غاضبون اقتحموا منصة المشترك.. ونيران صديقة توقف مهرجان الضالع - الضالع

غاضبون اقتحموا منصة المشترك..ونيران صديقة توقف مهرجان الضالع - الضالع - فؤاد مسعد

 بينما كانت منصة ملعب "الصمود" تتأهب لتدشين مهرجان المشترك، فوجئت بالحجارة تنهال عليها من عشرات العناصر التي احتلت الصفوف الأولى من المنصة. وبعد لحظات سقطت منصة الحفل دون مقاومة، ودوت فيها هتافات الفاتحين الذين سارعوا لتثبيت أعلامهم إيذانا بسقوط (غرناطة) المشترك.
ذلكم مشهد البداية الذي ختمت به فعاليات الحفل، وخاتمة العرض التي فتحت على الجميع آفاق التساؤلات بلا نهاية.
 
قبل
بدأت فروع أحزاب اللقاء المشترك في محافظة الضالع استعداداتها المكثفة لإقامة مهرجان حاشد، لم تترد في التنبؤ به كأكبر فعالية تشهدها الضالع منذ بدء الحراك الجنوبي الذي انطلق من المدينة ذاتها قبل ما يقارب العام.
دعا المشترك جماهيره وأنصاره، كما أبدى عدد من قياداته ورموزه استعدادهم للمشاركة في الفعالية، يتقدمهم المهندس فيصل بن شملان، مرشح المشترك للانتخابات الرئاسية، والقيادي الإصلاحي الدكتور فتحي العزب، والمتحدث باسم المشترك محمد الصبري، والقيادي الاشتراكي محمد المقالح، وغيرهم.
لجان الإعداد كانت في غمرة استعداداتها للفعالية التي أراد المشترك من خلالها استعراض قواه البشرية التي منحته الفوز في آخر انتخابات، وإن كان فوزا يتيما. كما لم يهمل المشترك اختبار قدرته التنظيمية في استعادة ما تسرب من عناصره خارج سياق خطابه السياسي، وفي الوقت ذاته كانت تنشط خلايا أخرى في الضفة الأخرى باسم الحراك الجنوبي وبحجة حماية القضية الجنوبية والخوف عليها من المشترك الذي يحاول احتواءها عبر فعاليته التي دعا لها تحت شعار "الاعتراف بالقضية الجنوبية ومحاربة الفساد طريقنا لحماية الوحدة اليمنية". وهنا تحرك عدد من العناصر للتحريض ضد المشترك وفعاليته، مستندين إلى معلومات، تناقلها بعض المواقع الاليكترونية، تؤكد دعم السلطة للفعالية، بما يعني، في نظرهم، مؤامرة تهدف للنيل من القضية الجنوبية، والالتفاف عليها من قبل السلطة، لكن باسم المشترك، الموصوف، لدى بعض تيارات الجنوب، بالوجه الآخر للسلطة، سيما فيما يتعلق بموقفه من القضية الجنوبية. على أن هذا الخطاب المضاد للمشترك طالب من أسماهم "أحرار الضالع" بالمقاطعة الايجابية للمهرجان وذلك بالمشاركة في الفعالية والتأثير على جموعها ومن ثم أخذ زمام الفعالية والانحراف بها خارج مسارها المرسوم. وكان لذلك الخطاب أثره وسط جماهير الضالع.
ومع بدء العد التنازلي لموعد المهرجان كان عدد من العناصر قد بيتوا النية لإفشال المهرجان مهما كان الثمن. وحينها طلب متحدثون باسم الحراك والقضية من قيادة المشترك إقامة الفعالية في قعطبة وليس في الضالع؛ كون الأولى شمالية وإقامة المهرجان فيها لن تؤثر على الزخم الجماهيري الزاحف تحت راية الجنوب، بعكس الضالع التي تعد الملجأ الآمن لحراك الجنوب وفعالياته، وهو ما رفضه المشترك. وأمام الصراع على الضالع بما تمثله من رمزية للطرفين حشد كل منهما حشوده، وكان الصبح موعد الجميع.
 
