تكريم «النداء» في يوم العدالة العالمي

تكريم «النداء» في يوم العدالة العالمي

سامي غالب: محكومون بالدفاع عن حقوق الإنسان.. عن انفسنا
 

إذ أشكر نيابة عن زميلاتي وزملائي في أسرة «النداء» هذه الالتفاتة الكريمة من منتدى الشقائق، يجدر بي القول بأنها ليست الالتفاتة الأولى، ففي رحلة «النداء» الشاقة ولكن الشائقة، القصيرة المعسرة كانت «النداء» موضع التفاتة المنتدى مرات عدة، وأحياناً كانت موضع وجهته.
في مقام الانصاف هذا هل يسعني نسيان دور المنتدى في مساعدة «النداء» في إبراز معاناة ضحايا الحرب في صعدة، وبخاصة الأطفال والنسوة.
كان المنتدى حاضراً في «النداء» وقت فتحنا ملف اللاجئين الصوماليين، وقد استعنا بأوراق الندوة التي نظمها المنتدى قبل 4 سنوات.
ولكم كان الأمر دالاً إذ شرعت «النداء» في فتح ملف المختفين قسرياً في الوقت الذي كان المنتدى يحضر لعقد أول ندوة في الأقليم عن العدالة الانتقالية. (ما أجمل اللقيا بلا ميعاد).
على أننا إذْ نلتقي فعلى الوجع والألم والمكابدة، والصبر... الصبر الطويل. وعلى المجازفة بالدنو من ملفات مفخخة بالحزن والإ فبالمتفجرات من كل صنف، في عصر رواج صناعة العصبيات الطائفية والمذهبية والعنصرية.
لكن المنتدى، وأية مؤسسة مثله، كيلا يضام أحد، مجال نشاطه حقوق الانسان فيما «النداء» صحيفة سياسية مستقلة على ما يرد في خط إصدارها أدنى ترويسة صفتحها الأولى.
وإلى منتدى الشقائق، أتوجه بالتحية إلى الأخت العزيزة سميرة داؤود رئيسة ملتقى 17 يوليو لأسر وأطفال السجناء المعسرين، وإلى زوجها السجين السابق حسن الهتاري. لقد بذلا جهداً كبيراً في مساعدة الصحيفة، وكانا يتواصلان باستمرار مع الصحيفة، وأحياناً بشكل يومي، من أجل الإسهام في وضع حد لمعاناة الضحايا وأسرهم.
ولئن كان الملمح الدائم والنغمة السائدة في المادة التحريرية لـ«النداء» الانتصار لحقوق الانسان، فإنها منذ إسدال الستار على المشهد الانتخابي الرئاسي، راحت تنغمس رويداً رويدا في ملفات الهامشيين والمهمشين والمستضعفين وذوي الاحتياجات الخاصة وما أكثرهم في مجتمعنا.
علمتنا تجربتنا القصيرة أن الصبر الطويل يُثمر إنجازات، وأن هاتيك المكابدة وذيَّاك الانغماس محمودان في مقام الدفاع عن حقوق الانسان، وأن انحياز الصحفي إلى ضحايا الانتهاكات والاعتداءات ضرورة قصوى في الواقع اليمني، حتى وإن انطمس، لفرط انغماسه في نصرة الضحايا، الخط الفاصل بين محدداته المهنية ودوافعه الانسانية.
بعد هذه الموجة المكفهرة التي صببتها على رؤوسكم في هذه المناسبة الاحتفائية، لي أن اعترف بأن السعادة غسلت قلوبنا المحزونة مرات عديدة منذ الخريف الماضي.
ولقد تذوقنا في أسرة «النداء» طعم الإنجاز مراراً.
وأزيد من ذلك فقد أمضينا لحظات بهيجة مع ضحايانا -ضحايا القمع والقسوة أقصد- أولئك الذين ظهَّرت «النداء» مآسيهم، وكُتبت لهم حيوات جديدة بفعل ضمائر حية في غير مكان.
كانت ليلة عيد الأضحى الماضي بهيجة، إذ كانت ليزا اللاجئة الصومالية القاصرة تغادر السجن المركزي في إب لتنام في أحضان «زعيمة»، والدتها المقاتلة، لأول مرة بعد أن نسيتها نيابة جبلة هناك مدة 8 أشهر، من دون أي تهمة. لم نفرح وحدنا! كان الفرح عامراً في منتدى الشقائق ومنظمة أوكسفام اللتين لم تتوانيا في التفاعل لوضع حد لمأساة أسرة منكوبة.
