بعد طرده مرتين أخبر الأطباء في المستشفى الثالث أن زوجته مصابة بالإيدز

بعد طرده مرتين أخبر الأطباء في المستشفى الثالث أن زوجته مصابة بالإيدز - بشرى العنسي

كانت بحاجة لعملية قيصرية، كان وضعها حرجاً والجنين أيضاً، لكن زوجها الذي حملها راكضاً نحو أحد مستشفيات العاصمة، جوبه بالطرد وزوجته، فانتقل بذات الجزع إلى مستشفى آخر، لكن أنين الزوجة وهلع الزوج لم يكونا بالشفاعة الكافية ولم تحرك الرواكد الإنسانية في أعماق أولئك الأطباء.
أخيراً وبعد أن طرد من مستشفيين، ومع صرخات زوجته قرر أن يتخلى عن أمانته بإخفائه للسر الذي أدى بوحه به مرتين إلى ما آل إليه يومها.
في المستشفى الثالث تمت العملية بنجاح، كيف لا؟ وقد أخفى عن الأطباء حقيقة أن زوجته متعايشة مع الإيدز.
هكذا حكى، وأمام ثلة من الصحفيين سرد قصته كاملة، بدأت بعد عودته من السعودية ليكشف إصابته بالإيدز.
أرسل من يحضر زوجته وابنه إلى صنعاء، الفحوصات أثبتت أنها متعايشة مع المرض أيضاً، في حين كانت رحمة الله تحف الصغير (الابن).
صغير آخر كان حينها في أحشاء أمه، تعذر إجهاضه فواصل النمو إلى أن أخرج بتلك العملية.
 ذاك الصغير ينتظر الآن بوعي قاصر نتيجة فحوصات مستقبلية تحدد مصيره.
الأب الذي كان يقص أوجاعه بشجاعة مصطنعة كل ما يخافه أن يعرف سكان حارته بحقيقة مرضه فيضطر إلى الرحيل بعد أن ترك قريته.
هو يخضع الآن للعلاج الثلاثي، بعد أن فشلت معه أعشاب الزنداني- حد قوله.
 
إيدز الفرشاة والكتشب
الحالة السابقة ليست الوحيدة في اليمن، ليس من حيث الإصابة فقط وإنما في تعامل الأطباء والمجتمع معهم.
 قد يغفر للمجتمع خوفه وجهله بأمور كثيرة حول المرض، لكن الأطباء لا عذر لهم في منع الخدمات الصحية عن المتعايشين وتركهم يموتون على الأرصفة (كالقصة التي نشرتها صحيفة «الغد»).
قبل فترة عم الخوف بين أوساط اليمنيين من المطاعم بعد إشاعة انطلقت من مطعم معروف مفادها أن أحد العاملين فيه مصاب بالايدز ويضع قطرات من دمه داخل الكتشب في محاولة لنشره.
فرشاة الأسنان أخذت نصيبها من التهم الأسطورية بعد انتشار خبر إصابة أسرة كاملة بالإيدز نقلته لهم الشغالة من خلال الفرشاة.
الواقع العلمي ينفي تماماً تلك الإشاعات كون الفيروس (HiV) هش ولا يمكنه العيش خارج الدم، وأي بيئة أخرى تقتله فهو لا يستطيع العيش بالماء فكيف بالكتشب.
كما أنه لا ينتقل إلا عبر الدم الملوث بالفيروس، والممارسات الجنسية الخاطئة، واستخدام الحقن الطبية لأكثر من شخص (كمدمني المخدرات) وهو ما يتعارض مع قصة الفرشاة.
اللعاب، العرق، الدموع، تلك السوائل لا تخلو من الفيروس في الشخص المتعايش والمرض، لكنها لا تسبب العدوى كون كثافة الفيروس (HiV) قليلة فيها.
25 لتراً الكمية المطلوبة من اللعاب كي ينتقل الفيروس من شخص مصاب لآخر سليم. ولا أظن أن هذه الكمية قد وضعتها الشغالة في فرشاة العائلة سابقة الذكر.
 
الإيدز في اليمن
تشير إحصائيات البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز لانخفاض معدل انتشار المرض في اليمن 0.14٪_. بلغ العدد التراكمي للحالات المسجلة منذ 1987 حتى العام الماضي 2323 حالة، نسبة الإصابة من اليمنيين 57٪_، إلى 38.4٪_ لغير اليمنيين، 60٪_ منهم ذكور و40٪_ إناث.
وبحسب الدكتور عبدالحافظ الورد مدير جمعية الرعاية التكاملية لمرضى الايدز فقد سجلت 53 حالة في الربع الأول من العام الحالي، منهم 8 نساء ، 11 أجنبياً، ليرتفع عدد الحالات ل2376 حالة.
ويعتقد الورد أن هناك 10 حالات تقريباً وراء كل حالة. ويتوقع أن يكون عدد المصابين 23760 حالة.
المجتمع ينظر لهؤلاء المصابين بالايدز أو المتعايشين معه نظرة سوداوية ينتج عنها نبذهم من الحياة الاجتماعية والعملية، وهو ما اعتبره الشيخ جبري ابراهيم حسن عضو جمعية علماء اليمن تمييزاً ضدهم.
الشيخ جبري يقول إن المتعايشين مع المرض هم بالأغلب من الأقارب فلهم حق الإنسانية، حق الدين وحق القرابة، كما أن تطهير الانسان أو معاقبته ليست منوطة بالأشخاص بقدر الشرع.
الشيخ طرح رأيه من خلال الدورة التدريبية الخاصة للاعلاميين والصحفيين حول الايدز ودورهم في خلق الوعي والتقليل من الوصمة والتمييز ضد المتعايشين مع المرض، برعاية مؤسسة انتراكشن، منظمة بروجريسيو بالتعاون مع نقابة الصحفيين.
الندوة التي عقدت بداية الأسبوع واستمرت ثلاثة أيام، ناقشت مجمل القضايا المتعلقة بالايدز وطرق انتقاله والوقاية منه.