مدير أمن تعز اعتبرها ضحية مُجتمع وعصيدة المؤتمر والاصلاح بدأت تحمى.. عشاء سوسن.. بَرَد!

- طالما والأمر متعلق بأنثى، لابد أن جمال عبدالقادر والد سوسن (المختطفة/ المُختفية) سيخوض حرباً غير متكافئة، أشد الخصوم فيها هو المجتمع.
المجتمع لهُ مخالب ولا يرحم ناهيك عن مخالب من قال بأنهم ظلموه هو ابنته.
مساء الجمعة الفائتة 25/7/2008. بدا جمال مستبشراً خيراً، قال (يحدثني بسرور):
 «الحمدلله، حصلوا سوسن أمس. (وأردف بثقة) هي الآن في البحث الجنائي لغرض التحقيقات، شوية وباتخرج، ونرجع إلى البيت».
> جمال/ الساعة 7:30 مساء السبت:
- «ما خلونيش أدخل أشوف بنتي، طردوني أنا والمحامي وما خلوناش نحضر التحقيق (يقصد إدارة البحث الجنائي) أمس في الساعة 11 صباحاً حققوا مع سوسن وقالت في محاضر التحقيق أنها أختطفت من جوار معامل استديو رمزي حارة (الكامب) الساعة 6 مساءً تقريباً.
> الساعة 9 مساء السبت جمال وهو عائداً من إدارة البحث منهكاً:
- «قالوا بنتي ما تشتيش تشوفنا»! حققوا معها الآن مرة ثانية من دون الموافقة على حضور المحامي»!
> الساعة 9:20 مساء السبت:
- في الداكة المقابلة لمحل الخليدي للتنجيد، جوار باب مدخل بيت سوسن في حارة الكامب تعز بدا محتشداً ببضعة أناس جاءوا لمؤازرة جمال (والد سوسن المخطوفة منذ يوم 15/7/2008) لم يكن جمال متواجداً معهم.
> جمال.. الساعة 10 مساء بصوت مش عارف ساسه من رأسه أخبرني بحزن: «ما رضيوش يسلموني بنتي.. العشاء حقها برد! واحنا ننتظر»، شعرت بقشعريرة سرت في جسدي، كما لو أن سيبيريا بأكملها تجلس فوق أطراف أصابع يدي. لقد تثلجت رغم أن الدنيا صيف.
> الساعة 10:30 مساء السبت.
- جمال وقد بدا عليه الإرهاق أكثر حدثني بحماس: «باقي انشروا أخبار مناشدة لمجلس النواب ينقذوا بنتي من إدارة البحث الجنائي. بنتي مختطفة وهم يشتوا يطلعوا الموضوع أنها كانت مختفية في اعترافاتها الاولية عند تحقيق البحث قالت كل ما يؤكد أنها مختطفة، ومثلما كنا شاككين، حققوا معها مرة ثانية» وكتب مناشدة بذلك الخصوص (حصلت «النداء» على نسخة منها) وتغيرت أقوالها وبدأت أكتب الخبر وبعثته للمواقع الالكترونية.
> الساعة 11:30 مساء اتصلت لمعرفة أي جديد..
رد (جمال) بصوت لا يبدو أنه مبسوط ِ كما هو حاله عندما أبلغني بأنهم عثروا على سوسن. صوت جمال قال لي هذه المرة: «أرجوك، أوقف نشر أية أخبار حول الموضوع».
(سألته: ليش؟) فأخذ أحدهم الهاتف منه وحدثني بصوت مؤدب ورزين: «شكراً لك يا أخ فكري.. خلاص سوسن روَّحت، وهي الآن في البيت، سلموها لأبوها ولمندوبة من اتحاد نساء اليمن. رجاءً لا تنشروا أي أخبار».
فرحت بذلك وطلبت منه أن يعطيني والدها لأتأكد منه.
- ها ياعم جمال.. بنتك عندك الآن؟ (ببرود قال): «أيوه أيوه بنتي معي الآن.. أنت بس اعمل مثلما يقلك، رجاءً لا تنشروا أخبار». وانتهت المحادثة.
> الساعة 1:30 منتصف الليل/ صباح الأحد وقد ألغيت نشر أي خبر، رن هاتفي:
- «ألوه فكري- شفت كيف خدعوا الرجال»؟
- أيش يعني؟
- «البنت عادها في البحث، وقد حولوها إلى النيابة!» شعرت بأن برودة الارض كلها.
> الإثنين.. الثالثة عصراً.. الحارة شبه ميته وأحاديث الناس مرتبكة وسوسن تحولت في الصباح من النيابة إلى إصلاحية سجن الاحداث.
والد سوسن، فقد شيئاً من حماسه، بدا حزيناً ولغته طافحة بالغلب، وبين عينيه معه تحاول الاختباء لمدة أطول.
أم سوسن زارتها في الإصلاحية، ولابد أن لديها ما تقوله.
> الساعة 10 مساء الاثنين.
