بأوامر النيابة: السعيدي.. 40 شهراً في السجن المركزي

بأوامر النيابة: السعيدي.. 40 شهراً في السجن المركزي

- علي الضبيبي
يخوض سالم السعيدي معركة صراع مستمر داخل سجنه بصنعاء على جبهتين: الأولى لاسترداد رابته المنهوب، والأخرى لتحريره من الأسر.
وحين أصدرت محكمة جنوب شرق الأمانة الحكم ضده في إبريل 2005، مكتفية بفترة الحبس الاحتياطي التي قضّاها، اقتيد مباشرة إلى السجن بدلاً من التوجه إلى مقر عمله، وتقسيط المبلغ المحكوم به (850 ألف ريال) من الراتب.
السعيدي أبٌ في نهاية عقده الخامس، يعيل أحد عشر ولداً من زوجتين. كان يداوم في وظيفته بمكتب الصحة – أبين- ويلبس الكرفتة، قبل أن يجد نفسه في عنابر التوبة بمركزي صنعاء بعد ثلاثة أعوام من ذلك التاريخ. ورابته الشهري الكان يتقاضاه عند نهاية كل شهر صار أسيراً هو الآخر!
في وطن يسحقه الغلاء، لا يجدي راتبٌ مقداره 25000 ريال! لكن تقسيطه كان كافياً لسداد المبلغ المحكوم به على مدى ما يقرب من أربعين شهراً، وكما تجنيب السعيدي تعاسة السجن، وأطفاله مأساة يتمهم. لو أن النيابة عملت، بدلاً من احتجازه بالمخالفة للقانون، ومنطوق الحكم.
وعندما لم يعد سالم قادراً على تحمل أخبار تأتيه من مديرية لودر، عن أسرته التي أصبحت في مرمى التيه، طلب في 5/ يونيو/ 2007، من إدارة السجن مذكرة إلى مقر عمله للإفراج عن الراتب، وتفيد بأن صاحبه "مودع لدينا من قبل نيابة جنوب شرق الأمانة وما يزالـ".
و"إلى من يهمه الأمر"! بدلاً من إطلاق سراحه، هي الأخرى النيابة المحتجز بأمرها، تفضلت برسالةٍ لذات الغرض، بعد أسبوع من الأولى، ذاك عنوانها.
سالم ليس مجرماً حتى يكون أهلاً لهذا العذاب. هو تكبَّد غرامة إصلاح سيارة دائنه المعهودة إليه، إذ كان يسوقها. وهؤلاء المفاخرون بهكذا حبس، يرسلون مذكرات ورسائل لإطلاق رواتب ضحاياهم، كما لو أنهم يؤدون دوراً إنسانياً، بعد أن أدَّوا دورهم الوطني باحتجاز حريات آدمية.
من أين يستمد أحمد أبو منصر، وكيل نيابة جنوب شرق قانونية الحبس، والإكراه؟! هو وأمثاله وكلاء النيابات، وقد انتهت، بتأريخ منطوق الحكم، فترة الحبس الاحتياطي المخوّلة إليه.
حسناً، إنه الجهل بالقانون، حتى من رجال النيابات. أيضاً، النائب العام ذاته؛ اشترط على عبدالسلام المقبلي للإفراج عن "عمه" السعيدي "رضا الخصم" حسب إفادة المقبلي "للنداء"، وهو المتابع لملف القضية، والزائر الوحيد لسالم. وحتى الضمانة رفضها الدكتور العلفي مشترطاً "ذاكـ" أكد المقبلي.
ينتظر أطفال سالم السعيدي لحظة رجوع والدهم ليجمعهم في بيت واحد بعد أن داهمتهم الشؤم، أما هو فيعد ساعات سنواته ليل نهار في انتظار صفارة النهاية.