هاشم حجر.. القتل بواسطة القضاء - عبدالله عبدالرحمن الكبسي

هاشم حجر.. القتل بواسطة القضاء - عبدالله عبدالرحمن الكبسي

توطئة:
يقسم القانون الشرعي (الجنائي) جرائم القتل الى ثلاثة أقسام رئيسة هي: العمد، وشبه العمد، والقتل الخطأ ثم إن لكل قسم منها خصائصه التي تحقق تعريفه وتميزه عن سواه- علة وكيفية.
بيد أن الفارق الأهم والأساس في التمييز بين قتل وقتل، إنما يرجع عند التعيين والتخصيص إلى «توفر عنصر القصد الجنائي الذي تتحقق به إرادة القتل عند القاتل على نحو حاسم أكيد».
وحيث الأمر هنا متعلق بعزيمة خفية(1) -نفسية وذهنية- فإن المعول فيها لتحقق-الصفة» المقطوع بشأنها كأساس وشرط للحكم بالضمان في المقترف نفسه هو صدور الفعل المفضي إلى القتل من قبل الفاعل العاقل، وإدراكه البديهي لطبيعة فعل الوسيلة المستخدمة (أداة الجريمة)، وكونها مما يقتل عادة كالأسلحة النارية ونحوها أو ما شأنه القتل إن أصاب مقتلاً من سائر الوسائل- مباشرة أو بالسراية(2).
أي أن المعتبر في المسألة هنا هو: فعل الفاعل والنتيجة المترتبة على فعله، متى خلت المقدمات من لبس معتبر يرجح إنتقاء القصد إلى ذات النتيجة، ويحتم بالتالي النزول بالقضية محل الفعل-درجة أو اثنتين- في مقام التوصيف والترتيب وتحديد اتجاه الدعوى القضائية فيها. فلا عبرة مثلاً بقول: مَن صَوَّب السلاح نحو الآخر ثم أطلق المقذوف فقتل: إنه إنما أراو مجرد الجرح والإيذاء غير المفضي إلى القتل، أو انه قصد اصابة المجني عليه في غير مقل حتى لو كان صادقاً في مقاله. لأن العبرة هنا بالنتيجة المتحققة بالفعل وعنه، لا بمجرد النية التي تأخذ حقها من الاعتبار في «الخطأ وشبه العمد». متى ما قامت الشواهد على صدقها من طبيعة الظروف المحيطة، كما هو معروف. فهذا ما يتعلق بالتقسيم الأولي لجرائم القتل من حيث التوصيف القانوني لها وتعلقها بالمقاصد المختلفة إبتداء.
أمّا من حيث- الوسيلة ونوعية الفعل المفضي إلى القتل فإنها- ونخص هنا جريمة القتل العمد -تحديداً- تنقسم الى قسمين أو نوعين اثنين:
1 - مباشرة: وهي التي ارتكزت بداية على الفعل العنيف وتمخضت عنه، وسواء كان ذلك بطريقة استخدام السلاح المعروف على عمومه- ناري وغير ناري- أو بما في حكمه نتيجة وفاعلية- وإن بتكرار الفعل البسيط ومراكمة تأثيره(3).
 ويدخل في هذه الأخيرة، أو يلحق بها، ما لاحصر له من أنواع الأدوات والوسائل المستخدمة مما شأنه القتل عادة «كالإحراق، والإغراق، والهدم، والإلقاء من شاهق، وكالحفر بالطريق للإيقاع بغير المبصر ولعكسه مع التمويه بداهة- وإلخ. هذه وأشباهها من الطرق والوسائط المفضية إلى الوفاة بقصدها»(4).
2 - وغير مباشرة: وهي التي خلت وتخلو من الفعل العنيف بمعناه الحسي المباشر، ومثالها في الأثر المنصوص عليه في كتب الفقه الجنائي: «حبس المجني عليه ومنع الطعام والشراب عنه حتى تتلف نفسه، أو تعريضه عنوة للمؤثرات الطبيعة من برودة وحرارة زائدتين». وناهيك بهذين التقريرين مثلاًَ وشاهداً على مبلغ الإحتياط في حفظ النفس وصيانتها من عوامل الهلكة والتلف. وكافيك بهما ملهما وباعثاً لإخطار الواقع المعيش وتجلِّي مفارقاته الصارخة على مستوى التطبيق والممارسة في عصر الديمقراطية وحقوق الانسان.
