فضلاً اقلب الصفحة!!

فضلاً اقلب الصفحة!! - سعودي علي عبيد

هناك بون شاسع فيما يخص واقع وقوة قضية الجنوب، وذلك بالنظر إلى ما كانت عليه بالأمس، وما هي عليه اليوم. حيث انتقلت من حالة عدم الاعتراف بها من الأساس، إلى حالة التشكيك والريبة في وجودها عند البعض. ومن حالة التشكيك والريبة، إلى حالة الاعتراف بوجودها. كما انتقل آخرون من حالة الاعتراف بهذه القضية، إلى حالة الدفاع عنها بحسب الوسائل المتاحة لهم.
 وهذا التوصيف لا يخص أصحاب القضية، بقدر ما يخص في مجمله الآخرين غير المنتمين إلى الجنوب جغرافياً أوجهوياً. والأمثلة على هذه الحالات المذكورة كثيرة. وهي مشاهدة ومتابعة عبر ما يُنشر على صفحات الصحف، وما يُبث من شاشات القنوات الفضائية. كما أنَّ هذا التوصيف يستثني بعض الشخصيات والمؤسسات الصحفية الشجاعة، التي امتلكت مواقف مساندة لقضيتنا منذ البداية.
 والمهمة هنا لا تذهب بنا إلى عمل جرد شامل لهذه الحالات ومن يمثّلها، أكانوا أصحاب رأي، أو سياسيين، أو صحفيين أو مثقفين على نحو عام، بل أنّ أهم ما يعنينا في هذه المسألة، هو أننا كسبنا الكثيرين لصالح قضيتنا.
 وإذا أردنا أن نوجد تفسيراً عاماً لظاهرة التحول المذكورة، فيمكننا أن نوجز ذلك على النحو الآتي:
1. منطقية وتماسك الأطروحات التي ظلّ الجنوبيون يعرضونها على الرأي العام، باعتبارها تمثل تفسيرا لما آلت إليه أحوالهم السيئة، في ظل الوحدة الاندماجية.
2. إنَّ المسألة لم تقف عند مصداقية هذه الأطروحات فقط، بل إنّ الأمر يرتبط بالمشاهدة والمعاينة المجردة منها والملموسة في آنٍ، لما وصلت إليه حال شعب الجنوب من سوء في مختلف المجالات: السياسية والاقتصادية والمعيشية والاجتماعية.
3. لقد تأكد لكل ذي بصرٍ وبصيرة باليقين والبرهان، أنّ سوء الحال الراهن لشعب الجنوب، لم يكن بفعل أسباب وعوامل مجهولة أو عفوية، ولكنها ناتجة عن فعل سياسي منظم ومبرمج له بشكلٍ مسبق، من نظام سياسي استند بقوة على مخيال أيديولوجي وتاريخي زائف عن اليمن الموحد وعودة الفرع إلى الأصل. وقد شكلَّت حرب صيف 1994م ضد الجنوب، العامل الحاسم في كشف عورة وحدة 22مايو 1990م الاندماجية.
4. وبرغم قسوة تلك الحرب على الجنوب وشعبه، وما نتج عنها من آثار سلبية جمة، لعل أبرزها إقصاء الجنوب من معادلة وحدة مايو، إلا أنّ شعب الجنوب فضَّل أن يبرز قضيته بطريقة حضارية راقية، من خلال عقد الاعتصامات والتجمعات السلمية على امتداد ساحة الجنوب.
5. ومع أننا اخترنا الأسلوب السلمي للتعبير عن قضيتنا، المتمثلة في الاحتجاجات والاعتصامات الجماهيرية، إلا أنّ السلطة فضّلت أساليب القمع والملاحقة والقتل، كخيار سهل لديها، لمنع وقمع حركتنا، ما نتج عنه سقوط عدد من الشهداء، وهم: وليد صالح عبادي ومحمد قايد حمادي في الضالع، وصلاح سعيد القحوم في حضرموت. كما جرح عدد آخر، واعتقل عدد كبير من الشخصيات، تم إطلاق معظمهم، واحتفظت السلطة في معتقلاتها بكلٍّ من المناضلين حسن أحمد باعوم، والعميد ناصر النوبة وأحمد القمع وآخرين. ناهيك عن أعمال القرصنة الأمنية ضد الأخوين العميد ناصر النوبة والناشط السياسي أحمد عمر بن فريد.
