كل واحد يدعم على سالف بلاده.. طريق «سلطان» حيث الجبل أصبح مدينة

كل واحد يدعم على سالف بلاده.. طريق «سلطان» حيث الجبل أصبح مدينة - فكري قاسم

مثل ثعبان "الأناكوندا" يتلوى الطريق الممتد إلى أعلى قمة في جبل صبر. قبل سنوات كان الصعود إلى هُناك أشبه بمحاولة يومية للصعود إلى الشمس. فضلاً عن أن مالك السيارة التي كانت تحمل ساكني الجبل عبر طريق أقل من مُعَبّدة، يضطر كل شهرين على الأقل، لزيارة معرض "قطعة من قدس" بحثاً عن قطع غيار جديدة لمركبة لم يكن اليابانيون يعرفون أنها ستمر في طريق كذاك وإلا كانوا زودوها بجناحين و 8 إطارات.
لكن الطريق إلى قمة "صبر" الآن لم يعد منهكاً.  كما أن الجبل البالغ ارتفاعه 3200 قدم فوق سطح البحر، تحول إلى مدينة في وعاءٍ ريفي فتَّان.
إذ نسمع رنين الهاتف، وخوار بقرة في الإسطبل معاً. وصحون "الستالايت" تتلامس مع أغصان الشجر.
وبوسع الزائر أيضاً أن يشُم رائحة الشقر والشذاب، وورد الخدود البلدي، في نفس الوقت الذي تتصاعد من أحد الفتية المارين رائحة عطر "هوجو" و"جيفنشي"..
كما تفتحت للسكان المحليين -وإن ليس بالشكل الكافي- أبواب للرزق، ذلك لأن الصعود إلى القمة لم يعد هرباً، بل نقاهة، وفرصة بمنادمة السحاب.
إنها الطريق ولا سواها صنعت كل ذلك؛ إنهم البشر حينما يكونون على استعداد لمصافحة الجمال.
 غير أن شيئاً من بلاهة النسيان، النسيان بوصفه "دعممة" سيئة الصيت ولا تبدو لائقة، إذ الصاعد إلى الجبل لا يلمح – في أي من جنبات الطريق ما يمكن اعتباره – رسمياً، شيئاً من العرفان.
لا بأس إذن.. المواطنون وحدهم الذين يتذكرون، وأطلق بعضهم اسم "سلطان" على مواليدهم، الذين جاءوا بعد شق الطريق.
العام 1997م، زار الأمير سلطان بن عبدالعزيز مدينة تعز، ولما صعد صبر في نزهة رسمية، ربما شعر كم هو موجع حال الجبل المأهول بالسكان، الجبل الذي يبدو كما لو أنه الحارس الشخصي لمدينة جميلة ومهملة، وعند ذاك تبرع ب 10 ملايين دولار، لشق وسفلتة طريق كانت إلى ما قبل ذلك وسيلة بدائية للمصابين بآلام الظهر، ومفاصل العظام أيضاً!!.
 إلى ذلك، كان الشيخ زايد بن سلطان –رحمه الله- قد تبرع –قبله- ببناء منتزه هناك، ولسنوات –بعد البناء -ظل المنتزه الذي يحمل اسمه مغلقاً ومهملاً، وبلا أثاث!!
ثم مات هذا الأخير وهو "خااااااور" أن تتحقق له أمنيتان فقط: الأولى أن تتحرر فلسطين، والثانية، أن يفتتحوا المنتزه!
وها المنتزه الأنيق افتتح الآن كاستثمار تدير شؤونه مجموعة "هائل سعيد"، لكن المنتزه –الذي تحول إلى فندق تجاري- لم يعد يحمل اسم "زائد"! كما لم يبق من ريحة المرحوم شيئاً، غير صورة له في برواز داخل بهو الفندق!
طريق الجبل الممتد عبر 17كم هو الآخر لا يحمل شيئاً من العرفان لصاحبه...
 إن لوحتين متر × متر –على الأقل- تحملان إسميهما، لن تنقضا صيام الإنجازات العملاقة في هذا البلد. هو شيء من قبيل الشكر ليس إلا.
وهو أيضاً اقتراح لا أظن الوالد الأستاذ/ أحمد عبدالله الحجري، محافظ تعز، أو نائبه الأستاذ/ محمد الحاج – أمين عام المجلس المحلي سيجدان أدنى تحرج في الانتباه إليه.
وسيكون الأمر معيباً أكثر حال الأخذ بهذة المفارقة، إذ "زايد" و"سلطان" دعما ما ذكر أعلاه، فيما السلطة المحلية –فضلاً عن أعمال تشجير جزر المنعطفات مؤخراً- دعمت (المكان المتنزه) بسيارة نجدة(!) وطقم عسكر –بين حين وآخر- يقوم بمهمة خارقة، هي تلك المتعلقة بحراسة أخلاق الناس!
ستكون أنت وزوجتك في محاولة للنقاهة وسيستقبلك –أقول بين حين وآخر- ملاكان "ميري" عن شمال ويمين، وهات يا جعث: -من هذه؟ وما معك هنا؟ وأين عتسيروا؟ وليش لوحدكم؟ وأين ورقة العقد- إن نجوت من سؤال كرت الرقم؟!
ناقص –فقط- وذلك زيادة في الإحترام –أن تحمل معك (طبقاً لكاريكاتور الزميل رشاد السامعي) صورة فوتوغرافية تكون قد التقطت لكما يوم الزفاف، وتعرضها عليهم ليتأكد وأنها -فعلاً- زوجتك؟!
وحسبنا الله –بس- من هذا القرف.
"سلطان بن عبدالعزيز" دعم لشق وسفلتة الطريق, والجماعة (ماقصروش) دعموا –ولكن- بما ينغص متعة الإسترخاء وروعة الطريق.
لا بأس عموماً، كل واحد يدعم على سالف بلاده!!
fekry