أبو راس.. من خرق الأرض إلى خرق القانون!

أبو راس.. من خرق الأرض إلى خرق القانون! - يحيى هائل سلام

قبل ثلاثة أعوام أو يزيد، مشيئةٌ ذات بعدٍ ونفوذ، ارتأت أن يكون ما كان: آبار مياه منطقة "وادي ظبا" (إلى الشمال من مدينة القاعدة) جميعها خطٌ أحمر، ودائرة مغلقة أمام "الوائتات" (ناقلات المياه).
ما للمشيئة آنذاك من تفسيرْ، لكن لها رجع صدى: قلة في العرض، ارتفاع في الأسعار... وذاك أذى مسّ خمسين ألفاً أو يزيدون، من سكان مدينة القاعدة، هم في الأساس يعيشون أزمة خانقة في المياه، ولا يمتلكون قدراً ولو بسيطاً من البراعة في فن الإصغاء للنصيحة: أن يبولوا للخزانات، ويشربوا بولهم!!
النائب في حكومة مجور، والوزير في ما سلف من الحكومات، الشيخ صادق ابو راس، غير معنيٍّ بهكذا نصائح وقحة، تجرح الناس وتسفِّه أوجاعهم، ثم إن لديه آنذاك ما يشغله: الاحتفال بتدفق المياه بنسب عالية من بئره الجديدة أسفل "وادي ظبا"، على التلة الموازية لقصره الأسطوري المحدق إلى عطش المدينة من بعيد.
اليوم، ولكن هذه المرة في قلب "وادي ظبا"، معدات الحفر الارتوازي تغرز أنيابها الحديدية، والمهمة اعتيادية: إشباع نهم الوزير إلى الماء.
أن يخرق أبو راس الأرض، ذاك شأنه، أما أن يخترق الأنظمة والقوانين النافذة، فللآخرين في ذلك شان، كأن يسألوا: 50000 ريال، وهي رسوم أعمال الحفر، المنصوص عليها في قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (283) لسنة 2001، لماذا لم يدفعها حتى هذه اللحظة؟!
ومن سؤال الاستنكار إلى الاستفهام: ما مدى التزام نائب رئيس الوزراء بنص المادة (35) من القانون رقم (33) لسنة 2002م بشأن المياه؟ إنها الصيغة الدبلوماسية للسؤال: هل لديه ترخيص بأعمال الحفر؟
المهندس خالد الشجاع، مدير فرع الهيئة العامة للموارد المائية بمحافظة إب، الجهة المعنية بمنح مثل تلك التراخيص، في اتصال هاتفي طرحت الاستفهام عليه، قال: سأراجع الأوراق في المكتب، ثم أُجيب. وفي اتصال لاحق جاء رده: أعطيك رقم مدير الرقابة، اتصل به واسأله. فعلت ذلك، وسريعاً جاء رد مدير الرقابة جميل الجنيد لكن متلعثماً: "أيوة.. هناك ترخيص.. كنا بدأنا الإجراءات.. لكن.. أنا.. بعدين أخذت إجازة.. وما أعرفش إنهم استكملوها أم لا، با أسأل بكرة وأتواصل معكـ".
سارعت إلى سؤاله: هل من الممكن منح الترخيص قبل تسديد رسوم الحفر المحلية؟ أجاب: "لا.. لا يمكن ذلكـ". وكان في الجواب ما يغني عن الانتظار إلى باكرْ!
المفارقة العجيبة، أن المؤسسة المحلية للمياه بالقاعدة، منذ سنوات وهي مستمرة في النضال من أجل حفر بئر ماء لمصلحة العامة، ليس في أراضٍ غير يمنية، بل في نطاق حوض المدينة المائي المحدد بقرار صادر عن حكومة الجمهورية اليمنية، وغالباً ما يصطدم النضال ومعه وثائق الحفر الرسمية بالمشيئات النافذة الصلبة، أحياناً هذه المشيئات قد تلين، لكن بشرط: غيروا موقع الحفر من هنا إلى هنا، أو أقول لكم إلى هناك.. هناك!!. 12000000 ريال قد يكون هو الثمن، ولا بأس من أن يكون "الشجاع" هو العراب الرسمي للفضيحة!!
الواضح أننا أمام صورة معكوسة ومشوهة لتعريف ماكس فيبر للدولة!! الدولة التي يبدو أنها هي المعنية بعقوبة السجن مدة لا تزيد عن سنتين في حال حفر بئر للمياه دون ترخيص من قبل الهيئة!