أحلامهم جهنم

أحلامهم جهنم - مزن مرشد

يموتون في غرفهم، يبقون حتى تتعفن جثثهم فيتصاعد خبر قضائهم مع الرائحة المنبعثة في الأماكن المجاورة.
أولئك الذين لا يجدون من يحمل أجسادهم ويرميها في حفرة منسية ثم يهيل عليها قليلا من التراب كإكرام أخير لمن كان يوما إنساناً
مثلهم جميعا تصبح الأيام مجرد عدادات تحصي عدد القتلى فيفقد الموت صفة الفجيعة، ويعتاد الأطفال على رؤية الجثث المتفسخة في الطرقات، في حين يفزعهم منظر زهرة.
إنها الذكريات التي تلازم أطفالنا العرب جميعا، حتى لو لم يولدوا في العراق وفلسطين. أطفالنا المتابعون لأخبار الموت بشغف، عبر الشاشات الصغيرة، فأي معنى يبقى للطفولة!؟ وأي معنى سيكون للمستقبل!؟
الأطفال بلا تاريخ ( قالها أحدهم) لذلك يستطيعون التأقلم مع الواقع ونسيانه بعد فترة ليبدأوا من جديد، لكن أطفالنا يولدون وفوق أكتافهم قضية أكبر منهم واكبرمن ملاعب طفولتهم، يولدون بذكرياتهم الحاضرة عن الحصار والموت والفجائع، وفي أحلامهم لن تكون هناك ألوان زاهية، ولن تكون هناك أحلام وردية، سيرون الكوابيس، ولن يعرفوا بأنها كوابيس، سيرون العتمة والقبح، وسيكون باعتقادهم أنه الجمال. فكيف سنقول لهم أن ما يرونه ليس الحقيقة، وأن ما يشعرون به من حزن لا يتوافق مع طفولتهم البريئة!؟ كيف سنعلمهم الحب، وهم الذين لم يشربوا إلا الضغينة مع حليب الأمهات المقهورات!؟ كيف السبيل لنقول لأطفالنا أنهم يعيشون في عصر الانكسار، وأن الالوان الجميلة هي التي يجب أن ترسم في لوحاتهم وأصوات العصافير هي التي كان يجب أن يعتادوا عليها، لا أزيز الرصاص وصوت صفارات الانذار!؟ كيف سنقول لهم إن الحلم جميل مثل انسياب العسل ونعومة الحرير !؟
وأن ما يرونه – كابوساً!؟
كيف سنقول لهم إن كوابيسهم لا يعرفها أطفال الغرب، وإن أولئك يمشون في طرقات تزينها الورود لا القنابل العنقودية!؟
كيف سنقول لهم، إن هناك شكلاً آخر للحياة ؟؟
[email protected]