مسعود.. لا تزعل!! - علي النقي

مسعود.. لا تزعل!! - علي النقي

مسعود، مواطن يمني ليس له من السعادة إلا اسمه!! يعيش في ربوع السعيدة كبقية أهلها السعداء!! (خراف بيضاء في قطيع أسود)!! مذهبه في الحياة الصدق، إلا أن رعاة مسعود كعادتهم يعمدون إلى استغلال صفات مسعود الحميدة، ونواياه الطيبة، عند كل موسم انتخابي فينثرون له الوعود، والعهود، وليس لمسعود إلا تصديقهم كما هي عادته (وقا طع العادة عداوة)! ولأن مسعود لا عدو له إلا إبليس فالناس عنده كلهم (كوم) واحد من الطيبة والاخلاق، لذا عندما قالوا له: يا مسعود اعطنا صوتك أنت واهلك السعداء والكهرباء والماء خذ منا فيها وعد عشر سنوات، وسننجزها!!، والطريق جاي في الطريق بقرار حكومي! أو قرار (...)!! والتعليم، والصحة (شل) يا مسعود في رجال المرور لا تزعلهم منك!! هاه والقمح والطحين والمواد الاستهلاكية وفرناها يا مسعود في الاسواق وانت رح اشتري اللي يعجبك... هذا وغيره كثير إلى درجة إم اعتادت أذن مسعود على سماعه عند قرب أي استحقاق انتخابي.
ولأن كلام رعاة مسعود جميل ومعسول وهم (ناس طيبين) يرى وجوههم ترشح دسم من الحياء والايمان! فهو يستعد ليوم الحصاد الانتخابي من بعد صلاة الفجر هو واولاده وأم العيال (سعيدة)! ويدعو الجيران وأهل الحارة وكثيرا ما يتصل بالاهل والعشيرة في «البلاد». (القرية) للظفر بالنظر لوجوه الناس الطيبين لأن النظر في وجوه الصالحين، كما يقال، عبادة!! ومنها يحثهم ويوصيهم بالتصويت مبكراً!! يفعل مسعود كل ذلك من ذاته وعن طيب خاطر لرعاته الناس الطيبين الذي يعتقد أنهم نذروا حياتهم، واهدروا أوقاتهم لخدمته وخدمة كل السعداء! لذا يحاول رد الاحسان بالاحسان.
كان يخجل مسعود كثيراً عندما يرى المشرح الشيخ ثابت يأتي متأخراً فيسارع الى الاعتذار له بأحسن الالفاظ أدباً: اعذرونا يا شيخ ثابت، تعبناكم معنا أنت تسهرون على راحتنا ونحن ننام في بيوتنا بلا تعب لذا نحضر قبلكم سامحونا يا شيخ ثابت وادعوا الله أن يسامحنا!
مسكين مسعود! لم يخالطه الشك ولو للحظة في نوايا رعاته (الناس الطيبين)! ولم يدرك أن تأخرهم عن الحضور باكراً الى مركز الاقتراع ناتج عن السهر على تنمية ذواتهم!.
وقاد مسعود خجله إلى اتخاذ قرار الترشح للانتخابات ليساعد ويشيل الحمل مع الناس الطيبين!! وهرول إلى دار العم عبدالجبار الفارهة الفاخرة ليبلغه رغبته بالترشح ليعتمده مثلما اعتمد قبله الشيخ ثابت. العم عبدالجبار يفترش مجلساً في ركن ديوانه العامر بذوي الحاجات والمطالب والمصالح، قالها مسعود ولسانه يتلعثمم: استغفر الله يا عم عبدالجبار أن يكون الشيخ ثابت قصر في حقق الناس! فهو.. فهو الشيخ ثابت يحارب الفساد كما قال لي في الانترنت لوحده! وأنا قررت أدخل المعركة وأحارب بدله ليعيش الشيخ ثابت على رؤوسنا معزز ومكرم واحنا فداه بالروح وبالدم! ضحك العم عبدالجبار فظهرت اسنانه الملونة باللونين الاخضر والبني الداكن من اختلاط القات وتبغ (الشمة) ويفوح من بينها دخان الشيشة حتى بدا فم العم عبدالجبار وكأنه مبخرة تحضير الارواح الشريرة!. يرد العم عبدالجبار بعد نفس دخان غطاء وجهه والمكان: أيش يا مسعود! أنت ما سمعت الاخبار النواب حقنا كلهم جلسوا واتفقوا على تمديد فترة المجلس عامين وعلى الله بعد سنتين. مسعود: «ليش يا عم عبدالجبار؟!».
عبدالجبار: ليحققوا وعودهم لكم، مش أنتم ازعجتموهم بالمطالب؟!آهه! طلبوا سنتين!!». وفجأة تقتحم المقيل «سعيدة» التي كانت تسمع الحديث من وراء الباب.
سعيدة: «سنتين يا عم عبدالجبار! حرام ايش اقول للنسوان في الحارة وأنا قلت لهم مسعود المرشح والعيال، العيال يا عم عبدالجبار كلموا أصحابهم».
عبدالجبار يمد بيده (ذول) قات لسعيدة: «خذي وقولي لهم الشيخ ثابت واخوانه قرروا» سعيدة تقاطع: «أيش قرروا؟». مسعود يرد: «لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم» يصيح عبدالجبار: أفتحوا التلفزيون حقنا أرفعوا الصوت ينصت الجميع لسماع صوت يشبه صوت الانسان قيل إنه فنان يردد: «مسعود مسعود لا تزعل! ما بش لهذا الزعل داعي!».