6. إصرار شعب الجنوب على مواصلة ثورته، لنيل حريته واستقلاله، مهما كلف ذلك من ثمن، وباستخدام الطريق السلمي المتمثل في الاحتجاجات والاعتصامات.
7. تفاعل العامل الخارجي مع الواقع الجديد لقضية الجنوب، وذلك من خلال مجموعة من المؤشرات الإيجابية، منها على سبيل المثال لا الحصر، تناول الإعلام الخارجي بمستوياته المختلفة، المقروء والمسموع والمرئي لمجريات الأحداث في الجنوب، وذلك بواسطة بث أخبار الاعتصامات والاحتجاجات، أو من خلال استضافة بعض الشخصيات الجنوبية الناشطة. وفيما يخص تفاعل العامل الخارجي أيضاً مع قضيتنا العادلة، هناك مؤشر ضغط المجتمع الدولي والإقليمي، الذي بدأ يعبّر عن امتعاضه واستنكاره، لطريقة تعامل السلطة في صنعاء مع حركة الاحتجاجات والاعتصامات السلمية في مختلف مناطق الجنوب. بالإضافة إلى مطالبة المنظمات المحلية والإقليمية والدولية ذات العلاقة بحقوق الإنسان، بإطلاق سراح جميع المعتقلين على ذمة هذه الاحتجاجات السلمية بدون أية شروط، وتحذير السلطات اليمنية من إجراء أية محاكمات لهم.
 لذلك يمكننا القول، إن هذه الأحداث والوقائع والمؤشرات، شكّلت في مجملها أمثلة على تلك العوامل والأسباب التي ذكرناها سابقاً، فيما يخص تعاظم حالة الاعتراف والتعاطف والدفاع عن قضية الجنوب.
 ومع ذلك كله وحتى تكتمل الصورة، ينبغي التطرق إلى مسألتين هامتين:
 المسألة الأولى، خاصة بسياسة السلطة تجاه قضية الجنوب، أو ما يمكن أن نطلق عليها: محاولة فض الاشتباك بين السلطة الحاكمة وبين الجنوب وشعبه.
 فبدلاً من الاعتراف بقضية الجنوب، ومن ثمّ حلّها بموضوعية وواقعية، فقد اختارت هذه السلطة سياسة الهروب المعتادة، والمكابرة ودفن الرأس في الرمال، للهروب من الحقيقة. وبصدد هذه المسألة يمكننا رصد الآتي:
1. مع أنّ قضية الجنوب هي سياسية بكل المقاييس، بسبب أنها ناتجة عن عوامل وأسباب سياسية، من أهمها أولاً الخطأ في الشكل الذي تحققت فيه وحدة مايو1990م بين الكيانين السياسيين، وثانياً بسبب شن الحرب على الجنوب في صيف 1994م، التي أدت إلى إقصاء الجنوب من معادلة تلك الوحدة، وسقوط كيان الجمهورية اليمنية، والعودة فعلياً إلى كيان الجمهورية العربية اليمنية. وبرغم ذلك كله، فإنّ السلطة الحاكمة أصرت على حصر قضيتنا بالمطالب الحقوقية، التي ظلت هذه السلطة تتجاهلها منذ انتهاء تلك الحرب.
2. وانطلاقاً من هذا التوصيف القاصر، فقد ذهبت السلطة إلى تشكيل اللجان المختلفة وبمسميات مختلفة، وبحيث حصرت مهامها في إطار القضايا الحقوقية. حيث أنيط بها حلّ مشكلة المتقاعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين، وحلّ قضايا الأراضي الزراعية والسكنية. باستثناء " لجنة تقييم الظواهر التي تؤثر على السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية والتنمية"، التي حُددت لها مهام أوسع. وهذه بحاجة إلى مناقشة مستقلة.