في رحلتنا القصيرة سجلنا نقاطاً في حربنا ضد القهر والعسف والاستعلاء، على أن أجمل اللحظات عشناها قبل أسبوعين فقط. في الواحدة ظهراً تسلمت رسالة عبر الهاتف من زميلي علي الضبيبي فحواها: «قرار الإفراج عن عبده شوعي صدر، ولن أغادر إلا وهو معي».
تعجبت لحظتها لكل هذا اليقين الذي يصدر من رسالته... وابتسمت. تابع الضبيبي رسائله الاخبارية من داخل السجن المركزي، قبل أن يختم تغطيته المباشرة بالخبر السعيد: «شوعي خرج الآن، سنتغدى معاً».
خرج شوعي الذي أمضى 17 عاماً في سجن النسيان واللامبالاة وخرج قبله وبعده عشرات، وكانت هذه «أيامنا الحلوة».
قبل نحو عامين نشرت «النداء» تصريحات منسوبة لمصدر قانوني تؤكد عدم مشروعية إبقاء الأشخاص في السجن بسبب حقوق خاصة للغير أو غرامات للخزينة العامة. لكن علي الضبيبي لم يكن حينها عضواً في أسرة «النداء»، وقد تطلب الأمر عاماً كيما تبدأ «النداء» حملتها الحقيقية والمستمرة من أجل نصرة الضحايا وأسرهم. ففي 11 أكتوبر الماضي أعد علي الضبيبي الطالب في المستوى الثالث بكلية الإعلام تحقيقاً معمقاً عن «السجناء المعسرين» وفيه ترد تصريحات لمسؤولين في السلطة القضائية تُبرِّر بإسم القانون والحق ما وقع على الضحايا من ظلم. في الأسبوع التالي كان المحامي نبيل المحمدي يكشف في تصريح لـ«النداء» هشاشة الرواية الرسمية، مشدداً على أن إبقاء أي شخص في السجن بعد انقضاء مدة عقوبته المحكوم بها جريمة تستوجب عقاب مرتكبيها.
الرؤية القانونية الكاشفة، ثم التواصل المستمر مع هيئة الدفاع عن السجناء التي تشكلت لاحقاً، كانا زاداً في دأبنا من أجل بلوغ غاياتنا.
وكان في قيام عدد من المحتجزين ظلماً في السجن بالمبادرة إلى توكيل هيئة الدفاع إشارة لا تخطئها العين بأننا على الطريق الصحيح، فحين يسقط الضحية كرت طلب الإحسان من يده، مقرراً إختيار دور المطالب بالحق، فإن ما من قوة تستطيع إنتزاع اليقين من فؤاده.
وعلى مدى أسابيع وشهور واصلت «النداء» نشر تقاريرها وتحقيقاتها بشأن القضية. وكان على الزميل علي الضبيبي أن يصمد ويصبر ويكابد ويثابر ويواجه نزعات الاستعلاء لدى المعنيين بالملف، وموجات التقليل من شأن الجهد الذي يبذله، والتهوين من الضحايا. وكان علينا أن نصد نوبات الإحباط ونقاوم اليأس بالمرح، كما في أحد نهاراتنا الصعبة، عندما ابتدعنا هدفاً خاصاً لحملة «النداء»، معتبرين أن استمرارنا في إثارة الملف مسألة مصيرية بالنسبة لـ«النداء» المعدمة والمرشحة للإعسار!
على أن قيمة أي جهد صحفي يكمن في الانجاز، وأنه لمن المفارقة اليوم أن نحتفي بانجاز تحقق في ملف السجناء، فيما يدفع الزميل العزيز عبدالكريم الخيواني من حريته ثمناً لرأيه، ولئن ترددت «النداء» على السجن طيلة شهور لتغطية وزيارة المحتجزين على ذمة حقوق خاصة، وتمكنت من إطلاق سراح عشرات منهم، فإنه لمن المحزن أن نضطر إلى زيارة السجن من أجل مشاهدة زميل عزيز. وفي يوم العدالة العالمي أدعو الحضور جميعاً إلى إصدار بيان تضامني معه، ومطالبة السلطات بالإفراج الفوري عنه.
كما أدعو إلى إبداء التضامن القوي مع الزملاء في صحيفة «الشارع» الذين يتعرضون لانتهاك جسيم وغير مسبوق بعد إحالتهم على النيابة الجزائية المتخصصة في قضية نشر، وهو أمر ينذر بالخطر على حرية الصحافة.
نحن محكومون بالدفاع عن حقوق الإنسان، لأنه دفاع عن النفس، هل أذكركم بأن «النداء» سبق أن اختفت قسرياً بعد صدور عددها الأول. شكراً لكم.
 
