تضارب تصريحات المصادر الأمنية, والسفارة الاميركية تؤكد وقوع تبادل إطلاق نار

تضارب تصريحات المصادر الأمنية, والسفارة الاميركية تؤكد وقوع تبادل إطلاق نار

 أكد لـ"النداء" المتحدث بسم سفارة الولايات المتحدة الأميركية بصنعاء، راين جليها، تبادل إطلاق نار وقع في العاشرة والنصف من مساء الاثنين بالقرب من السفارة بين الأمن وجماعة مجهولة، في حين كان مصدر أمني نفى وقوع أي تبادل لإطلاق النار، مشيرا إلى أن إطلاق النار كان من طرف واحد هو الأمن، واقتصر على ثلاث طلقات نارية في الهواء بغرض إيقاف سيارة مسرعة كانت تتجه نحو نقطة التفتيش على بعد مئات الأمتار من السفارة المغلقة كل الشوارع المؤدية لها.
وجاء تبادل إطلاق النار، بحسب تأكيدات السفارة ورواية مصادر أمنية لوسائل إعلام ووكالات أنباء عالمية، أو إطلاق النار أحادي الجانب بحسب الرواية الأمنية لوسائل الإعلام الرسمية، بعد بضع ساعات من إعلان السفارة الأميركية بصنعاء تلقيها تهديدات من جهة مجهولة باستهدافها.
فوكالة "رويترز" العالمية للأنباء أوردت تصريحين متناقضين لمسؤولين أمنيين، الأول أكد أن قوات الأمن أطلقت النار فيما يبدو في الهواء لتحذير سيارة تقترب بسرعة، وأضاف: "يجري استجواب ثلاثة أشخاص كانوا في السيارة، ويبدو أنهم لم يطلقوا النار على نقطة التفتيش".
ونفى مصدر أمني، في تصريح صحفي، حدوث أي إطلاق نار من قبل السيارة المضبوطة، سواء على نقطة التفتيش أم على مبنى السفارة الأميركية "كما زعمت بعض وسائل الإعلام"، كما أن المبنى يبعد مسافات كبيرة من النقطة المذكورة، حد تعبيره. وكشف المصدر أن نتائج التحقيقات الأولية مع ركاب السيارة الذين تم ضبطهم قد كشفت أنه لم يكن بحوزتهم أي سلاح ناري، وأن الحادث كان عرضياً نتيجة السرعة الزائدة وليس له خلفية جنائية أو إرهابية.
غير أن مصدراً أمنيا آخر، لم تتوافق تصريحاته مع نفي المصدر المسؤول، بل بدا متوافقا مع المتحدث بسم السفارة، وقال لـ"رويترز"، إن مسلحين في السيارة أطلقوا النار على نقطة التفتيش بعد ساعات من إعلان السفارة أنها تلقت تهديدا.
لكن راين جليها، المتحدث بسم السفارة الأميركية في صنعاء، أكد لـ"النداء"، أمس، وقوع تبادل إطلاق نار بين قوات الأمن اليمنية ومجموعة أفراد مجهولين، بالقرب من السفارة.
وأضاف: "وفقا للمعلومات التي لدينا، فإننا لا نستطيع تأكيد ما إذا كان ذلك هجوما على السفارة، فالتحقيق ما يزال جاريا".
وزاد: "لم يشارك أي من موظفي السفارة في الواقعة، ولم تلحق بالسفارة أية أضرار".
وفي واشنطن قال مسؤولون في الخارجية الأميركية إنهم يتحرون الحادث.
وكانت السفارة قالت، يوم الاثنين، إنها تلقت تهديدا بشن هجوم محتمل عليها وحثت الأميركيين على توخي الحذر في اليمن، الذي تعرض لهجمات من تنظيم القاعدة استهدفت مصالح غربية.
وأكدت السفارة، في تحذير نشرته على موقعها على شبكة الانترنت، أنها تلقت تهديدا حول هجوم محتمل على مبنى السفارة الأميركية بصنعاء، يمكن أن يحدث في المستقبل المنظور، وتبعاً لذلك، جددت تحذيرها القائم مسبقاً، للرعايا الأمريكان في اليمن بأن يتوخوا الحيطة والحذر واتخاذ إجراءات أمنية عالية في جميع المناطق التي يرتادها الأجانب أو الغربيون. كما دعتهم لأخذ الحيطة والحذر في الأماكن المزدحمة والأماكن التي يحصل فيها المظاهرات، وأن يقوموا بالتأكد والتحري من طريق السفر، وإيجاد الخطط الأمنية لتحركاتهم وسفرهم داخل البلاد.
