المشترك في المحك بعد احتضانه القضية الجنوبية.. البرلمان يعقد جلسة خاصة لبحث «الاحتقان»

المشترك في المحك بعد احتضانه القضية الجنوبية.. البرلمان يعقد جلسة خاصة لبحث «الاحتقان»

- المحرر السياسي
تذكر نواب الشعب أخيراً أن هناك حالة احتقانات تمر بها اليمن، وقرروا أمس تخصيص جلسة الاثنين المقبل لمناقشتها.
خطوة متأخرة لا ريب، لكن دلالتها مهمة، في مظهرها على الأقل. فالبرلمان خلاف الحكومة، ورئيس الجمهورية على وجه خاص، يقر من حيث المبدأ بوجود احتقانات واحتجاجات واسعة، على الرغم من أن طبيعة وجغرافية هذه الاحتقانات والاحتجاجات مسكوت عنهما، وهذا ليس غريباً في «مؤسسة» يستحوذ حزب الرئيس على أربعة أخماس مقاعدها.
تذكر النواب الاحتقانات والاحتجاجات، بعدما ذكرهم النائب منصور الزنداني في جلسة الاثنين الماضي (إصلاح- إب) بأن الحكومة قدمت تقريراً لهم عن الأوضاع الاقتصادية للعام الماضي، وحان الوقت لكي يلتزم رئيسها بتقديم تقرير عن الأوضاع السياسية التي عاشتها اليمن خلال الفترة نفسها.
قبله بيوم كان النائب عبدالباري دغيش (مؤتمر شعبي -عدن) يشدِّد على ضرورة نقل حالة الاحتقانات من الشارع (وليس من رؤوس الحاقدين كما يقول كبار المسؤولين) إلى قاعة المجلس النيابي لمناقشتها والخروج بحلول لها.
كشفت الاحتجاجات المتصاعدة في الجنوب، أول ما كشفت، ضعف الهيئات المنتخبة في «دولة الوحدة» وانحسار وظيفتها التمثيلية دورة تلو دورة. ومنذ 1994 اخفقت مشاريع ملء الفراغ الذي ترتب على إقصاء الحزب الاشتراكي من الحكم، ومخططات اجتثاثه من الأرض عبر حزمة من السياسات الحمقاء التي وضعت الحكم في مواجهة مباشرة مع السكان في المحافظات الجنوبية والشرقية.
والحال أن الحكم الذي واجه نخبة ممثلة لأغلب السكان، كما اتضح في الانتخابات النيابية الأولى التي اعقبت الوحدة، يواجه الآن فئات واسعة من أولئك السكان، في ظل ضعف تمثيلهم في الهيئات العامة المنتخبة. آية ذلك انخفاض درجة استجابة الممثلين المزعومين للمحافظات الجنوبية في مجلس النواب والمجالس المحلية (وإن شئتم مجلس الشورى المعين من رئيس الجمهورية)، للتطورات الخطيرة التي تشهدها محافظاتهم. وفي البرلمان تتراوح مواقف (لا مواقف) هؤلاء بين صمت الغالبية منهم تحت القبة طلباً للسلامة وتحاشياً للملامة، وبين صراخ القلة في الشارع. وفي المحصلة النهائية فإن جميعهم (أغلبية وأقلية) تنازلوا عن تمثيل ناخبيهم في البرلمان.
على أن «القضية الجنوبية» لا تخص نواب الجنوب فقط. ومن يتوسل وضع «القضية الجنوبية» في إطار وطني ملزم بتعزيز أقواله بالأفعال.
في طاقة اللقاء المشترك الكثير ليقدمه إذا أراد أن يفحم الأصوات المحرضة عليه في حركة الاحتجاجات. لدى المشترك الخمس الباقي في البرلمان. ومصداقية التطور اللافت في خطاب المشترك إزاء القضية الجنوبية ستكون أمام تحدِّ حقيقي نهار الاثنين المقبل. في وسع الأقلية الصغيرة في «برلمان الأغلبية الكسيحة» أن تفعل الكثير إذا كانت تؤمن حقاً بعدالة «القضية الجنوبية». فإلى الاهتراء الظاهر في النسيج الوطني، وانكشاف مؤسسات السلطة في المركز والمحافظات سياسياً، والانزلاق المتسارع إلى احضان الأدوات الأمنية والعسكرية في مواجهة ظاهرة احتجاجات سلمية، تستطيع الأقلية الباقية في البرلمان أن تطلب مسؤولين حكوميين لتقديم ايضاحات حول مصائر تقارير لجان كانوا أعضاءً فيها، وأقروا علناً بوجود مظالم ومصادرات وإقصاءات في المحافظات الجنوبية والشرقية. للتمثيل، فإن صالح باصرة وزير التعليم العالي قال علناً بوجود مظالم كبيرة، وشدَّد على خطورة التداعيات في الجنوب، مخيراً رئيس الجمهورية بين الانحياز إلى 15 مسؤولاً ونافذاً (في بطانته) أو إلى الأغلبية الساحقة من المواطنين. على البرلمانيين الغيورين على «الوحدة الوطنية» أن يقرأوا جيداً التقارير التي أعدتها لجان حكومية ورئاسية رفيعة خلال الفترة الماضية، قبل أن يخوضوا في أي نقاش، وإلا فإن من المرجح أن تتحول جلسة الثلاثاء الموعودة إلى جلسة «حوار طرشان» اعتيادية.
منذ عام والشارع يضج فيما البرلمان يغط في بئر «الغالبية الكسيحة» وليس في الوارد أن تتحقق أمنية النائب عبدالباري الدغيش: نقل الاحتقان من الشارع إلى تحت القبة. على أن الجلسة الموعودة مهمة، أقله لأنها قد تكون مدخل اللقاء المشترك لترميم الصدوع في مصداقيته لدى فئات مهمة داخل حركة الاحتجاجات. وتالياً في وسع المشترك أن يمضي قدماً في تبني القضية الجنوبية، وقد برئ من الشتات الذهني والفصام النفسي (الوحدوي) اللذين ألما مؤخراً بالنخبة القيادية في العاصمة.