هجاء مشاعر «لص» كاد أن يكون!! هل يُمكن لحبيبتي أن تصدق أني لم أنتحل حكايات الآخرين؟

هجاء مشاعر «لص» كاد أن يكون!! هل يُمكن لحبيبتي أن تصدق أني لم أنتحل حكايات الآخرين؟ - وضاح المقطري

 إهداء: إلى سامي غالب في مصاب الفقد، وإلى عبد الكريم الخيواني في خيانات الحقيقة مرة أخرى، وإلى جسدي بعد حمَّىً أسلمته لغيبوبة فائضة.
 تنحاز الحقيقة غالباً ضدنا، بل إنها لا تعنى بسوى إرباكنا، وعليها دائماً أن تحتفي وهي تكنس ملامح طموحاتنا باتجاه الهزيع الأخير من الأحلام الخائفة، كأن لا شيء يقف في صف اشتباهنا بالحقيقة، أو كأنها ليست معنية بنا.
ما الذي يمكن أن يسيء لامرئٍ يظن نفسه شاعراً، أو يتمنى أن يكون، ولا يعرف سوى قليلين أنه يكتب ما يسميه شعراً، ولم يحصل حتى الآن على أدنى درجات الشهرة التي يمكنها أن تحميه من أي إساءة؟ ما الذي يمكن أن يسيء إليه أكثر من أن يصبح فجأة لصاً للشعر والقصائد، وقبل أن يعرف أحد أنه يكتب الشعر سيُعرف عنه أنه لص قصائد، وتبدأ شهرته من هنا، ومن هذه النقطة تحديداً، ويبدأ معها مستقبلاً يخطط هو أن يكون جميلاً، ولكن بكثير من الخجل والخوف معاً.
هذه الأيام يتكاثر المستظرفون واللاهون بحقدٍ مقيت، أو الأطفال غير الأبرياء، يتناسلون بيننا بلا توقف، وكل يوم نكتشف بعضهم يطلعون علينا في مساحات ذلك الكريه المسمى "إنترنت"، فهو يتيح لأي منهم اللعب واللهو وإيذاء الآخرين دون حسيب أو رقيب، ودون أن يردعه أحد، ولكن… ما حدث لي لم يحدث لأحدٍ من قبل، ولا أعتقد أنه سيحدث.
فجأة أكتشف أن مدونة باسمي وجدت مكاناً لها على الإنترنت، وعلى مساحتها تتوزع خمس قصائد: الأولى كتابة للشاعر الفلسطيني مصطفى مراد، والثانية "ما أعجب ليلتكم!" للشاعر اليمني عبد المنعم الشيباني، والثالثة "الدخول إلى التهلكة.. قصيدة ونهايتان" لعزت الطيري وقد حصل حادث طريف أثناء نسخها إلى داخل المدونة، حيث لم ينتبه الناسخ إلى أن اسم شاعرها الحقيقي مسجل بعد عنوانها مباشرة. أما الرابعة فهي: "ماذا ستكتب ريشة الجاسوس في كراستي؟" لعبد الإله الشميري. فيما كانت الخامسة والأخيرة "مطر في المنفى" لوضاح المقطري، لأن المدوِّن الظريف أراد أن يثبت أني لصُّ قصائد وأن لي علاقة بالشعر أصلاً.
 محزن هو الأمر بقدر ما هو مدهش ومخيف. وبين توقعي أن أقرأ خبراً يُسمّني لصاً، وسخرية من تصرفات أناسٍ يحترفون الإيذاء، وجدتني أعيش حالة خوف فائضة على المعتاد، ولائقة بي تماماً، فقد أوشكت أن أنتحر بيد متطفل، ومن سيصدقني حينها؟ ومن سيثق أني لم تكن لي يد في هذه المدونة؟ وأن المدونة كانت وما زالت بالنسبة لي حلماً يقف كسلي حاجزاً دونه؟ ومن سيدرك أني لم أكن إلا تلك الضحية الساذجة لحاقد يحترف الإيذاء، ويبدع في أعمالٍ كهذه؟
بل وهل يُمكن لحبيبتي التي لم تجئ بعد؛ أن تصدق حزني هذا؟ وماذا ستفعل حينها بالقصائد التي كتبتها وأكتبها لأجلها؟ هل ستصدق أن ما أكتبه لها هو فيض اضطراباتي؟ أم ستتهمني بانتحال مشاعر الآخرين، واقتفاء آثار قلقهم وحنينهم؟
 مقيت ذلك الشعور الذي داعب تفكيري حينها، وسرق قدرتي على الضحك من مثل هذه التصرفات، ومتعب هو اليأس الذي أجبرني على هجاء مشاعري علناً، ولكني شكرت حظي (التعيس على الدوام)، لأني اكتشفت مدونتي -التي ليست لي- في يوم إنشائها. وسأشكر لاحقاً كل من يتعب كثيراً في الانتباه لخوفي. كما شكرت "جوجلـ"، والصديقة داليا أدهم، التي هنّأتني على مدونتي بفرح طفولي أعقبه حزني وغضبي واشتباهي بالجنون.
حدث أن جاء خبر صغير في "ثقافية جمهورية" تعز صنعه صالح البيضاني، الذي لم يعرف من القضية شيئاً، ولم ينشر تصحيحاً لذلك، برغم توضيح بعض الزملاء له الحكاية كلها، وكأنه لا يثق بسوى ما كتبه سابقاً، لكنه فعل خيراً حين لم يورد اسمي في ذلك الخبر، لأنه على ما يبدو لم يكن يعرف إلا أن عليه ملء مساحة صغيرة فارغة وحسب.
w-maktariMail