرة بالمشاركة تتخللها قليل مقاطعات من قبل أسماء راديكالية، مع عدم حضور قهري لأسماء يطاردها النظام على خلفية نشاطها في فعاليات الحراك الجنوبي وتخشى الاعتقال.
وأما بالنظر لأهمية الموضوعات السياسية والتنظيمية الحساسة التي ستناقشها هذه الدورة، كمحطة هامة للفرز و المراجعة والتقييم، يتوقع مراقبون أن تنهي أعمالها السبت أو الأحد.
ويرى اشتراكيون أن قضية الجنوب هي التمثيل الأبرز لمشكلة الوحدة الوطنية كما هي مفتاح الفهم العميق والموسع لغياب الشراكة المتساوية في التوزيع العادل للثروة وكذا غياب المواطنة واحترام القانون. على أنهم لا ينسون في هذا السياق أن أساس القضية الوطنية برمتها هو الحكم العائلي الذي صار يشكل مدخلاً لما يمكن أن تُوصف في الشمال بالقضية الشمالية، مطالبين بتفعيل الحراك هنا أيضاً، تجسيداً لمبدأ المصير المشترك .
بالمقابل ينتشر الإحساس العام لدى الجنوبيين بالتذمر من الحزب الاشتراكي باعتباره الذي قادهم إلى وحدة خالفت الآمال والطموحات. فيما هناك من يرى أنه من خلال الاندماج البروتوكولي لا النفسي بين دولة كانت تحاول التقدم ودولة فضلت أن تبقى متخلفة؛ جرى تذويب ما يقارب مليوني في قرابة 20 مليونا. غير أن إبادة هؤلاء تبقى مستحيلة لأن قيم حريتهم ستظل أقوى من أن تستمر في التبعية لقيم الاستبداد- مهما طالت.
وفي التفاصيل: لا بد أن تأخذ تباينات القيادة الاشتراكية التي ستبدأ اجتماعاتها العدنية النوستالجية صباح اليوم، مسارها الطبيعي في الاحتدام؛ لكن بما يحقق للحزب ترسيخه معايير الشفافية والمناقدة التي اتخذها كمنهجية مسؤولة عقب حرب صيف 94.
على أن الأمر لن يخلو هذه المرة من تصاعد نبرة الشماليين والجنوبيين داخل هذا الكيان العريق الذي ولد بمعنويات متوحدة في عز الزمن التشطيري .
 وإضافة إلى تقييم المجتمعين للتوجهات التي تؤدي إلى خفوت أو توهج الحزب في الساحة الوطنية، وصولاً إلى احتمالات إخضاع مراكز القوى داخله للمساءلة وتوجيه الاتهامات التي من أبرزها العمل الفردي لا المؤسسي أو مداهنة نظام صنعاء كإدانة سفسطائية جاهزة، صارت تعتمد على التلاسن الكيدي بعيدا عن كفاية الإثباتات -هنالك أيضاً مسألة اتفاق أو اختلاف الاشتراكيين أنفسهم مع مقتضيات طبيعة اللقاء المشترك وتبعاتها استراتيجياً وتكتيكياً، خصوصاً مع عدم توقف المطالب لحزب الإصلاح برد الاعتبار للجنوبيين، حيث وأنهم يتحملون كلفة كبيرة من معاناتهم الإقصائية، على خلفية توظيفهم الدين في السياسة إبان تحالفهم والنظام الحاكم سابقاً ضد الحزب الاشتراكي، قبل أن يصير اليوم شريكه في المشترك بعد خروجهما الاثنين من السلطة إلى المعارضة - وتقريب الكثير من وجهات النظر.
والحاصل أن الاشتراكيين مازالوا يجاهدون في المضي لإثبات أنهم القوة التي تحاول الازدهار رغم الجدب.
فمثلاً، كما يقول احدهم، ليست الوحدة مقدسة بقدر ما تشبه فكرة الزواج: أي انه إذا كان احد الشريكين لا يحترم الآخر، فإن أبغض الحلال هو الطلاق؛ تماماً كما أوصتنا التعاليم وأهدتنا النفس، بدلاً عن التشاحن والتكاره والتطاحن.
لذلك حتماً سيحدث لليقين الوطني ألا يتشكك بفداحة ووطأة الخيارات التي نالت شركاء الوحدة هؤلاء؛ في ظل نظام غاشم ودنيء؛ فيما فاتورة عجزه المتراكم ستكون مدمرة للغاية، وهو المكابر المستخف بقضية مصيرية كهذه؛ علاوة على أن شعرة واحدة هي ماتفصل العنف التام عن النضال السلمي المشرف للجنوبيين اليوم، وذلك بعد أن قرر النظام أن يتجاهل الأخذ بتصحيح مسار الوحدة وإلغاء آثار حرب 94؛ مطلب الاشتراكيين الرئيس للرئيس.