3. من المعروف أنّ هذه اللجان قد جرى تشكيلها وإرسالها إلى بعض مناطق الجنوب، بعد قيام الانتفاضة الشعبية التي شهدها الجنوب من المهرة حتى عدن. وهذا يؤكد أنّ الهدف الأساسي من تشكيل هذه اللجان، هو التقليل من أهمية هذه الانتفاضة، وحرفها عن مضمونها وأهدافها المحددة التي قامت من أجلها. كما أنْ تعمُّد السلطة إناطة رئاسة هذه اللجان إلى أشخاص من الجنوب وإنْ كانوا من حزب السلطة لهو دليل ساطع على الهدف السيئ والخبيث، الذي أشرنا إليه سابقاً. وهو أسلوب استخدمته هذه السلطة ذاتها، عندما استخدمت بعض القادة العسكريين المنحدرين من الجنوب، في حربها على الجنوب في صيف 1994م. ومن حينها وشعب الجنوب يصبُّ لعناته على أولئك محملهم جزءاً من مسئولية المعاناة الراهنة للجنوب وشعبه.
4. كما أنّ السلطة لم تنسَ أسلوبها المفضل دوماً، المتمثل في عمليات التفريخ والاستنساخ، وممارسة السياسة الاستعمارية المشهورة " فرقْ تسُد "، حيث عملت على تشكيل جمعيات مستنسخة للمتقاعدين، وللشباب العاطلين عن العمل، وحتى لقاءات التسامح والتصالح، حيث وفرت لهذه التكوينات المشوّهة كل/ مختلف وسائل الإعلام الحكومية للظهور من خلالها. حتى أنّ علي عبد الله صالح، قد حصل على الوقت الكافي للاجتماع بهؤلاء والظهور معهم من خلال شاشة القناة الفضائية، ولكنه بالمقابل لم يجد الوقت الكافي لحل المشكلات المتراكمة في الجنوب على مدى 17عاماً.
 وبصدد هذه المسألة، يمكننا استخلاص الآتي:
أ. إننا في الجنوب نتحدث عن نهب منظم لثروة الجنوب بأنواعها كافة، وفوق الأرض وتحتها. ناهيك عن أنّ مساهمة الجنوب في الدخل القومي للجمهورية اليمنية، يزيد عن 75%، إلا أنّ ما يحصل عليه الجنوب من مشاريع التنمية، شيء لا يذكر على الإطلاق. لذا نحن في الجنوب، نتحدث عن استعادة كلّ ما سُلب ونُهب من ثروتنا بطرق غير مشروعة، وخاصة منذ إقصاء الجنوب من معادلة وحدة مايو1990م. فهل هذه اللجان قادرة على إعادة ثروتنا المسروقة بأثر رجعي؟؟
ب.وفيما يخص الإجراءات التي تقوم بها السلطة بواسطة لجانها، فقد تبين لنا أنّ ما تمّ إنجازه بخصوص هذا القطاع أقلّ من المطلوب بكثير، هذا أولاً. وثانياً، لم تتم إجراء تسويات صحيحة، لا في الناحية المالية ولا في ناحية الدرجات الوظيفية، وثالثاً أنّ المسألة لا تتلخص فقط بعودة ذلك الكم الكبير من هؤلاء إلى وظائفهم، بل أنّ المسألة لها صلة وثيقة بكون ذلك الكم الكبير، كانوا يشكلون في عشية حرب صيف 1994م وحدات خاصة في جيش الجنوب، وقد تمّ تصفيتها بواسطة الحرب. ولذا فالمطلوب أيضاً إعادة تشكيل تلك الوحدات. ورابعاً، أن المسألة لا تتلخص فقط بعودة ذلك الكم من الموظفين المدنيين، الذين تمّ تسريحهم بطرق قسرية وغير قانونية، أو أولئك الذين جرى تشكيلهم في إطار حزب " خليك في البيت "، بل أنّ المسألة لها علاقة مباشرة بالسياسة المنظمة، التي اتبعتها السلطة منذ تلك الحرب، المتمثلة في إحلال الموظفين الوافدين من المجال الجغرافي للجمهورية العربية اليمنية، في مواقع موظفي الجنوب. فهل تستطيع هذه اللجان القيام بهذه المهمة، بحسب ما أوضحناه في هذه الجزئية.