 

***
 
 

عن صورة لا يحلم بها السجناء عادة
 
- محمد العلائي

بعد أن نفض عنه الضبيبي وعثاء 17 عاماً من السجن، كان على عبده شوعي أن يقول ما يفترض به، كشخص خسر كل شيء.
قبل بضعة أيام، وعلى حين غرة، انفلت المنسي الشغوف بالحياة، من دائرة العتمة إلى بؤر الضوء الفاقع.
كانت، عشرات الكاميرات والاحداق تحتضن طلة شوعي، بما ينبغي من الاحتفاء.
عندما -مطلع تسعينات القرن الماضي- آل المطاف بالرجل العتيد، إلى أحشاء السجن المركزي، كان لم يدرك بعد ما الذي تخبئ له الأقدار.
أمه «حواء»، هي الأخرى، لم تكن تماماً، على يقين أن أناملها ستربت على كتفي ولدها مجدداً.
السجن، مهما كان، هو المساحة المقفلة الأكثر قسوة ورعونه.
على المرء أن يظل صعب المراس، لمواجهة أهوال السجن.
على الدوام، أمضى عبده شوعي كل تلك الاعوام بشكيمة قوية، لا تخلو من تضعضع أحياناً، ووهن، ومشاعر قانطة. وكان للضبيبي، والحق يقال، براءة التنقيب عن ذاك المهمش الدفين. وطبقاً لمعلومات شوعي فإن أمه وولده، قضى بصاعقة رعدية العام الفائت، قصدا زيارته قبل 10 سنوات من الآن. ما يعني أنه، علاوة على ال7 السنوات السابقة التي، وإن بصورة متقطعة، تخللتها زيارات وجيزة، فقد أمضى السنوات ال10 الأخيرات في غياب مطلق حقاً.
يستطيع، الآن فقط، إدراك معنى أن يعيش المرء وهو في حكم الموتى المندرسين.
في نهاية الأمر، السجن كون ذو نهايات مغلقة. وهناك، بالتأكيد سينمو مزاج مغلق، و«نوستاليجا» متوثبة، وسيكون وارداً ان تبقى مترتبات نفسية عالقة بشكل فادح.
ما يزال عبده شوعي يشعر باختناق فيما لو أقفلت باب الغرفة. الأحد الفائت هيأ له الصحفي الدؤوب علي الضبيبي نزلاً يليق بمظلومية رجل كابد ويلات النسيان.
أنزله فندقاً في شارع تعز. أثناء صعوده سلم العمارة خارت قواه. فركبتاه لم تعودا تسعفانه كيما يرتقي سلم 3 طوابق. «17 سنة وذولا (ركبتيه) مرقدين»، زأر شوعي مخاطباً الضبيبي، الذي راعه منظر شخص جاث على ركبتيه، وهو في عنفوان حياته.
ولئن كان في اكتوبر، العام الفائت يبتدر الضبيبي بنبرة محتدة: «أشا إطلاق سراحي، شيبت وأجزت داخل السجن»، فإنه اليوم يتمايل جذلاً، ذلك أنه أيقن أن كسرة الحياة التي لم يقضمها السجن جديرة بأن تعاش، هي أيضاً، بسيناريوهات أكثر ألقاً.
في 10 نوفمبر 2006 رحَّل حساباته مع غرمائه دفعة واحدة: «غريمي مات الله يرحمه، وشنتلاقى أنا وإياه والقاضي حمود الهتار إند الله».
على كلٌّ، حكاية شوعي ملحمية تنطوي على ما يكفي من المفارقات المركَّبة. فهو، فضلاً عن أنه يتسم بروح الدعابة، هو، فوق ذلك، يمتلك القدرة على إبكاء المصغين إليه.
أثناء الاحتفالية التي تبناها منتدى الشقائق في يوم العدالة العالمي 17 يوليو، ارتجل عبده شوعي كلمة المعسرين المفرج عنهم واستوى ككاهن يجيد إلقاء العظات.
حينما كان يتأهب للحديث، كان الجميع يرمقونه بذهول.
وكان العارفين يكون الرجل أمي يشفقون عليه. لكن الصمت أطبق على القاعة. وراح الجميع ينصتون بخشوع. ارتفعت نبرة الرجل، اغرورقت عيناه بالدموع، أجهش صوته. بعد وهلة كان الحاضرون يبذلون جهداً لتخبئة الدمع، إلا أنه تحدر بقوة.
قلما نتعرض لتجارب من هذا النوع. خبرتنا العاطفية لم تعتد كثيراً التماهي مع عذابات الآخرين حد البكاء.
أسدى عبده شوعي تجربة عاطفية بليغة.
بأي حال نحن ما نزال ننوء تحت أثقال متغلغلة في نسيجنا المعرفي الذي لا ينفك يئد أية بوادر عاطفية، تحت ذريعة أن الكل آثم، بطريقة أو بأخرى، والذي ليس كذلك بوسعنا تلفيق إثم يسد ذريعة التعاطف.
لكن، وعلى غير المعتاد، وفي الوقت الذي كان فيه عبده شوعي متكوماً في مطرح هامشي، وناءٍ، كان يتربع على متن صحيفة «النداء».
طيلة 8 شهور ظل في الواجهة. وبدل أن يبقى قيمة مؤجلة أو مقبورة، خرج في صورة لا يحلم بها السجناء عادة.
 