وهكذا بل من هنا- ومع ملاحظة أن ما أغفلناه من الأمثلة التي نص عليها أئمة الفقه في هذا الصدد أكثر تعداداً وأدق ملحظاً وأوفى في الدلالة على مغزاه، مما أثبتناه منها هنا.
فإنه يمكن القول الآن، وبكثير من الثقة والموضوعية، أن وفاة الشاب المظلوم هاشم عبدالله حجر) بما اكتنفها وصاحب حالته قبلها من الإجراءات القضائية (الجزائية) الظالمة والمتعسفة تساوي «القتل العمد» وتندرج عقلاً وبداهة تحت مؤدياته الحتمية الملحوظة لمقترفي تلكم الإجراءات الإنسانية- بداية، ووسطاً، وخاتمة- ملاحظين هنا- وفيما لا يسع المتحري إغفاله من تساؤلات المطلع وتردد خواطره المدهوشة تجاه المقتضيات الحيثية لهذا القطع ومرتكزاته الإعتبارية من معطيات الموضوع وتجلياته المسوغة- بأننا عندما نذهب إلى هذا القول ونجاهر به فإنما نبنيه ابتداء على أساس متين من مجريات المحاكمة التي أخضع لها المجني عليه -رحمه الله- وما تخللها واعتور مسارها تباعاً من المتناقضات الصارخة التي تؤهل أربابها لاستحقاق صفة الطغيان والعدوانية المطلقة وهذا من جهة، ومن أخرى فإن المتأمل في حقيقة تلكم المجريات إيَّاها وتعسف الشعبة الجزائية الإستئنافية في التعاطي مع أولياتها الإبتدائية لا يمكنه أبداً مهما أوتي من حسن الظن وسماحة الخاطر أن يملك نفسه عن الإستياء أو يحبس جوارحه عن الإنفعال بملحوظ ذلك التعاطي البائس وضرورة تعقبه في مقام الحُجِّيَّةِ والإستدلال- لا أقول: إنتصاراً لهاشم- المظلوم المقهور المقتول، وتنديداً بظالمية القتلة وحسب، وإنما انتصاراً لحرمة الحق والعدل المنتهكة في هذه القضية المروعة، وإشفاقاً على الآدمية المجلودة بسياط الشهوات والمطامح المحمومة أن نسرع في الإنحدار إلى هذا الدرك السحيق من نَوْمَةِ الضمير وغفلة الإحساس. وإن من يك في شك من هذا فما عليه إلا أن يستمع معنا إلى مأساة الطالب «هاشم» وليُعْمل عقله وبصيرته تفكراً في مجرياتها المثيرة، وتحسباً من ثم لمآلاتها المنذروة بأسوأ العواقب والتداعيات فماذا تقول لنا الحقائق بشأنها يا ترى؟
في مساء يوم الخميس الموافق 7 يونيو من عامنا الجاري 2007، وفي قصة طريفة مثيرة أليمة معاً وغير منكورة من مأثور عمل رجال الشرطة وأساليبهم الناعمة هنا أو هناك تم إلقاء القبض على الطالب هاشم عبدالله حجر، وشقيقه يحيى من قبل أمن مكافحة الارهاب- بأمانة العاصمة، ومن مقر قسم شرطة الأحمر، الذي كان الشقيقان- هاشم ويحيى- قد ذهبا إليه طواعية بناء على طلب من مدير أمن محافظة صعدة- بضرورة مهاتفتهما إياه عبر أقرب مركز شرطة إليهما بأمانة العاصمة بغية إثبات كونهما موجودين فيها وليس في جبال النقعة، كما قيل عنهما، وليمكنه من ثم الإفراج عن والدهما المحتجز لديه على خلفية ذلك القيل. وكما أشارت الصحف التي أهتمت بتغطية وفاة «هاشم حجر» المثيرة أخيراً فقد تم الإفراج عن شقيقه يحيى بعد يومين اثنين من اعتقاله بينما استمر اعتقال-هاشم- لدى شرطة مكافحة الارهاب نحواً من اسبوعين أو يزيد ليقدم بعدها إلى- المحكمة الجزائية الإبتدائية بصفته عضواً في ما أسماه الإدعاء بـ«خلية صنعاء الثالثة» التي انعقد سلكها هذه المرة على ما مجموعه (ستة عشر منظوماً، فتياناً وفتيات) يتوسط عقدهم ويتممهم الكاتب الصحفي المعروف- عبالكريم الخيواني- ثم إنه وبالنظر الى الحالة الصحية المتدهورة لكل من
-عبدالكريم وهاشم حجر- فقد أصدرت المحكمة الإبتدائية في جلستها المنعقدة بتاريخ -18يوليو2007 قرارها بالإفراج الفوري عن المذكورين مشفوعاً بتقديم الضمان التجاري ومستنداً في حيثيته الموجبة إلى «التقارير الطبية» المقدمة عن حالتهما الصحية في تلكم الجلسة إياها.