وكان سفير الولايات المتحدة الأميركية بصنعاء، ستيفن سيش، أكد، الجمعة الماضي، لموقع "أميركا دوت جوف"، التابع للإعلام الخارجي بوزارة الخارجية الأميركية، أن الوضع الأمني في اليمن ما زال خطراً إلى حد ما، وحث قوات الأمن اليمنية على تكثيف جهودها لمكافحة تنظيم القاعدة والخلايا الإرهابية في اليمن.
وإذ أشاد بالعملية التي قامت بها قوات الأمن اليمنية في أغسطس 2008 في شرق اليمن، وقتل فيها عدد من المطلوبين بينهم أحد قادة التنظيم في اليمن، إلا أنه ألمح إلى موقع السلطات الأمنية اليمنية في وضع الدفاع، داعيا إلى محاصرة "الإرهابيين" والزج بهم إلى وضع دفاعي. وقال: "يتعين على الحكومة اليمنية بذل المزيد من الجهود على نحو ذي مغزى لنقل ساحة المعركة إلى الإرهابيين ووضعهم في موقف الدفاع"، مؤكداً أن الوضع الأمني في البلاد بعد هجوم السابع عشر من سبتمبر لا يزال "خطرا نوعا ما".
وهو أشار إلى مبررات الحكومة اليمنية "بصورة مشروعة" استنادا إلى قضايا لها علاقة بالقدرة التي تعوق تأثيرها وفاعليتها في التصدي للإرهابيين وصعوبة إجراء العمليات في المناطق الجبلية والمناطق القبلية المعارضة للسلطة، "لكنها في المقابل تتلقى معونات من الولايات المتحدة ومن دول أخرى لمساعدتها في التغلب على هذه الصعابـ".
وأضاف: "نحن نعمل بالقدر الذي نقدر عليه مع الحكومة اليمنية لتزويدها بالوسائل التي تحتاج إليها"، مثل التدريب على مكافحة الإرهاب، وتبادل المعلومات الاستخباراتية معها لمساعدة السلطات على إجراء عمليات ناجحة.
تصريح السفير وتحذير السفارة جاءا في غضون أيام حافلة بنشاط إعلامي ملحوظ لتنظيم القاعدة تركز على انضمام سعوديين أطلق سراحهما من معتقل جوانتانامو الأميركي إلى التنظيم كقياديين، وأعلن اندماج تنظيم القاعدة في السعودية بفرع اليمن تحت مسمى "تنظيم القاعدة في جزيرة العربـ"، بقيادة يمنية يتزعمها ناصر الوحيشي، أحد الفارين من سجن الأمن السياسي في فبراير 2006، وهو أحد أبرز المطلوبين للسلطات الأمنية اليمنية التي تتهمه بارتكاب عدد من التفجيرات، واستهداف المصالح اليمنية والأجنبية في اليمن.
الوحيشي، المكنى بـ"أبو بصير"، 33 عاما، أمير التنظيم الجديد والسكرتير السابق لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وأمين سره، كان فارقه في فبراير 2002، واعتقل بعدها في إيران وسُلم للسلطات اليمنية، حيث احتجز هناك قبل أن ينجح في الفرار من السجن في فبراير 2006، بمعية 23 معتقلا بتهمة الانتماء للتنظيم الذي تتحالف معظم دول العالم في الحرب ضده، امتدحه الرجل الثاني في "القاعدة"، أيمن الظواهري، أواخر نوفمبر 2008، أي بعد شهرين تقريبا من الهجوم الذي استهدف السفارة الأميركية بصنعاء وأودى بحياة 16 شخصا بينهم مواطنة أميركية من أصل يمني، ووصفه بأنه "أمير المجاهدين في اليمن، نِعْم الأخ والرفيق، الصابر المرابط المجاهد المحتسبـ".
وتفرض السلطات الأمنية سياجا منيعا على سفارة الولايات المتحدة الأميركية، منذ هجوم السابع عشر من سبتمبر الماضي، وما ينفك السياج يتخفف عن السفارة وعدد من الأحياء المحيطة بها، حتى يعود ليفرض مجدداً تحسبا لهجمات ضد السفارة، وقد أغلق مؤخرا أواخر ديسمبر الماضي مع الاحتفالات بأعياد الميلاد.
وقد أعلنت السلطات الأمنية اليمنية الأسبوع الماضي مقتل شخصين من المطلوبين، والقبض على ثالث، ويتهمون جميعا بالوقوف وراء بعض العمليات الإرهابية التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة. ونقلت مصادر رسمية اعتراف الشخص المضبوط بالمشاركة في الإعداد لاستهداف السفارة منتصف مارس الماضي في هجوم أخطأ هدفه أيضا وأصاب مدرسة للطالبات واقعة في محيط السفارة.