الاختلاف في سن زواج عائشة بالنبي هل سيقود لإيقاف ظلم الصغيرات؟!

الاختلاف في سن زواج عائشة بالنبي هل سيقود لإيقاف ظلم الصغيرات؟! - بشرى العنسي

أصبح الزواج المبكر أو زواج القاصرات الشغل الشاغل لعدد من المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني وإعلاميين وبعض علماء الدين في كثير من الدول العربية والاسلامية. وكثيرون أقروا بمخاطره والاضرار المختلفة الناتجة عنه.
الدين، أو بالأدق مسألة زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة، ما تزال إلى الآن هي المحك أو النقطة الفاصلة في إيجاد مادة تحدد سن الزواج. وربما كانت الصغيرات والمتضررات من هذا الزواج هن أكثر من يتطلع لمثل تلك المادة (بغض النظر عن أي جهة أخرى).
مؤخراً صار زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة محل نقاش وبحث عدد من علماء الدين وباحثين، وأغلبهم توصلوا إلى أن ذلك الزواج لم يكن في التاسعة من عمر السيدة عائشة.
اسلام البحيري (صحفي مصري) بحث في عدد من كتب السيرة فوجد أن البعثة النبوية استمرت 13 عاماً في مكة وعشرة أعوام بالمدينة، وكان بدء البعثة النبوية بالتاريخ الميلادي عام 610، في حين كانت الهجرة إلى المدينة عام 623، أي بعد 13 عاماً في مكة، وكانت وفاة النبي عام 633، والمفروض أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة قبل الهجرة إلى المدينة بثلاثة أعوام. أي في 620م، وهو ما يوافق العام العاشر من بدء الوحي، وكانت تبلغ من العمر ست سنوات ودخل بها في نهاية العام الاول للهجرة أي نهاية 623م. وكانت تبلغ من العمر تسع سنوات وذلك ما يعني حسب التقويم الميلادي أنها ولدت عام 614م أي في السنة الرابعة من بدء الوحي، حسب رواية البخاري.
ويواصل الباحث الذي استدل بحساب عمر السيدة عائشة بالنسبة لعمر أختها (أسماء بنت أبي أبكر)، حيث يقول إن المصادر والكتب التي اعتمد عليها تشير إلى أن أسماء كانت تكبر عائشة ب10 سنوات. كما تحوي المصادر ذاتها اختلافاً واحداً بينها، وهو أن «أسماء» ولدت قبل الهجرة ب27 عاماً ما يعني أن عمرها مع بدء البعثة النبوية كان 14 سنة وذلك بإنقاص عمرها قبل الهجرة 13 سنة وهي سنوات الدعوة النبوية في مكة.
المصادر حسب البحيري ذكرت أيضاً أن أسماء كانت أكبر من السيدة عائشة ب10 سنوات، ما يعني أن سن السيدة عائشة كان 4 سنوات مع بدء البعثة النبوية في مكة أي أنها ولدت قبل بدء الوحي ب4 سنوات وذلك عام 606م.
ذلك في نظر بحيري يؤدي إلى حسبة بسيطة وهي أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما نكحها في مكة من العام العاشر من بدء البعثة النبوية كان عمرها 14 سنة بمعنى أن عائشة ولدت عام 606م وتزوجت النبي صلى الله عليه وسلم سنة 602م وهي في عمر 14 سنة، وأنه كما ذكر دخل بها بعد ثلاث سنوات وبضعة أشهر، أي في نهاية السنة الاولى من الهجرة وبداية الثانية 624م؛ فيصبح عمرها آنذاك (14+3+1=18) سنة كاملة، وهي السن الحقيقية التي تزوج فيها النبي صلى الله عليه وسلم بالسيدة عائشة.