على أن رئيس الشعبة الجزائية الإستئنافية سرعان ما بادر غير متهيب ولا متحرج إلى إلغاء قرار الإفراج المستأنف آنذاك من قبل ممثل الإدعاء رئيس النيابة الجزائية في جزئيته المتعلقة ب-هاشم حجر، تحديداً، ممتنعاً في الوقت نفسه- وأعني بذلك القاضي الإستئنافي إياه- عن السماح لمحامي هاشم بحضور جلسة إستئناف قرار الإفراج، فضلاً عن تمكينه من الحصول على نسخة من قرار الإلغاء وحتى يتأتى له الطعن فيه أمام محكمة النقض العالي، حسبما أوردته صحيفة الوسط منسوباً إلى المحامي الممنوع إياه.
وإذن فنحن هنا أمام ثلاثة عناصر من الإجراءات الجزائية المتخذة بالمخالفة الصارخة لروح العدالة ومقتضيات القانون:
- إلغاء غير مبرر لقرار المحكمة الإبتدائية بالإفراج المسبب عن المتهم المريض «هاشم حجر».
- ومنع المحامي الموكل بالدفاع عنه من حضور جلسة الإستئناف.
- ثم منع آخر من تسليمه نسخة من قرار الإلغاء لمتطلبات مهمته النيابية في الإعتراض عليه أمام الإستئناف العالي.
ولعمر الحق الذي أدماه الجور، وأخلق نضاره اهتزاز اليقين في النفوس المتلفتة عنه إلى رغائبها لأدناها شأناً وأقلها اعتباراً في ميزان العدل وجلال القضاء لَمِمّا يوجب التقزز والإشمئزاز قبل أن يتعلق بها واجب الحساب والمساءلة القانونية والأخلاقية.
وناهيك بعد ذلك بأعلى- الثلاث- مرتبه، وأفظعها جناية وانتهاكاً، وأعظمها مسؤولية واختصاصاً باستلفات الأذهان الى باعثها المريع في ملحوظ المتعاطي الجريء ودلالته المزيدة من ثم علي واقع القضاء السقيم في بلادنا اليوم وحقيقة مأزقنا الشنيع قبالة أدعيائه الجبابرة من قضاة الجور ومتعهدي الإفتئات.
إن إصرار النيابة الجزائية على رفض قرار المحكمة الإبتدائية. واستئنافه أمام الشعبة الاستئنافية المختصة وبالإستثناء المريب للأخ/ عبدالكريم الخيواني، الذي سجل اعتراضه النبيل على هذا التمييز غير المفهوم لافتاً أنظار الجميع آنذاك وبشجاعة مميزة طالما عرف بها إلى «أن حالة هاشم حجر أشد خطورة من حالته هو نفسه» أقول: إن ذلك الإصرار الغريب وبرغم الذي انطوى عليه بداهة من التناقض الفاحش الصريح هو في الصحيح مما لا يمكن فهمه وتفسيره قط حتى ولو بإيجاب سبب «بريء» خارج عن مقتضى الحالة وزائد على متطالباتها الإحترازية، اللهم إلا ما يفرضه المنطق هنا من وجود توجيهات خفية من جهة ما بإتخاذ النيابة لنفس الموقف المتناقض إياه، فضلاً عن توكيده القوي على كون إطلاق «عبدالكريم» واستثنائه -الشكلي- من عملية الاستئناف آنذاك، إنما جاء على خلفية الضغوط المتعاظمة وغير المحسوبة تقريباً، التي جوبهت بها عملية اعتقاله الثانية آنذاك وتهجين حيثياتها الواهية من الأساس.
