تراجع في إنفاق الحكومة على قطاع الصحة.. آلاف المواطنين يموتون سنوياً بأمراض منقرضة

تراجع في إنفاق الحكومة على قطاع الصحة.. آلاف المواطنين يموتون سنوياً بأمراض منقرضة - غمدان اليوسفي

900 ألف شخص في اليمن أصيبوا بالملاريا خلال 2006.. إحصائية رسمية أعلن عنها البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا وهي إحصائية يعتبرها المسؤولون هناك الأفضل في السنوات الأخيرة حيث كانت تصل عدد حالات الملاريا إلى مليوني حالة حتى العام 2005.
رقم لا يبدو صغيراً في بلد لا يتجاوز سكانها 20 مليون نسمة، ولوباء يعتبر من الأوبئة التي دخلت متاحف التاريخ
وعفا عليها الدهر في بلدان أخرى بينما لا تزال من أهم أسباب الوفيات في اليمن.
عدد من الأوبئة والأمراض تتكالب على جسد اليمني، تحتل أمراض القلب المرتبة الأولى بينها، لكن هذا التقسيم الذي قدمته وزارة الصحة العامة والسكان لمؤتمر الفرص الاستثمارية لم يتطرق إلى أمراض كالملاريا التي تقتل قرابة 20 ألف حالة سنويا وغيرها من الأمراض الفيروسية حيث تأتي أمراض السرطان في المرتبة الثانية بعد أمراض القلب وبعدها أمراض الكلى في المرتبة الثالثة وتمثل حالات الفشل الكلوي نسبة كبيرة يذهب أغلبها للعلاج في الخارج.
لا توجد إحصائيات حتى مقاربة لعدد الذين يصابون بأمراض القلب في اليمن، لكن عدد المرتبة الثانية من الأمراض تثبت أن عدد مرضى القلب قد يصلون إلى ما يقارب ال 30 ألف حالة لأن عدد مرضى السرطان يصل عددهم إلى 20 ألف يمني وفقا لإحصائية أخيرة أعلنها مسؤولو مركز السرطان في العاصمة صنعاء.
وترتفع الإصابة بمرض السرطان مخلفة مأساة على أسر وذوي المرضى حيث تشير الإحصائيات إلى أن 40 بالمائة من المرضى فقط يتمكنون من التشافي أي ما يقارب ثمانية آلاف شخص في حين يفارق الحياة 60 في المائة منهم أي 12 ألف مريض.
ثالث مرض قاتل هنا هو الفشل الكلوي الذي يكتم أنفاس اليمنيين خصوصا في المناطق الساحلية وأبرز تلك المناطق هي محافظة الحديدة التي تعد المحافظة الأولى في عدد الإصابات بمرض الفشل الكلوي... تشير الإحصائيات إلى أن المراكز المتخصصة في علاج أمراض الكلى لاتستطيع علاج أكثر من 40 في المائة من الحالات وأن عدد أسرة الغسيل الكلوي تقسم في اليمن بنسبة سرير لأكثر من 13 مريضاً.
تلوث المياه هي الأخرى التي تلعب دوراً كبيراً في تفشي عدد من الأمراض المستعصية والأوبئة حيث قالت دراسة تضمنها تقرير برلماني أن 75 بالمائة (أي قرابة 12 مليون شخص) من السكان يعانون من أمراض تتعلق بتلوث المياه وان 60 بالمائة من السكان (9.5 مليون شخص) يعيشون في مناطق تنتشر فيها الملاريا.
وأشارت الدراسة إلى أن الأمراض الناتجة عن تلوث المياه كالإسهال والملاريا والتيفوئيد تعد مسؤولة عن 50 بالمائة من حالات وفيات الأطفال في البلاد، كما تعتبر حالات وفيات الأطفال من أعلى المعدلات في العالم حسب تقارير منظمة الصحة العالمية، حيث تصل إلى 117 حالة وفاة لكل 1000 ولادة حية في اليمن.