 

***
 
 
 
تكريم «النداء» في يوم العدالة العالمي
 

- منى صفوان

كانت "النداء" قبل عامين مضت قد حركت قضية المعسرين من خلال موضوع نشرته الصحيفة, وصف سامي غالب رئيس التحرير أن هذا الموضوع بقي راكدا وقتها حتى أكتوبر 2006 حين التقط أحد أفرد طاقم "النداء" (على الضبيبي) الموضوع وبدأ في متابعته متحديا الظروف المحبطة والقاسية, لتنشر"النداء" قضية 350 معسرا.
 بعدها حققت "النداء" سبقا صحفيا وحقوقيا, بإطلاق سراح عدد من المعسرين وعلى رأسهم عبده شوعي, الذي كان حاضرا على منصة التكريم ليتحدث باسم السجناء المعسرين المفرج عنهم, وليوجه سؤاله للحاضرين عمَّن المسؤول عن ضياع عمره داخل السجن, مكررا شكره الخاص للصحيفة وامتنانه لعلي الضبيبي الذي كان معهم متابعا القضية حتى تم الإفراج عنهم, ليرسل يومها عدة رسائل قصيرة لهاتف رئيس التحرير تلخص الانجاز الذي حققته الصحيفة.
 فرسائل "علي" التي استقبلها تلفون "سامي" ظهيرة ذلك اليوم كانت تعني قدرة الصحافة على الانتصار لحقوق الضعفاء متى قررت ذلك.
 كانت الرسالة الأولى تقول: "عندي قرار بالإفراج عن شوعي"، والرسالة الثانية قالت: "لن أخرج إلا بعبده شوعي", وفي الرسالة الثالثة كانا قد خرجا.. "خرجنا الآن من السجن", مع وصول الرسالة الرابعة كانا يتناولان الغداء. 
 "النداء" التي انتظرت شهورا طويلة لتحقيق ذلك السبق, كان من حق من صنعوه التفاخر به والاعتراف لهم به. 
 ومع التتبع للكلمات التي ألقاها احمد الوادعي، المحامي, ثم سامي غالب، رئيس تحرير الصحيفة, يتضح مدى نجاح التحالف الذي جمع بين الصحفيين والمحامين في هذه القضية.
 فقد كان المحامون يعطون بصيص الأمل للصحفيين الذين لم يتوقفوا عن نشر الحقائق والمعلومات دعما للقضية.
 وقبل ذلك كان منتدى الشقائق العربي قد حجب جوائزه للعام 2006, والتي كانت مخصصة لمجال الصحافة, وأرجع المنتدى ذلك لتواضع المواد المقدمة للمسابقة, إلا أن المنتدى عاد وكرم اليوم بدلا من ذلك في فعالية خاصة عددا من المختارين كمدافعين عن حقوق الإنسان.
 وحازت "النداء" على نصيب الأسد من الجوائز المخصصة للصحافة، فقد تسلم الزميل علي الضبيبي شهادة تكريم للدور الذي لعبه في تحريك قضية المعسرين, كما تسلم رئيس تحرير الصحيفة الشهادة التي منحت لـ"النداء", التي وصفت خلال الحفل بأنها متميزة ومتقدمة على غيرها من الصحف.
 احمد الوادعي، رئيس هيئة الدفاع، الذي رفض أن يلقب برئيس الهيئة، وأرجع الرئاسة لنبيل المحمدي المحامي, كاعتراف بفضله في تنشيط المجموعة وتحريك القضية, قال إن "الجهد القانوني في هذه القضية ثبت قاعدة قانونية". هذا بدوره يساعد قضية باقي المعسرين الذين لم يطالهم أمر الإفراج.
