المرأة باعتبارها «ثروة حيوانية» ينبغي الحفاظ عليها، وتصديرها «من صف سادس ابتدائي» مباشرة الى المستهلك.. «المقطوبين بالله!»

المرأة باعتبارها «ثروة حيوانية» ينبغي الحفاظ عليها، وتصديرها «من صف سادس ابتدائي» مباشرة الى المستهلك.. «المقطوبين بالله!» فكري قاسم

هيا اسمعوا لكم «أخونا الحزمي».
قلكم إن تحديد سن قانونية لزواج الفتاة فيه –بما معناه- إيذاء لشرعية زواج النبي الكريم من «عائشة» ابنة ال8سنوات!
شخصيا لا أعتقد أن إنسانا بعظمة سيد البشرية سيدخل على «طفلة»، خصوصا وأنه النبي الذي جاء ليتمم مكارم الأخلاق.
ولنفترض مثلا أن النبي (ص) تزوج «عائشة» لحكمة إلهية وعمرها 8سنوات.
ليأت لنا النائب «الحزمي» الآن بإنسان «نبي».
وملعون اللي ما يزوجه بابنة أخي اللي عادها تدرس في الروضة!
بصراحة، مُش عارف ليش الجماعة «مُفرحين» بسيرة تبدو كما لو أنها «مشوهة عمداً» حتى تجعل مسألة الزواج من «نونو» كما عقيدة ينبغي القتال من أجلها!
الأغرب من ذلك كله أن أخينا العارف بالله «الحزمي»، مع كثير احترامي له، يبدو وهو يدافع، وبضراوة, عن بقاء السن الطبيعية لزواج الفتاة 12سنة -احتراما لسنة النبي حد قوله- كما لو أنه كان الشاهد الأول في وثيقة عقد نكاحه (ص) من عائشة ابنة ال8 سنوات رضوان الله عليها!
في اعتقادي إن الإسلام الحنيف الذي بدأ في قريش آنذاك، لم يشرع سنا معينة لزواج الفتيات، ليس لأنه لم تكن توجد مدارس يمكن الالتحاق بها آنذاك لتنظيم حياة الأسرة.
ليس هذا هو السبب الرئيس، بل لأن الزواج من «طفلة» مع بداية ظهور الإسلام لم يكن يعني أكثر من كونه حالة تطور من مرحلة «وأد البنات» إلى تزويجهن باكرا خلاصا من وهم العار.
غير أن العار الأكبر الآن هو أن يتراجع برلمان يمثل الشعب اليمني سنة 2009، ويقر مادة قانونية من شأنها أن تعيدنا –مهرولين- إلى قريش.
لماذا يريدون للإسلام أن يغدو بلا عقل؟
«لقد انتهت علاقة الإسلام بالسماء منذ أن انتهت مرحلة الوحي، وجاءت من بعده مرحلة العقل» طبقا للصافي سعيد.
عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يعرف جيدا أن حد السارق في الشرع قطع اليد. لكنه في موسم قحط استخدم العقل الذي كرمه به الله، ولم يطبق الحد على سارق افترض حسنا أنه جائع.
الواضح، من خلال شواهد عديدة، أن ثلة من الفحول «بارك الله فيهم» لا ينظرون للمرأة إلا باعتبارها ثروة حيوانية ينبغي الحفاظ عليها وتسويقها باكرا -من صف سادس– مباشرة إلى المستهلك...!
الجماعة بالصلاة على النبي «مقطوبيييين»، ومافيش لديهم وقت يمكن إضاعته بخزعبلات كالتعليم والنضج والاعتداد بالنفس.
إنهم ينافحون وببسالة من أجل أن ترتفع راية الإسلام(!) ويصوت برلمان ال301 نائب لصالح مادة ال12 سنة كسن قانونية لزواج الفتاة.
إن الموافقة على مادة شهوانية كتلك تعني ببساطة أننا نقر قانونا يمكننا كيمنيين أن نحصد كأس العالم في «نكاح منتخب الناشئات تحت سن ال12 سنة».
ومبروك لليمن وللإسلام هذا النصر المؤزر، زر، زررررر!
إنني الآن لا أسخر من أحد أو أتهكم. كما وإنني لا أتكلم عن مسألة فقهية قدر ما أتحدث عن العقل.