وإن تعجب بعد- وما أكثر ما يدعو إلى العجب في بلادنا اليوم- فلأن التهمة التي اعتقل «عبدالكريم» على أساسها، أو ربما وقع عليها الإختيار لاحقاً، وقدم الى المحاكمة تحت دثارها وذريعتها هي نفسها التهمة التي ألصقت بالشهيد المظلوم/ هاشم حجر- رحمه الله- أعني الإنتماء إلى «خلية صنعاء الثالثة» حسب المختار للمذهب، وهي هي: التي على ذمتها انبعث «سعيد العاقل» للإعتراض على قرار الإبتدائية بالإفراج عن «هاشم» والطعن فيه لدن «سعيد الآخر القاضي بالإلغاء» ما يعني بالمختصر المفيد تهافت التهمتين كلتيهما، وانكشاف حجة المدعي بهما على نحو سواء.
إن عدم اعتبار النيابة والمحكمة الجزائيتين بالتقارير الطبية المؤكدة على الخطورة الشديدة لحالة السجين المريض «هاشم حجر» والتي أوصت صراحة بضرورة خضوعه للمراقبة العلاجية الدقيقة والمستمرة ليشكل جريمة -قضائية- متكاملة الأركان والزوايا الحيثية، بالقدر الذي شكل وسيشكل حتماً إختباراً حقيقياً لتوجهات مجلس القضاء الاعلى في تشكيلته الجديدة ومنهجيته المعلنة لتنظيف الساحة القضائية من العابثين والمنحرفين الذين طالما أساءوا لسمعة القضاء وانتهكوا حرمته المبجلة التي تشكل الحياة البشرية من ملحوظها العدلي أخص روافعها الإعتبارية وأقدسها حياطة وصوناً على الإطلاق.
كما وإن إحالة القرار الجزائي برفض الإفراج -المشروط بتقديم الضمان التجاري- على مظنة هروب السجين المريض، وافتراض عدم عودته حتى مع وجود ذلك الضمان إياه لحقيق تماماً بأن يعزز الاعتقاد بانطباق التوصيف المشار إليه آنفاً على موقف الشعبة الجزائية الاستئنافية ويحقق عنصر القصد في ملحوظه الجسور حتى لو لم يترتب على ذلك القرار الأثيم ما ترتب عليه من حدوث تلكم التطورات المأساوية التي أفضت إلى الوفاة.
ذلك لأن مجرد الامتناع عن الأخذ بالتقارير الطبية ووضعها من نظر المختص القضائي في جوهر الملحوظ العدلي والحيثيات المكونة للرأي المطلوب في الحالة المنظورة يعتبر بلا أدنى شك إخلالاً فاضحاً ومشيناً بمهنة القضاء المحترم وواجبات القاضي الأمين، ثم هو من قبل ذلك وبعده حري، لعمر الله، أن يمثل عدواناً صارخاً أثيماً على حقوق السجين المريض واستهتاراً جد مريع بحياته وآدميته المكرمة، فضلاً عما يمكن أن يلمعه ويشي به هنا من استهتار مماثل برأي الأطباء ويشكك ضمنا بنزاهتهم، الأمر الذي يكشف لنا تماماً عن نوعية من القضاة هم بالجلادين القساة أشبه منهم بموازين العدالة وضمائرها النقية البيضاء.
نعم، وصحيح، ومؤكد: أن خيار القاضي الجزائي واسع تماماً في اختيار ما يراه مناسباً من الإجراءات المختلفة تبعاً لطبيعة القضية المنظورة وتعلُّق الإجراء المتخذ فيها من قبله بتحقيق مقاصد العدالة وضمان استيفاء متطلباتها الضرورية من تقديراته الصائبة -حزماً وصرامة، نقضاً أو تعديلاً- وخصوصاً ما يتصل من ذلك بالقضايا الجسيمة كالدماء والأعراض والحقوق المغصوبة- أو الممطولة بكيفياتها الموجبة للإحتراز بشأنها إتبداءً ولكن من غير تعسف في الأمر أو إهدار بِّين لحقوق المتهم وتعمد حرمانه من الإنتفاع بها ولاسيما مايتعلق منها بحق «العلاج» الذي به قوام الصحة والمحافظة على الحياة كما في حالة هاشم التي بلغ العسف والتجاوز فيها الحد الذي ليس من بعده مدى والغاية التي تبهت حجة المدعي وتخرس عندها ألسنة العذر وحروف الإعتاب.