ويكمل الوادعي: "هذا يعكس ثقافة ما زالت سائدة في الوسط القضائي للأسف لا تهتم بحرية الإنسان وكرامته". 
 وساعد في ذلك وجود امرأة متحمسة ونشيطة هي سميرة داود، زوجة حسن قاسم الهتاري أحد السجناء المعسرين. هذه الزوجة ساهمت في مساعدة الصحيفة و هيئة الدفاع للإفراج عن السجناء الذين انتهت مدد عقوباتهم ويُحتجزون دون مبرر قانوني.
 سميرة كانت قد شكلت ملتقى أسمته "ملتقى 17 يوليو" وتمكنت بمساعدة زوجها في السجن من إعطاء معلومات واضحة ومحددة للصحيفة عن أسماء السجناء المعسرين ومدد عقوباتهم وكامل المعلومات المطلوبة عنهم. 
 إن هذا التحالف الثلاثي (بين الصحافة والقانونيين والمجتمع المدني) الذي استعرض أمس لا يمثل إنجازا حقوقيا بقدر ما هو إنجاز صحفي/ حقوقي.
 وبدوره أثنى سامي غالب على منتدى الشقائق، كونه كان شريكا في عدد من القضايا الحقوقية التي طرحتها صحيفته.
 الصحيفة أيضا كانت قد حققت سبقا آخر في قضية اللاجئين الذين طرحت قضيتهم، فبعد متابعة من الصحيفة أفرج عن إحدى اللاجئات التي كانت قد سجنت في الاحتياطي دون تهمة تسعة أشهر.
 وإن كانت "النداء" تزور السجن المركزي لمتابعة قضية المعسرين فإنهم الآن يزورونه لرؤية الخيواني الذي تسلمت ابنته "إباء" شهادة تكريم من المنتدى لوالدها المتمسك بحقه في التعبير, والذي يدفع ثمن ذلك في قضية اعتبرها الكثيرون محسومة. تكريم الخيواني لم يتضمن إصدار أي بيان تضامني معه في الفاعلية يطالب السلطات بالإفراج عنه, هو الأمر الذي كان قد طالب به سامي غالب في كلمته, التي أشار فيها إلى ملف المختفين قسريا وهو الملف الذي فتحته "النداء" منذ مايو الماضي, بما يجعل الصحيفة "منغمسة فعليا في قضايا حقوق الإنسان". تجربة "النداء" القصيرة علمت أصحابها أن الصبر الطويل يثمر إنجازا, لذا كان للصحيفة العديد من المنجزات التي فاخر بها رئيس التحرير ووصفها بأن لها "مذاق ساحر" بحيث اعتبر أن "الإنجاز هو قيمة أي عملـ", لذا أجاز غالب "انغماس" الصحفي في تغطية قضايا حقوق الإنسان، متجاوزا بعض المبادئ الصحفية لكونه متعاطفا مع هذه القضايا (لا أرى في ذلك عيبا، خاصة في اليمن، لأن هناك الكثير من الانتهاكات).
المنتدى كرم أيضا محمود طه، الذي كان له الدور الأبرز في قضيه الطفلة سوسن, بحيث استطاع تحريك القضية, وتحفيز المنتدى نفسه للدفاع عن سوسن. وطه كان قد حصل على جائزة المنتدى في فبراير 2006 كواحد من الصحفيين المدافعين عن قضايا حقوق الإنسان.
 