كما وإنني في الوقت نفسه أتخيل، مثلا، كيف أن أختي الصغيرة جالسة بأمان الله جوار التلفاز تشاهد مسلسل الأطفال «عدنان ولينا»، وفجأة تنط لها شريعة آية الله الحزمي و«قيام يا بنت، جالك عريس»!
إن لم يخجل العريس من نفسه وهو ينافح من أجل مادة تشرع للرجل أن يتزوج طفلة.. سيكون عليه في أقل تقدير، أن يخجل من «القبطان نامق» وهو ينظر الى «لينا» كطفلة، مثل ابنته الصغيرة تماما.
(عدنان ولينا ونامق) شخصيات من كرتون. والمرأة، يا مشائخنا الكرام، من دم ولحم.
وليتخيل أحدكم أيضا شكل طفلة ستتزوج وفقا للشريعة حق «أبو 12».
لابد أن أهلها، طبعاً، سيوزعون دعوات زفاف مذيلة في آخرها بعبارة «ممنوع اصطحاب الأطفال»، أو «جنة الأطفال منازلهم».
لعلها (العروس) وهي تقرأ تلك العبارة، ستشعر بأنها المعنية بذلك.
لكن الفحول لم يمهلوها، ومنحوها سريعا بطاقة التأهل للسرير، لتبدأ من بعد ذلك تصفيات النهايات الحزينة واللئيمة والمؤلمة.
وألف ألف مبروك يا.. نونو.
لا تعليم ستحظى به (وهل هم يحترمون التعليم من أصله؟)، ولا صحة جيدة، ولا إنجاب آمن، ولا بناء أسرة قويمة ومتوازنة، ولا إحساس طبيعي بمراحل الحياة (الطفولة، المراهقة، الشباب، النضج، الشيخوخة).
إذ إن كل تلك المراحل العمرية تهدر، وبتذكرة واحدة!
كل الذي سيجنيه المجتمع من قانون «أبو 12» أن المرأة اليمنية ستعيش حياتها، بفضل أخينا العارف بالله «الحزمي» ومناصريه الأجلاء، مجرد كتلة سواد تتجه، بمنتهى الوداعة كما هي عادتها، إلى صناديق الاقتراع، وتنتخب نفس أولئك الذين «كرتنوها» وجعلوها عبوة جاهزة للتصدير إلى جنة الفردوس، وهم إلى قبة البرلمان.
الإسلام وكل الديانات السماوية جاءت من أجل حياة وكرامة الإنسان.
بيد أن ثلة من أولئك الذين يبحثون، كما العميان، عن موقع متقدم للإسلام بين الأمم، لم يقدموا لهذا الإسلام الذي جاء لإعلاء شأن العقل، غير بناء ترسانة قوية من العمى الذهني، ونافورة من الشهوات المتسربلة تحت رداء الفضيلة وحراسة الأخلاق!
المشكلة أنهم، وبالرغم من كثر انشغالهم بالمرأة وقضايا احترام المرأة باعتبارها، فقط، مجرد شريك معاشرة.. إلا أنهم لم يخترعوا من أجل هذه المرأة أي شيء. أي شيء.
وحتى «الفوط الصحية» اخترعها الغرب الكافر والوسخ! واكتفوا هم باختراع خلطة العريس.
قريش انتهت يا خلق الله. نحن الآن في القرن الحادي والعشرين.
لكن ثلة من هؤلاء لم يغادروا قريش. ولن يغادروها إطلاقا لأنهم أصلا يفتقرون لأية موهبة تمكنهم من فعل ذلك، أو تجعلهم ينفذون بسلطان العلم إلى أقطار السماوات والأرض كما يدعونا إلى ذلك القرآن الكريم.
هؤلاء من خلال تمترسهم وراء ضباب القديم لا يظهرون أنفسهم إلا كونهم دعاة دين كسالى. وما يصوغه الآخرون بشكل واضح، يعيدون صياغته عبر التأويل.
الأفدح من ذلك أنهم، دون إدراك في الغالب، يحطمون قُدسية القرآن الكريم كمنهاج يدعو للتفكير والتدبر، لصالح دفاعهم المستميت عن قدسية فقههم الواقف حتى اللحظة عند بوابة يثرب.
يا الله أين نحن؟
يا الله، أعرف جيدا أن بعضهم «سيرطعني» بعد هذا فتوى تكفير أرض أرض.
لابأس، أنت رب الأرض ورب السماء.
fekry