في ساحة الحرية: الأضرعي يسقط الحكومة بالضربة القاضية

في ساحة الحرية: الأضرعي يسقط الحكومة بالضربة القاضية

تلاعب الفنان محمد الأضرعي بالحكومة في مباراة من طرف واحد شهدتها«ساحة الحرية» ظهر أمس.
الجمهور الذي جاء جزء كبير منه لمتابعة الأضرعي استمتع بمرأى الحكومة بأجهزتها القمعية تترنح على منصة صغيرة قبل أن تهوي على الأرض، تشيعها موجة عارمة من الضحك في مقام احتجاجي ضد اعتقال الزميل عبدالكريم الخيواني.
«ساحة الحرية» اشتهرت بهذا الاسم قبل نحو شهر، وهي المنطقة التي تفصل بين مبنيي وزارة الإعلام ومجلس الوزراء. وقد ألقيت في الاعتصام الاحتجاجي الذي شهدته الساحة أمس كلمات لخالد الآنسي محامي الزميل الخيواني، وعبدالله الفقيه استاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء، وتوكل كرمان رئيسة منظمة صحفيات بلا قيود، وألقى الشاعر عبدالحكيم الفقيه مجموعة مختارة من قصائده.
وعند الثانية عشرة ظهراً تقدم محمد الأضرعي، الى منصة الاعتصام (وهي محض رصيف تحول إلى حلبة لضرب أجهزة القمع والمسؤولة عن الإجراءات المقيدة للحريات على جانبي الساحة).
كرَّس الأضرعي وزملاؤه في فرقة «الهديل» الاتهامات التي تستهدف الصحيفة. وهو بدا في أحد المشاهد زعيم ممسوس بخطر الكلمة والرأي يجتمع باعضاء مجلس حكم «مافيوي» الغرض ابتداع أساليب قمع الصحفيين وإلا فاحتواؤهم عبر الرشوة وشراء ذممهم.
تدارس الزعيم الممسوس ورفاقه غريبو الأطوار مقترحات عديدة. وقد أخذت الحماسة الوطنية أحدهم فقال :«نشتي نوقع دولة غنية كأسبانياً، مثلاً»، فعلق الزعيم الجاهز لتلبية أمانٍ مشروعة كهذه، بالقول: «بسيطة، احبسوا مراسل الجزيرة هنا».
في عالم الحرب على الإرهاب تستفيد السلطة اليمنية من شركائها الغربيين. وقد دهمت ظهر الأربعاء الماضي منزل الزميل عبدالكريم الخيواني واقتلعته من بين أطفاله ، بطريقة همجية، تفصح عن ثأر «بايت» تحمله جهات داخل المؤسسة الحاكمة ضد صحفي أعزل كريم المحتد، محكوم أبداً بالاستسلام لغواية الحرية.
جثم خمسة من المجموعة الأمنية فوق صدر الخيواني الكان لحظتها مايزال نائماً في غرفة نومه، وانهالوا عليه ضرباً قبل أن يجروه على مرأى من زوجته وأخيه وأطفاله الى مقر النيابة الجزائية المتخصصة.
بعد ساعات من الإعتداء كانت الكدمات والخدوش ماتزال ظاهرة في ذراعيه وكتفيه ومواضع أخرى من جسده.
وكان الخيواني ما يزال تحت تأثير صدمة انتزاعه من غرفة نومه. وقد أبلغ «النداء» عندما زارته في الحبس الإحتياطي بأنه لا يصدق ما وقع، لكأن ما جرى محض كابوس أفزعه من نومه.
وقد كثف الأضرعي وفريقه المدهش ما يجري من اعتداءات منهجية ضد الصحفيين المعارضين والمستقلين في عبارات قليلة أثناء اجتماع مجلس الحكم (المافوي). كان رجال مافيا الفساد والقمع ما يزالون غارقين في بحث الخطر الوشيك القادم من الصحافة. وقد أجمع المتحدثون على أن الخطر الداهم كامن في الكلمة الحرة. وفي عبارة تذكر بشكسبير، قال أحد رجال الحكم الكلمة الفصل: لنبدأ بالصحفيين!.
وقد قرر الأضرعي بعد الانتهاء من تصويره التهكمي لرجالات الدولة، خلع قناع الحاكم والعودة الى «حالة الطبيعة»، الى ذاته.
وبعدما لفت عناية أعضاء فريقه الى نكبة صاحب البلاد (الذماري عبدالكريم الخيواني) واصل توجيه الضربات الموجعة لسلطة تحسن قمع الصحفيين الأحرار، وتشييد البوابات الفاخرة والأسوار الحجرية الشاهقة. وقد أشار الأضرعي بيده اليمنى الى السور المتنامي لمبنى مجلس الوزراء باعتباره واحداً من المنجزات الباهرة.
كانت صورة كبيرة للخيواني تزين سور وزارة الإعلام. وكان صاحب الصورة حاضراً في ساحة الحرية رغم كل الإجراءات الهستيرية التي تقصدت تغييبه عن اسرته وزملائه وأصدقائه. كان مغيباً في الحبس الإحتياطي عبر حزمة انتهاكات جسيمة ارتكبتها الأجهزة الأمنية وصدقت عليها النيابة العامة. وقد منع من الزيارة بدءاً من ظهر السبت الماضي. ولم يتمكن محاميه أبداً من زيارته في الحبس. وكذلك أقاربه وأصدقاؤه.
 وقد أدنت منظمات محلية ودولية واقعة الإنتهاك المستمرة ضد الخيواني. وعزت نقابة الصحفيين في بيان لها الخميس الماضي، الانتهاكات التي استهدفته، الى آرائه المنشورة. وطالبت النائب العام بإطلاق سراحه فوراً. وقررت النيابة الجزائية المتخصصة حبس الخيواني لمدة أسبوع على ذمة التحقيق، قبل أن تستصدر قراراً من المحكمة الجزائية المتخصصة بحبسه لمدة شهر للغرض نفسه.
 وتزعم السلطات أن الخيواني متورط في نشاط إرهابي. وحسب المحامي خالد الآنسي فإن رئيس النيابة استند في جلسة التحقيق الثالثة الى أوراق شخصية وأقراص كمبيوتر صادرها الأمن من المنزل عقب اقتحامه.
وقال الآنسي في تصريحات نشرت مساء الاثنين، إن رئسي النيابة شرع في استجواب الخيواني حول مسودة مقال صادرها الأمن من غرفة نومه.
وكان الخيواني أبلغ «النداء» بعد جلسة التحقيق الثانية التي أجريت مساء الاربعاء الماضي، بأن رئيس النيابة واجهه بشريط كاسيت يحتوي على تسجيل لمكالمة أجراها معه الزميل محمد المقالح عصر الجمعة قبل الماضية، تبادلا فيها الرأي عن اتفاق وقف إطلاق النار في صعدة، فضلاً عن قضايا مهنية وسياسية أخرى.
وقالت مصادر رفيعة في المعارضة إن الرئيس علي عبدالله صالح أطلع قادة المعارضة عصر الخميس الماضي على تحرير كتابي للمكالمة الصوتية، باعتبارها دليلاً دامغاً على تورط الخيواني في «التمرد» بصعدة.