ج. وفيما يخص مهمة هذه اللجان بشأن مشكلة الأراضي الزراعية أو تلك المخصصة للبناء، فقد تبين أولاً أنّ العملية قد خضعت للانتقائية والمزاجية، بمعنى أنها ليست شاملة لكل ما تعرض الجنوب له من سطو ونهب واستيلاء وتزوير في كل شبر من أراضيه. وثانياً أنّ الحديث لا يتمّ على أساس أنّ 15متنفذاً هم كل الذين استولوا على أراضي الجنوب، ولكن المسألة لها علاقة مباشرة بممارسة منظمة ومقوننة من أعلى سلطة، باسم الأرض المحروقة، أي بسياسة الاستباحة الكاملة لأرض الجنوب من قبل كل الوافدين من خارج الجنوب، وحرمان مواطني الجنوب من الحصول على الأرض. وثالثاً أنّ المسألة لها علاقة باستعادة كل الأراضي التي نُهبت بمختلف الطرق، بما فيها تلك التي صُرفت بغرض الاستثمار، ولم يتم استغلالها للغرض ذاته، أو تلك الأراضي الشاسعة التي صرفت كهبات وعطايا من سلطات عليا، وفي المقدمة من علي عبد الله صالح ذاته. فهل تستطيع هذه اللجان استعادة كل هذه الأراضي المنهوبة منذ انتهاء تلك الحرب.
5. والمفارقة العجيبة تكمن في أنّ كل معاناة ومشاكل الجنوب، قد نتجت بواسطة أياد شمالية مائة بالمائة، إلا أنّ السلطة أرادت أن تستغبي العالم كله، فأرسلت إلى الجنوب المنكوب لجاناً ترأستها شخصيات من الجنوب، بهدف إصلاح ما دمره الآخرون.
 أما المسألة الثانية، فلها علاقة مباشرة بأولئك الذين لم يغادروا المربع الأول لقضية الجنوب، أو بعبارة أخرى أولئك الذين لم يكملوا قراءة السطر الأول من كتاب " قضية الجنوبـ". وهم كُثر ومتنوعون.ومرة أخرى لا نعني بهم أصحاب القضية الأصليين.
وبصدد هذه المسألة يمكن ملاحظة الآتي:
أ. هناك من لم يدرك الخصوصية التي تتسم بها قضية الجنوب. وبسبب ذلك فهم يخلطون بينها وبين سواها من المشكلات.
ب.إنّ خصوصية قضية الجنوب تتحدد من مجموعة الأسباب والعوامل التي خلقتها، وبالتالي من مجموعة المتطلبات والأهداف المطروحة، وأهمها " حق تقرير المصير" للجنوب، واستقلاله بعد أن فشلت تجربة " الوحدة الاندماجية " في تحقيق أية أهداف تطورية.
ج. إن هذه الخصوصية يترتب عليها الشروع أولاً وقبل كل شيء بحل هذه القضية.
د. إنّ عدم إدراك الخصوصية من البعض، أو تجاهلها من البعض الآخر، قد نتج عنه عدم مغادرة هؤلاء المربع الأول لقضية الجنوب.
 حيث نجد من لا يزال مصراً على حلٍّ هذه القضية في إطار الحل الشامل للنظام السياسي القائم. وقد تناسى هؤلاء أنّ محاولات تصحيح أو تغيير هذا النظام، قد قاربت نصف قرنٍ من الزمان، أي منذ قيام انقلاب 26سبتمبر1962م، وإعلان النظام الجمهوري. ومن المؤكد بأنّ ذلك غير ممكن على المدى القريب والمتوسط، وذلك بسبب عاملين اثنين: موضوعي وذاتي. فالأول له علاقة بتخلف القوى الاجتماعية، والثاني له علاقة بضعف القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني بشكل عام.ومرة أخرى، فالحديث هنا له علاقة بنظام الجمهورية العربية اليمنية. لذا فإنّ إصلاح النظام السياسي، قد فقد أهميته بالكامل بالنسبة لنا في الجنوب.
 وهناك من يضع حلَّ قضية الجنوب في إطار إصلاح مسار وحدة 22مايو1990م، وهو المطلب الذي طُرح بعد الحرب، بهدف تجاوز الآثار السلبية لتلك الحرب. ومن حينها والنظام السياسي سلطة ومعارضة ترفض هذا المطلب. وفقط بعد تحرك المياه الراكدة في الجنوب، بدأ البعض في المعارضة يتفهم هذا المطلب، ولكن بعد فوات الأوان، ذلك لأنّ تجربة الوحدة الاندماجية، تعتبر مؤلمة ومريرة وفاشلة بكل المقاييس. كما أنّ ذلك يتطابق مع من يدعون إلى العودة إلى(وثيقة العهد والاتفاق).