 

***
 
 
رصد لأبرز محطات تحرير المعسرين
 

< في 11 اكتوبر الفائت (رمضان) نشرت الصحيفة تحقيقاً متعمقاً عن سجناء الحقوق الخاصة (الغارمين)، كشفت فيه عن وجود 350 سجيناً معسراً يقبعون في المركزي بصنعاء منذ سنوات. ونشرت تصريحات لمسؤولين في السلطة القضائية تقول بقانونية سجنهم (اعتبر التحقيق الأبرز خلال العام 2006 حد توصيف الزملاء في «نيوز يمن»).
< في العدد التالي نشرت «النداء» تصريحاً للمحامي نبيل المحمدي يقطع فيه بأن إبقاء المعسر رهن الحبس بعد انتهاء فترة العقوبة التي قررتها المحاكم جريمة موجبة للعقاب، وأن من حق هؤلاء السجناء تحريك دعوى مدنية ضد مدير المنشأة العقابية ووزارة الداخلية، وطلب تعويضات عن السنوات التي قضوها في السجن جراء التعسف في قراءة القوانين أو الجهل بها.
< بعد هذا التصريح أحجم المسؤولون في السلطة القضائية عن تقديم أية ايضاحات بشأن الموضوع، واستمرت الصحيفة في نشر حالات هؤلاء المعذبين وأسرهم.
< في 22 نوفمبر 2006 بعث 35 سجيناً معسراً بتوكيل للمحامي نبيل المحمدي ومن يرغب من المحامين التطوع معه وذلك لتحريك دعوى قضائية ضد النيابة العامة، ووزارة الداخلية بطلب الافراج والتعويض عما تكبدوه من خسائر وأضرار مادية ومعنوية نتيجة رفض النيابة العامة إحالة ملفاتهم إلى التنفيذ المدني في المحاكم.
< في 20 ديسمبر 2006 وافق المحمدي على الترافع الطوعي عن هؤلاء وانضم إليه 5 محامين هم: أحمد الوادعي، هايل سلاَّم، محمد المداني، ومحمد البذيجي، ليكَّونوا جميعاً هيئة للدفاع عن سجناء الذمة المالية.
< في 17 يناير 2007 انضم إلى قائمة الموكلين 20 سجيناً معسراً بينهم صاحب معرض «القادسية» للسيارات والمقاول الأديمي.
< في 24 فبراير أفرج عن 21 سجين حق خاص دفعة واحدة.
< في 18 ابريل 2007 التقت هيئة الدفاع بالنائب العام لمتابعة المذكرة المحالة إليه من وزير العدل المتعلق بموضوع موكليهم. وفي هذا اللقاء تم التباحث عن الإجراء المخالف للقانون بإبقاء المعسر رهن السجن وقد انقضت فترة العقوبة. وأبدى النائب العام تجاوباً إزاء الموضوع.
< في 2/4/2007 الفائت أفرج عن 8 سجناء معسرين.
< في وقت لاحق أرسل 73 سجيناً عريضة توكيل لهيئة الدفاع، ليرتفع عدد الموكلين إلى 137 موكلاً.