حاولت الالتقاء بأم سوسن لمعرفة ما هو مهم أثناء زيارتها لسوسن، هذه المرة كان جمال (والد سوسن) رافضاً بشدة. قال بصوت عالٍ ومتعب:
- «رجاءً.. بنتي مش مجال للمزايدات الحزبية، اللي يشتي يكتب حاجة يروح الأمن، وهم بيقولوا له كل شيء!!»
> الساعة 11 مساء الاثنين.
 - طلبت تلفون مدير الأمن العميد/ يحيى الهيصمي، قال الرجل بمنتهى اللطف:
- سوسن ضحية مجتمع (سألته).
- من لحظة بلاغ والدها وأجهزة الأمن تتعامل مع الأمر على إنه اختفاء.. مُش اختطاف: على أيش اعتمدتم في تصنيفكم للواقعة؟
- الشارع الذي قيل أنها اختطفت منه شارع عام ومليء بالمحلات والناس.. ومش معقول ما حد يشوف أو يسمع.
ثاني حاجة من أقوال الأم والأب، وأخيراً من أقوال سوسن اكتشفنا أنها فعلاً ضحية مجتمع، وأنها استدرجت من قبل واحدة عندها محل اتصالات.
وأضاف الأخ مدير الأمن إن التحريات لم تزل جارية حول «أشواق» وأخرى اسمها «عاتكة» وأن أجهزة الأمن ألقت القبض على ثلاثة من المشتبه بهم.
> الساعة 1 صباح الثلاثاء:
الكهرباء طفت، شعرت بالغثيان وبالدواخ وأن في داخلي أيضاً صرخة تنين!
> سوسن 19 سنة.. قبل 5 أيام من استعداد والدتها الذهاب إلى المحكمة للادلاء بشهادة مهمة ضد لصوص سرقوا بيت جارهم (حوتر) تلقت تهديداً علنياً بأنها ستبكي طيلة عمرها لو أنها شهدت.
وهاهي الأم حزينة تبكي وتداري عاراً لم يكن ليخطر على بال أحدٍ قبل الآن.
السياسة دخلت الحرب هذه المرة.
التضامن الحزبي (مؤتمر وإصلاح) لئيم كما عادته ولا يرحم.
إن ضغطاً مؤتمرياً على ما يبدو من قبل شوية متجملين اغبياء، مورس على والد سوسن وأقنعه (على شكل نصيحة) بعدم تصديق المعارضة وإعطائهم أية أخبار لأنهم من خلال ذلك يهدفون فقط لتشويه سمعة البنت، وسمعة الحكومة كمان!؟
> ربما أن الاصلاح (لكن في قضية غير هذه، وفي ميدان غير هذا) لئيم بما يكفي لصفع الحزب الحاكم من خلال عديد قضايا إجتماعية يركن اعضاء المؤتمر الحاكم خلالها، قبل التعاضد مع الناس، لتوجيه رسائل الشكر للجهات المعنية على جهودهم المبذولة (رغم أنهم لا يكونون لحظتها قد فعلوا أي شيء) فيما نشطاء الاصلاح يتسربون إلى حيث الجهات المتضررة أصلاً، ويبدون معهم تعاضداً لافتاً، ولابد أنه يثير غيرة الكسالى، والموسّحين في انتظار مواسم الحج إلى الصناديق!؟ دعونا من كل تلك السخافات هذه قضية إنسانية، الكل متفاعل معها، العاجزين وحدهم من يكيفوها سياسياً.
> ما أثق فيه جداً.. أن «سوسن» بريئة، ضحية.. وأن عصيد السياسة لا ينبغي له أن يحضر في قضية إنسانية كهذه. أخجلوا شوية.
> سوسن جمال عبدالقادر..
تبعثرتها ال15 يوماً مشاعر «الاختطاف- الاختفاء» ولا أعرف الآن ؛ كم أسابيع ستبعثرها مماحكات السياسة. سيما وأن أجهزة الأمن -رغم الجهود التي بذلتها، راحت تعتبر أن تناول الصحف الحزبية والأهلية (بالذات التابعة للإصلاح) إنما تحاول من خلال ذلك إثارة البلبلة في المجتمع وخدش بكارة حكومة المؤتمر الشعبي العام!؟.
> سوسن.. قضية إنسانية بحتة، ما دخل عصيد المؤتمر والاصلاح فيها؟! سوسن ضحية وضع سيء، وضع ولا هو فاضي لغير المناكفات، ورمي الحجارة على بيوت الآخرين.
> سوسن في مجتمع كهذا، سينتظرها قدر مجهول، والقضية لم تزل قيد التحري والبحث. كما أن ما يعتبره الكثير عناصر إدانة ضد عصابة (سرقة) هددوا والدتها، وربما يكون لهم ضلع في الأمر. لم يدخل، بقوة، ابدأ إلى مزاج التحقيق والتحريات، حتى ولنقل، مؤقتاً حتى الآن!...
fekry