وغني عن البيان أن ما يزيد من مسؤولية هؤلاء الجناة ويسمهم بالوحشية المفرطة هو: إغفالهم للبدائل التوفيقية، التي أتاحها القانون لضمان حق المتهم المريض في الحصول على العلاج اللازم في الوقت والمكان المناسبين مثلما وفر لهم الفرصة كذلك بغية التنصل من التبعات وتحاشي الشطط الموقع في الورطات المستغلقة، إن لم نقل تحاشي الوقوع في مظنة إهمال الحزم المطلوب، والإخلال بفروضه الإضافية من مؤهلات الثقة وشواهد الاستعدادات اللدنية العتيدة لحمل أوزارها الكبار وتمثل أخلاقياتها المردية.
فما نحسب، ومعنا كل ذي بصيرة ثاقبة أو قدر من فهم وحسب، أن قاضي الإستئنافية ومساعديه الذين لا يقلون عنه عماية ومسؤولية إن وجدوا- قد غاب عنهم جميعاً أن اكثر تلكم البدائل احترازاً وحيطة، وأيسرها مدعاة لاكتساب صفة الصرامة والتخفف من بواعث الحرج وهواجس الشعور بالتقصير في «مطلوب إضافي» أن يوصي القاضي الجزائي إياه بإخضاع المتهم المريض للعلاج الفوري تحت الحراسة القضائية -الشرطية- كما يفعل القضاة المحترمون في كل بلاد الله الواسعة بلا تمييز أو استثناء.
وأمّا بعد: فلربما يكون البيان قد أفضى بنا- من تداعيات هذه القضية وتزاحمها في الذهن المستثار على خلفية موضوعها الفاجع- إلى حيث يحسن التوقف عن الإسترسال فيه وكفكفة القلم عن إدامة الصغو الى همس الخاطر وتلقف إلماعاته المصبوغة بلون القروح المتفجرة حزناً وقهراً في أحشاء «هاشم» المظلوم المقتول، ومن بعده في أحشاء كل مكلف من المعروف أمراً وفي المنكر نهياً وزجراً، مقتصرين من ملحوظها المحمر على ما نخاله يكفي حاجة الموضوع إعلاماً وحجة، ويقوم لنا عندالله سبحانه وتعالى بأدنى العذر.
ويبقى بعد هذا وذاك أن ننتظر إجراءات مجلس القضاء الاعلى المعني الأول والأخير بالأخذ «لهاشم» المظلوم من قاتليه والإنتصار الفعال للعدالة وكرامة القضاء المجلودتين في شبيبته المقهورة المغدورة. وإنا لمرتقبون.

- هوامش:
(1) قلنا -خفية- نظراً إلى ما قد يقع من جرائم القتل العمد- المفاجئة والخالية من المقدمات الموجبة لوجود القصد وتبيت النية على ارتكابها سلفاً كما في حالة- الدفاع عن النفس- والمشادات العنيفة الناجمة عن سبب طارئ.
(2) السراية -بكسر وفتح- تعني تطور الحالة الجنائية من وضع إلى آخر أشد خطورة وأدعى للحكم بالضمان على أساسه بما هو ناتج عن سريان التأثير الاول ومترتب عنه.
(3) وذلك كتكرار الرضخ بالحجر على الرأس في القتل المباشر، وكتكثير الجرعات الدوائية المحتوية على مركب ضار وفتاك في حال تجاوز القدر المأمون كما في القتل غير المباشر. وفي حالات مرضية محددة على نحو أخص.
(4) قلنا: بقصدها - إحترازا مما لم يدخله القصد أساساً، وإن لزم فيه الضمان بقدره وعلى حده، مثل الوقوع في الحفريات المتخذة للصرف الصحي وكالأشراك الحفرية المعمولة لاصطياد الحيوانات.