أكثر من 7500 طالب دفعوا مبالغ ولم يُقبلوا.. «التنسيق» ينهب عشرات الملايين في جامعة صنعاء

أكثر من 17 مليون ريال تم توريدها إلى خزانة جامعة صنعاء من جيوب طلاب نبذ أكثر من 90% منهم إلى خارج أسوارها.
"التنسيق"، ذلك الموسم الخصب بالنسبة لقيادة الجامعة حيث يتم تسجيل الطلاب الذين سيدخلون امتحانات القبول في عدد من أقسام الكليات حيث يتم تحديد مبالغ معينة مقابل سحب كروت دخول اختبارات القبول.
تلك المبالغ كانت رمزية ذات يوم لكنها اليوم أصبحت أكثر من مبالغ التسجيل للطلاب الجامعيين الملتحقين بالكليات، حيث ارتفعت تلك المبالغ لتصل إلى 2500 ريال في كليات الطب الثلاث والهندسة والحاسوب.
أسامة عبدالله دفع 1200 ريال مقابل التنسيق في كلية الآداب قسم لغة انجليزية، و200 ريال مقابل دفتر المذاكرة لاختبارات القبول برغم أنه كتب عليه "مجانا"، لكنه عاد مكتئبا حين سقط اسمه واسم صاحب قريته "عيبان" من كشوفات المقبولين عقب امتحانات القبول.
 يعمل أسامة في بوفيه، وقد أخذ ذلك المبلغ مقابل أربعة أيام عمل، وهو الآن يبحث عن مخرج لأزمته المتمثلة بعدم وجود كلية يذهب إليها لأن معدله في الثانوية 72%.
في قسم اللغة الانجليزية بكلية الآداب بلغ عدد المسجلين 918 طالبا دفع كل طالب منهم 1200 ريال بينما المطلوب 150 طاليا، وأكثر من 500 طالب في قسم اللغة الفرنسية بينما المطلوب 150 طالبا، أي أن هذين القسمين درّا على الخزانة مبلغا وقدره مليون و700 ألف ريال.
 في كلية الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات تم تسجيل 688 طالبا بينما القدرة الاستيعابية 250 طالبا لكن التسجيل يتم حتى قبل يوم الامتحان برغم أن قرار الجامعة بالتوقف عن التنسيق لمدة أسبوع فقط، لكن الأمر استمر للاستفادة من مبالغ التنسيق حيث دفع كل طالب منهم 2500 ريال أي أن مبلغ مليون و720 ألفا تم جبايتها من الطلاب.
المبلغ الأكبر هو ذلك الذي دخل صندوق كلية الهندسة حيث تم التنسيق من قبل 2600 طالب ليتقدموا لاختبار القبول بينما المطلوب 500 طالب، ودفع كل طالب منهم مبلغا قدره 2000 ريال لتكون الحصيلة خمسة ملايين ريال.
في الدرجة الثانية تأتي الكليات الطبية الثلاث (طب الأسنان، الصيدلة، العلوم الطبية)، فرسوم التنسيق كانت في كل الكليات 2500 ريال، حيث تم تسجيل 220 طالبا في الأسنان والمطلوب 70 طالبا وفي الصيدلة 320 طالبا والمطلوب 100، بينما تم تسجيل 1626 طالبا في كلية الطب والعلوم الصحية بأقسامها الثلاثة (بشري، مختبرات، تمريض) بينما المطلوب في الأقسام الثلاثة 420 طالبا.
حصيلة ذلك التنسيق في تلك الكليات كان 2158 طالبا، ومبلغا قدره خمسة ملايين 395 ألف ريال.
في كلية اللغات تم التنسيق مقابل 1000 ريال أيضا لكل طالب وتم تسجيل 731 طالبا في قسم الإنجليزي والمطلوب 150 طالبا، واللغات والترجمة 321 طالبا والمطلوب 150، بينما فتح باب التنسيق للطلاب في نظام الموازي وتم تسجيل 294 طالبا ليصل وارد الصندوق من جيوب الطلاب مليون و346 ألف ريال.
أما في كلية التربية فقد شهدت تخفيضات وتساوت مع كلية اللغات من ناحية رسوم التنسيق لامتحان القبول في قسمي اللغة الإنجليزية وعلوم القرآن (1000 ريال) لكن عدد الطلاب ارتفع ليصل إلى قرابة ألف طالب في اللغة الإنجليزية والمطلوب 150 طالب، وقرابة 800 طالب في علوم القرآن والمطلوب 200 طالب لتكون الحصيلة قرابة مليوني ريال.
أكثر من 7500 طالب لم يتم قبولهم بعد أن دفعوا تلك المبالغ برغم أن الغالبية العظمى منهم تعبوا كثيرا في الحصول عليها.
كثيرون لا يدركون لماذا يدفع الطلاب كل هذه المبالغ مقابل التنسيق الذي يلف ما بعده غموض لا يعرف أحد مدى جديته ومدى توفر المصداقية في الاختيار وربما يؤكد ذلك ما يحدث حين يفشل طلاب في اختبار اللغة الإنجليزية بينما معدلهم في الثانوية تتجاوز ال92%.
كل عام تزداد التكاليف في هذه الجامعة التي تعد الجامعة الأولى في البلاد ويصبح الطالب رهينة الرسوم المتناثرة في أقسام الكليات، فقد ارتفعت مؤخرا رسوم إخراج الشهادة الجامعية إلى الضعف عما كانت عليه العام الماضي بشكل مفاجئ.
كانت مبالغ التنسيق لا تتجاوز ال200 ريال قبل خمس سنوات، أي أن السنوات تأتي على التعليم المجاني لتذهب به إلى مصاف الجامعات التجارية لينظم ملايين الطلاب إلى سوق العاطلين عن العمل، حيث أصبح الأمر شبيها بالمناقصات ودفع العطاءات التي لا ترد، بالرغم من الميزانيات المهولة التي تخصص لتلك المؤسسات حيث تصل ميزانية جامعة صنعاء إلى 7 مليارات ريال سنويا.
الحديث هنا يتم عن التنسيق في الأقسام التي تشترط امتحان قبول ولم يتم الحديث عن التعليم الموازي والخروقات ومئات الملايين التي تغرفها صناديق كليات الجامعات وكذلك الجامعات الحكومية والكليات الأخرى في المحافظات.