وزير الصحة الدكتور عبدالكريم راصع قال مؤخرا: إن نتائج "مسح الأسرة" الذي أجري في العام 2003 أظهر أن معدلات سوء التغذية في أوساط الأطفال ارتفعت خلال الفترة من العام 1983 – 2003 بمقدار 33 – 53%.
مرض آخر ما زال يفتك باليمنيين وهو السل الذي تشير فيه أرقام منظمة الصحة العالمية إلى إصابة 7691 يمنياً بالسل الرئوي سنوياً فيما يصاب 9466 آخرون بأشكال أخرى من السل خارج الرئتين.. ووفقا للدكتور ياسين نعمان العبسي مدير برنامج مكافحة السل التابع لوزارة الصحة والسكان فإن معدل الإصابة بالسل بين السكان ب48 إصابة في كل 100 ألف نسمة منها 39 حالة سل رئوي، و41حالة سل خارج الرئة، مشيراً إلى أن التقرير الكلي للوفيات سنوياً بين السكان تبلغ 2500 شخص بسبب السل.
الدكتور العبسي أشار إلى أن برنامج مكافحة السل نجح في اكتشاف 98% من الحالات عام 2006م وخفض عدد الإصابات بالمرض إلى أقل من 50% مقارنة بما كان عليه الحال عام1995م.
مرض "الجذام" هو الآخر الذي ما زال مستوطنا في اليمن؛ حيث أكد تقرير طبي اكتشاف أكثر من 400 إصابة به خلال 2004 أغلب الإصابات سجلت في محافظات: تعز، حجة، حضرموت، أمانة العاصمة، بل إن الرقم المعلن عنه غير مستقر وقابل للزيادة وفقا للتقرير السنوي الذي يصدره البرنامج اليمني للتخلص من مرض الجذام في مدينة تعز.
التقرير أشار إلى أن عدد مرضى الجذام الكلي وصل في بداية العام الحالي 2005 إلى سبعة آلاف و982 حالة مشيرا إلى أن معدل انتشار الجذام في اليمن بلغ 9.1 لكل مائة ألف مواطن، بينما بلغ معدل اكتشاف الحالات الجديدة 79.1 لكل مائة ألف مواطن.
ويبرز مرض آخر في اليمن هو الأكثر شيوعا وهو السكري الذي تشير فيه التقارير الرسمية إلى أن عدد المصابين به يقدرون بربع السكان، إلى جانب انتشار أمراض أخرى منها فيروس الكبد الذي ما زالت الإحصائيات عنه مجهولة لأسباب كثيرة بينها صعوبة وارتفاع تكاليف الفحوصات.
كما تنتشر أمراض أخرى منها شلل الأطفال إضافة إلى مرض العمى الذي لم يتم التوصل إلى تقدير عدد الإصابات به.
ويرفض المسؤولون الحديث عن هذه الأرقام لأن كثيراً منها، وفقا لمسؤولين في الترصد الوبائي، ما زالت أرقاماً تقديرية، لكنهم يشيرون إلى أنه ربما لايوجد الكثير من المبالغة فيها.
الإنفاق الحكومي على الصحة ما زال متدنيا إلى حد كبير حيث لم يشهد ارتفاعا ملحوظا خلال الخمس سنوات الماضية حيث كان إجمالي الإنفاق 1.4% في العام 2002 من الناتج المحلي. وارتفع ببطء ليبلغ 1.9% في 2004 ليتراجع إلى 1.5% خلال العام 2005م، بينما ما يزال الدواء سلعة باهظة تقصم الظهر حيث تنفق الحكومة على صندوق الدواء 950 مليون ريال –أقل من مليار- برغم أنه تم تحويله إلى برنامج للإمداد الغذائي. وهو رقم ضئيل إذا قورن بما تنفقه الحكومة على قطاعي الإذاعة والتلفزيون مبلغاً يقدر ب 34 مليار ريال سنوياً.