الأحجار في المنصة
في الصباح الباكر كانت مكبرات الصوت تصدح بشعارات المشترك، فيما كانت تنسج خيوط أعلام جنوب ما قبل الاستقلال نكاية بالحزب الاشتراكي ونجمته الحمراء!
امتلأ الملعب بآلاف المشاركين، ودوت الساحة بالهتافات، وشوهد المئات وهم يحملون أعلام الجنوب ويرددوتن هتافاته خارجين من الملعب في مسيرة يممت شطر الشارع العام كمحاولة لشل فاعلية المشترك وجمهوره الذي صمد معظمه في الملعب وهو ينتظر مناصريه القادمين من مديريات المحافظة وهم يحملون لافتات المشترك. عاد جمهور المشترك مرة أخرى إلى الملعب وهم يحملون شلال علي شايع، بعدما كانوا في الجولة الأولى يحملون الدكتور عبده المعطري، الذي كان من المقرر أن يلقي كلمة المتقاعدين في المهرجان.
وتصادمت الشعارات بين: "يا مشترك سير سير، نحن بعدك في المسير"، وبين: "بالروح بالدم، نفديك يا جنوب... برع يا استعمار... لا مشترك بعد اليوم... ثورتنا بالدم مكتوبة، قائدها باعوم والنوبة..."، وشتائم نالت المشترك ووصمته بالعمالة للسلطة.
أمسكت فرقة القرني بالميكرفون، وحاول أعضاؤها التهدئة، لكن دون جدوى. وتطور الموقف وعلى وقع هتاف: "بالروح بالدم، نفديك يا جنوبـ" كانت تتمزق أعلام المشترك من قبل الأشخاص الذين كانوا يحملون لافتات الجنوب ويرددون هتافاته. وفي المنصة كان يوجد العشرات من ضيوف الفعالية القادمين من خارج الضالع، ومنهم الكاتب محمد المقالح، والشيخ جازم الحدي القيادي في تجمع الإصلاح. في حين كان المهندس بن شملان والصبري والعزب وآخرون معهم، لم يغادروا مقر المشترك الموجود في جنوب المدينة. في ذلك الوقت فوجئ المتواجدون في المنصة برشق متواصل بالحجارة نحوهم، ليخرج معظمهم ويبقى البعض محاصرا تحت الحجارة التي كانت مكثفة، رغم توسلات ومناشدات بإيقافها، ولم يكترث أصحاب الحجارة لتلك التوسلات. وفي إحدى الزوايا كان احد الشباب يجلس والدم يخرج من أنفه جراء إصابته، وحينها لم يستطع أحد أن يعمل شيئا لأجله، فالحجارة ما زالت تؤدي وظيفتها بمهارة. وفيما بعد اتضح أن ذلك الشاب أحد أعضاء فرقة الفنان فهد القرني، التي جاءت لتحيي المهرجان الذي انتهى قبل أن يبدأ.
 