إسلام بحيري استدل أيضاً لحساب عمر عائشة بوفاة أختها (أسماء) حيث يقول إن المصادر التاريخية والكتب التي استند عليها تدل على أن «أسماء» توفيت بعد حادثة شهيرة مؤرخة وهي مقتل ابنها عبدالله بن الزبير على يد الحجاج، وذلك عام 73ه وكانت تبلغ من العمر100 سنة كاملة فيكون بذلك (100-73=27) وهو عمرها وقت الهجرة النبوية، وهو ما يتطابق كلياً مع عمرها المذكور في المصادر التاريخية. فإذا طرحنا من عمرها 10 سنوات، وهي السنوات التي تكبر بها أختها عائشة يصبح عمر السيدة عائشة (27-10=17) سنة، وهو عمر عائشة حين الهجرة ولو دخل بها النبي صلى الله عليه وسلم في العام الاول يكون عمرها آنذاك 18 سنة، وهو ما يؤكد الحساب الصحيح لعمر السيدة عائشة عند الزواج من النبي.
الباحث أو الصحفي استدل بوقائع كثيرة لحساب عمر السيدة عائشة وزواجها من النبي صلى الله عليه وسلم، لكن كل ذلك ليس بهذه الأهمية لذكره، وقد تكون المعلومات أو التقديرات التي ذكرت غير صحيحة ومشكوكاً فيها (والأكيد أن علماء الدين سوف يشككون بها).
ربما ما يهمنا هو أن نصل إلى أنه حتى مسألة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة في التاسعة من عمرها مختلف فيه لذلك لا ينبغي اتخاذه كحجة للسكوت على معاناة آلاف الصغيرات.
المسألة برمتها تحتاج إلى إعمال العقل قليلاً والبعد عن التعصب الديني، لأن ديننا أولاً وأخيراً دين يسر وليس دين عسر، وإذا تُهنا في الأرقام والروايات المختلفة فهناك القلب (استفت قلبك ولو أفتوك) فلماذا نصر على أن نقع في الشبهات وتحمل ظلم الكثيرات؟! فالسيدة عائشة ليست كبنات اليوم، وتعامل الرسول معها كزوجة من حيث تأخر دخوله بها ليس كتعامل بقية الرجال.
الدكتورة سميرة غالب (دكتورة نساء وولادة في مستشفى السبعين) تقول لـ«النداء» إنه لا يصح مقارنة فتيات اليوم بفتيات الأمس كون الظروف الخارجية والبنية الجسدية اختلفت. فالبنات اليوم لسن كأمهاتهن اللاتي تزوجن بسن مبكرة لاختلاف البنية والخدمات المتوفرة التي لعبت دوراً كبيراً في تزايد الإجهاض والعمليات القيصرية ووفاة الامهات الصغيرات.
في حين أن أحمد القرشي رئيس منظمة «سياج» للطفولة في حديثه لـ«النداء» طالب مجلس النواب والحكومة بوقفة جادة للحد من ظاهرة زواج القاصرات والذي أثر سلباً على الفتيات والمجتمع.
الدكتور عبدالمؤمن شجاع الدين أستاذ الشريعة والقانون بجامعة صنعاء أدلى بدلوه أيضاً من خلال دراسة فقهية قانونية حول تحديد سن الزواج، وهو في رأيه الذي يتناسب مع صلاحية الشريعة الاسلامية لكل الازمنة والامكنة.
مع اختلاف الآراء والاجتهادات ربما تقتضي المسألة البحث عن المصلحة لإيجاد حل يوقف ظلم الصغيرات، وربما أيضاً يجب أن تكون تلك المصلحة في صالح الفتاة لا في صالح جهات أخرى طالما والحجة الوحيدة مختلف فيها.
 