< في عددها المائة تاريخ 25 أبريل الفائت نشرت الصحيفة ملفاً متكاملاً من ثلاث صفحات خصصته للسجناء المعسرين، كشفت فيه عن وجود ما يزيد عن 12 سجيناً من جنسيات عربية وأجنبية يقبعون في السجن المركزي على ذمة حقوق خاصة، بينهم من لم تقضي المحاكم بحبسهم. وفي هذا العدد نشرت اسماء ومُدَد عشرات السجناء المعسرين الذين، قضت الأحكام الصادرة بحقهم باكتفاء المدة، وما زالوا في الحجز، وكذلك المحكومين بإعادات دون عقوبة بالحبس. وذكرت اسماء المحتجزين غير اليمنيين.
< لاحقاً التقت هيئة الدفاع برئيس مجلس القضاء الأعلى والنائب العام، وخرجوا بصيغة اتفاق تقضي بالإفراج عن كل من انتهت فترة عقوبته بالحق العام وإحالة ملفاتهم إلى قاضي التنفيذ بعد أن تتولى النيابة العامة فرز الحالات.
< تواً كُلف قاض للنظر في دعاوى الإعسار والحكم لمن يثبت إعساره.
< في مايو أصدرت النيابة العامة أوامر إفراج عن 12 سجيناً، وفي يونيو عن 8.
< في 13 يونيو الفائت خصصت الصحيفة 3 صفحات للمعسرين ونشرت فيها اسماء المفرج عنهم على امتداد حملتها، وعرضت نماذج لبعض الحالات وأسماء سجناء عالقين بإعادات لم يسمها القضاة.
< تابعت «النداء» مجريات الإفراج، وفي عددها 107 نشرت اسماء 25 محتجزاً ما زالوا رهن الحجز رغم أوامر الإفراج.
< تالياً تلقى الزميلان سامي غالب وعلي الضبيبي طلباً من نيابة الصحافة والمطبوعات للتحقيق معهما في شكوى عضو نيابة جنوب غرب، علي عبدالجليل، بخصوص تطرق الصحيفة إليه في قصة الشاب السجين سام أبو أصبع القابع في السجن منذ سنتين رغم أن الحكم الصادر ضده نص على الاكتفاء بالتسعة الأشهر التي قضاها في السجن الاحتياطي.
< في أسبوعين (الأخير من يونيو، والأول من الجاري) أطلق سراح 11 سجيناً معسراً يتقدمهم أقدم سجين في قسم التوبة عبده شوعي النشري، الذي أمضى 17 سنة في المركزي بصنعاء.
< في عددها قبل الفائت بتاريخ يوليو 2007 أوردت الصحيفة نماذج لمعسرين غادروا السجن وجاءوا إلى مكتب الصحيفة.
< أمس منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان يَكّرم الزميل علي الضبيبي وصحيفة «النداء»، وبحضور عدد من المفرج عنهم.
> «أبرز محطات حملة «النداء» ، علماً بأن الصحيفة عرضت نماذج عشرات الحالات على امتداد اعداداها بدءاً من عددها 76، بالإضافة لحالات الأسر التي تعرضت للضياع بعد فقدان عائليها، كما وتواصلت مع بعض الأسر حيث تسكن، بعضها إلى عواصم عربية».