 وبرغم الشوط القاسي والطويل الذي قطعته حركة شعب الجنوب، وقدمت فيه عدداً من الشهداء والجرحى، وعدداً كبيراً من المعتقلين، إلاّ أنّ المفجع عند البعض، أنهم لم ينتبهوا -في خضم هذه الحركة- سوى لبعض الشعارات التي وصفوها بالانفصالية، وتناسوا أنّ حركة شعب الجنوب، قد جرى مواجهتها وقمعها في كل ساحات الجنوب بواسطة قوات الجيش والأمن، التي تتألف كاملة من عناصر شمالية صرفة. كما أنّ التحقيق مع مناضلي الجنوب، يتم كذلك بواسطة محققين شماليين.
7. وأخيراً فقد تفتقت ذهنية الحاكم علي عبد الله صالح عن ابتكار مخرج لمعضلة نظامه السياسي، حيث أعلن في الذكرى 45لانقلاب 26سبتمبر، عن مبادرة لإصلاح هذا النظام، اشتملت على مجموعة من المحاور.
 وبقطع النظر عما اشتملت عليه هذه المبادرة، أو ما قيل حولها سلباً أو إيجاباً، إلا أنها بالنسبة لنا في الجنوب، نظل غير معنيين بها لا من قريب ولا من بعيد. وبدون الدخول في التفاصيل، فإنّ ذلك يرجع لسببين اثنين:
أولهما: في شكلها العام والتفصيلي، تعتبر المبادرة بمثابة هروب من الاستحقاقات المطروحة أمام السلطة، واستكمال مصادرة ما تبقى لصالح علي عبد الله صالح وأسرته، وتسهيل تحويل نظام الحكم إلى حكم وراثي، ولا تهم التسميات.
وثانيهما: أن المبادرة في شكلها العام والتفصيلي أيضاً، تعتبر بعيدة كلية عن متطلبات وشروط حل قضية الجنوب. ولذلك فهي مرفوضة كلياً.
 وفي الختام فإنّ رسالتنا إلى شعب الجنوب بشكلٍ عام، وإلى المرابطين في كل ساحات الاعتصامات والمواجهات السلمية، هي أنه يجب أن يدرك شعبنا في الجنوب، أنّ الوصول إلى هدفنا وتحقيق آمالنا المنشودة، يبدأ أولاً وقبل كل شيء من الإيمان الصارم، الذي لا يتزعزع بقضيتنا، والتمسك بها على الدوام.
 كما يجب أن يستوعب الجميع، أنّ مهمتنا الأساسية والوحيدة خاصة في الوقت الراهن تتحدد فقط في العمل الدؤوب من أجل الاستمرار اليومي لحركة الاحتجاجات والاعتصامات في مناطق الجنوب، وابتكار مختلف الوسائل والطرق لتصعيدها، مع الحرص الشديد للحفاظ على طابعها السلمي. ويجب أن ندرك جميعاً، أنّ الذين سقطوا شهداء أو جرحى أو اعتقلتهم السلطة، ليسوا سوى اللبنة الأولى على طريق استعادة حريتنا.
 أما بالنسبة للسلطة الحاكمة فإنّ رسالتنا تتلخص، بأنه إذا أرادت هذه السلطة حلّ هذه القضية بصدق، وبدون مواربة أو تسويف وبشكل نهائي، فما عليها إلا أن تعلن وبصوت عال جداً، عن اعترافها بقضية الجنوب وبطابعها السياسي، ومن ثمّ الانتقال إلى التحاور مع الممثلين الحقيقيين للجنوب، ومن المؤكد أنّ السلطة تعرفهم جيداً. وإذا اختلط عليها الأمر، فعليها أن تسأل. والذي يسأل ما يتوه. والأهم في ذلك كله أن أي حوار بيننا وبين السلطة، يجب أن يتم برعاية خارجية.