***
 
الفقر وضعف البنى التحتية للمنشآت التعليمية والزواج المبكر من الاسباب التي تعوق مواصلة الإناث لتعليمها
 
قالت الدكتورة إنصاف عبده قاسم، رئيسة دائرة البحوث التربوية بمركز البحوث والتطوير التربوي، إن اليمن، رغم ما تبذله من جهود لتحسين مستوى تعليم الإناث، لم تحقق الأهداف المرسومة في تعليم البنات التي تمكنها من بلوغ هدف الألفية الرامية إلى الوصول إلى التعليم للجميع العام 2015.
وأوضحت مديرة مركز البحوث والتطوير التربوي، في محاضرة لها الاثنين الماضي بمركز سبأ للدراسات الاستراتيجية، أنه على الرغم من الإنجازات اللافتة في تعليم الفتيات اليمنيات مقارنة بما كانت عليه، إلا أن ذلك لم يحقق الأهداف المرحلية لتطوير مستوى النوع الاجتماعي، مشيرة إلى أن اليمن وإلى حدود العام 2008 لم تبلغ الغايات المنشودة التي ستؤهلها إلى رفع معدل انخرط 90% من الفتيات في سن 14-6 سنة في التعليم الأساسي والثانوي.
وأشارت المحاضرة إلى أن الدراسات المسحية التي نفذت خلال الفترة 90-89 كانت قد كشفت أن مستوى تعليم الإناث في تلك الفترة كانت متدنية للغاية؛ إذ وصل في بعض المناطق إلى 0% أو أعلى بقليل، وأن إجمالي نسبة البنات الملتحقات في التعليم الأساسي حينها لم يتجاوز 27%، وأنه حتى تلك الفترة بدأت اليمن ببذل جهود عملت على رفع نسبة الفتيات في التعليم الأساسي السنة الجارية إلى 86%.
وأشارت إنصاف إلى أن معدل نمو التحاق البنات في التعليم الأساسي بلغ خلال الموسم الدراسي 2003 - 2004 وحتى حدود 2006 – 2007، 6.25 %، مقارنة بزيادة الذكور 2.08% خلال الفترة نفسها. لكن هذه الزيادة في نسبة التحاق الإناث تتراجع تدريجياً في التعليم الثانوي إلى 15% نتيجة للتسرب المدرسي في هذه المرحلة. الأمر الذي يؤثر على إجمالي النسبة المستهدفة المحددة ب90% في جميع مستويات التعليم (الأساسي والثانوي) العام 2015.
وأوردت المحاضرة جملة من الأسباب التي تعوق مواصلة البنت لتعليمها، أهمها انتشار الفقر بين السكان، وارتفاع عدد الأطفال لدى المعيل لأن الإمكانات الاقتصادية المحدودة لدى الكثير من السكان اليمنيين يقلل من قدراتهم على توفير النفقات الأساسية الأولية لتعليم أبنائهم عامة والإناث على وجه الخصوص، ثم انتشار الأمية، والزواج المبكر، وضعف البنى التحتية للمنشآت التعليمية مثل عدم توافر حمامات تتيح للبنات قضاء حاجاتهن، ونقص إمداد المياه. وعابت المحاضرة على المجتمعات المحلية ضعف مشاركتها في العملية التعليمية، مشيرة في هذا السياق إلى أن العملية التعليمية ينظر إليها المجتمع اليمني كمطلب اجتماعي وليس كمهمة اجتماعية يجب أن تشارك فيها كافة الفعاليات المؤسسية والاجتماعية من مجالس محلية، ومكاتب تنفيذية، وأسرة. وقالت إن عدم توافر فرص عمل للمتخرجات حد من حماس الفتاة للتعليم. ودعت في هذا الإطار إلى تأنيث التعليم الابتدائي بحيث تكون كل المعلمات والإدارة المدرسية من الإناث مما يسمح بخلق فرص عمل ملائمة تحفز الفتاة على مواصلة تعليمها. وذهبت المحاضرة إلى أن عدم بلوغ الأهداف المرحلية وتحقيق النسبة المرجوة في انخراط الإناث بالتعليم لا يفي عدم وجود بدائل. مؤكدة أن هناك بعض البرامج والسيناريوهات التي وضعت لاستدراك هذا القصور مما قد يمكن اليمن من تحقيق النسبة المرجوة.