بعد
تدريجيا هدأت العاصفة، وشوهدت المنصة وهي خالية من الضيوف، الذين جاءت الأحجار لتحل محلهم كشاهد على فعالية تعد الأولى من نوعها. وفيما اتجهت مجاميع لإقامة مهرجان آخر أمام مقر جمعية المتقاعدين، كانت جماهير المشترك تلملم أشياءها لتعود من حيث أتت.
بعد دقائق كان الأستاذ محمد الصبري يخاطب عددا من الصحفيين قائلا:
"المشترك لن يقبل الاستمرار في أي فعالية إن كانت تفضي إلى إراقة دم أي مواطن من أي طرف كان. كما أن قيادته لا يشرفها البقاء في أي فعالية تحضرها عصابات ترفع شعارات ضد وحدة الوطن". وأكد الصبري أن اللقاء المشترك سيدافع بكل ما لديه من إمكانيات عن المطالب العادلة لأبناء المحافظات الجنوبية وجميع المحافظات، وأنه سيمضي في الفعاليات السلمية الرافضة للفساد والانفصال والمدافعة عن الحقوق والحريات. وأضاف أن قيادة المشترك قررت تأجيل المهرجان وتفويت الفرصة على مثيري الفتنة.
وقال رئيس اللجنة التنفيذية للقاء المشترك، حول ما رافق الفعالية، إن "تدفق الجماهير إلى ساحة المهرجان بصورة غير مسبوقة دفع عناصر تخريبية مدعومة بفساد السلطة إلى محاولة جر الحشود الهائلة إلى الصدام والاحتكاك، ما دفع المشترك إلى تأجيل الفعالية تجنباً لأي أعمال عنف تسعى لها تلك العناصر".
إلى ذلك أصدر مشترك الضالع بعد ظهر الخميس بيانا حمّل فيه الأجهزة الأمنية مسؤولية ما حدث، واصفا ذلك بأنه اعتداء سافر من قبل مجاميع اخترقت ساحة المهرجان واستخدمت الحجارة لتفريق المشاركين وتمزيق الشعارات المعدة للمهرجان ومنع إقامة الفعالية.
وأضاف البيان، الذي حصلت "النداء" على نسخة منه: "وحفاظاً على أرواح الناس ودمائهم، وحتى لا نعطي الفرصة للنفوس المريضة والمتآمرة على الروح الوطنية والوحدوية، أُجلت هذه الفعالية والترتيب لإقامتها في أقرب فرصة". وتساءل البيان عن الجهة المستفيدة من وراء الفوضى التي تستهدف النضال السلمي. وشكر أنصار المشترك على ما وصفه بضبط النفس والتحلي بالصبر وتعاملهم بروح المسؤولية.
قيادي في اشتراكي الضالع قال لـ"النداء" إن المشترك في صنعاء والضالع يتدارس ما حدث وسيتخذ اللازم إزاءه. وخفف القيادي احمد حرمل من تبعات الحادثة التي وصفها بـ"نيران صديقة"، مكتفيا بتحميل الأجهزة الأمنية مسؤولية الفوضى التي أفشلت المهرجان.
وبدوره حمل المحامي محمد مسعد ناجي قيادة المشترك في الضالع مسؤولية ما حدث، كونها لم تنسق مع الفعاليات الموجودة ولم تتواصل معها، لأنها أصرت على عدم الاعتراف بها، حسب تعبيره. وطالب المحامي، الذي يعد أحد قيادات تيار التصالح والتسامح، قيادة المشترك في محافظة الضالع بتقديم استقالتها حفاظا على اللقاء المشترك، لأنها لم تقم بالإعداد اللازم لإقامة الفعالية. وقال إنه "لو تم التنسيق بشكل جيد لما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه". وأضاف أن قيادة مشترك الضالع لم تكن بمستوى الحشود الهائلة التي جاءت لتلبية الدعوة والمشاركة في الفعالية. وقال لـ"النداء" إن جهودا تبذل لتلافي ما حدث والتحاور بين كافة القوى لضمان عدم تكراره مستقبلا.
أحد الشباب المشاركين في اقتحام المنصة قال لـ"النداء" إن دعم السلطة لمهرجان المشترك مبررا كافيا لإفشاله.
متابعون لما حدث أبدوا استياءهم وتمنوا عدم حدوث ذلك في المستقبل، كونه يؤثر سلبا على النضال السلمي، وبالتالي إطالة أمد الفساد الذي تمارسه السلطة على الجميع. وطالب البعض المشترك بالنزول للشارع والاستماع للناس وتلمس همومهم وتبني مطالبهم العادلة، والعمل لانتزاع حقوقهم المشروعة بعيدا عن التسويف.
القيادي في اشتراكي الضالع قائد البحري يقول إن على المشترك التعامل مع القوى الموجودة في الساحة بمسؤولية دون غمط لأدوار الآخرين، وأنه بالمقابل يتعين على تلك القوى أن لا تصطدم بالمشترك، فليس من مصلحة أي من الطرفين إذكاء نار الخصومة التي لن يستفيد منها سوى النظام.
وهو ما أيده الدكتور عبده المعطري، الذي تحدث لـ"النداء" مؤكدا اتفاق المتقاعدين وقيادة المشترك في الضالع على عقد اجتماع في أقرب وقت ممكن لتدارس ما حدث والخروج برؤى تخدم مختلف أطياف النضال السلمي المشاركة في الحراك الشعبي.
الأمر ذاته أكده قيادي في مشترك الضالع في تصريح أدلى به إلى"النداء"، وقال فيه إن الاجتماع المزمع عقده مع بقية التيارات يهدف لتقييم الحادثة واتخاذ التدابير اللازمة لضمان مواصلة النضال السلمي لانتزاع الحقوق.